الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة
إذا أسلم الكافر في أيام رمضان، فما الحكم
؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الكافر لا نلزمه بالصيام حال كفره، ولا بقضائه بعد إسلامه، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)} [التوبة]. فإذا كانت النفقات وبعضها متعد لا تُقبل منهم لكفرهم، فالعبادات الخاصة من باب أولى، وكونه لا يقضي إذا أسلم، دليله قوله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]. وثبت من طريق التواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يأمر من أسلم بقضاء ما فاته من الواجبات، ولكنه يعاقب على تركها في الآخرة إذا لم يسلم، وعلى ترك جميع واجبات الدين لأنه إذا كان المسلم المطيع لله الملتزم بشرعه قد يعاقب عليها، فالمستكبر من باب أولى، وإذا كان الكافر يُعذب على ما يتمتع به من نعم الله من طعام، وشراب، ولباس، ففعل المحرمات وترك الواجبات من باب أولى، والدليل ما ذكره الله عن أصحاب اليمين أنهم يقولون للمجرمين ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين، وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين، فذكروا أربعة أسباب منها ترك واجبات، فإن قال قائل: تكذيبهم بيوم الدين كفر، وهو الذي أدخلهم سقر؟
فالجواب: "أنهم ذكروا أربعة أسباب، ولو أن لهذه المذكورات مع تكذيبهم بيوم الدين أثرًا في إدخالهم النار، لم يكن في ذكرها فائدة، ولو أنهم لم يعاقبوا عليها ما جرت على بالهم، فالسبب الأول: لم نك من المصلين (الصلاة)، والثانية: ولم نك نطعم المسكين (الزكاة)، والثالث: وكنا نخوض مع الخائضين (مثل الاستهزاء بآيات الله)، الرابع: وكنا نكذب بيوم الدين"
(1)
.
كما سُئل رحمه الله: يقول السائل: لو أسلم الكافر في انتهاء النهار، فهل يلزمه الإمساك والقضاء؟ أو الإمساك دون القضاء؟ أو لا يلزمه إمساك ولا قضاء؟
الجواب: "في المسألة خلاف بين أهل العلم، والقول الراجح: أنه يلزمه الإمساك دون القضاء، فيلزمه الإمساك؛ لأنه صار من أهل الوجوب، ولا يلزمه القضاء لأنه قبل ذلك ليس من أهل الوجوب، فهو كالصبي إذا بلغ في أثناء النهار فإنه يلزمه الإمساك، ولا يلزمه القضاء على القول الراجح في هذه المسألة"
(2)
.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *
(1)
الشرح الممتع على زاد المستنقع (6/ 322 - 323).
(2)
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (19/ 96 - 97).