الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة والعشرون
رجل ارتد إلى النصرانية ثم تاب فما الحكم
؟
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، يقول السائل: إنني شاب من مدينة الجزائر، مثقف وأحب الاطلاع، وأدى بي حب الاطلاع أن أراسل بعض الإذاعات المسيحية، وبعد المراسلة الطويلة معهم والهدايا التي تصلني منهم كل أسبوع، انغمست في دينهم وأصبحت مسيحيًا، واتخذت عدة أصدقاء مسيحيين خارج الوطن؛ في كل من: ألمانيا، فرنسا، السويد، سويسرا، وخاصة أمريكا، وأصبحت مقتنعًا بتلك الديانة، وأصبحت مسيحيًا بمعنى الكلمة، وقمت بنشر تلك الديانة على عدة أصدقاء، وأصبحوا مثلي يراسلون تلك الإذاعات والأشخاص، وفي يوم من الأيام اطلعت على مجلة إسلامية تتكلم عن الإسلام والمسيحية، فرجعت إلى أصلي، وطلقت المسيحية ثلاثًا، فهذه نبذة قصيرة - يا أبي - حول انغماسي في المسيحية، وأردت من خلال مراسلتك أن أفهم بعض الأمور؛ وهي: ماذا أفعل بالهدايا التي هي عندي، وهل يغفر الله لي، وإنني والله نادم على ما قمت
به، وخاصة وأن بعض الأئمة عندنا قالوا لي:(لا توبة لك، فأنت مرتد) فأصبحت أعيش في دوامة لا يعلمها إلا الله، وإنني أكثر من الصيام وقيام الليل، وأصبحت حياتي تعيسة؛ لأنني أخاف أن يعذبني الله وأموت كافرًا.
الجواب: الحمد لله الذي وفقك للتوبة من هذه الردة، ونسأل الله لنا ولك الثبات على الإسلام، ونرجوا أن تكون توبتك مقبولة؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالتوبة من جميع الذنوب، ووعد بأن يتقبلها، قال تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها»
(1)
، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«التائب من الذنب كمن لا ذنب له»
(2)
، فالتوبة تُقبل من العاصي، والكافر، والمرتد إذا تابوا توبة صحيحة، قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)} [الشورى]، وقال تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}
(1)
مسند الإمام أحمد (29/ 360) برقم 17827 بلفظ: "يا عمرو أما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب، يا عمرو أما علمت أن الإسلام يجب ما كان قبله من الذنوب"، وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم، لكن حديث التوبة تجب ما قبلها، قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (3/ 141) برقم 1039 لا أعرف له أصلاً.
(2)
السنن الكبرى للبيهقي (20/ 458) برقم 20595، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله كما في صحيح الجامع الصحيح برقم 3008.
[الزمر]، وقد أجمع أهل العلم على أن هذه الآية الكريمة نزلت في التائبين، والذين قالوا لك: إن توبتك غير مقبولة، مخطئون، ويقولون بلا علم، وننصحك بالابتعاد عن أسباب الفتن، والحذر من دعاة الضلال، والإكثار من الأعمال الصالحة، وتعلم العلم النافع، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
(1)
عضو
…
عضو
…
عضو
…
عضو
…
الرئيس
بكر أبو زيد
…
صالح الفوزان
…
عبدالله بن غديان
…
عبدالعزيز آل الشيخ
…
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *
(1)
فتاوى اللجنة الدائمة (24/ 326 - 328) برقم 17451.