المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثانية: طلب الصلح دون الحكم: - المسلمون في بلاد الغربة

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الأصل الأولالجنسية والإقامة

- ‌أولاً: الجنسية

- ‌ثانياً: الإقامة

- ‌ثالثاً: إسلام الكافر

- ‌رابعاً: حجاب المرأة المسلمة

- ‌خامساً: الاختلاط

- ‌سادساً: القروض

- ‌سابعاً: التأمين

- ‌ثامناً: البطاقات الائتمانية

- ‌تاسعاً: تربية الأسرة

- ‌عاشراً: اللباس

- ‌الحادي عشر: اقتناء الكلاب

- ‌(أ) الذبائح:

- ‌(ب) دخول المحرمات في المأكولات أو المشروبات

- ‌ج-الأكل في أواني الكفار

- ‌الرابع عشر: صرف أموال الزكاة في الدعوة إلى الله

- ‌الخامس عشر: صرف الزكاة للمؤلفة قلوبهم من الكفار

- ‌السادس عشر: زكاة الفطر

- ‌(أ) العدد المطلوب لصلاة الجمعة:

- ‌(ب) أداء المرأة لصلاة الجمعة:

- ‌(ج) ترجمة خطبة الجمعة:

- ‌(د) صلاة الجمعة قبل الزوال:

- ‌الثامن عشر: قبول المسلمين من الكفار التبرعات لمشاريع خيرية

- ‌التاسع عشر: السكن في بلاد الكفار أو البلاد التي ينتشر فيها الفساد والانحلال

- ‌العشرون: الزواج الصوري

- ‌(أ) في حال استمرار الليل أو النهار أربع وعشرين ساعة فأكثر

- ‌(أ) الرؤية في دخول شهر رمضان وخروجه

- ‌(ج) تحديد زمن الإمساك في رمضان حال الغيم

- ‌(د) فتاوى متفرقة في الصيام

- ‌الثالث والعشرون: خوف المسلم من إظهار دينه

- ‌الخامس والعشرون: الصلاة خلف الإمام المبتدع

- ‌السادس والعشرون: دفن المسلم في مقابر الكفار

- ‌الأصل الثانيالتحكيم

- ‌الثانية: طلب الصلح دون الحكم:

- ‌الأصل الثالثالولاء والبراء

- ‌أولاً: الزواج من نسائهم

- ‌ثانياً: بعض أحكام الأولاد

- ‌ثالثاً: التحاق أطفال المسلمين في بلاد الغرب بالمدارس النصرانية

- ‌رابعاً: العمل أو الدراسة لدى الكفار

- ‌خامساً: العمل في الوظائف العسكرية:

- ‌سابعاً: تحية غير المسلمين والسلام عليهم

- ‌ثامناً: حكم مصافحة المرأة الأجنبية والخلوة بها

- ‌تاسعاً: تعزية الكافر وحضور جنازته

- ‌عاشراً: حكم حضور أعياد الكفار وتهنئتهم بها

- ‌الثاني عشر: حكم قبول هداياهم بالمناسبات الدينية وغيرها

- ‌الثالث عشر: قبول دعوة الكافر إلى الطعام

- ‌الرابع عشر: عيادة مريضهم ورقيته

- ‌(أ) دخولها والصلاة فيها:

- ‌(ج) شراء الكنيسة لتكون مسجداً:

- ‌(أ) مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين

- ‌(ب) التصويت في انتخاباتهم:

- ‌الثامن عشر: السكن مع العائلة الكافرة

- ‌التاسع عشر: إذا أسلمت المرأة وزوجها كافر

- ‌العشرون: معاملة الرجل المسلم أو المرأة المسلمة لأهلها الكفار

- ‌الحادي والعشرون: الأحزاب والجماعات الإسلامية وماذا يتبع المسلم منها

- ‌الملحق

- ‌المسألة الأولىوحدة الأديان

- ‌المسألة الثانيةميراث الكافر

- ‌المسألة الثالثةإذا أسلم الكافر في أيام رمضان، فما الحكم

- ‌المسألة الرابعةتنظيم النسل

- ‌المسألة الخامسةالتشبه بالكفار

- ‌المسألة السادسةالابتعاث وخطورته

- ‌المسألة السابعةحضانة غير المسلم للطفل المسلم

- ‌المسألة الثامنةالحلف بالإنجيل

- ‌المسألة التاسعةالشهادة لليهود والنصارى وغيرهم من الكفار

- ‌المسألة العاشرةإذا أسلم النصراني، هل يلزم بتغيير اسمه

- ‌المسألة الحادية عشرةحكم التعبير عن غير المسلمين بلفظ الأخوة

- ‌المسألة الثانية عشرةحكم وقوف ساعة حداد على المسلم وغير المسلم

- ‌المسألة الثالثة عشرةهل يقال للنصراني مسيحي

- ‌المسألة الرابعة عشرةإرضاع المرأة الكافرة للطفل المسلم

- ‌المسألة الخامسة عشرةمشاركة المسلم في حفلات توديع غير المسلم

- ‌المسألة السادسة عشرةالمعاملات المحرمة مع الكفار

- ‌المسألة السابعة عشرةالصلاة في القاعات التي أُعدت للهو

- ‌المسألة الثامنة عشرةطلب الرزق بالطرق المحرمة

- ‌المسألة التاسعة عشرةالتحذير من الصلبان في المفارش وغيرها

- ‌المسألة العشرونإشهار عقد النكاح في الكنيسة

- ‌المسألة الحادية والعشرونتمكين الكافر من المصحف المترجم

- ‌المسألة الثانية والعشرونحكم تمريض الكافر للنساء المسلمات

- ‌المسألة الثالثة والعشرونصلة القريب الكافر

- ‌المسألة الرابعة والعشرونالتحذير من القعود مع اليهود والنصارى وسماع كلامهم

- ‌المسألة الخامسة والعشرونهل يقال لليهودي أو النصراني الذي بلغته الدعوة أنه في النار

- ‌المسألة السادسة والعشرونرجل ارتد إلى النصرانية ثم تاب فما الحكم

- ‌المسألة السابعة والعشرونإذا كانت الأرض ثلج، كيف يدفن الميت فيها كما هو الحال في شمال كندا

- ‌المسألة الثامنة والعشرونجمع الأموال لنقل جثث المسلمين إلى بلاد الإسلام

- ‌المسألة التاسعة والعشرونإحراق جثة المسلم

- ‌المسألة الثلاثونإعطاء الذي يشهر إسلامه هدايا ترغيبًا له

الفصل: ‌الثانية: طلب الصلح دون الحكم:

رشدي: (القرار الثالث: يعلن المجلس أنه يجب ملاحقة هذا الشخص، بدعوى قضائية جزائية تُقَدَّم عليه، وعلى دار النشر التي نشرت له هذه الرواية في المحاكم المختصة في بريطانيا، وأن تتولى رفع هذه الدعوى عليه منظمة المؤتمر الإسلامي التي تمثل الدول الإسلامية، وأن تُوَكِّل في هذه الدعوى أقوى المحامين المتمرسين في القضايا الجنائية أمام محاكم الجزاء البريطانية)

(1)

. وواضح من القرار تجويزهم التحاكم إلى المحاكم البريطانية في تلك النازلة"

(2)

.

‌الثانية: طلب الصلح دون الحكم:

فقد روى أبو داود في سننه من حديث هاني بن يزيد أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنَّ اللَّه هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكَنَّ أَبَا الْحَكَمِ؟ فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلا الْفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ قَالَ: لِي شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّه وَمُسْلِمٌ. قَالَ: فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ قُلتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ»

(3)

.

(1)

قرارات المجمع الفقهي التابع للرابطة، الملاحق (ص 252).

(2)

فقه النوازل للأقليات المسلمة للدكتور محمد يسري إبراهيم (ص 1054 - 1056).

(3)

سنن أبي داود برقم (4955) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 936) برقم 4145.

ص: 190

وثانيهما: استيفاء الحقوق كاسترجاع المسروق ورد الاعتداء ودفع الظلم .. ونحو ذلك.

والقول بجواز هذا القسم هو المتعين للضرورة لعدم التمكن من التحاكم إلى محاكم إسلامية، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، فَمَا أُحِبُّ أَنْ أَنْكُثُهُ وَ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ»

(1)

. قال ابن الأثير: (اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية وجعلوا طيباً في جفنة وغمسوا أيديهم فيه، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فسموا المطيبين)

(2)

.

رغم أن هذا الحلف تتوفر فيه عناصر الحكم والتحاكم من فض للنزاعات بين الظالم والمظلوم، وأن القائمين على هذه المهمة هم من أكابر المشركين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أثنى عليه خيراً، وما أحب أن ينقضه ولو بحمر النعم لقيامه على معنى صحيح لا يتعارض مع الشرع وهو إنصاف المظلوم من الظالم.

(1)

مسند الإمام أحمد (1/ 190 - 193) وقال الألباني رحمه الله في السلسلة برقم (1900) سنده لا بأس به في الشواهد.

(2)

النهاية في غريب الحديث (3/ 149).

ص: 191

وفيه مسائل:

الأولى: الطلاق الذي يوقعه القاضي الكافر في بلاد الكفار:

هذه المسألة من معضلات المسائل التي يقع فيها بعض المسلمين الذين يعيشون في بلاد الكفر، وذلك لما يترتب على هذا الحكم من الجور والظلم والإجحاف بحق صاحب الحق لانتسابه إلى القوانين الوضعية المخالفة للشرائع السماوية، وسبب الوقوع في هذه البلية هو العيش في تلك البلاد كما سبق شرحه وبيانه في أول هذه الرسالة، وسبب آخر هو عدم الاهتمام بهذه الأمور والتفكر في عواقبها قبل الوقوع فيها، ومن الحلول لهذه المعضلة:

1 -

أن يتجنب المسلم نكاح الكتابيات، وإن كان ذلك مباحاً في الشريعة الإسلامية بشروطه لما يترتب عليه من جر الزوج كرهاً للتحاكم إلى المحاكم الكفرية، والمباح إذا جر إلى محرم، أو كان وسيلة إليه يتحول إلى محرم، وهذا الذي خافه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين بلغه أن حذيفة بن اليمان تزوج وهو بالمدائن امرأة يهودية، فكتب إليه عمر مرة أخرى (أعزم عليكم ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام، فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن)

(1)

.

(1)

تفسير ابن كثير (2/ 297) وقال هذا إسناد صحيح.

ص: 192

قال ابن جرير الطبري: "وإنما كره عمر حذراً من أن يقتدي به الناس فيزهدوا في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني"

(1)

.

وفي الحديث: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»

(2)

"فيجب دفع الضرر عن النفس ودفع الأضرار عن الغير، وإذا كان المسلمون في بلد ما يمثلون أقلية محدودة مثل بعض الجاليات في أوربا وأمريكا، وبعض الأقليات في آسيا وأفريقيا، فمن المنطق أن يُمنَع الرجال المسلمون من الزواج بغير المسلمات، وإلا كانت النتيجة ألا تجد بنات المسلمين - أو عدد كبير منهن - رجلاً مسلماً يتقدم للزواج منهن، وحينئذ تتعرض المرأة المسلمة لأحد أمور ثلاث:

- إما الزواج من غير مسلم، وهذا باطل في الإسلام.

- وإما الانحراف والسير في طريق الرذيلة، وهذا من كبائر الإثم.

- وإما عيشة الحرمان الدائم من حياة الزوجية والأمومة"

(3)

.

2 -

أن يتفق الزوجان أنه في حال وقوع الشقاق بينهما ألا يتحاكما إلى غير الشريعة الإسلامية، ويثبت ذلك في أصل العقد.

3 -

نظراً إلى أنه صدرت فتاوى من بعض أهل العلم باعتبار

(1)

نفسير ابن جرير (2/ 1181).

(2)

مسند الإمام أحمد (5/ 55) برقم 2865 وقال محققوه حسن.

(3)

فقه النوازل للأقليات المسلمة، د. محمد يسري (2/ 965) بتصرف.

ص: 193

المراكز الإسلامية، وما يقوم مقامها بالدول الكافرة قائمة مقام الحاكم الشرعي، فإن على الزوجين إجراء العقود من جمع، وتفريق، وفسخ، وخلع لديها، كما سيأتي بمزيد من الإيضاح في المسألة الثانية.

الثانية: اعتبار المراكز الإسلامية في مقام الحاكم الشرعي:

هذه المسألة من المسائل العامة التي يجب العناية بها لما يترتب عليها من حل كثير من مشاكل إخواننا المسلمين في بلاد الغربة، فإن لم يوجد مركزاً إسلامياً فإن على الجماعة المسلمة اختيار مرجعاً لهم شخصاً واحداً أو أكثر من طلبة العلم والعقلاء ليقيم لهم صلاتهم، وخطب جمعهم، وأعيادهم، ويقوم بعقد نكاحهم، وحل مشكلاتهم، ومما عُرِف أن أبا بكر هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامته للمسلمين في مرض النبي صلى الله عليه وسلم بأمره، قال صلى الله عليه وسلم:«مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»

(1)

.

ولأهمية الإمارة التي يرجع إليها أمر النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر ثلاثة أن يؤمروا أحدهم، فكيف بحال الإقامة، وهي أكثر حوادث من حال السفر، روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ، فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ»

(2)

.

وفي صحيح البخاري في غزوة حنين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ

(1)

صحيح البخاري برقم (664) وصحيح مسلم برقم (418).

(2)

سنن أبي داود برقم (2608) وقال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن أبي داود حسن صحيح (2/ 494) برقم 2272.

ص: 194

إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ» فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا

(1)

.

وفي صحيح البخاري أن امرأة سألت أبا بكر رضي الله عنه فقالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية، قال بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم، قالت: وما الأئمة، قال: أما كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على الناس

(2)

.

سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، سائل يقول: كتابية رغبت في الزواج من مسلم، ولما توقع والدها وهو كتابي أيضاً أن ابنته ربما تدخل في الإسلام بعد زواجها من الشاب المسلم رفض أن يكون وليها في الزواج، بل رفض زواجها منه، علماً بأنها لم تدخل في الإسلام بعد، فمن يكون وليها في هذه الحالة؟ أرجو التكرم بالجواب الراجح؟

الإجابة: الكتابية يزوجها والدها، فإن لم يوجد أو وجد وامتنع زوجها أقرب عصبتها، فإن لم يوجدوا أو وجدوا وامتنعوا، زوجها القاضي المسلم إن وجد، فإن لم يوجد زوجها أمير المركز الإسلامي في منطقتها؛ لأن الأصل في ولاية النكاح أنها للأب ثم للعصبة الأقرب فالأقرب، فإذا عدموا أو كانوا ليسوا أهلاً للولاية لأي مانع من الموانع أو امتنعوا بغير حق انتقلت الولاية إلى الحاكم أو من ينيبه، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ

(1)

صحيح البخاري برقم (3131 - 3132).

(2)

صحيح البخاري برقم (3834).

ص: 195

بَعْضٍ} [التوبة: 71].

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت مسلمة وأبو سفيان لم يسلم، وكَّل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو ابن أمية الضمري فتزوجها من ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص وكان مسلماً، وإن عضل أقرب أولياء حرة فلم يزوجها بكفء رضيته زوجها الأبعد، فإن لم يكن فالحاكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»

(1)

(2)

(3)

.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

عبدالله بن غديان

عبدالرزاق عفيفي

عبدالعزيز بن باز

كما سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء، يقول السائل: كيف نصنع مع رجل فرنسي جاء ليعلن إسلامه ومعه امرأة مسلمة تقول أنها أحضرته إلى المسجد ليدخل الإسلام ثم تتزوج منه، علماً بأنها هي نفسها لا تصلي ولا تلبس الحجاب،

(1)

جزء من حديث في سنن أبي داود برقم (2083) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل (6/ 243) برقم (1840).

(2)

فتاوى اللجنة الدائمة (18/ 162) برقم 11242.

(3)

ولمزيد من التفصيل تراجع رسالة الدكتور د. محمد يسري: الأقليات المسلمة في بلاد الغرب (2/ 1067 - 1086) فقد أجاد وأفاد.

ص: 196

بل هي بعيدة هنا عن أهلها وذويها، ثم إن الرجل نفسه يؤكد أنه يحب أن يسلم رغبة منه في الإسلام، فماذا نصنع معهما؟ وماذا نصنع إن كانا قد تزوجا بعضهما منذ عام أو عامين وكان منهما أولاد ولم يكن الرجل قد أسلم وإنما جاء ليسلم بعدئذٍ، فهل يقبل إسلامه وهل استبراؤه إياها بحيضة أو حيضتين ينسحب عليهما أم لا، وكيف يمكن تصحيح زواجهما والمرأة ليس لها ولي هنا في فرنسا لا أبعد ولا أقرب، وما حكم الأولاد، وهم لا شك أولاد زنا؟

الجواب: أولاً: يخبر بسروركم بإسلامه وأن دخوله في الإسلام أعظم واجب وأكبر نعمة يهنأ بها.

ثانياً: يوضح له أركان الإسلام، وأصول الإيمان، ومعنى الشهادتين ومعنى الإيمان باليوم الآخر والقدر، ويبين له بطلان قول النصارى في عيسى وأن عليه أن يؤمن بأن عيسى عبدالله ورسوله كسائر الرسل وليس ابناً لله، تعالى الله عن قول النصارى علواً كبيراً، ويبين له أن محمداً عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء ورسالته عامة للجن والإنس والعرب والعجم، وهكذا يوضح ذلك للمرأة ويطلب منها إسلامها من جديد؛ لأن ترك الصلاة كفر.

ثالثاً: إذا لم يكن للمرأة ولي مسلم قريب أو بعيد فإن رئيس المركز الإسلامي لديكم يتولى عقد النكاح؛ لأنه بمثابة الوالي بالنسبة لأمثال هؤلاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ

ص: 197

لَهُ»

(1)

، ورئيس المركز ذو سلطان في محله، لعدم وجود القضاة المسلمين في محله.

رابعاً: ليس هناك حاجة إلى الاستبراء إذا كان اتصاله السابق بها باسم النكاح وأولادهما لاحقون به، كما يلحقون في وطء الشبهة بالنكاح الفاسد

(2)

.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

نائب الرئيس

الرئيس

عبدالله بن قعود

عبدالرزاق عفيفي

عبدالعزيز بن باز

وهذه بعض النصائح من د. محمد يسري للمسلمين في بلاد الغربة ينبغي العناية بها لأهميتها، قال وفقه الله:

أولاً: يجب على المسلم والمسلمة أن يعقدا زواجهما وفق الأحكام الشرعية ما أمكن ذلك؛ لأنه وإن كان عقد الزواج وفق القوانين الأوربية يُعتبر جائزاً من حيث إنه عقد، إذا جرى ضمن الضوابط الشرعية، إلا أن الزوجين بعد ذلك يخضعان إلى هذه القوانين في كل ما يتعلق بآثار الزواج، ومنها: الطلاق، والإرث، ولا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى

(1)

جزء من حديث في سنن أبي داود برقم (2083) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في إرواء الغليل (6/ 243) برقم (1840).

(2)

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/ 386 - 387) برقم 5377.

ص: 198

غير شرع الله برضاه. وبناءً على ذلك فإن من واجب المسلم أن يعقد زواجه في دولته المسلمة طالما كان ذلك ممكناً ما دام قانون دولته مستمداً من الأحكام الشرعية ولو كانت فيه بعض المخالفات.

ثانياً: المسلم والمسلمة من أصحاب الجنسية الأوروبية، سواء كانوا من أهل البلاد الأصليين فأسلموا، أو من المسلمين الذين تجنسوا بجنسية أوروبية، فليس أمامهم إلا أن يعقدوا زواجهم مدنياً حسب قوانين بلادهم، ثم يجري عقد زواج شرعي بعد العقد المدني أو قبله، لكن هذا العقد الشرعي ليس له أي مفعول أمام القضاء الأوروبي بالنسبة لآثار الزواج، وإن كان يعطي الزوجين اطمئناناً أكثر إلى مشروعية المعاشرة الزوجية.

وإن كانا غير ملزمين بذلك؛ لأنهما لا يحملان الجنسية، بل هما مقيمان هناك، ويتمتعان بجنسية دولة إسلامية، فقد يلحقهما إثم من الإقدام على عقد الزواج وفق قانون أوروبي، وفي هذه الحالة نكون أمام واقعة جديدة، وهي:

ثالثاً: عندما يعقد زوجان مسلمان زواجهما وفق قانون وضعي غير مسلم، يجب عليهما أن يتفقا على إخضاع هذا الزواج بآثاره للأحكام الشرعية ما أمكنهما ذلك، ومن الواجب أن يكون مثل هذا الاتفاق رسمياً إذا سمح القانون بذلك، وإلا يكفي أن يكون خطياً في هذه الحالة، وحين يقع خلاف بينهما

ص: 199

يختاران حكماً من العلماء، أو من المسلمين القادرين على القيام بهذه المهمة، وهذا الحكم يحاول الإصلاح ما أمكن، فإن تعذَّر عليه ذلك حكم بالتفريق بينهما شرعاً، ويصبح تنفيذ هذا الحكم الشرعي وفق الإجراءات القضائية للقوانين الأوروبية أمراً مشروعاً، وهو السبيل الوحيد لتنفيذ الحكم الشرعي إذا أراده الطرفان.

وأخيراً فقد أباح الله تعالى للمرأة أن تبعث حكماً من أهلها، ويبعث الرجل حكماً من أهله، أو من غير أهلهما على ما صححه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، ولتأخذ برأي من يعتبر أن للحكمين التفريق إذا اجتمعا عليه، وهم جمع من فقهاء المالكية مع الإمام مالك، وهو أحد قولي الإمام

أحمد ورجحه ابن تيمية، وقبل ذلك هو قول جمع من الصحابة رضي الله عنهم

(1)

.

فإذا حكما بالتفريق جاز لهما عندئذٍ أن يعتبرا أن الفراق قد وقع حقيقة، وجاز لها أن تنكح زوجاً غيره بعد انتهاء عدتها

(2)

.

والله تعالى أعلم

(3)

.

(1)

تفسير القرطبي (5/ 174 - 179)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/ 25 - 26)، شرح السنة لحسين ابن مسعود البغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ومحمد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، دمشق، ط 2، 1403 هـ/1983 م (9/ 190 - 191).

(2)

من أحكام الأحوال الشخصية للأقليات المسلمة، د. خالد عبدالقادر ضمن بحوث مؤتمر الأقليات المسلمة، ماليزيا 2009 م.

(3)

فقه النوازل للأقليات المسلمة (2/ 1085 - 1086).

ص: 200

الثالثة: من أين يستقي المسلم المقيم هناك الفتاوى وماذا يتبع؟

المسلم الذي هو من عوام المسلمين عليه أن يتعلم دينه من أهل العلم وأن يسأل أهل الذكر عما يشكل عليه ويستفتي من يثق في دينه وأمانته، ويكون في كل ذلك سائلاً عن حكم الله وحكم رسوله، وإذا تبين له الحق من كلام الله وكلام رسوله، فلا يجوز له أن يتركه لقول قائل كائناً من كان لأن الله تعبدنا بكلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فقط، وإذا لم يكن في المسألة حكم صريح لله ورسوله وكانت المسألة من مسائل الاجتهاد فإن المسلم يتبع من يثق في دينه وعلمه.

وإذا اختلف أهل العلم في مسألة من المسائل وجب على المسلم أن يتبع ما يظنه أقرب للحق والصواب، وما يطمئن إليه قلبه، كما قال صلى الله عليه وسلم:«اسْتَفْتِ نَفْسَكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ»

(1)

، وقال صلى الله عليه وسلم:«الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ»

(2)

.

ولا يجوز للمسلم أن يتبع رخص العلماء وما يسمى بالأسهل

(1)

البخاري في التاريخ (1/ 144 - 145) من حديث وابصة، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير (1/ 224) برقم 948.

(2)

صحيح مسلم برقم (2553).

ص: 201

في كل مذهب فإنه من تتبع رخص العلماء اجتمع فيه الشر كله، ووجد من الفتاوى ما يستحل بها كثيراً من المحرمات.

ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من علماء الأئمة الأربعة أو غيرهم في كل ما يقول، وعلى المسلم إذا نزلت به نازلة أن يستفتي من يعتقد أنه سيفتيه بشرع الله ورسوله امتثالاً لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} ] النحل [

(1)

.

(1)

مقال للشيخ عبدالرحمن بن عبدالخالق بعنوان: ما موقف الشخص من اختلاف العلماء.

ص: 202