الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 - باب قَوْلِهِ (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)
7515 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِى أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةِ. قَالَ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَكَلَامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ. فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى» . طرفه 3409
7516 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ الْمَلَائِكَةَ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَىْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا. فَيَقُولُ لَهُمْ لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِى أَصَابَ» . طرفه 44
ــ
باب قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]
اتفق أهل العربية على أن الفعل إذا أكد بالمصدر إسناده إلى الفاعل حقيقة فسقط أوهام المعتزلة.
7515 -
(بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل) و (حميد). روى في الباب محاجة موسى وآدم. وقد سلف في المناقب.
فإن قلت: استدل بكلام الله مع موسى، وليس في الحديث ذكره. قلت: هذا على دأبه من الاستدلال بالخفي والإشارة إلى ما ورد في سائر الطرق، وقد مضى صريحًا في سورة البقرة، وقد أشرنا هناك إلى أنه لا دليل فيه للجبرية لأن هذا كان في عالم الملكوت عند ارتفاع التكليف، وقيل: غير ذلك.
7517 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهْوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ. فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ. فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلَاّهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ، فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ، ثُمَّ أُتِىَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً، فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ - يَعْنِى عُرُوقَ حَلْقِهِ - ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جِبْرِيلُ. قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مَعِى مُحَمَّدٌ. قَالَ وَقَدْ بُعِثَ قَالَ نَعَمْ. قَالُوا فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ، لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هذا
ــ
7517 -
ثم روى حديث أنس في المعراج من رواية شريك بن عبد الله بن أبي أوفى ثم (أنه سمع أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة، إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه) قال العلماء من أهل هذا الشأن: على أن هذا وهم من الشريك لأن آخر الحديث أنه فرض عليه خمسين صلاة، فكيف يكون قبل الوحي؟ وأجاب شيخ الإسلام بأن قوله:(فكانت تلك الليلة) معناه كانت الواقعة تلك الليلة ما ذكرت (فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى) يدفع الإشكال عن رواية شريك لأن الليلة الأخرى عبارة عن الليلة التي عرج به بعد النبوة، وفرضت عليه الصلوات عليه أفضل الصلوات. فلذلك ليلة أخرى لجواز أن تكون بعد سنين وهذا يذكر بعض مواضعه.
(فقال أولهم: أيّهم هو؟ فقال أوسطهم) قيل: كان بين حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب (أُتي بطست من ذهب محشوًا) حال من الضمير في الظرف أي: بطست كائن من ذهب محشوًا (فحشا به صدره ولَغَادِيدَه) بفتح اللام وغين معجمة جمع لغدود بضم اللام، وهي اللحمة عند اللهاة، وقيل: عروق حلقه، (ثم عرج به إلى السماء) أي بعد ركوبه البراق وذهابه إلى بيت المقدس، وإن كان الإسراء متعددًا على ما قالوا فالأمر على ظاهره بلا
أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِابْنِى، نِعْمَ الاِبْنُ أَنْتَ. فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا. ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ. ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. قَالُوا وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. قَالُوا مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلاً. ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتِ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلَامِ اللَّهِ، فَقَالَ مُوسَى رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ
ــ
تقدير (فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يَطّرِدَان) أي يجريان.
فإن قلت: في الرواية الأخرى " أي من تحت سدرة المنتهى يخرج أربعة أنهار منها النيل والفرات"؟ قلت: لا تنافي أصلها هناك.
فإن قلت: قد قال: في السماء الدنيا عنصرهما وعنصر الشيء أصله؟ قلت: أصل بالنسبة إلى ما يخالطها في الأرض ثم ذهب في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ فسأل جبريل فقال: هذا هو الكوثر الذي قدّ خبَّأ ربك وهذا فيه إشكال لما تقدم من رواية أنس أنه قال: "دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه من اللؤلؤ، فقال جبريل: هذا هو الكوثر الذي أعطاك ربك"، والجنة إنما هي في السماء السابعة، وأجاب شيخ الإسلام بأن تقديره: ثم مضى في السماء الدنيا إلى السابعة، والأولى أن يقال: كونه بتلك الصفة في الجنة لا ينافي كونه في السماء لأنه نهر جار إلى ما أراد الله (وموسى في السماء السابعة بتفضيل كلام الله) من إضافة المصدر إلى الفاعل، وهذا موضع الدلالة على الترجمة وهي قوله:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164].
عَلَىَّ أَحَدٌ. ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَاّ اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ عَهِدَ إِلَىَّ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ. فَالْتَفَتَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَعَلَا بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ فَقَالَ وَهْوَ مَكَانَهُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا، فَإِنَّ أُمَّتِى لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا. فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ
ــ
(ثم علا به إلى ما لا يعلمه إلا الله، ودنا الجبار رب العزة منه فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى) هذا أيضًا مما أنكر به على شريك فإنه تفرد بهذا، وهذا في القرآن وصف جبريل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حمله شريك على قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه تعالى، فمن العلماء من قال: هذا الخلل من شريك، أو من أنس فإنه لم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس بشيء؛ لأن مثله في حكم المرفوع، وقال الخطابي: من أحاط بأول الحديث وآخره لم يشكل عليه لأن أول الحديث أنه كان نائمًا، فكان هذا رؤيا منام، والرؤيا يجوز صرفها إلى غير ظاهرها، وهذا أيضًا ليس بشيء لأن الرؤيا كانت في الليلة الأولى، وأما فرض الصلاة لم يكن إلا في اليقظة بإجماع من يُعتدّ به.
ثم قال: وهذا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جبريل كما في الآية. قلت: قوله: (ودنا الجبار فتدلى حتى كان قاب قوسين) حمله على جبريل لا يرضاه من له قدم [في] العربية، ولقد أحسن القاضي عياض رحمه الله في قوله: القرب والدنو إلى الله، أو من الله ليس دنو مكان، بل بالنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إشارة إلى شرف محله، وعظم منزلته عند الله ومن الله تعالى تأنيس رسوله وإكرامه. وهذا كما تقدم من قوله:"من تقرب إلى شبرًا". وتقريب وله نظائر فوق الحد، بل الآيات وأحاديث الصفات كلها من هذا القبيل.
(فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه) وهو أيضًا فإن المكان لا يضاف إليه تعالى
الْخَمْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ قَوْمِى عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ، كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ وَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِى ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ الْجَبَّارُ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ، كَمَا فَرَضْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ - قَالَ - فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهْىَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهْىَ خَمْسٌ عَلَيْكَ. فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ كَيْفَ فَعَلْتَ فَقَالَ خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا. قَالَ مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ. قَالَ فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ. قَالَ وَاسْتَيْقَظَ وَهْوَ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ. طرفه 3570
==
والجواب أن الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قال يا موسى قد والله استحييت من ربي) هذا أيضًا مما تفرد به شريك فإنه جعل هذا الكلام بعد الخامسة. وفي رواية ثابت عن أنس أنه كان بعد التاسعة لأن إسقاط الصلاة كان خمسًا خمسًا (فاستيقظ وهو في المسجد الحرام) وهذا أيضًا من تفردات شريك، وبه استدل من قال: إن المعراج كان منامًا والجواب: أنه لم يقل: استيقظ من نومه فالمعنى أنه كان مشغول البال مستغرقًا في أنوار الجلال والجمال فلم ير نفسه ولا الالتفات إلى ما سوى ربه إلى أن بلغ المسجد، كيف لا وعند نزول الوحي كان يغيب عن الناس، وعن نفسه كالذي يُغشى عليه. وقيل: معناه استيقظ من نومة نامها بعد الإسراء كان في بعض الليل وليس بشيء لأن قوله (استيقظ وهو في المسجد) يدل على أن النوم لم يكن في المسجد، ولو كان المراد ذلك لقال: ثم نام في المسجد قيل وأما قوله: (فاهبط بسم الله) والظاهر أن القائل موسى لأن المحاورة بينهما، وقيل: القائل جبريل.
فإن قلت: في هذه الرواية أن موسى كان في السماء السابعة، وهي في رواية مالك بن أبي صعصعة "أنه وجد في السابعة". قلت: تقدم الجواب عنه بأن في عالم الأرواح يسيرون حيث شاؤوا. هذا ما تيسر لي في هذا المقام، وأنت خبير بأنه مقام وأي مقام.