الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة
الابتعاث وخطورته
وقد صدر فيه قرار من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية برقم 88 في 11/ 11/1401 هـ، وهذا نصه: "فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثامنة عشرة المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من يوم 29/ 10/1401 هـ إلى نهاية يوم الأربعاء الموافق 11/ 11/1401 هـ استعرض بعض ما استهدفت به الأمة الإسلامية عامة من بث للمذاهب الهدامة، والمبادئ الأخلاقية المنحرفة، وما قصدت به شبيبة الدولة السعودية خاصة وما أريد لها من انحراف في الأخلاق، والعقيدة لما لهذه الدولة، وشعبها من مكانة عالية في نفوس الشعوب الإسلامية، ولما هي عليه من التمسك بعقيدة الإسلام الصافية، والتخلق بآدابه النبيلة، ولأن شعب هذه البلاد ركيزة الإسلام، فإذا أفسدوا سهل إفساد سواهم، وقد استعرض المجلس وسائل أعداء الإسلام في إفساد الشبيبة، واستمع إلى شرح كثير من الوقائع، واستعاد استعراض بعض ما سبق أن أبداه في مجال إصلاح وسائل الإبقاء على كيان الأمة، وحماية شبابها من التفسخ، والانحلال والانحراف الفكري.
ونظراً لأن أعظم أسباب انحراف الشباب في مسالك الرذيلة، والوقوع في شَرك أعداء الإسلام، والتنكر لما عليه أمتنا في عقيدتها، وأخلاقها، وعاداتها والانقلاب على أوضاعها الإسلامية، ومعاداة سلطاتها، والنظر إليها بالازدراء والوقوف موقف العداء إرسالهم في حال طراوتهم، وخلو أنفسهم من الحصانة الدينية بمبادئ الشريعة، وعدم التسلح بالعلم لمواجهة التيارات الفكرية، والخلقية المتربصة بهم، وإخراجهم من جوهم الإسلامي قبل بلوغهم المرحلة التي يصعب فيها على أعداء الإسلام إغراؤهم، وتحويلهم إلى أعداء لأمتهم، ودينهم، وولاة الأمر في بلادهم.
ولقد ذكر للمجلس - إضافة إلى ما سبق له معرفته - حوادث أليمة، وقضايا مزعجة، سببها خروج الشباب المتوقد حيوية، وفتوة، وقوة من جو محتشم محافظ على قيمه، وعفته إلى جو مملوء بالإغراء مشبع بالانحلال يتصيد مجتمع شباب المسلمين عن قصد، وتعمد فيدفعهم إلى إشباع رغباتهم الجنسية، وإمتاع نفوسهم بشهوات خبيثة دفعاً عنيفاً، ويسلط عليهم أنواعاً من الإغراء، ويحاول تشكيكهم بدينهم، وتضخيم عيوب السياسة في أوطانهم، فإن وجدهم بوضع من التأهيل العلمي الشرعي بحيث يتعسر عليه انحلالهم وتشكيكهم، التمس إبراز عيوب حكوماتهم، وابتعادها عن أحكام الإسلام إلا من شاء الله، واختلاق عيوب غير موجودة، واستغل حماسة الشباب المتدينين لدينهم ليتوجهوا
إلى التطرف فيخرجوا بأنفسهم عن العمل الإصلاحي إلى عمل تفريق الأمة، وزعزعة كيانها، وتفريق صفها، والعمل على قلب أنظمة الحكم فيها، ونظراً لأن ولاة الأمر هم الأمناء على الأمة وعليهم مسئولية الأخذ بأيدي الناس إلى الوجهة السليمة، وإصلاح ما يرونه خطراً على أمن البلاد، ودينها، ولأن الشباب هم ركيزة الأمة، ورجال غدها، وحراس كيانها، فجدير أن يحتاط لهم بكل ما يمكن من السعي في دفع أسباب انحرافهم، وجلب ما يصلحهم، ومن القواعد الشرعية الهامة أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولأن كثيراً ممن يخرجون من البلاد للدراسة في بلاد الغرب يفاجأون بحضارة صاخبة، ومفاتن منتشرة، وفتن متعددة، فتن الجنس، والشراب، والتشكيك وقل أن يعود الطالب إلا وفي نفسه ما فيها من تأثر بما رأى، وسمع، ومارس، كل على حسب حاله ونظره للأمور فيعود وقد احتقر أوضاع بلاده، وأحب ما عليه أهل تلك البلاد من انطلاق بلا حدود، ولا قيود، ومن تقدم في ميدان العلوم العصرية بمختلف أنواعها مع غفلتهم عما عليه أولئك من بُعد عن الأخلاق، والشيم، والعفة، والحياء، والاستمتاع بكافة ما تريده الأنفس المنحلة بلا رقيب، ولا محاسب، فيكون هذا الطالب قد جلب
على وطنه، وأمته، شراً، وجر عليهم بلاءً، ودماراً، وصار داعية سوء، ومعول هدم للأخلاق، والقيم.
ونظراً لأن البلاد بحمد الله قد توافر فيها التعليم في كافة مراحله ولا تفتقر إلا إلى بعض التخصصات العلمية العصرية؛ ولأن ولي الأمر عليه أن يدل رعيته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم؛ ولأن النساء يخرجن إلى الغرب يرين ما عليه النساء هناك من التهتك، والعري، والعلاقات بالرجال الأجانب، ولو كن ذوات أزواج مع ما يحصل من اختلاط في الدراسة لمن رغبت منهن في دراسة عامة أو خاصة، أما اللاتي لم يتزوجن وإنما ذهبن للدراسة فالعلاقة بين الطالب والطالبة هناك أمر غير مستنكر، ولا مستغرب، تزوره، ويزورها، وقد حدثت أمور لا يرضى الله عنها، ولا رسوله، وإذا كان سفر المرأة بدون محرم محرماً ومعصية لله عز وجل، ولو كان لحج بيت الله الحرام، فكيف بسفر يفضي إلى اختلاط وخلوات، وشرور لا نهاية لها.
ولهذا فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى أن النصح لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم يقضي بأن يتخذ ولاة الأمر وفقهم الله لإرضاء الله سبحانه، وحماية عباده من الفساد، وحماية هذه الأمة من التفكك ما يلي:
1 -
منع ابتعاث البنات للخارج منعاً باتاً لا استثناء فيه، ومن كانت متجاوزة مرحلة الدراسة العالية وفي تخصصها مصلحة محققة للأمة، فإن على الدولة وفقها الله تهيئة الوسائل اللازمة لذلك في داخل المملكة، وقد منحها الله سبحانه إمكانات مادية
يسهل معها بإذن الله كل صعب؛ لأن سفر المرأة للدراسة في الغالب تربو مفاسده على مصالحه، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، ويتعين عدم السماح لأي إنسان أن يبعث بنته، أو من له عليها ولاية للدراسة في الخارج، سواء في البلاد المجاورة، أو بلاد الغرب، ولو على حسابه الخاص؛ لأن الأخذ على يد مثل هؤلاء فيه نجاة الجميع كما في حديث: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ، وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ
…
» الحديث
(1)
.
2 -
عدم إرسال أي طالب للدراسة في الخارج من المدنيين والعسكريين على حساب الدولة، أو على الحساب الخاص إلا بعد مرحلة الجامعة، وبعد الزواج، والخدمة مدة من الزمن حتى يصلب عوده وترسخ عقيدته، ويعرف عقيدة السلف، والمذاهب الهدامة والمنحرفة، ويعرف زيفها لئلا يسهل صده عن دين الله.
3 -
عدم إرسال أي شخص للتخصص في أعمال نظرية كالإدارة واللغات، والاقتصاد، ونحوها، أما في علوم الإسلام وتاريخه فيجب منعه في كل مرحلة، وأن يعاقب من أرسل أولاد للدراسة، وأن لا تعتبر شهادته في البلاد.
(1)
صحيح البخاري برقم 2493.
4 -
يجب إجراء تحريات كاملة عن كل شخص يراد ابتعاثه للتخصص ليعرف مدى حفاظه على دينه، وأخلاقه، وثباته على ولائه لدولته، وإعطاءه دورة يدرس فيها أحوال تلك البلاد التي سوف يذهب إليها.
5 -
أن يقتصر في التخصصات على ما لا يمكن حصوله في البلاد كعلوم بعض الصناعات التي لا يوجد لها نظير في بلادنا كعلوم الذرة، ومتى أمكن جلبها إلى البلاد وجب ذلك حتى يستغنى عن الابتعاث.
6 -
عدم تمكين أي جهة حكومية، عسكرية كانت أو مدنية، وأية مؤسسة حكومية، أو تجارية، بابتعاث منسوبيها سواء لدورات دراسية، أو لدراسة نظامية لنيل شهادة إلا عن طريق جهة الاختصاص في التعليم بعد توافر الشروط للتخصص وصفة المبتعث، وسنه، وأن يكون حسن السيرة معروفاً بالعقل الراجح.
7 -
أن يجلب كل من لا تتوفر فيه الشروط السابقة، ويعاد لإكمال دراسته في الداخل، سواء من كان على حساب نفسه وذويه، أو على حساب الحكومة، أو إحدى المؤسسات.
8 -
يوكل إلى جهة حق الرقابة على مخالفة ما تقدم، وجعل مخبرين في السفارات، والملحقيات التعليمية، لترفع
تقريراتها عن كل مخالفة، وتعمد وزارة التعليم العالي، وجميع الوزارات، والمصالح، بإبلاغ الجهة المختصة عن كل مخالفة، وإذا تم ذلك على الوجه المطلوب حصل به إن شاء الله الخير العظيم للأمة في دينها، ودنياها، والسلامة في عقيدتها، وأخلاقها، والله الموفق.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رئيس الدورة: عبدالعزيز بن صالح
عبدالله خياط
…
عبدالله بن محمد بن حميد
…
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
سليمان بن عبيد محمد بن علي الحركان
…
عبدالرزاق عفيفي
راشد بن خنين محمد بن جبير
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
عبدالله بن غديان صالح بن غصون
…
عبدالمجيد حسن
عبدالله بن قعود عبدالله بن منيع
…
صالح بن لحيدان
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *