الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني والعشرون: أوقات الصيام
(أ) الرؤية في دخول شهر رمضان وخروجه
.
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل: نحن الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا، يصادفنا في كل بداية لشهر رمضان مشكلة تسبب انقسام المسلمين إلى ثلاث فرق:
1 -
فرقة تصوم بتحري الهلال في البلدة التي يسكنون فيها.
2 -
فرقة تصوم مع بداية الصيام في المملكة العربية السعودية.
3 -
فرقة تصوم عند وصول خبر من اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا وكندا الذي يتحرى الهلال في أماكن متعددة في أمريكا، وفور رؤيته في إحدى البلاد يعمم على المراكز المختلفة برؤيته فيصوم مسلمو أمريكا كلهم في يوم واحد على الرغم من المسافات الشاسعة التي بين المدن المختلفة.
فأي الجهات أولى بالاتباع والصيام برؤيتها وخبرها؟ أفتونا مأجورين أثابكم الله.
الجواب: قد سبق أن نظر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في هذه المسألة، وأصدر فيها قراراً مضمونه ما يلي:
أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً، ولم يختلف فيها أحد من العلماء وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين، أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره، واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد، كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]. وبقوله صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ .. الحديث»
(1)
. وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به.
(1)
صحيح البخاري برقم (1909) وصحيح مسلم برقم (1081).
ونظراً لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء مجلس كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه، وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.
ثالثاً: نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب، وما ورد في ذلك من أدلة في الكتاب والسنة، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك، فقرروا بإجماع: عدم اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية لقوله صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ .. الحديث»
(1)
. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ .. الحديث»
(2)
. وما في معنى ذلك من الأدلة.
وترى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن اتحاد الطلبة المسلمين في الدول التي حكوماتها غير إسلامية يقوم مقام حكومة إسلامية في مسألة إثبات الهلال بالنسبة لمن يعيش في تلك الدول من المسلمين.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
صحيح البخاري برقم (1906) وصحيح مسلم برقم (1080).
وبناء على ما جاء في الفقرة الثانية من قرار مجلس الهيئة يكون لهذا الاتحاد حق اختيار أحد القولين: إما اعتبار اختلاف المطالع، وإما عدم اعتبار ذلك، ثم يعمم ما رآه على المسلمين في الدولة التي هو فيها، وعليهم أن يلتزموا بما رآه وعممه عليهم؛ توحيداً للكلمة، ولبدء الصيام وخروجاً من الخلاف والاضطراب، وعلى كل من يعيش في تلك الدول أن يتراءى الهلال في البلاد التي يقومون فيها، فإذا رآه ثقة منهم أو أكثر صاموا بذلك، وبلغوا الاتحاد ليعمم ذلك. وهذا في دخول الشهر، أما في خروجه فلابد من شهادة عدلين برؤية هلال شوال أو إكمال رمضان ثلاثين يوماً؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا»
(1)
(2)
.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبدالله بن قعود
…
عبدالله بن غديان
…
عبدالرزاق عفيفي
…
عبدالعزيز بن باز
كما سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل:
هل يجوز للمسلمين الذين يقيمون في بلد ليست بإسلامية
(1)
سبق تخريجه.
(2)
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/ 109 - 112) برقم 1657.
أن يشكلوا لجنة تقوم بإثبات هلال رمضان وشوال وذي الحجة؟
…
أم لا؟
الجواب: المسلمون الموجودون في بلد غير إسلامية يجوز لهم أن يشكلوا لجنة من المسلمين تتولى إثبات هلال رمضان، وشوال، وذي الحجة
(1)
.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبدالله بن قعود
…
عبدالله بن غديان
…
عبدالرزاق عفيفي
…
عبدالعزيز بن باز
(ب) صيام يوم عرفة، هل هو يوم اجتماع الناس في عرفة أو اليوم التاسع بحسب كل بلد.
الجواب: المسألة فيها قولان:
الأول: أن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة، وأن الناس تبع لهم في تحديد هذا اليوم، ومن رجح هذا القول، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ولجنة الإفتاء المصرية .. وغيرهم، واستدلوا بأدلة منها قوله صلى الله عليه وسلم:«أَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ» وأراه قال: «وَعَرَفَةُ يَوْمَ تُعَرِّفُونَ»
(2)
وغيرها من الأدلة.
(1)
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/ 112) برقم 2149.
(2)
البيهقي في السنن الكبرى (5/ 176) والشافعي في الأم (1/ 264) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4224).
القول الثاني: أن يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، سواء وافق هذا اليوم وقفة الحجيج بعرفة أم لم يوافق، وأن لكل أهل قطر رؤيتهم، وممن أخذ بهذا القول الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبدالله بن جبرين .. وغيرهم، واستدلوا على ذلك بأن هذه المسألة متفرعة من أصل الخلاف المشهور في مسألة اختلاف المطالع بين قطر وآخر في شهر رمضان وشوال، فينبغي أن نبني ونخرج عليه، وأدلة هذه المسألة المتفرعة هي نفسها أدلة تلك، فليرجع إليها في مظانها، ولا فرق في اختلاف المطالع في جميع الشهور، وإذا جازت المخالفة في الصوم والإفطار، فلم لا تجوز مخالفتها في ذي الحجة وغيره من الشهور، ولهذا فإن القائلين باختلاف المطالع لم ينقل عن أحد منهم تعريف في هذه المسألة.
قال الشيخ ابن عثيمين في إجابة له لسؤال حول هذه المسألة: هذا يُبنى على اختلاف أهل العلم، والصواب أنه يختلف باختلاف المطالع، فمثلاً إذا كان الهلال قد رؤي بمكة، وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم وكان يوم عرفة عندهم اليوم العاشر، فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم؛ لأنه يوم عيد، وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم، فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة. أ-هـ وغيرها من الأدلة
(1)
.
(1)
بحث للشيخ الدكتور أحمد الخليل، منشور على موقع ملتقى أهل الحديث.
ورد في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل: هل نستطيع أن نصوم هنا يومين لأجل صوم يوم عرفة، لأننا هنا نسمع في الراديو أن يوم عرفة غداً يوافق ذلك عندنا الثامن من شهر ذي الحجة؟
الجواب: يوم عرفة هو اليوم الذي يقف الناس فيه بعرفة، وصومه مشروع لغير من تلبس بالحج، فإذا أردت أن تصوم فإنك تصوم هذا اليوم، وإن صمت يوماً قبله فلا بأس، وإن صمت الأيام التسعة من أول ذي الحجة فحسن، لأنها أيام شريفة يستحب صومها لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّه مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّه وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّه؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّه، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»
(1)
(2)
.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
الرئيس
عبدالله بن غديان
…
عبدالعزيز بن باز
(1)
صحيح البخاري برقم (969).
(2)
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/ 112) برقم 2149.