المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(أ) في حال استمرار الليل أو النهار أربع وعشرين ساعة فأكثر - المسلمون في بلاد الغربة

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الأصل الأولالجنسية والإقامة

- ‌أولاً: الجنسية

- ‌ثانياً: الإقامة

- ‌ثالثاً: إسلام الكافر

- ‌رابعاً: حجاب المرأة المسلمة

- ‌خامساً: الاختلاط

- ‌سادساً: القروض

- ‌سابعاً: التأمين

- ‌ثامناً: البطاقات الائتمانية

- ‌تاسعاً: تربية الأسرة

- ‌عاشراً: اللباس

- ‌الحادي عشر: اقتناء الكلاب

- ‌(أ) الذبائح:

- ‌(ب) دخول المحرمات في المأكولات أو المشروبات

- ‌ج-الأكل في أواني الكفار

- ‌الرابع عشر: صرف أموال الزكاة في الدعوة إلى الله

- ‌الخامس عشر: صرف الزكاة للمؤلفة قلوبهم من الكفار

- ‌السادس عشر: زكاة الفطر

- ‌(أ) العدد المطلوب لصلاة الجمعة:

- ‌(ب) أداء المرأة لصلاة الجمعة:

- ‌(ج) ترجمة خطبة الجمعة:

- ‌(د) صلاة الجمعة قبل الزوال:

- ‌الثامن عشر: قبول المسلمين من الكفار التبرعات لمشاريع خيرية

- ‌التاسع عشر: السكن في بلاد الكفار أو البلاد التي ينتشر فيها الفساد والانحلال

- ‌العشرون: الزواج الصوري

- ‌(أ) في حال استمرار الليل أو النهار أربع وعشرين ساعة فأكثر

- ‌(أ) الرؤية في دخول شهر رمضان وخروجه

- ‌(ج) تحديد زمن الإمساك في رمضان حال الغيم

- ‌(د) فتاوى متفرقة في الصيام

- ‌الثالث والعشرون: خوف المسلم من إظهار دينه

- ‌الخامس والعشرون: الصلاة خلف الإمام المبتدع

- ‌السادس والعشرون: دفن المسلم في مقابر الكفار

- ‌الأصل الثانيالتحكيم

- ‌الثانية: طلب الصلح دون الحكم:

- ‌الأصل الثالثالولاء والبراء

- ‌أولاً: الزواج من نسائهم

- ‌ثانياً: بعض أحكام الأولاد

- ‌ثالثاً: التحاق أطفال المسلمين في بلاد الغرب بالمدارس النصرانية

- ‌رابعاً: العمل أو الدراسة لدى الكفار

- ‌خامساً: العمل في الوظائف العسكرية:

- ‌سابعاً: تحية غير المسلمين والسلام عليهم

- ‌ثامناً: حكم مصافحة المرأة الأجنبية والخلوة بها

- ‌تاسعاً: تعزية الكافر وحضور جنازته

- ‌عاشراً: حكم حضور أعياد الكفار وتهنئتهم بها

- ‌الثاني عشر: حكم قبول هداياهم بالمناسبات الدينية وغيرها

- ‌الثالث عشر: قبول دعوة الكافر إلى الطعام

- ‌الرابع عشر: عيادة مريضهم ورقيته

- ‌(أ) دخولها والصلاة فيها:

- ‌(ج) شراء الكنيسة لتكون مسجداً:

- ‌(أ) مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين

- ‌(ب) التصويت في انتخاباتهم:

- ‌الثامن عشر: السكن مع العائلة الكافرة

- ‌التاسع عشر: إذا أسلمت المرأة وزوجها كافر

- ‌العشرون: معاملة الرجل المسلم أو المرأة المسلمة لأهلها الكفار

- ‌الحادي والعشرون: الأحزاب والجماعات الإسلامية وماذا يتبع المسلم منها

- ‌الملحق

- ‌المسألة الأولىوحدة الأديان

- ‌المسألة الثانيةميراث الكافر

- ‌المسألة الثالثةإذا أسلم الكافر في أيام رمضان، فما الحكم

- ‌المسألة الرابعةتنظيم النسل

- ‌المسألة الخامسةالتشبه بالكفار

- ‌المسألة السادسةالابتعاث وخطورته

- ‌المسألة السابعةحضانة غير المسلم للطفل المسلم

- ‌المسألة الثامنةالحلف بالإنجيل

- ‌المسألة التاسعةالشهادة لليهود والنصارى وغيرهم من الكفار

- ‌المسألة العاشرةإذا أسلم النصراني، هل يلزم بتغيير اسمه

- ‌المسألة الحادية عشرةحكم التعبير عن غير المسلمين بلفظ الأخوة

- ‌المسألة الثانية عشرةحكم وقوف ساعة حداد على المسلم وغير المسلم

- ‌المسألة الثالثة عشرةهل يقال للنصراني مسيحي

- ‌المسألة الرابعة عشرةإرضاع المرأة الكافرة للطفل المسلم

- ‌المسألة الخامسة عشرةمشاركة المسلم في حفلات توديع غير المسلم

- ‌المسألة السادسة عشرةالمعاملات المحرمة مع الكفار

- ‌المسألة السابعة عشرةالصلاة في القاعات التي أُعدت للهو

- ‌المسألة الثامنة عشرةطلب الرزق بالطرق المحرمة

- ‌المسألة التاسعة عشرةالتحذير من الصلبان في المفارش وغيرها

- ‌المسألة العشرونإشهار عقد النكاح في الكنيسة

- ‌المسألة الحادية والعشرونتمكين الكافر من المصحف المترجم

- ‌المسألة الثانية والعشرونحكم تمريض الكافر للنساء المسلمات

- ‌المسألة الثالثة والعشرونصلة القريب الكافر

- ‌المسألة الرابعة والعشرونالتحذير من القعود مع اليهود والنصارى وسماع كلامهم

- ‌المسألة الخامسة والعشرونهل يقال لليهودي أو النصراني الذي بلغته الدعوة أنه في النار

- ‌المسألة السادسة والعشرونرجل ارتد إلى النصرانية ثم تاب فما الحكم

- ‌المسألة السابعة والعشرونإذا كانت الأرض ثلج، كيف يدفن الميت فيها كما هو الحال في شمال كندا

- ‌المسألة الثامنة والعشرونجمع الأموال لنقل جثث المسلمين إلى بلاد الإسلام

- ‌المسألة التاسعة والعشرونإحراق جثة المسلم

- ‌المسألة الثلاثونإعطاء الذي يشهر إسلامه هدايا ترغيبًا له

الفصل: ‌(أ) في حال استمرار الليل أو النهار أربع وعشرين ساعة فأكثر

الحادي والعشرون: أوقات الصلاة

(أ) في حال استمرار الليل أو النهار أربع وعشرين ساعة فأكثر

بحسب اختلاف فصول السنة، وفي حال فقد العلامات لبعض الأوقات خلال السنة.

اختلف العلماء في ذلك، ولعل أقرب الأقوال في ذلك قول الشافعية وأصله للشيخ أبي حامد الإسفرايني حين سُئل عن بلاد البلغار كيف يصلون؟ فإنه ذكر له أن الشمس لا تغرب عندهم إلا بمقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع، فقال: يعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم

(1)

.

واستدلوا بحديث الدجال: ....... اقدروا له قدره

(2)

.

وأوضح الأمر الشيخ زكريا الأنصاري فقال: ومن لا عشاء لهم بأن يكونوا بنواح لا يغيب فيها شفقهم يقدرون قدر ما يغيب فيه الشفق بأقرب البلاد إليهم

(3)

.

وهذا الرأي قد أفتت به عدة مجامع فقهية معتبرة من ذلك:

1 -

هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية:

حيث جاء في قرار مجلسها رقم (61) بتاريخ 12/ 4/1398 هـ

(1)

حاشية البجيرمي على الخطيب (2/ 24).

(2)

صحيح مسلم برقم (2937).

(3)

أسنى المطالب في شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري (1/ 117).

ص: 147

بخصوص هذا الشأن ما يلي: (000 ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يُقدروا لها أوقاتها، ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم، تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض 000).

واستدل لهذا بأحاديث فرض الصلوات الخمس مع حديث الدجال، ثم جاء تعقيباً:(000 فلم يعتبر اليوم الذي سكنه يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها؛ اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسؤول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم، معتمدين في ذلك على أقرب البلاد إليهم، يتميز فيها الليل من النهار، وتُعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة)

(1)

.

2 -

المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة:

في دورته الخامسة بتاريخ 4/ 2/1982 م-10/ 4/1402 هـ، وجاء فيه: (فيما يتعلق بمواقيت الصلاة للبلاد التي يستمر ظهور

(1)

قرار هيئة كبار العلماء رقم (61) بتاريخ 12/ 4/1398 هـ.

ص: 148

الشمس فيها ستة أشهر، وغيابها ستة أشهر، وبعد مدارسة ما كتبه الفقهاء قديماً وحديثاً في الموضوع، قرر ما يلي:

أولاً: تلك التي يستمر فيها الليل أو النهار أربعاً وعشرين ساعة فأكثر بحسب اختلاف فصول السنة، ففي هذه الحال تُقدر مواقيت الصلاة وغيرها في تلك الجهات حسب أقرب الجهات إليها مما يكون فيها ليلٌ ونهارٌ متمايزان في ظرف أربع وعشرين ساعة

(1)

.

وفي دورة المجمع الفقهي التاسعة في 12 - 19/ 7/1406 هـ، قسَّم القرار المناطق ذات الدرجات العالية في خطوط العرض إلى ثلاث مناطق:

الأولى: ما يقع بين خطي عرض 45 درجة و 48 درجة شمالاً وجنوباً، وتتميز فيها العلامات الظاهرية للأوقات في الأربع وعشرين ساعة طالت الأوقات أو قصرت.

الثانية: ما يقع بين خطي عرض 48 درجة و 66 درجة شمالاً وجنوباً، وتنعدم فيها بعض العلامات الفلكية للأوقات في عدد من أيام السنة، كأن لا يغيب الشفق الذي به يبتدئ وقت العشاء ويمتد نهاية وقت المغرب حتى يتداخل مع الفجر.

(1)

قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الدورة الخامسة للمجمع القرار الثالث بتاريخ 4/ 2/1982 م.

ص: 149

الثالثة: وتقع فوق خط عرض 66 درجة شمالاً وجنوباً إلى القطبين، وتنعدم فيها العلامات الظاهرية للأوقات في فترة طويلة من السنة نهاراً أو ليلاً.

وانتهى القرار في المنطقتين إلى التقدير النسبي إلى أقرب مكان تُميَّز فيه علامات وقتي العشاء والفجر في المنطقة الثانية، وكذا في المنطقة الثالثة بالنسبة لجميع الأوقات والصلوات.

(ب) في حال قصر الليل أو النهار قصراً مفرطاً مع بقاء العلامات الفلكية الشرعية للأوقات جميعاً وتميزها.

فيها أقوال، أقربها يتعين على أهل ذلك الإقليم أن يؤدوا الصلوات جميعاً في أوقاتها المقدرة لها شرعاً، ولا يجوز الجمع إلا لعذر شرعي.

وهو قول جماهير أهل العلم سلفاً وخلفاً، وبه أفتت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية.

الفتوى رقم (2769):

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي الأمين العام لاتحاد الطلبة المسلمين بهولندا، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة

ص: 150

لهيئة كبار العلماء والسؤال نصه: نرجو من سماحتكم التفضل بموافاتنا بالفتوى اللازمة لكيفية تعيين أوقات صلاة المغرب والعشاء والصبح، وكذلك تعيين أول رمضان، وأول أيام عيد الفطر المبارك، ذلك أنه بالنسبة إلى حركة شروق وغروب الشمس في بلدان شمال أوربا والقريبة من القطب الشمالي تختلف عن مثيلتها في بلدان الشرق الإسلامي، والسبب في ذلك يرجع إلى وقت مغيب الشفق الأحمر والأبيض، فيلاحظ أن الشفق الأبيض في الصيف يمتد حتى يكاد يستغرق الليل كله فيصعب تحديد وقت العشاء وكذلك طلوع الصبح؟

والجواب: لقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في بيان تحديد أوقات الصلوات، وتحديد بدء صباح كل يوم ونهايته في رمضان في بلاد مماثلة لبلادكم هذا مضمونه: بعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي:

أولاً: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف ويقصر في الشتاء وجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها المعروفة شرعاً؛ لعموم قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)} [الإسراء]. وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)} [النساء]. ولما ثبت عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن وقت الصلاة فقال له: «صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ» يعني اليومين، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلالا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ

ص: 151

مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ أَنْ يَبْرد بالظُّهْرَ فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ آخِرُهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ، فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ:«أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟» قَالَ الرَّجل: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّه، فقَالَ:«وَقْتُ صَلاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ»

(1)

.

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغْرُبِ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ»

(2)

.

إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

الإمام أحمد (3/ 351) ومسلم برقم (613) واللفظ له والترمذي برقم (152) والنسائي (1/ 207).

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه برقم (612).

ص: 152

وهذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم، وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة. ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد، وقد قال الله تعالى:

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].

ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله، أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي على إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه، أفطر ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء، قال تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]. وقال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً ولا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين، وأن يقدروا لها أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض، لما ثبت في حديث

ص: 153

الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى قال:«يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ فَذَلكَ خَمْسُونَ صَلَاةً 000 إلى آخر الحديث»

(1)

.

ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَيْلَةِ» فقال: هل علي غيرهن قال: «إِلَاّ أَنْ تَطَوّع 000 الحديث»

(2)

.

ولما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال: «صدق» قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم

الحديث»

(3)

.

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث أصحابه عن المسيح الدجال فقيل له: ما لبثه في الأرض، قال:«أَرْبَعُونَ يَوْمًا: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ» فقيل: يا رسول الله

(1)

صحيح البخاري برقم (349) وصحيح مسلم برقم (162).

(2)

صحيح مسلم برقم (11).

(3)

صحيح مسلم برقم (12).

ص: 154

اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ»

(1)

فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم.

فيجب على المسلمين في البلاد المسؤول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار، وتُعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة.

وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب بلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار ويكون مجموعها أربعاً وعشرين ساعة لما تقدم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن المسيح الدجال، وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة

(2)

.

(1)

صحيح مسلم برقم (2937).

(2)

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/ 132) برقم 2769.

ص: 155