الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]
3 - بَابُ مَتَى يُكَبِّرُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى
453 -
قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنِي الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فِي الرَّجُلِ (1) يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَالْقَوْمُ رُكُوعٌ يُكَبِّر؟ قَالَ: لَا، حَتَّى تأخُذ مَقَامَكَ فِي الصَّفِّ.
* صَحِيحٌ (2) موقوف (3).
(1) في (حس): "رجل"، مُنَكَّرًا.
(2)
تصحيح الحافظ هنا متعقب لأن مدار الموقوف على ابن عجلان، وهو في تخريج الأذكار تعقب النووى في تصحيح ما يتفرد به ابن عجلان وقال: أن ما يتفرد به حديث حسن فقط (1/ 110) فيمكن توجيه عبارة ابن حجر يحمل الصحة على الرجحان أي الراجح الوقف.
(3)
من تخريج الروايات يتضح أنه اختلف فيه على ابن عجلان رفعًا ووقفًا ويترجح الوقف لكونه من طريق يحيى القطان وقد توبع بخلاف الرفع.
453 -
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 256): باب من كره أن يركع دون الصف: قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن عجلان به بنحوه.
وكذا أخرجه في الباب نفسه من طريق أبي خالد الأحمر عن محمد بن عجلان به بنحوه. إلا أنه لم يذكر التكبير بل ذكر الركوع فقط.
وأبو خالد الأحمر، صدوق يخطئ. (التقريب: 250).=
= وكذا رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 396): باب من صلى خلف الصف وحده، فقال:
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: حدثني عمر بن علي، قال: ثنا ابن عجلان به لكن رفعه، وذكره بنحوه بلفظ الركوع دون التكبير.
وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده في فتح الباري. انظر (2/ 269).
وفيه عمر بن علي المقدمي: جعله الحافظ نفسه في الرابعة من المدلسين، وأهلها اتفق على أنه لا يقبل حديثهم ما لم يصرحوا بالسّماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل.
وقال أيضًا: ثقة مشهور، كان شديد الغلو في التدليس.
وانظر تعريف أهل التقديس (ص 123:130)، وطبقات ابن سعد (7/ 291).
قال الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 408: 977) معلقًا على هذا الطريق:
(
…
قلت: وأنا أخشى أن يكون دلس في هذا الحديث عن بعض الضعفاء، حيث زاد الرفع، والمعروف أنه موقوف). اهـ.
لكن زيادة الرفع ليست تدليسًا بل التدليس حذف للراوي لضعفه أو لغير الضعف كصغر سنه ونحو ذلك. فالصواب أن يقول: إن هذا من وهم الثقة يرفع ما وقفه الأوثق منه.
كيف وقد صرح بالتحديث في حديث الباب.
وحديث الباب بطريق ابن أبي شيبة الذي تقدم، ذكره الألباني ورجح وقفه
- لكن يرى أن متنه لا يعمل به لوجود ما يعارضه وسيأتي بيان هذا إن شاء الله-.
وذكره البوصيري في إتحاف السادة المهرة (ق 202/ ب): باب فيمن أدرك القوم ركوعًا، وقال: رواه مسدد، ورجاله ثقات. اهـ من المسندة، وفي المجردة أضاف قوله: موقوف. انظر (ق 77/ ب).=
= الحكم عليه:
الحديث من طريق مسدد حسن لذاته لحال محمد بن عجلان وله شاهد من حديث أبي بكرة أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم رَاكِعٌ فَرَكَعَ دُونَ الصف ثم مشى إلى الصف فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصًا، ولا تعد.
أخرجه أبو داود، انظر سننه مع عون المعبود (2/ 379: 670): باب الرجل يركع دون الصف.
قال الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 60: 230) بعد أن ذكره: قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأصله في صحيح البخاري. اهـ.
قلت: وإنما اخترت إيراده عند أبي داود لأنه أطول، وإلا فقد أخرجه البخاري مختصرًا، انظر صحيحه مع الفتح (2/ 267: 783)، وأخرجه غيره أيضًا.
ووجه إيرادي له هنا شاهدًا: أنه لا يتأتى الركوع دون الصف إلا بتكبير، ولما أنكر عليه صلى الله عليه وسلم إنكارًا عامًا بقوله:"ولا تَعُد" كان إنكارًا للتكبير أيضًا.
وحديث أبي بكرة وإن كان عند البخاري في صحيحه احتجاجًا: إلا أن الدارقطني قد أعله: لأن مداره على الحسن عن أبي بكرة، ويرى الدارقطني رحمه الله أن الحسن لم يسمع من أبي بكرة، وحجته في ذلك أنه روى أحاديث عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة.
لكن رد ذلك من وجهين، فقد:
1 -
أجاب ابن الملقن في البدر المنير حديث (35/ ق) وذلك بعد أن ساق إعلال الدارقطني له فقال: (وذلك لا يمنع من سماعه منه ما أخرجه البخاري).
وقال -قبل ذلك بقليل-:
(
…
لكن البخاري لا يكتفي بإمكان اللقاء فلا بد أن يكون ثبت عنده سماعه منه). اهـ.=
= 2 - وأقوى منه ما قال الحافظ في الفتح (2/ 268): فقال:
(ورد هذا الإِعلال برواية سعيد بن أبي عروبة عن الأعلم قال: (حدثني الحسن أن أبا بكرة حدثه) أخرجه أبو داود والنسائي. اهـ.
وعلى ما تقدم فالراجح في حديث مسدد الوقف. وبشاهده يرتقي إلى الصحيح لغيره فهو كما وصفه الحافظ رحمه الله.
والأصل في الإِطلاق هو التصحيح الذاتي. لكن تدل القرائن هنا على تصحيح الحديث لغيره لحال بعض رواته.
454 -
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ حذيفة رضي الله عنه: (أنه دخل والشعبي صلى الله عليه وسلم رَاكِعٌ، فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، فَذَكَرُوا صنيعَه لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَحْسَنَ حُذَيْفَةُ، وأَجْمَلَ"
* هَذَا إِسناد واهٍ جدًا.
1454 -
تخريجه:
الحديث ذكره البوصيري في إتحاف السادة المهرة: باب فيمن أدرك القوم ركوعًا: (ق 77/ ب).
ثم قال: رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر بسند ضعيف لضعف جويبر بن سعيد البلخي. اهـ.
قلت: وفيه يوسف بن خالد أيضًا، وحاله كما عرفت.
وهذا الباب وأحاديثه ليس في المطبوع من المطالب.
وفي معناه آثار عن بعض الصحابة رضي الله عنهم منها:
ما أخرجه البيهقي بسنده إلى سهل بن حنيف أنه قال: "دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعًا فركع ثم دب حتى وصل الصف".
انظر السنن الكبرى (2/ 90): باب من ركع دون الصف. وفي ذلك دليل على إدراك الركعة، ولولا ذلك لما تكلفوه.
وهو عند مالك في الموطأ. انظر (حس 115: 393): باب ما يفعل من جاء، والإِمام راكع. وعند مالك في الباب نفسه برقم (394) عن ابن مسعود بلاغًا، هـ إِسناده منقطع.
وإسناد البيهقي صححه الألباني، انظر السلسلة الصحيحة (1/ رقم 229).
وعند البيهقي في الكبرى (2/ 90): روى بسنده إلى مكحول عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث بن هشام "أن أبا بكر الصديق، وزيد بن ثابت: دخلا المسجد، والإِمام راكع: فركعا، ثم دبا، وهما راكعان حتى لحقا في الصف".=
= وفيه عنعنة مكحول الشامي وهو في الثالثة من المدلسين لا يقبل تدليسه ما لم يصرح، وقال الحافظ في التقريب (حس 545: رقم 6875): مكحول الشامي أبو عبد الله، ثقة فقيه كثير الإِرسال مشهور. اهـ.
وما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: (1/ 255): باب في الرجل يدخل والقوم ركوع: فيركع قبل أن يصل الصف: قال: نا أبو الأحوص، عن منصور، عن زيد بن وهب قال:"خرجت مع عبد الله من داره إلى المسجد: فلما توسطنا المسجد ركع الإِمام، فكبر عبد الله ثم ركع، وركعت معه، ثم مشينا راكعين: حتى انتهينا إلى الصف، حتى رفع القوم رؤوسهم، قال: فلما قضى الإِمام الصلاة قمت أنا: وأنا أرى لم أدرك، فأخذ بيدي عبد الله فأجلسني وقال: إنك قد أدركت".
وكذا أخرجه البيهقي بسنده إلى أبي الأحوص به (2/ 90 - 91): الباب السابق. وقد صحح الألباني هذا الإسناد. انظر تعليقه على الحديث (229) من الصحيحة.
قال البيهقي: وروينا فيه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما. اهـ.
الحكم عليه:
إِسناده كما وصفه الحافظ واهٍ جدًا لحال يوسف بن خالد، وجويبر ابن سعيد.
ومعنى الركوع قبل الدخول في الصف قد ثبت بالآثار التي تقدمت، ولم أقف عليه مرفوعًا من طريق يثبت.
456 -
وقال أبو بكر: حدثنا أبو أسامة، عن أَبِي فَرْوَةَ: يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، ثنا أَبُو (1) عُبَيْدٍ الْحَاجِبُ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ لِكُلِّ شيءٍ أُنْفَةً، وَإِنَّ أُنْفَةَ الصَّلَاةِ: التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى، فَحَافِظُوا عَلَيْهَا".
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ، فَقَالَ:(حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهما (2)).
* إِسناده حسن.
(1) في (حس): "أبو الحاجب" بحذف عبيد.
(2)
في (عم) و (سد): "عنهم" بصيغة الجمع.
456 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 306) بمثله.
وأخرجه أيضًا في المصنف (1/ 230): قال: نا ابن فضيل، ووكيع: عن مسعر، عن عثمان الثقفي، عن سالرقال: قال أبو الدرداء: "لكل شيء شعار، وشعار الصلاة التكبير".
وهذا المتابع: أتى بلفظ الشعار، وفيه عموم التكبير، ولم تخص فيه التكبيرة الأولى.
وهو أيضًا: منقطع، فإن سالمًا: هو ابن أبي الجعد: رافع الأشجعي: ثقة لكنه لم يدرك أبا الدرداء كما نقله ابن أبي حاتم عن أبيه في المراسيل (حس 71).
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 177): قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا عبيد بن غنام، قال: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ مثله. ثم قال: غريب من حديث رجاء: لم يروه عنه إلا أبو فروة، عن أبي عبيد. اهـ.
والبيهقي في شعب الإِيمان (1/ ق 208/ ب: ش 21) قال: أخبرنا أبو الحسن المقري، أنا الحسن بن محمد بن أسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا حماد أبو أسامة، حدثنا أبو فروة به مثله.=
= والبزار في مسنده" انظر: كشف الأستار (1/ 252)، وزوائد البزار للحافظ ابن حجر (2/ 886: 367): قال البزار: حدثنا إبراهيم، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا حماد بن أسامة به بلفظه ثم قال: (لا نعلمه يروى مرفوعًا إلا بهذا الإِسناد، وقد روي بعض كلامه بغير لفظه
…
) إلخ. اهـ. وسيأتي بيان هذه الرواية عند الكلام على الشواهد.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 190/ ب)، وفي المجردة (ق 72/ ب): باب تكبيرة الإِحرام وصفة رفع اليدين: مثله، ثم قال: هذا إِسناد حسن، وساق كلام البزار السابق.
وكذا ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 103)، وقال بعد أن ساقه:(رواه البزار والطبراني في الكبير بنحوه موقوفًا، وفيه رجل لم بسم). اهـ.
وقد نقل الشيخ الأعظمي كلام الهيثمي السابق -في تحقيقه كشف الأستار- ثم قال: (قلت: لكن تابعته أم الدرداء في الطريق التي بعده). اهـ. قلت: لكن في الحديث علة أخرى، وهي: ضعف يزيد بن سنان، والطرق التي تقدمت كلها مدارها عليه.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف لحال يزيد.
لكن يشهد لمعناه: ما أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد، والبزار، وصححه الحاكم، وذكره البيهقي في المعرفة: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم". قال المباركفوري في التحفة عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم "وتحريمها التكبير"(1/ 38): (قال المظهري: سمي الدخول في الصلاة تحريمًا لأنه يحرم الأكل والشرب، وغيرهما على المصلي، فلا يجوز الدخول في الصلاة إلا بالتكبير مقارنًا به النية). اهـ.=
= وقال في (2/ 40): (الحق في هذا الباب: هو ما ذهب إليه الجمهور من أن تحريم الصلاة التكبير، ولا يكون الرجل داخلًا في الصلاة إلا بالتكبير كما عر فت ..). اهـ.
وإلى هذا المعنى يشير تبويب البيهقي في المعرفة (1/ ق 156/ ب): قال: (النية في الصلاة، وما يدخل به فيها من التكبير): فقرنها بالنية التي لا بد من استصحابها ابتداءً.
فالتكبيرة الأولى: إنما هي لبدء الدخول في الصلاة.
ومعنى أنفة الشيء ابتداؤه، فلا تنعقد صلاته أصلًا إلا بالتكبير كما يدل عليه الحديثان.
فحديث الباب بشاهده حسن لغيره.
وعندما أخرج البزار حديث أبي الدرداء قال: (لا نعلمه يروى مرفوعًا إلا بهذا الإسناد، وقد روي بعض كلامه بغير لفظه: سمعت عمرو بن علي يقول: سمعت الحسن بن السكن يحدث عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "الكل شيء صَفْوة، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى". اهـ).
وفي سنده الحسن بن السكن لم يتابع عليه، ولا يعرف إلا به كما قال العقيلي، واثظر الضعفاء له (1/ 244: 291).
ومن طريق الحسن: أخرجه الذهبي في الميزان: انظر: (1/ 493: 1854)، والبيهقي في الشعب (1/ ق 208/ ب/ ش)(21).
وكذا روى متنه أبو نعيم في الحلية (5/ 67): من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وفيه الحسن بن عمارة: قال فيه الحافظ في التقريب (162: 1264): الحسن بن عمارة البجلي: مولاهم، أبو محمد الكوفي، قاضي بغداد، متروك). اهـ. فإسناده ضعيف جدًا.
457 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:(بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَقُولُ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: مِنْ هَمزِهِ، ونَفْثِهِ، ونَفْخِهِ. قِيلَ: مَا هَمْزُه؟ قَالَ: هَمْزُه: المُوْتَة (1) الَّتِي تَأْخُذُ بَنِي آدم، ونَفْثُه: الشِّعر، ونَفْخُه: الكِبْر").
(1) في (عم) و (حس): "الموت الذي يأخذ" بصيغة التذكير.
457 -
تخريجه:
أخرجه أبو داود في المراسيل: باب في الاستفتاح (ق 4/ ب)، قال: حدثنا أبو كامل، أن خالد بن الحارث حدثهم، ثنا عمران بن مسلم: أبو بكر عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كان إذا قام من الليل يريد أن يتهجد: قال قبل أن يكبر: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا: أعرذ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ، وَنَفْخِهِ، قال: ثم يقول: الله أكبر، ورفع عمران يديه يحكي. اهـ.
هكذا دون تفسير الألفاظ.
وأخرجه مرسلًا أيضًا: ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد وقيام الليل (ق 188/ ب) قال: حدثنا علي بن الجعد، ثنا علي بن علي الرفاعي، عن الحسن به مرفوعًا نحوه وفيه أن ذلك في قيام الليل.
وأخرجه في السنن (4/ 513): مع بذل المجهود: باب من رأى الاستفتاح بسبحانك: قال: حدثنا عبد السلام بن مطهر، نا جعفر بن سليمان، عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قَالَ:(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا قام من الليل كبر، ثم يقول:"سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله -ثلاثًا-، ثم يقول: الله أكبر كبيرًا -ثلاثًا-: أعرذ بالله السميع العلم من الشيطان الرجيم من همزه، ونفخه، ونفثه" ثم يقرأ).=
= قال أبو داود: (وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي، عن الحسن مرسلًا: الوهم من جعفر). اهـ.
قال السهارنفوري: (أي وهم جعفر بن سليمان فرفعه موصولًا). اهـ. قلت: هو جعفر بن سليمان الضُّبَعي: أبو سلمان البصري، قال فيه الحافظ في التقريب (140: 942): صدوق زاهد: لكنه كان يتشيع. اهـ.
وقد ضعفه بعضهم بسبب تشيعه، لكن دافع عنه القاضي ابن شاهين، انظر رسالته في "المختلف فيهما": في نهاية تاريخ جرجان (حس 553): ورد تضعيفه بسبب التشيع لأنه لم يكن داعية، وفي حديثه قال (حس 554):(وما رأيت من طعن في حديثه إلا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي). اهـ.
وفي سؤالات محمد بن عثمان لعلي بن المديني: (53: 14)، قال علي:(ثقة عندنا، وقد كان يحيى بن سعيد: لا يروى عنه). اهـ.
وذكره ابن الملقن في البدر المنير انظر (1/ ق 9/ ب): الحديث الثاني والعشرون: من طرق ثم قال: (رواه الأئمة أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وربما يزيد بعضهم على بعض).
وحول طريق أبي سعيد الخدري قال: (قال الترمذي: هذا الحديث: أشهر حديث في هذا الباب، وقد تكلم في إِسناده: كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، -يعني المذكور في إِسناده-، وقال أحمد: هذا الحديث لا يصح، قلت: فلم أخرجته في مسندك، وشرطك فيه الصحة كما رواه عنك الحافظ أبو موسى المديني، وقد سألك حرب الكرماني عن علي بن علي فقلت: لم يكن به بأس، وسيأتي عنه أنه صالح أيضًا
…
إلخ). اهـ.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 192/ ب): مثله، وقال: (هذا حديث مرسل لكن له شواهد فمنها: ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري
…
إلخ).=
= ومن طريق أبي داود:
أخرجه البيهقي في الكبرى (2/ 35): باب التعوذ بعد الافتتاح: قال: وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود به نحوه باختصار يسير.
وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 50): قال: ثنا محمد بن الحسن بن أنس، ثنا جعفر -يعني ابن سليمان- به بزيادة يسيرة في وسطه.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 265): بعد أن ذكره: (رواه أحمد ورجاله ثقات). اهـ.
وذكر نحوه من حديث أبي أمامة الباهلي: إلا أنه قال: (وشَرَكِه) بدلًا من: ونَفَثِه، ثم قال: رواه أحمد، وفيه من لم يسم.
وأخرجه الترمذي في جامعه (1/ 9: 242): باب ما يقول عند افتتاح الصلاة: قال: حدثنا محمد بن موسى البصري، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي به نحوه.
ومن طريقه:
أخرجه ابن الجرزي في التحقيق (1/ 286: 484): قال: أخبرنا عبد الملك، قال: أنبأنا الأزدي، والغورجي، قالا: أنبأنا ابن الجراح، قال: حدثنا المحبوبي، قال: حدثنا الترمذي به نحوه.
قال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 286): (وقد رواه أبو داود من حديث جعفر بن سليمان مرفوعًا: قال ابن دقيق العيد: وقد أعل، وقد روته عائشة مرفوعًا).اهـ.
قلت: هذه الطرق، وإن كان مدارها على جعفر بن سليمان فإنه صدوق يتشيع، وليس ضعيفًا، على أنه لم يتفرد بالرفع: بل روي الحديث مرفوعًا: من غير طريقه، عن غير أبي سعيد الخدري.
فقد أخرجه ابن ماجه (1/ 265: 807): من السنن: باب الاستعاذة في الصلاة: قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ،=
= عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة قال: "الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا" -ثلاثًا- "الحمد لله كثيرًا، الحمد لله كثيرًا" -ثلاثًا- "سبحان الله بكرةٌ وأصيلًا" -ثلاث مرات-. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، من همزه، ونفخه، ونفثه".
قال عمرو: همزه المُوْتَة، ونَفثه الشِّعر، ونَفْخه الكِبْر. اهـ.
وفيه عاصم بنعمير العنزي، قال الحافظ في التقريب (حس 286/ 3074): مقبول. اهـ.
وقال الألباني في الإرواء عند كلامه على الحديث رقم (242)، (حس 55):
قال الحاكم: صحيح الإِسناد، ووافقه الذهبي.
قلت: وفي ذلك نظر فإن عاصمًا هذا العنزي لم يوثقه أحد، اللهم إلا ابن حبان: فإنه أورده في الثقات 2/ 222، وساق له هذا الحديث). اهـ.
ثم ذكر الألباني هذا الحديث وأررد له شاهدًا آخر لكن فيه من لا يُعْرَف، ثم قال:(ولكنه على كل حال هو شاهد جيد للأحاديث الآتية). اهـ.
يقصد حديث ابن مسعود وغيره.
وذكر ولي الدين أبو زرعة في المستفاد (حس 25) أن هذا المبهم هو عاصم العنزي واستدل برواية أبي داود وابن ماجه للحديث بتسمية عاصم العنزي عن ابن جبير، وأن ابن جبير اسمه نافع، فإن صح كلونه عاصمًا صارا طريقًا واحدًا.
ورواه ابن حبان في صحيحه: انظر موارد الظمآن (123/ 443): باب فيما يستفتح الصلاة من التكبير وغيره، والإحسان (3/ 135: 1777): قال ابن حبان: أخبرنا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن عاصم العنبري (*)، عن ابن جبير بن مطعم به مثله.=
(*) كذا في الموارد والإِحسان.
= ورواه ابن حزم في المحلى (3/ 248): باب ما ورد في الاستعاذة في الصلاة: قال: حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عن عاصم العنزي به دون تفسير الألفاظ.
وكذا رواه البيهقي في السنن (2/ 35): من حديث جبير بن مطعم بلفظ مقارب جدًا لرواية الحسن: التي أخرجها مسدد- ويعتبر أقرب الألفاظ السابقة كلها.
ولم أذكره في أول التخريج مع أنه الأقرب لفظًا وذلك لأني بدأت برواية أبي سعيد فهي مرتبطة كما هو واضح برواية الحسن من حيث السند فأوردها أبو داود وأورد بعدها مرسل الحسن وأجاب عنه، وهذه الرواية قريبة من مرسل الحسن من حيث المتن.
ومن حديث جبير بن مطعم أخرجه أبو داود الطيالسي في مسند جبير (حس 128) قال: حدثنا شعبة به بنحوه بدون تفسير الألفاظ.
وابن أبي الدنيا في (التهجد وقيام الليل)(ق 188/ ب) قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة به نحوه.
والإمام أحمد في المسند (4/ 83)، فقد أورده بسنده إلى عمرو بن مرة عن عَبَّاد بن عاصم عن نافع بن جبير به بنحوه، وفيه تفسير حصين للألفاظ فالحديث هنا: هو إبدال عبَّاد بن عاصم بدل من عاصم العنزي، وعباد لم أجد له ترجمة.
وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 238): باب ما يجزئ من افتتاح الصلاة:
قال: حدثنا ابن إدريس عن حصين عن عمرو بن مرة به نحوه بدون تفسير الألفاظ.
ومن حديث ابن مسعود أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 266: 808): قال: حَدَّثَنَا عَلَى بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم قال:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وهمزه، ونفخه، ونفثه".=
= قال: همزه: الموتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبر".
وإسناده ضعيف لأن عطاء بن السائب رحمه الله: اختلط بآخره، وقد سمع منه ابن فضيل بعد اختلاطه، نص عليه أبو حاتم فقال: (كان محله الصدق قديمًا قبل أن يختلط: صالح مستقيم الحديث، ثم بآخره تغير حفظه
…
إلى أن قال: وما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب؛ رَفَعَ أشياء كان يرويها عن التابعين، فرفعها إلى الصحابة). اهـ.
وقال ابن معين: (جميع من روى عن عطاء: روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان). اهـ. انظر تهذيب الكمال (2/ 935).
وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده (1/ 404)، وبتحقيق الشيخ أحمد شاكر (5/ 317: 3828)، و (حس 318: 3830): قال:
3828/ حدثنا أبو الجواب، حدثنا عمار بن زريق، عن عطاء بن السائب، به. وقال:"الكبرياء" بدلًا من الكبر. قال الشيخ أحمد شاكر: إِسناده حسن. اهـ.
وبرقم 3830/ حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة: (قال عبد الله بن أحمد):
وسمعته أنا من عبد الله، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ به نحوه، وقال: الكبر.
وهذا قال فيه المحقق إِسناده حسن. اهـ.
وفي كلا الطريقين عطاء بن السائب لكن الراوي عن عطاء في الطريق الأول: عمار، فيُحَسَّن أحدهما بالآخر.
والحاكم في المستدرك (1/ 207): قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى، ثنا محمد بن أيوب، أنبأ أبو بكر بن أبي شيبة به نحوه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، وقد استشهد البخاري بعطاء بن السائب. اهـ.
ووافقه الذهبي في التلخيص، وتقدم بيان ضعف إِسناده إذا انفرد.=
= والبيهقي في الكبرى (2/ 36): قال: حدثنا أبو بكر بن فورك، أنبأ عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السائب، به نحوه: دون تفسير الألفاظ.
ويرى الهيثمي أن حماد بن سلمة قد سمع من عطاء قبل الاختلاط وعزا هذا القول لأبي داود فيما رواه عنه الآجري: انظر هامش كشف الأستار ونسبه ابن الكيال إلى الجمهور، وقال بأن يحيى بن معين وأبا داود والطحاوي وحمزة الكناني قالوا ذلك، وأن ابن عدي في الكامل ذكره عن ابن معين، وعباس الدوري وأبي بكر بن أبي خيثمة. انظر الكواكب النيرات (حس 63: 39): بتحقيق حمدي السلفي.
ورواه الإِمام أحمد في المسند 6/ 156 مرسلًا من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن فقال: حدثنا قراد أبو نوح، أنا عكرمة بن عمار عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيء كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام كبر
…
فذكره بطوله) زاد أبو سلمة في آخره: (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: تعوذوا بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه، ونفثه، قالوا: يا رسول الله: وما همزه ونفخه ونفثه؟
…
الحديث).
فيفترق هذا المرسل عن مرسل الحسن بأنه أتى بصيغة الأمر، وأتى في سياق افتتاح صلاة الليل.
وقد صحح الألباني هذا الإسناد إلى أبي سلمة وقال: وفيه رد على من أنكر من المعاصرين ورود هذا التفسير مرفوعًا. اهـ. الإرواء (2/ 57).
ويبدو أن المقصود هو الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فقد قال ذلك، وخَطأ الزمخشري لما ذكر رفعها في الفائق، وذلك في تعليقه على الترمذي (2/ 10).=
= الحكم عليه:
والحديث إلى الحسن البصري صحيح،. لكنه مرسل.
فإذا ما ضم إلى مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن -وقد سبق تصحيح الشيخ الألباني له-، وكذا الأحاديث المرفوعة السابقة- على ما أوضحته من اختلاف ألفاظها، لكنها كلها تشهد لمعنى الحديث بل وللفظه أيضًا، وهذا الحديث من الشواهد على قول أبي زرعة حول إرسال الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وبناء على ما تقدم، فإن هذا الحديث: صحيح بشواهده، ومتابعه.
قال الشيخ الألباني في الإِرواء (2/ 57): بعد أن خرج الحديث: (وبالجملة فهذه أحاديث خمسة مسندة، معها حديث الحسن البصري وحديث أبي سلمة المُرْسَلَيْن إذا ضم بعضها إلى بعض: قطع الواقف عليها بصحة هذه الزيادة، وثبوت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى المصلي الإتيان بها اقتداء به عليه الصلاة والسلام. اهـ.
458 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسرائيل، ثنا محمد ابن جَابِرٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما:"فَلَمْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ إلَّا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ".
وَقَدْ قَالَ (1): "فَلَمْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ بَعْدَ (2) التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى".
أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِلَفْظِ: "فَلَمْ يَرْفَعْ يديه إلَّا عند التكبيرة الأولى".
(1) وقع هنا في مسند أبي يعلى تسمية القائل، فقال:"وقد قال محمد".
(2)
في (سد): "إلَّا بعد"بصيغة الاستثناء.
458 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي يعلى (8/ 453: 5039): مثله إلَّا أنه سمى القائل في اللفظ الثاني فقال: وقد قال محمد: "فلم يرفعوا أيديهم
…
" الحديث.
ومحمد هو ابن جابر، الراوي عن حماد.
وذكره الهيثمي في المقصد العلي (1/ 323: 263): مثله.
ثم قال: (قلت: الذي في السنن من حديثه: "ألا أصلي بكم صلاة رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إلَّا عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى".
والبوصيري في الإِتحاف (ق 190/ ب): مثله.
ثم ساق كلام الهيثمي السابق، وقال بعد ذلك: محمد بن جابر ضعيف. اهـ.
وأخرجه الدارقطني في سننه (1/ 195: 25): وساقه بسنده إلى إسحاق بن أبي إسرائيل به مثله مقتصرًا على اللفظ الأول منه.
وانظر العلل له (4/ 106 - 107).
وأخرج اللفظ الأول منه: ابن الجوزي في التحقيق (1/ 275: 467): ساقه بسنده إلى إسحاق بن أبي إسرائيل به مثله.=
= وابن عدي في الكامل (6/ 2162) بسنده إلى إسحاق به مثله إلَّا أنه قال استفتاح بدلًا من افتتاح.
وابن حبان في المجروحين (2/ 270)، بسنده إلى إسحاق به نحوه. وقال: فيه محمد بن يسار، وهو خطأ -فيما يظهر- إذ هو: محمد بن جابر بن سيار. ولم أقف على من اسمه محمد بن يسار في تلامذة حماد، وانظر تهذيب الكمال (1/ 327).
وذكره الذهبي في الميزان (3/ 496): عن إسحاق به نحوه دون صيغة النفي. ورواه غيرهم.
وهو في طرقه السابقة ضعيف لحال محمد بن جابر، وحماد بن أبي سليمان، وأعله بعض المحققين بعنعنة إبراهيم، ولا أرى هذا علة فهو في الثانية من المدلسين وتدليسه محتمل، ويستقيم الإعلال لو أنه أرسله.
وبعد أن ساق الدارقطني رحمه الله هذا الحديث: ذكر أن الوقف على ابن مسعود هو الراجح، وهو رأي الحاكم وغيره.
والرواية الموقوفة:
أخرجها الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 277): قال: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال ثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن إبراهيم، قال:"كان عبد الله لا يرفع يديه في شيء من الصلاة إلَّا في الافتتاح".
والبيهقي في الخلافيات (ق 76/ ب): من طريق حماد بن سلمة، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أن ابن مسعود:"كان إذا دخل في الصلاة: كبر ورفع يديه أول مرة، ثم لا يرفع بعد ذلك" وهو منقطع -كما ترى- بين إبراهيم وابن مسعود.
قال البيهقي بعد أن ساقها: (قال أبو عبد الله الحاكم: هذا هو المحفوظ (أي: الوقف) وإبراهيم النخعي لم ير ابن مسعود، والحديث منقطع
…
إلخ). اهـ.
وقد صحح ابن التركماني في هامشه على البيهقي (2/ 89): إِسناد هذه الرواية مع انقطاعه بين إبراهيم وعبد الله.=
= وللحديث متابعات أخرج طائفة منها أصحاب السنن -كما أشار المصنف- وكذا غيرهم، وسأذكر بعضها:
فمنها ما أخرجه الترمذي (2/ 40: 257):
قال: حدثنا هناد، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة به بنحوه، وفيه أنه قال:(فلم يرفع يديه إلَّا في أول مرة).
فعاصم بن كليب، قال فيه الحافظ: صدوق. انظر: التقريب (286: 3075).
وعبد الرحمن هو ابن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، قال فيه الحافظ: ثقة.
انظر: التقريب (336: 3803)، فقد توبع حماد عليه عن غير إبراهيم.
وكذا أخرجه النسائي (2/ 195) قال: أخبرنا محمود بن غيلان المروزي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان به بمثل رواية الترمذي.
وأخرجه غير واحد من أصحاب السنن، والمسانيد، والأجزاء، وغيرها.
الحكم عليه:
الحديث من طريق أبي يعلى إِسناده ضعيف، وقد سبق بيان سبب ذلك.
ومتابعه الذي أخرجه الترمذي، والنسائي من طريق "وكيع عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة به".
هذا المتابع اختلفت فيه أقوال العلماء، وقد عرضها الزيلعي في نصب الراية.
انظر (11/ 395، 396)،وأشار ابن أبي حاتم في العلل إلى رأي أبيه (1/ 96).
وملخص كلام الزيلعي رحمه الله:
1 -
أن ابن المبارك قال: حديث وكيع لا يصح. ويرى الزيلعي أن الحديث صحيح إلَّا زيادة (ثم لا يعود) فيبقى لفظ: "فلم يرفع يديه إلَّا في أول مرة" دالًا على عدم الرفع، حتى مع عدم ثبوت هذه الزيادة (ثم لا يعود). وساق طائفة ممن ضعفها، ونسب ابن القطان وغيره الوهم فيها لوكيع لأنه زادها مرة وتركها مرة، ونسبها إلى ابن=
= مسعود مرة أخرى، لكنه توبع عليها.
2 -
هناك من يرى أن الوهم من سفيان الثوري لا من وكيع، ومن هؤلاء: البخاري، وأبوحاتم -فيما أورده عنه ابنه في العلل رقم 258 قال-:
(سألت أبي عن حديث رواه الثوري عن عاصم، عن عبد الرحمن بن الأسود،
عن علقمة، عن عبد الله أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "قَامَ: فكبر فرفع يديه ثم لم يعد".
قال أبي: هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري، فقد رواه جماعة عن عاصم:
وقالوا كلهم: أن النبي-صلى الله عليه وسلم: افتتح فرفع يديه، ثم ركع، فطَبَّق، وجعلها بين ركبتيه،
ولم يقل أحد ما رواه الثوري). اهـ.
وبعدما عرض الزيلعي رحمه الله الخلاف بين الفريقين قال: (وهذا اختلاف يؤدي إلى طرح القولين، والرجوع إلى صحة الحديث لوروده عن الثقات). اهـ. نصب الراية (1/ 296).
قلت: ويضاف إلى ذلك أن النزاع هو حول زيادة (ثم لا يعود) والحديث قال على نفي الرفع من قوله: "فلم يرفع يديه إلَّا في أول مرة" أي حتى على فرض عدم ثبوت الزيادة فإن الرفع منتف.
إذا هذا المتابع لا ينزل عن رتبة القبول. على أن الأحاديث الواردة في نفي الرفع متعددة، وإن كانت لا تخلو من وجود الضعيف وقد أجملها ابن عبد الهادي في "التنقيح" في ستة، وعرضها ونقد أسانيدها.
فبعضها ثابت وينتهي إلى علقمة عن ابن مسعود، وبعضها عن غيره وفيه مقال، وبعضها عن غيره وفي سنده كذاب، وذكرها هنا إطالة لا طائل تحتها لا سيما وقد ثبت المتابع.
وانظر: التنقيح بهامش التحقيق لابن الجوزي (1/ 275 - 282).
459 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: شَهِدْتُ سَلَمَةَ بْنَ صَالِحٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَرْفع يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَع رأسَهُ من الركوع".
459 -
تخريجه:
ذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 191/ أ): من المسندة، باب تكبيرة الإِحرام، وصفة رفع اليدين، ومتى يكبر، ثم قال في المجردة -بعد أن ذكره-: رواه أحمد بن منيع عن سلمة بن صالح وهو ضعيف. اهـ.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 1177): قال: حدثنا الحسن بن سفيان، ثنا الحارث بن عبد الله الخازن، ثنا سلمة بن صالح به بنحوه.
والخطيب البغدادي في تاريخه (9/ 133): من طريق: حسين بن علي البسطامي عن أبيه قال: حدثنا سلمة بن صالح الأحمر به بنحوه مختصرًا جدًا.
وفي كل الطرق السابقة مداره على سلمة بن صالح، وهو متروك كما عرفت من حاله.
وأخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 281: 868) قال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبوحذيفة، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أن جابر بن عبد الله: فذكره بنحوه.
قال البوصيري في الزوائد (1/ 108): هذا إِسناد رجاله ثقات، وله شاهد من حديث ابن عمر رواه النسائي. اهـ.
قلت: وإبراهيم بن طهمان: هو الخراساني أبو سعيد قال الحافظ في التقريب (حس 90: 189) ثقة يُغرب. اهـ.
وأبو الزبير هو: محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي: أبو الزبير المكي، قال فيه الحافظ: صدوق إلَّا أنه يدلس. انظر: التقريب (حس 506: 6291) وقد وضعه الحافظ في المرتبة الثالثة من المدلسين: انظر: تعريف أهل التقديس (حس 108: رقم 101).=
= فلا يقبل من حديثه إلَّا ما صرح فيه بالسماع، ويستثنى من ذلك كما هو معروف ما كان من رواية الليث عنه عن جابر.
انظر الفصل الأخير في تعريف أهل التقديس (حس 151).
ولم يصرح هنا بالسماع، فهذا السند رجاله -كما يظهر- ليس فيهم ضعيف لكنه منقطع.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًا لحال سلمة بن صالح، وقد صح في معناه ما يغني عنه.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: (كَانَ إِذَا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين: رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم).
انظر: فتح الباري (2/ 222)، وأخرجه مسلم أيضًا. انظر:(4/ 93، 94) من صحيح مسلم بشرح النووي.
460 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا ثَوْر بْنُ (يَزِيدَ)(1)، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي زِيَاد: مولى آل دَارِج، قَالَ:"مَا رَأَيْتُ فَنَسِيتُ، فَإِنِّي لَمْ أَنْسَ أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كَانَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ قَامَ هَكَذَا، وَأَخَذَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى لَازِقًا بالكُوع".
(1) وقع في (مح): "زيد" بحذف الياء الأولى، والصواب ما أثبته.
460 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1: 391): قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي زِيَادٍ -مولى آل دراج- (بدلًا من دارج):
"مَا رَأَيْتُ فَنَسِيتُ، فَإِنِّي لَمْ أَنْسَ أَنَّ أبا بكر كان إذا قام في الصلاة قال: هكذا، فوضع اليمنى على اليسرى".
وذكره البوصيري في الإِتحاف: انظر (1: ق 190/ ب: 1597) من المسندة:
باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
الحكم عليه:
الحديث من طريق مسدد ضعيف وذلك لحال أبي زياد خيار بن سلمة، حيث لم يتابع عليه.
لكن له شواهد، منها:
ما أخرجه البخاري -وله حكم الرفع- من حديث سهل بن سعد قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة". انظر: فتح الباري (2/ 224).
ويشهد لكون الكف اليمنى لازقًا بالكوع: ما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 243: 480) قال: نا محمد بن يحيى، نا معاوية بن عمرو، نا زائدة، نا عاصم بن كليب، حدثني أبي، أن وائل بن حجر أخبره، قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي. قال: فنظرت إليه، فقام وكبر، ورفع يديه حتى حاذتا=
= أذنيه، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كله اليسرى، والرسغ، والساعد".
وإسناده صحيح.
وقد صححه الألباني. انظر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم له (حس 68: ط 12).
قال السندي في حاشيته على النسائي (1: 126).
(والمراد أنه وضع: بحيث صار وسط كله اليمنى على الرسغ، ويلزم منه أن يكون بعضها على الكف اليسرى، والبعض على الساعد)
قلت: الكوع في اللغة أصل اليد بما يلي الإبهام، وأما الكرسوع فإنه رأس أصل اليد، بما يلي الخنصر، والرسغ أعم منهما، فهو مفصل ما بين الكف والذراع. انظر لسان العرب: مادة كرسع، رستم.
فإذا أخذ بكفه اليمنى على رستم اليسرى صار آخذًا بالكوع، لأن الأخذ بالكل أخذ بالجزء ولا عكس.
ومن الشواهد أيضًا:
ما أخرجه النسائي في المجتبى (1: 125، 126): قال: أخبرنا سويد بن نصر قال: أنبأنا عبد الله بن موسى بن عمير العنبري، وقيس بن سليم العنبري، قالا: حدثنا علقمة بن وائل، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:"رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله".
وإسناده صحيح.
وقد صححه الألباني أيضًا -في تعليقه على كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم- (حس 68: هامش 6).
وبلفظ الأخذ أخرجه الدارقطني في سننه: من حديث ابن مَسْعُودٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "كان يأخذ شماله بيمينه في الصلاة" (1: 283).
وعليه فالحديث بشواهده يرتقي إلى مرتبة "الحسن لغيره".
461 -
[1]، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرِ بْنِ "خُنَيْس"(1)، أنا الْحَجَّاجُ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ:"رَأَيْتُ رَسُولَ (2) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم افْتَتَحَ الصَّلَاةَ: فَرَفَع يَدَيْهِ: حَتَّى تَجَاوَز (3) بِهِمَا أُذُنَيْهِ"
[2]
، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ بِهَذَا.
(1) وقع في (مح) و (عم): "حنيش" بحاء مهملة وستين معجمة، وفي (سد) و (حس):"حنيس" بالحاء المهملة. والظاهر أنه "خنيس" بالخاء المعجمة والسين المهملة.
(2)
في (عم) و (سد): "النبي" بدلًا من "رسول الله".
(3)
في (عم): "يجاوز" بياء تحتانية بدلًا من التاء.
461 -
تخريجه:
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (4/ 3): قال: ثنا عبد القدوس بن بكر ابن خنيس، قال: أنا حجاج به ونحوه بلفظ مقارب.
وقال: قرئ على سفيان وأنا شاهد: سمعت ابن عجلان، وزياد بن سعد، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، به وفيه:"وعقد ابن الزبير".
قلت: وكل من محمد بن عجلان وزياد بن سعد قد لقي عامر بن عبيد الله، وروى عنه: وانظر: تهذيب الكمال (1/ 440، 2/ 1242).
وزياد هو: ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، أبو عبد الرحمن، ثقة ثبت، قال ابن عيينة: كان أثبت أصحاب الزهري.
روى له الجماعة. اهـ.
انظر: التقريب (219: 2180).
وكلاهما: قد تابعا حجاج بن أرطأة على هذا الحديث عن عامر.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 121): نحوه بلفظ مقارب. ثم قال: لا يعرف لحجاج سماع من عامر. اهـ.=
= والهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 101): وعزاه للطبراني في معجمه الكبير فقط، ثم قال: وفيه الحجاج بن أرطأة، واختلف في الاحتجاج به. اهـ.
والبوصيري في الإِتحاف (1/ ق 191/ أ): مثله.
أورده البوصيري بعد أن ساق الحديث، ثم قال: وحجاج ضعيف. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث من طريق أحمد بن منيع "ضعيف الإسناد"، وذلك لحال الحجاج، وانقطاعه بينه وببن عامر؛ فقد عنعنه، وهو مدلس من الرابعة، وقد تقدم أن ليس له سماع من عامر.
لكنه بمتابعه -الذي أخرجه الإِمام أحمد- حسن لغيره.
وله شاهد بمعناه:
ففد أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 196): قال: حدثنا محمد ابن عمرو بن يونس السوسي الكوفي، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مثله، إلَّا أنه قال:"حتى يحاذي بهما فوق أذنيه".
فقوله (مثله): أي مثل حديث وائل بن حجر، فقد ساقه قبل ذلك، وفيه أن الرفع حيال أذنيه.
وقوله (فوق): يشهد للفظ المجاوزة الوارد في هذا الحديث.
462 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَاب، ثنا مُعَاوية بْنُ صَالِحٍ، ثنا يُونُس بْنُ سَيْف العَنْسِي، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ "غُضَيْف"(1)، أَوْ (2)"غُضَيْفِ"(1) بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ -شَكَّ مُعَاوِيَةُ-، قَالَ:"مَهْمَا نَسِيتُ: لَمْ أَنْس أَنِّي (3) رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى- يعني في الصلاة".
(1) وقع في جميع النسخ "غطيف"، والصواب ما أثبته.
(2)
في (ص): "أن" بدلًا من "أو".
(3)
قوله: "أني" ساقط من (حس).
462 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 390) قال: حدثنا زيد بن حباب قال: حدثنا معاوية بن صالح، قال: حدثني يُونُسُ بْنُ سَيْفٍ الْعَنْسِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ غطيف، أو غطيف بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ -شَكَّ مُعَاوِيَةُ- قَالَ: (مَهْمَا رأيت نسيت: لم أنس
…
" الحديث.
والإِمام أحمد في مسنده (5/ 290): قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا معاوية، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن غطيف، أو غطيف بن الحارث، قال: ما نسيت من الأشياء، لَمْ أَنْسَ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينه على شماله في الصلاة".
ففي هذه الرواية: تابع عبد الرحمن بن مهدي زيد بن الحباب عليه من معاوية.
وقد تابعهما عليه أيضًا عبد الله بن وهب إلَّا أنه زاد رجلًا بين يونس وغضيف فقد:
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2401): قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عمرو بن ثور الزوفي بمصر، ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، ثنا معاوية، عن يوسف بن سيف، عن أبي راشد الحبراني، عن الحارث بن غضيب قال: ما نسيت نسيت من الأشياء أَنِّي: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينه على شماله في الصلاة".=
= والتصحيف في سند هذا الحديث ظاهر.
وأبو راشد هو الحُبْراني، الشامي، قيل: اسمه أخضر، وقيل: النعمان، ثقة، انظر: التقريب (639: 8088).
وقد ذكر الحافظ: المزي وابن كثير للحبراني رواية عن غضيف، انظر: تهذيب الكمال (3/ 1603)، والتكميل (4/ ق 161/ ب). ويوسف بن سيف في هذا السند تصحيف والصواب يونس بن سيف، ولم يذكرا ليونس بن سيف رواية عن الحبراني.
انظر: تهذيب الكمال (3/ 1567، 3/ 1603)، والتكميل (4/ ق 133/ أ).
وكذا ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 4)، (113):(449)، قال: وقال عبد الله بن صالح عن معاوية، عن يونس بن يوسف، عن غضيف أو الحارث بن غضيف السكوني به بنحوه.
وعبد الله هو: أبو صالح عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني، المصري كاتب الليث بن سعد، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة.
انظر: تهذيب الكمال (3/ 1345)، التقريب (ص 308):(3388).
فهذا الإِسناد ضعيف لحال عبد الله.
وقد تابع عبد الله عليه معن. قال البخاري: وقال معن عن معاوية به.
قلت: ومعن هو: ابن عيسى بن يحيى الأشجعي، أبو يحيى المدني، القزاز، ثقة، ثبت. اهـ.
وانظر: تهذيب الكمال (3/ 1345)، والتقريب (542):(6820)، والإِصابة (5/ 189)، وبه يكون إِسناده صحيحًا. وفي السند بعض التصحيفات التي تقدم ضبطها.
ومن هذا الطريق الأخير عند البخاري:
ذكره الحافظ ابن حجر في الإِصابة: (5/ 189)، مع تصحيح التصحيفات الموجودة في السند في التاريخ الكبير.=
= وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 190/ أ): من المسندة (1598)، باب وضع اليمنى على اليسرى، مثله: إلَّا أنه قال: (معناه) بدلًا من: (يعني في الصلاة).
ثم قال في المجردة: في باب تكبيرة الإِحرام وصفة رفع اليدين:
رواه ابن أبي شيبة، ورواته ثقات، وله شواهد في السنن من حديث ابن مسعود، وقبيصة، ووائل بن حجر. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإِسناد "حسن لذاته"، وذلك لحال زيد بن الحباب.
وله شاهد قوي عند الإِمام مسلم فقد أخرج في صحيحه من حديث وائل بن حجر مرفوعًا وفيه:
"
…
ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى
…
" الحديث.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (4/ 114).
وعليه فالحديث بشاهده: "صحيح لغيره".
463 -
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَر، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِير، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال:"أتى رجل والشعبي صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ: فَقَالَ -حِينَ وَصَلَ إِلَى الصَّفِّ-: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرةً واصِيلًا، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صلاته قال: "من صاحب الْكَلِمَاتِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا أَرَدْتُ بِهِنَّ إلَّا الْخَيْرَ، فَقَالَ (1):"لَقَدْ رَأَيْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ لَهُنَّ". قَالَ ابْنُ عمر رضي الله عنه: "فما تركتهن بعد ما سمعتهن".
(1) في (حس): "وقال" بالواو بدلًا من الفاء.
463 -
تخريجه:
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 76: 2559) عن معمر به مثله، إلَّا أنه قال:"والله ما أردت". وقال: "فتحت" بدلًا "من تفتح".
والإمام مسلم في صحيحه (5/ 97): مع شرح النووي: قال: حدثنا زهير ابن حرب، حدثنا إسماعيل بن عُلَيه، أخبرني الحجاج بن أبي عثمان، أبي الزبير، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عمر به نحوه.
والحديث فيه عنعنة أبي الزبير المكي، عن عون بن عبد الله بن عتبة، وهو في الثالثة من المدلسين لا يقبل حديثه ما لم يصرح، انظر: تعريف أهل التقديس (45/ 101).
وله رواية عن عون، انظر: تهذيب التهذيب (9/ 440).
وقال الحافظ في التقريب: صدوق إلَّا أنه يدلس. اهـ. انظر: (506: 6291).
وقال في الهدي (حس 442): (وثقه الجمهور، وضعفه بعضهم لكثرة التدليس، وغيره
…
إلى أن قال واحتج به مسلم، والباقون). اهـ.=
= قلت: ووجه احتجاج الإِمام مسلم به هنا هو: أن أبا الزبير قد توبع عليه، فقد تابعه عمرو بن مرة الجَمَلي المرادي عليه عن عون، وعمرو قال فيه الحافظ: ثقة عابد: كان لا يدلس، ورمي بالإِرجاء. اهـ. التقريب (426: 5112).
فزال ما يخشى من تدليس أبي الزبير بمتابعة عمرو والذي نص الحافظ على أنه لم يكن يدلس.
ويبدو أن الإِمام مسلمًا قد اطلع على أن أبا الزبير قد سمعه من عون لكنه آثر إيراد هذا الطريق لميزة فيه عنده، أو نحوها.
وهذه المتابعة: أخرجها أبو عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم -المسمى بالمسند-. انظر: (2/ 100)، باب ما يقال في السكتة لتكبيرة الإِفتتاح.
وقد وافق مسلمًا على تصحيحه بصورته هذه عدد من الأئمة منهم الترمذي، فقد أخرجه في جامعه (4/ 575: 3592) قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا الحجاج بن أبي عثمان به مثله، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. اهـ.
وكذا صححه: الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" فقد: أخرجه الإِمام أحمد في موضعين من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنه، انظر:(2/ 14، 97)، والمحققة (6/ 286: 4627): قال: حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم به مثله.
قال الشيخ أحمد شاكر: إِسناده صحيح. اهـ.
وأخرجه البيهقي في سننه (2/ 16): قال: ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو ثور، ثنا إسماعيل بن إبراهيم به مثله.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 190/ ب): من طريق أبي داود الطيالسي نحوه، وقال: ورواه مسدد، ثنا أبو الأحوص فذكره، ثم قال في الحاشية: إِسناد رجاله ثقات. اهـ.=
= الحكم عليه:
الحديث من طريق ابن أبي عمر: ضعيف الإِسناد، وذلك لوجود الرجل المبهم. لكنه -كما تقدم- توبع عليه عن ابن عمر، فقد تابعه عون بن عبد الله بن عتبة، وإسناده صحيح.
فيكون بمتابعه حسنًا لغيره.
وقد أخرج الحديث غير من سبقوا، عن غير ابن عمر نحوه، منهم على سبيل الإجمال: أبو داود من حديث أنس. انظر: السنن مع بذل المجهود (4/ 499)، وأحمد في "المسند"من حديث ابن أبي أوفى (4/ 355)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 105)، وبعضه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 233): من حديث ابن مسعود، وغيرهم.
464 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا شَاذَانُ: الأسْوَد بْنُ عَامِرٍ، ثنا شَرِيك، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:(قَامَ رَجُلٌ خَلْفَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم-وَهُوَ فِي الصلاة-، فقال: الحمد الله (1) كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: من القائل؟ (2): فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونها، أيهم يكتبها؟ ").
(1) في (عم) و (حس) و (سد) زيادة: "حمدًا".
(2)
في (عم) و (حس): "قال: فقال" بزيادة "قال" الأولي.
464 -
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 1328) قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي، ثنا محمد بن إبراهيم بن مسلم، ثنا ابن الأصفهاني، ثنا يزيد بن هارون، عن شريك به بنحوه.
إلَّا أن فيه أن الرجل عطس في الصلاة فقال ذلك.
والبغوي في شرح السنة (3/ 241: 727): قال: أخبرنا عمر بن عبد العزيز، أنا القاسم بن جعفر، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود، نا العباس بن عبد العظيم، نا يزيد بن هارون به بنحوه.
وقد ذكر فيه أن الرجل قد عطس فقال تلك الكلمات، وقال البغوي: فذهب بعض أهل العلم إلى أنه كان في التطوع، أما في المكتوبة فيحمد في نفسه. اهـ.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 191/ ب): من المسندة، من طريق عن أنس، وقال: حديث صحيح، رجاله ثقات.
الحكم عليه:
الحديث هو بهذا الإِسناد ضعيف لحال عاصم بن عبيد الله، ولعدم يتميز نوع رواية شريك هنا.=
= لكن قد صح متنه، من غير هذا الطريق، فقد أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه (5/ 97) مع شرح النووي: قال مسلم رحمه الله: وحدثني زهير بن حرب، حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا قتادة، وثابت، وحميد عن أنس أن رجلًا جاء فدخل الصف، وقد حَفَزَهُ النَّفَس، فَقَالَ:"الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: أيكم المتكلم بالكلمات؟ فأرمَّ القوم، فقال أيكم المتكلم بها، فإنه لم يقل بأسًا. فقال الرجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها. فقال: لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يرفعها".
وأرَمَّ قيل: سكت عامة، وقيل سكت من فَرَقٍ.
انظر: لسان العرب، مادة:(رم م).
وعليه فالحديث بشاهده يرتقي إلى الحسن لغيره.
ومن طريق أنس أخرجه أيضًا: عبد الرزاق في المصنف (2/ 77: 2561)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 237: 467)، والنسائي في المجتبي (2/ 132 - 133)، وأبو داود في السنن (4/ 497 - 498): مع بذل المجهود، وأبو عوانة في مستخرجه (2/ 99)، وأحمد في المسند (3/ 106، 167، 188، 252)، وأبو يعلى في المسند (5/ 294: 2915)، (حس 414: 3100)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (268/ 2001)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 107)، من حديث أبي ثعلبة الخشني، وعزاه للطبراني في معجمه "الأوسط" وقال: فيه محمد بن سنان الرهاوي.
ضعفه ابن معين، والبخاري، والنسائي. ووثقه ابن حبان. اهـ.
وانظر: الفتح (2/ 284: 799)، الفتوحات الربانية (2/ 261)، ونتائج الأفكار (ق 114/أ).
4 -
بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّبَبُ (1) فِي تَخْفِيفِهَا
465 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَير (2)، ثنا عَبَّاد بْنُ كَثِير، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَقَدَ رَجُلًا". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ:"فَقَالَ الرَجُلٌ: مَرَرْتُ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَنْتَ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ، فَصَلَّيْتُ مَعَكَ، وأنت تقرأ هذه السورة: القارعة".
(1) في (ك) والمجردة: "والسنة".
(2)
في (عم): "كثير" بدلًامن "بكير".
465 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي يعلى (6/ 150: 3429): قال: حدثنا أبو الجهم: الأزرق بن علي به ضمن حديث طويل.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3)، باب ما جاء في عيادة المريض، وفضلها، وما يفعله العائد: في كتاب الطب: ذكره بطوله، وعزاه لأبي يعلى ثم قال: (بسند ضعيف؛ لضعف عباد بن كثير. ومن طريق عباد: رواه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات، وقال: هذا حديث موضوع على رسول الله ي صلى الله عليه وسلم والمتهم به عباد بن كثير. اهـ. كلام ابن الجوزي: ثم قال البوصيري: لم ينفرد بيع عباد: بل له أصل صحيح كما سيأتي في بقية أحاديث الباب. اهـ.
ثم ذكر بعضه دون حديث الباب ثم قال: (رواه أبو يعلى، وعنه ابن حبان في صحيحه فذكره، وزاد
…
إلخ).=
= والهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 395): ك الجنائز: ساقه بطوله ثم قال: (رواه أبو يعلى، وفيه عباد بن كثير، وكان رجلًا صالحًا، ولكنه ضعيف الحديث: متروك لغفلته). اهـ.
وهو في المطبوع من المطالب في (1/ 121: 442): باب القراءة في الصلاة والسنة في تخفيفها: مثله وعزاه لأبي يعلى.
وذكره أيضًا: في (2/ 345: 2436): في كتاب الطب: باب فضل العيادة: بطوله وعزاه لأبي يعلى.
وفي (3/ 262: 3440): ك الأذكار والدعوات: بَابُ الزَّجْرِ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْبَلَاءِ لِمَنْ لَا يطيقه. بعضه، وعزاه لأبي يعلى ثم قال:
قُلْتُ: أَوَّلُ الحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ مَسَاقُهُ، وَمِنْ سُؤَالِ عُمَرَ إِلَى آخِرِهِ تَفَرَّدَ بِهِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، وهو واهي، وآثار الوضع لائحة عليه. اهـ.
وذكره السيوطي في الجامع الصغير، انظر:(5/ 152: 6760)(مع فيض القدير وعزاه لأبي يعلى فقط، ورمز له له بالضعف، وقد علق عليه المناوي، ونقل كلام الهيثمي السابق).
وذكره الألباني في ضعيف الجامع الصغير (4/ 197: 4445)، وقال: موضوع. اهـ.
وأصله الذي عناه البوصيري: انظره في صحيح مسلم مع شرح النووي (17/ 13): باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا: من حديث أنس بعضه، ولا علاقة له بحديث الباب وهو قراءهّ سورة "القارعة" في صلاة المغرب.
وانظر أيضًا: مسند أحمد (3/ 107)، كتاب الزهد لابن المبارك:
(346/ 973)، وحلية الأولياء:(2/ 329). كلهم بنحو ما أخرجه مسلم.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإِسناد شديد الضعف، وذلك لحال عباد بن كثير.
466 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ خُثَيم، حَدَّثَنِي (1) دَاوُدُ بْنُ عَاصِمٍ الثَّقَفِي، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ:"وَقَّتَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إن أَقْرَأَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَأَشْبَاهِهَا (2) مِنَ القرآن".
(1) في مسند أحمد (4/ 218) أبو داود.
(2)
في (ك) سقط قوله: "وأشباهها من القرآن".
466 -
تخريجه:
ذكره البوصيري في الإِتحاف بطوله: باب تخفيف الصلاة (1/ ق 195/ ب): المسندة: (1632).
وساقه بسنده إلى عثمان قال: "آخر كلام كلمني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استعملني على الطائف قال: خفف الصلاة على الناس. حتى وقّت لي أن اقرأ: بسبح اسم ربك الأعلى الذي خلق، وأشباهها من القرآن".
وأخرج مسلم النصف الأول منه في صحيحه (4/ 186): مع شرح النووي قال: حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: حدث عثمان بن أبي العاص قال: "آخر ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أممت قومًا، فأخف بهم الصلاة".
ومن طريق شعبة:
أخرجه البيهقي في الكبرى (3/ 116) قال: أخبرنا أبو بكر بن فورك، أنبأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فارس، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة به بلفظه.
وهو في المطبوع من المطالب: (1/ 121) برقم (446).
إلَّا أنه زاد (الذي خلق) بعد قوله (سبح اسم ربك الأعلى).=
= الحكم عليه:
الحديث من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حسن لذاته، وذلك لحال ابن خثيم، لكنه يرتقي بمتابعه الذي رواه مسلم وغيره إلى الصحيح لغيره.
467 -
حَدَّثَنِي (1) عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ [أَبِي مَالِكٍ] (2) رضي الله عنه قَالَ:"إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ مِنَ الظُّهْرِ والعصر".
(1) في (ك): "حدثنا"، والقائل هو: أبو بكر بن أبي شيبة.
(2)
في النسخ الأربع "ابن مالك"، وهو خطأ، والصواب ما أثبته، وهومن (ك) والمجردة وكتب التراجم والتخاريج، ومن الإِتحاف، ولا رواية لشهرعن أنس في حين روى عن أبي مالك الأشعري.
467 -
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 371): قال: حدثنا عبد السلام عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَهْرٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يقرأ في الظهر والعصر في كلهن، وكذا أخرج نحوه موقوفًا على ابن عمر (1/ 371).
ومن طريق ابن أبي شيبة:
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/ 330: 3437) فيما رواه شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري.
قال: حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ بنحوه، وفيه تأكيد القراءة في الركعات الأربع بقوله "كلهن".
ذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 195/ ب: 1639): مثله.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 116): من حديث أبي مالك وعزاه لمعجم الطبراني ثم قال: وفيه شهر بن حوشب، وفيه كلام، وقد وثقه جماعة. اهـ.
وهو في المطبوع من المطالب (1/ 121: 443): في الباب نفسه، وعزاه لأبي بكر.
الحكم عليه:
الحديث من طريق ابن أبي شيبة ضعيف الإِسناد وذلك لحال ليث بن أبي سليم، وشهر بن حوشب.=
= لكن له شاهد عند الإِمام مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الآخريين قدر خمس عشرة آية، أو قال نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين نصف ذلك).
وله رواية أخرى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه لم يذكر فيها العدد وإنما ذكر سورة السجدة.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (4/ 172)، والفتح الرباني (3/ 224: 573)، وشرح معاني الآثار (1/ 207)، والكبرى للبيهقي (2/ 64): فقد ذكر حديث مسلم السابق وغيره تحت عنوان: (باب من استحب قراءة السورة بعد الفاتحة في الآخريين).
وعليه فالحديث بشاهده: حسن لغيره، والله أعلم.
468 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاء، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:"مَنْ قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَإِنْ (1) زَادَ مَعَهَا شَيْئًا فهو أحب إلى".
(1) في (عم): "ومن قرأ" بدلًا من "وإن زاد".
468 -
تخريجه:
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه انظر: (2/ 251: 772): مع فتح الباري: قال البخاري رحمه الله: حدثنا مسدد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يقول: أسمْعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير".
وأخرجه مسلم في صحيحه: انظر: (4/ 105) مع شرح النووي، قال مسلم رحمه الله: حدثنا عمرو الناقد، وزهير بن حرب، واللفظ: لعمرو، قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم به بنحو لفظ البخاري.
وأخرجه البيهقي في الكبرى بنحوه (2/ 61): قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن محمد بن يحيى ثنا مسدد ثنا إسماعيل به بنحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 93: 2622) قال: عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أواجبة قراءة أم القرآن قال: أما أنا فلا أدعها في المكتوبة والتطوع،
فاتحة القرآن، قال: وأما أنا فسمعت أبا هريرة يقول: إذا قرأ أحدكم بأم القرآن فإن انتهى إليها كفته، وإن زاد عليها فخير".
وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة بنحوه (1/ 361): قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج، عن عطاء، عن أبي هريرة قال:"تجزئ فاتحة الكتاب"، قال: فلقيته بعد، فقلت: في الفريضة؟ فقال: "نعم".=
= وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 193/ ب): باب الاقتصار على فاتحة الكتاب في الصلاة، مثله.
وهو في المطبوع من المطالب (1/ 121: 443): في الباب نفسه، وعزاه لمسدد.
الحكم عليه:
الحديث من طريق مسدد صحيح لذاته، وقد صح مرفوعًا كما سبق.
وله شاهد عند ابن أبي شيبة في المصنف من حديث جابر (1/ 371).
469 -
وَحَدَّثَنَا (1) عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا حَنْظَلَة السَّدُوسِي، "قَالَ": قُلْتُ لِعِكْرِمَةَ: "إِنِّي رُبَّمَا قَرَأْتُ فِي الْمَغْرِبِ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَإِنَّ نَاسًا يُعْتِبُونَ (2) عَلَيَّ!؟، قَالَ: سُبْحَانَ الله!: اقرأ (3) بهما (4)، فإنهما (5) من القرآن".
(1) القائل: هو مسدد.
(2)
في المجردة: "يعيبون" بالياء التحتية.
(3)
في (ك): "أقرأتهما".
(4)
في المجردة: "بها".
(5)
" فإنها" بالإفراد.
469 -
تخريجه:
الحديث أخرجه الإِمام أحمد، انظر: المسند (1/ 282)، والفتح الرباني (3/ 227: 579)، قال: ثنا عَفَّانُ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا حَنْظَلَةُ السَّدُوسِيُّ قَالَ: قُلْتُ لعكرمة: إني أقرأ في صلاة المغرب بقل أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وإن ناسا يعيبون ذلك علي. فقال: وما بأس بذلك، اقرأهما فإنهما من القرآن. ثم قال: حدثني ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جاء فصلى ركعتين: لم يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب".
وأخرج الجزء الأخير منه البيهقي في الكبرى (2/ 61) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقري ببغداد، أنبأ أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، أنبأ جعفر بن محمد الصائغ قراءة عليه، ثنا عفان، ثنا عبد الوارث به بمثله.
وابن عدي في الكامل (2/ 829) قال: ثنا محمد بن منير، ثنا أحمد بن أبي العوام، ثنا محمد بن عبد العزيز الرملي، ثنا عبد الملك بن الخطاب بن عبيد الله بن أبي بكرة، ثنا حنظلة السدوسي به بنحوه.
والبزار في مسنده: انظر كشف الأستار (1/ 239: 490): حدثنا محمد بن=
= المثنى، ثنا أبو بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان، ثنا حنظلة عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به بنحوه.
وأبو يعلى في مسنده" انظر: المقصد العلي (1/ 328: 271): حدثنا زهير ثنا القاسم بن مالك المزني، عن حنظلة عن شهر به بنحوه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 115)، بلفظ الإِمام أحمد فقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في الكبير، والبزار، وفيه حنظلة السدوسي. ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه ابن حبان. اهـ.
وذكره البوصيري في الإِتحاف -بتمامه- أي بنحو رواية الإِمام أحمد.
ثم ساقه من طريق الحارث بن أبي أسامة: ثنا العباس بن الفضل ثنا عبد الوارث فذكره.
ومن طريق أبي يعلى السابق ساقه أيضًا.
وهو في المطبوع من المطالب (1/ 121: 444): في الباب نفسه، نحوه بلفظ مقارب.
الحكم عليه:
الحديث من طريق مسدد ضعيف الإِسناد، وذلك لحال حنظلة السدوسي. ويشهد للموقوف منه ما رواه ابن خزيمة في صحيحه بإِسناد صحيح قال: ثنا بندار، حدثنا أبو بكر-يعني الحنفي- أنا الضحاك -وهو ابن عثمان- حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج، حدثنا سليمان بن يسار، أنه سمع أبا هريرة يقول: "ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان: -لأمير كان بالمدينة- قال سليمان: فصليت أنا وراءه، فكان يطيل في الأوليين، ويخفف الأخريين، ويخفف العصر، وكان يقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصل
…
" الحديث.
انظر صحيح ابن خزيمة (1/ 261: 520)، فتح الباري (2/ 248). والمفصل=
= يبتدىء من سورة (ق) إلى آخر القرآن الكريم -على الصحيح- وقصاره تبدًا من الضحى إلى آخره، وعليه فإن المعوذتين تدخلان في القصار.
فيرتقي الحديث بشاهده إلى الحسن لغيره.
ويشهد للمرفوع فيه -والذي أخرجه الإِمام أحمد وذكره البوصيري وغيره- الحديث الذي تقدم برقم (468).
470 -
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شُعْبة، عَنْ حَيَّان البَارِقِي (1)، قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي أُصَلِّي خَلْفَ فُلَانٍ، وَإِنَّهُ يُطِيلُ الصَّلَاةَ (2)، فَقَالَ:"إِنَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "كَانَتَا" (3) أَخَفَّ مِنْ رَكْعَةٍ مِنْ صَلَاةِ فُلَانٍ، أَوْ "كَانَتَا" (3) مِثْلَ صَلَاةِ فُلَانٍ، أَوْ مثل ركعة من صلاة فلان"
(1) في (ك) كأنها: "العارقي".
(2)
في (عم) و (سد) و (حس): "القراءة" بدلًا من "الصلاة".
(3)
في الأصل: "كان" بالإفراد وكذلك (ك)، وما أثبته من مسند الطيالسي، وهو المناسب للسياق، ووقع في المطبوع وكذلك (ك) مكان الثانية "قال".
470 -
تخريجه:
الحديث في مسند أبي داود الطيالسي (259: 191): قال: حدثنا شعبة، عن حيان البارقي: به مثله.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 195/ ب) من المسندة: مثله ثم قال: (هذا إِسناد صحيح
…
). اهـ.
وهو في المطبوع من المطالب (1/ 122: 445)، في الباب نفسه.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد مختصرًا وقال: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون. انظر:(2/ 74).
الحكم عليه:
الحديث إِسناده صحيح لذاته.
471 -
[1] وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ- فِيمَا يَعْلَم عن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى بِهِمُ الْفَجْرَ، فَقَرَأَ (1) بِهِمْ بأقْصر سُورَتَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ أوْجَز، قَالَ: فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ: قَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، أَوْ مُعَاذٌ رضي الله عنهما: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً، مَا رَأَيْتُكَ صَلَّيْتَ مِثْلَهَا قَطُّ، قال صلى الله عليه وسلم:"أو ما سَمِعْتَ (2) بُكَاءَ الصَّبِيِّ خَلْفِي فِي صَفِّ النِّسَاءِ؟ أَرَدْتُ أَنْ أُفْرِغَ لَهُ أُمَّهُ".
[2]
، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ: "صَلَّى بِنَا، فذكره".
(1) في (ك): "يقرأ" بدلًا من "قرأ".
(2)
في (عم) و (سد) و (ك): "أما" بدون واو.
471 -
تخريجه:
الحديث أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 364: 3721): عن معمر عن أبي هارون العبدي به بنحوه ثم قال: قال ابن جريج: قرأ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} يومئذٍ. اهـ. وفيه الجزم بأقصر بدلًا من أوجز.
وابن أبي شيبة في المصنف مختصرًا (2/ 57): قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سعيد فيما نعلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إني لأكون في الصلاة، فاسمع بكاء الصبي فاخفف مخافة أن أشق على أمه، أو قال: أن تفتن أمه".
وهو في المطبوع من المطالب (1/ 122: 447).
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1): باب تخفيف الصلاة والقراءة بأقصر السور: من المجردة: ثم قال: رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حميد بسند ضعيف لضعف=
= أبي هارون العبدي لكن له شاهد في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس، ورواه البخاري وغيره من حديث قتادة. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث في كل الطرق السابقة مداره على أبي هارون العبدي، وقد عرفت حاله، فالحديث بهذا الإِسناد شديد الضعف.
لكن يغني عنه ما أخرجه الشيخان في الصحيحين من طرق عن أنس رضي الله عنه قال: "إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز بما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه" متفق عليه واللفظ للبخاري. انظر: صحيح البخاري مع الفتح (2/ 202: 710)، وصحيح مسلم مع شرح النووي (4/ 187) وأخرجه البخاري عن أبي قتادة (2/ 201: 707). وأخرجه غيرهما.
انظر: شرح السنة (3/ 410: 845، 846)، السنن الكبرى للبيهقي (2/ 393)، جامع الأصول (5/ 591: 3835، 3836)، ومجمع الزوائد (2/ 74).
وأخرجه البزار من طريق أبي هريرة رضي الله عنه، انظر: كشف الأستار (1/ 237: 485).
472 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثنا سُكَيْن:- هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا الْمُثَنَّى الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا (1) عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي (2) وَالِدَ السُّكَيْنِ- قَالَ:"أَتَيْتُ أَنَسًا رضي الله عنه، فَقُلْتُ: أخْبِرْني عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأمَّ (3) أَهْلَ بَيْتِهِ، فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَقَرَأَ (4) هَمْسًا (5)، فَقَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ، والنازعات، وعم يتساءلون، ونحوهما (6) من السور".
(1) في (ك): "حدثني".
(2)
لفظة "يعني" ساقطة من (سد).
(3)
في (ك): "قام".
(4)
في (عم): "قرآء" بدون فاء، وفي (ك):"قراهُ".
(5)
سقطت لفظة "همسًا" من (ك).
(6)
في (عم) و (سد) و (ك): "ونحوها" بالإِفراد.
472 -
تخريجه:
الحديث ذكره البوصيري في الإِتحاف (1): باب فصل صلاة الصبح وما يُقرأ في الصلوات: من المجردة، وفي باب القراءة في الظهر والعصر من المسندة (1/ 190: 1646)
والهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 116)، وعزاه لأبي يعلى والطبراني في الأوسط ثم قال: وفيه سكتتين بن عبد العزيز. ضعفه أبو داود، والنسائي. ووثقه وكيع وابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان. اهـ.
وهو في المطبوع من المطالب (1/ 123): في الباب نفسه.
الحكم عليه:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، وذلك لحال المثنى، وعبد العزيز بن قيس.=
= وقد أخرجه بنحوه عبد الرزاق في المصنف موقوفًا على ابن عمر مقيدًا بالعصر دون الظهر، قال: عن جعفر بن سليمان عن أبان عن مورق قال: ("صلينا مع ابن عمر العصر فقرأ: "بالمرسلات" و"عم يتساءلون "). انظر: (2/ 107: 2689).
قلت: وأبان هو ابن أبي عياش فيروز الصبري: متروك.
وانظر: التقريب (87: 142).
وعليه فهذا الشاهد شديد الضعف، ولم أجد له غيره، فيبقى الحديث على ضعفه.
473 -
وقال ابن أبي عمر: حدثنا المُقْرىء، ثنا حَيْوة، ثنا جَعْفر بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعرج، قال: إنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّث عَنِ (ابْنِ)(1) مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ: حم: الَّتِي يُذكر فِيهَا الدُّخان"(2).
(1) في (مح) و (حس): "أبي" بدلًا من "ابن" والصواب ما أثبته وسيأتي بيان ذلك، والتصويب من (عم) و (سد)، ومن الإِتحاف.
(2)
متن هذا الحديث قد سقط من (ك) ورُكِّب إِسناده على متن الحديث الآتي.
473 -
تخريجه:
الحديث ذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ 197/ أ): المسندة من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ثم قال: رواه النسائي في الصغرى من طريق عبد الله بن عتبة بن مسعود مرسلًا. اهـ.
قلت: أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 169): قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ قال: حدثنا أبى، قال: حدثنا حيوة، وذكر آخر، قالا: حدثنا جعفر بن ربيعة: أن عبد الرحمن بن هرمز حدثه أن معاوية بن عبد الله بن جعفر حدثه أن عبد الله بن عتبة بن مسعود حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "قرأ في صلاة المغرب بحم الدخان".
وعبد الله بن عتبة بن مسعود: هو الهذلي ابن أخي عبد الله بن مسعود. يرى ابن عبد البر أنه: تابعي، وابن البرقي أنه: أدرك ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، وبقولهما يقول البوصيري كما مر آنفًا.
في حين رد الحافظ ابن حجر ذلك وقال: كان صغيرًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد حفظ عنه يسيرًا. اهـ.
كما ذكره العقيلي أيضًا في الصحابة، وعلل ابن حجر لذلك تعليلًا جيدًا. انظر: الإصابة (4/ 100).=
= وقال الشيخ الأرناؤوط في تعليقه على الحديث في جامع الأصول (5/ 346: هامش3): وفي سنده معاوية بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشمي المدني، لم يوثقه غير ابن حبان، والعجلي، وباقي رجاله ثقات. اهـ.
ومعاوية قد وثقه أكثر من واحد، لكن يبقى: احتمال انقطاعه بينه وبين عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 358)، موقوفًا على ابن عباس من فعله قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد بن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس "قرأ الدخان في المغرب".
وسفيان هو الثوري.
الحكم عليه:
الحديث إِسناده ضعيف لاحتمال انقطاعه بين معاوية بن عبد الله وبين عبد الله بن مسعود، وتطرق هذا الاحتمال أيضًا إلى شاهده الذي أخرجه النسائي لكنهما مع موقوف ابن عباس يعتضدان إلى الحسن لغيره.
474 -
[1][وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا وَكِيعُ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، "عَنْ" (1) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ](2) رضي الله عنه قَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "قرأ في الْمَغْرِبِ: التِّينَ (3) وَالزَّيْتُونَ".
[2]
وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حدثنا أبو نعيم، ثنا إسرائيل به.
(1) في (سد): "بن" بدلًا من "عن" ولم تتضح في (مح)، وما أثبته من (عم) و (حس)، وكتب التراجم والمصنف والمنتخب.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ك)، ومتنه فيها جاء لسند الحديث السابق، وأحال عليه عند عبد بن حميد ولا تسقيم إحالته لأنه سند مغاير تمامًا.
(3)
في (عم) و (سد): "والتين" بزيادة واو.
474 -
تخريجه:
الحديث في المنتخب (2/ 490: 492): قال:
حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسماعيل، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن يزيد الأنصاري، قَالَ:"كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب: والتين والزيتون".
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 358): قال:
حدثنا وكيع به مثله.
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 214): قال:
حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا وَكِيعُ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قرأ في المغرب: والتين والزيتون".
وذكره البوصيري في الإِتحاف: باب فضل صلاة الصبح، وما يقرأ في الصلوات:(من المجردة): ثم قال:
رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حميد بسند فيه جابر الجعفي. اهـ.
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 118): ثم قال:=
= رواه الطبراني في الكبير وفيه جابر الجعفي، وثقه شعبة وسفيان وضعفه بقية الأئمة. اهـ.
الحكم عليه:
الحديث إِسناده ضعيف جدًا، وذلك لحال جابر الجعفي.
لكن قد صح مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عند الطيالسي، وأحمد في مسنديهما، وفيه عندهما أن ذلك كان في سفر، وعند أحمد أنه كان في العشاء الآخرة.
وقال أبو داود الطيالسي رحمه الله:
حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت سمع البراء قَالَ: (كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سفر، فقرأ في المغرب، في الركعة الثانية بالتين والزيتون). انظر: مسند الطيالسي (99: 733)، منحة المعبود (94: 409).
وفي مسند الإِمام أحمد (4/ 284):
ثنا بهز، ثنا شعبة به بنحوه إلا أنه قال: في العشاء الآخرة.
وقد أخرجه عبد الرزاق في المصنف موقوفًا على عمر رضي الله عنه، وكانت القراءة فيه في الركعة الأولى وليس في الثانية قال:
عن الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قال: صلى بنا عمر بن الخطاب صلاة المغرب، فقرأ في الركعة الأولى "بالتين والزبتون وطور سنين" وفي الركعة الأخيرة "ألم تر، ولئيلاف" جميعًا.
وأبو إسحاق هو: السبيعي: مدلس من الثالثة فلا يقبل حديثه ما لم يصرح.
وانظر: تعريف التقديس (101: 91). وقد عنعنه هنا فإسناده ضعيف.
أما كونه في صلاة الصبح فلم أقف على ما يشهد له خاصة.