الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاشراً: حكم حضور أعياد الكفار وتهنئتهم بها
اتفق أهل العلم على تحريم الاحتفال بأعياد الكفار الدينية، ومشاركة المحتفلين فرحتهم؛ لما في ذلك من المحاذير، ويدل على ذلك ما يلي:
1 -
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72)} [الفرقان]. قال أبو العالية وطاوس، ومحمد بن سيرين والضحاك وغيرهم:(هي أعياد المشركين)
(1)
.
2 -
لأن المشاركة فيها نوع من مودتهم ومحبتهم، وقد قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1].
3 -
أنها شعار الأديان والملل، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنه لما دخل عليها أبو بكر رضي الله عنه وعندها جاريتان تغنيان ليوم بعاث أنكر ذلك أبو بكر بقوله: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا
(1)
تفسير ابن كثير (6/ 130).
وَهَذَا عِيدُنَا»
(1)
، فالعيد شعار واضح وقضية دينية عقدية تميز المسلم عن غيره، وليست مجرد عادات.
قال ابن القيم رحمه الله: ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله، وقد صرح به الفقهاء من اتباع المذاهب الأربعة في كتبهم.
روى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم»
(2)
(3)
.
ويحرم تهنئتهم بأعيادهم الدينية لما في ذلك من إعانتهم وإقرارهم على ما هم عليه من الضلال، فكأنك تهنئه على سجوده للصليب وصلاته في الكنيسة.
قال ابن القيم رحمه الله: «وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به، فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام .. ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين
(1)
صحيح البخاري برقم (952) وصحيح مسلم برقم (892).
(2)
السنن الكبرى (9/ 392) برقم 18861، وقال ابن كثير في مسند الفاروق (2/ 494) بإسناد صحيح.
(3)
أحكام أهل الذمة (1/ 723 - 724).
عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات، وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه»
(1)
.
(1)
أحكام أهل الذمة (1/ 144).
الحادي عشر: الإهداء للكافر
يجوز الإهداء لغير المسلم تأليفاً لقلبه وتحبيباً له في الإسلام، ويدل على ذلك عمومات الأحاديث في الهدية، روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:«كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا»
(1)
يعني يرد بمثلها أو أحسن منها.
(2)
.
لكن يحرم إهداء الكافر بمناسبة عيده الديني، نص على ذلك أهل العلم لأن فيه موافقة وإقراراً وإعانه له لما هو فيه من الضلال.
وقال الحجاوي: (ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى وبيعه لهم فيه، ومهاداتهم لعيدهم)
(3)
.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فأما بيع المسلم لهم
(1)
برقم (2585).
(2)
صحيح البخاري برقم (886) وصحيح مسلم برقم (2068).
(3)
كشاف القناع (3/ 131).
في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام، واللباس، والريحان، ونحو ذلك، أو إهداء ذلك لهم فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرم، وهو مبني على أصل وهو أنه لا يجوز أن يبيع الكفار عنباً أو عصيراً يتخذونه خمراً، وكذلك لا يجوز أن يبيعهم سلاحاً يقاتلون به مسلماً)
(1)
.
(1)
اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (229).