الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثامن عشر: السكن مع العائلة الكافرة
يحرص بعض المبتعثين من المسلمين والمقيمين هناك بالسكن مع العائلة الكافرة، إما لتعلم اللغة، أو للتخفيف من الأعباء المالية، أو غير ذلك من الأسباب، ولا يخلوا السكن مع العائلة الكافرة من محاذير كثيرة، منها:
1 -
أن مبيت الرجل مع الكافر في منزل واحد وأكله وشربه معه أمر خطير، إذ أنه سيؤدي إلى محبة الكافر والتعلق به، وهذا ينافي البراءة من الشرك والمشركين، قال تعالى:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].
روى أبو داود في سننه من حديث سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ جَامَعَ المُشْرِكَ، وَسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ»
(1)
.
وروى النسائي من حديث جرير بن عبدالله قال: بَايَعْتُ النَّبي عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَعَلَى فِرَاقِ الْمُشْرِكِ. وأصله في الصحيحين بدون الزيادة
(1)
برقم (2787)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير برقم (6186).
(وَعَلَى فِرَاقِ الْمُشْرِكِ)
(1)
.
2 -
عدم القدرة على تفادي الاختلاط بنسائهم، إذ أن الاختلاط محرم كما تقدم، والاختلاط بنساء الكفار شأنه أعظم، إذ أنهن لا يتورعن من الخروج أمام الرجال بملابس النوم، والملابس العارية، وهذا معروف ولا تجد امرأة كافرة تغطي رأسها، والنظر إليها في تلك الحالة محرم بإجماع المسلمين.
3 -
أن الأمر لا يقتصر على الخوف من فتنة النساء، بل الأمر يتعدى إلى ما هو أخطر من ذلك، وهي فتنة الشبهات وما قد يقع في قلب المسلم من الشكوك والمقارنات، والأسئلة التي لا يحسن لها جواباً لقلة علمه، فيشكك في دينه وعقيدته.
4 -
أن السكن معهم، والأكل من طعامهم ومعاشرتهم يؤدي إلى الإعجاب بهم والتأثر بعاداتهم، وتقاليدهم المنفتحة، وهم كما وصفهم الله كالأنعام، قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)} [محمد: 12]. وقال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)} [الروم].
5 -
كثرة المنكرات التي يشاهدها المسلم المقيم مع تلك
(1)
سنن النسائي برقم (4175) وأحمد في مسنده برقم (19238) وقال محققوه حديث صحيح.
العائلة كالتبرج والسفور، وشرب الخمور، والاختلاط، وقد يصحب ذلك ممارسة طقوسهم الدينية، كل هذا والمسلم مأمور بإنكار المنكرات، أو مفارقة المكان، قال تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140].
قال القرطبي رحمه الله: (فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، قال الله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140] فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم، فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية)
(1)
.
(1)
الجامع لأحكام القرآن (7/ 185).