المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌12 - باب الوتر - المطالب العالية محققا - جـ ٤

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌3 - بَابُ مَتَى يُكَبِّرُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى

- ‌5 - بَابُ التَّأْمِينِ

- ‌6 - بَابُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الإِمام وَالْمَأْمُومِ، وَمَنْ أَسْقَطَ الْقِرَاءَةَ عَنِ الْمَسْبُوقِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ خَاصَّةً

- ‌7 - بَابُ الْقُنُوتِ

- ‌9 - باب الخشوع

- ‌10 - بَابُ التَّبَسُّمِ وَالتَّفَكُّرِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌11 - بَابُ النَّهْيِّ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌12 - بَابُ الطَّمَأْنِينَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

- ‌13 - بَابُ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ

- ‌14 - بَابُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالذِّكْرِ فِيهِمَا

- ‌15 - باب التَّكْبِيرِ

- ‌16 - بَابُ الْفِعْلُ الْيَسِيرُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ

- ‌17 - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ

- ‌18 - بَابُ التَّشَهُّدِ

- ‌19 - بَابُ الدُّعَاءِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌20 - بَابُ التَّسْلِيمِ

- ‌21 - بَابُ الْقَوْلِ عَقِبَ الصَّلَاةِ

- ‌22 - بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ

- ‌25 - بَابُ صَلَاةِ الْمَعْذُورِ

- ‌26 - بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ

- ‌27 - بَابُ الْحَثِّ عَلَى سَجْدَتَيْنِ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌28 - بَابُ مَا يَفْعَلُ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ

- ‌29 - بَابُ فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ

- ‌7 - كِتَابُ النَّوَافِلِ

- ‌1 - بَابُ إِكْمَالِ الْفَرْضِ مِنَ التَّطَوُّعِ

- ‌2 - بَابُ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ

- ‌3 - بَابُ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى

- ‌4 - بَابُ التَّهَجُّد

- ‌5 - بَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌6 - بَابُ الْأَمْرِ بالتَّنَفُّلِ فِي الْبُيُوتِ

- ‌7 - بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌8 - بَابُ كَرَاهِيَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ

- ‌9 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّكَلُّفِ وَالْمَشَقَّةِ فِي الْعِبَادَةِ

- ‌10 - بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ

- ‌11 - بَابُ رَوَاتِبِ الصَّلَاةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا

- ‌12 - بَابُ الوِتْر

- ‌13 - بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى

- ‌14 - بَابُ حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌15 - بَابُ السَّهْوِ

- ‌8 - أَبْوَابُ الْجُمُعَةِ

- ‌2 - بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ

- ‌3 - بَابُ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ

- ‌4 - بَابُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ

- ‌5 - بَابُ آدَابِ الْخُطْبَةِ

- ‌6 - باب اتخاذ المنير

- ‌7 - بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّجَمُّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

الفصل: ‌12 - باب الوتر

‌12 - بَابُ الوِتْر

629 -

قَالَ (1) الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التِّيَّاح، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي (2) عَنَزَةَ (3)، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ رضي الله عنه حِينَ ثَوَّب المُثَوَّب فَقَالَ: "إِنَّ نبيَّكم صلى الله عليه وسلم أمَر بالوِتر، ووَقَّت لَهُ هَذِهِ السَّاعَةَ، أَذَّن يا ابن (4) النَّبَّاح"(5).

(1) في (ك): "أبو داود الطيالسي".

(2)

قوله: "بني" سقط من (ك).

(3)

في (ك): "غيره" بالغين المعجمة والياء المثناة التحتية والراء المهملة.

(4)

في (مح) و (حس): "النباح" بالنون والباء الموحدة التحتية، وهو الصواب، وفي مسند الطيالسي و (عم) و (ك):"التياح" بالتاء، والياء المثناة التحتية. وانظر بيانه فيما سيأتي.

(5)

هذه العبارة: "أذن يا ابن النباح" في مسند أبي داود جاءت: "ادن يا ابن التياح أو أقم يا ابن التياح "هكذا بِدَال في "أَذِّن"، وبالشك، وأظنها "أقم"، والله أعلم، لأن التثويب لا يكون إلَّا في الأذان الثاني، فكيف بأمره بأذان ثالث!.

ص: 501

629 -

تخريجه:

الحديث أخرجه الإِمام أحمد في المسند (2/ 158: 860): قال:

حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا شعبة، عن أبي التياح قال:

سمعت رجلًا من عنزة يحدث عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ: خَرَجَ علينا علي فَقَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالوتر، ثبت وتره هذه الساعة، يا ابن التياح أذن أو ثوب".=

ص: 501

= وبعده برقم (861):

حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة به نحوه، وفيه:(أقم يا ابن النواحة).

وفي (2/ 82: 689): قال:

حدثنا أبو نوح -يعني قرادا-، أنبأنا شعبة، عن أبي التياح، سمعت عبد الله بن أبي الهذيل يحدث عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ قَالَ:"خَرَجَ علينا علي بن أبي طالب فسألوه عن الوتر؟ فقال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن نوتر هذه الساعة، ثوب يا ابن التياح، أو أذن أو أقم". فسمى شيخ أبي التياح هنا.

ومداره فيما تقدم على الرجل الأسدي المبهم.

ص: 502

الحكم عليه:

لهذا فإسناده ضعيف لإِبهام التابعي.

وقد روي من أوجه أخرى عن علي رضي الله عنه: منها:

ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 18: 4630): باب أي ساعة يستحب فيها الوتر: قال:

عن الثوري، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي عبد الرحمن السلمي قال:

خرج علي حين ثوب ابن النباح، فقال:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)} ، نعم ساعة الوتر هذه، أين السائلون عن الوتر".

وفيه عاصم بن أبي النجود، وهو صدوق له أوهام. انظر: التقريب (285: 3054).

والبيهقي في الكبرى (2/ 479): باب من أصبح ولم يوتر، فليوتر ما بينه وبين أن يصلي الصبح قال:

وأنبا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد ابن أبي عمرو، قالا، ثنا أبو العباس هو الأصم، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص، عن سفيان به نحو لفظه عند عبد الرزاق.=

ص: 502

= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 286): فيمن كان يؤخر وتره: قال:

حدثنا هشيم عن حصين قال: حدثنا أبو ظبيان قال: كان علي يخرج إلينا ونحن ننتظر تباشير الصبح فيقول الصلاة الصلاة نعم الساعة الوتر هذه، فإِذا طلع الفجر صلى ركعتين، ثم أقيمت الصلاة فصلى".

ومن طريق أبي ظبيان:

أخرجه البيهقي في الكبرى (2/ 479): قال:

أنبأ أبو طاهر الفقيه، أنبأ أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، ثنا محمد بن عبد الوهاب، أنبأ يعلي بن عبيد، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي ظبيان به نحوه بقصة في أوله.

وفي طريقه عند ابن أبي شيبة عنعنة هشيم وهو ابن بشير السلمي أبو معاوية في الثالثة من المدلسين لا يقبل تدليسه ما لم يصرح بالسماع.

لكنه توبع عليه في الطريق الذي رواه البيهقي.

فهو حسن لغيره.

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 18: 4631): قال:

عن الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق، عن عبد خير قال:(خرج علينا علي حين طلع الفجر فقال: "والليل إذا عسعس"، وأشار بيده إلى المشرق ثم قال أين السائلون عن الوتر؟ نعم ساعة الوتر هذه).

وفيه الحسن بن عمارة البجلي مولاهم، أبو محمد الكوفي قاضي بغداد متروك. اهـ. التقر يب (162: 1264).

وعند الإِمام أحمد متابعة لهذا الطريق إلى عبد خير، فقد:

أخرجه الإِمام أحمد في المسند: (2/ 205: 975): قال:

حدثنا غسان بن الربيع، حدثنا أبو إسرئيل عن السدي، عن عبد خير به نحوه، أطول منه.=

ص: 503

= قال الشيخ أحمد شاكر: إِسناده ضعيف. اهـ.

وغسان بن الربيع: هو الأزدي البصري نزيل الموصل قال ابن حبان: كان ثقة فاضلًا ورعًا. اهـ. وأخرج له في صحيحه. اهـ. التعجيل (330: 843).

وأبو إسرائيل:

هو إسماعيل بن خليفة العبسي، أبو إسرائيل الملائي الكوفي، معروف بكنيته، صدوق سيئ الحفظ نسب إلى الغلو في التشيع. اهـ. التقريب (157: 440).

فإسناده كما قال الشيخ، وبمتابعاته يكون حسنًا لغيره.

وأخرجه ابن الجعد في مسنده (1/ 297: 123): قال:

أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي البختري، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: إذا سمعتم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حديثًا فظنوا برسول الله أهناه، وأهداد، وأتقاه، قال: وخرج علينا حين ثَوّب المثوب لصلاة الصبح، فقال: أين السائل عن صلاة الوتر، هذا حين وتر حسن".

وأبو البختري:

هو سعيد بن فيروز ابن أبي عمران الطائي مولاهم ثقة ثبت فيه تشيع قليل، كثير الإرسال. اهـ. التقريب (240: 2380).

قلت: ويرسل كثيرًا عن علي. انظر: تحفة التحصيل (ق 164/ أ)، لكنه هنا لم يرسل.

وأبو عبد الرحمن السلمي:

هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي المقرئ مشهور بكنيته ولأبيه صحبة، ثقة ثبت. اهـ. التقريب (299: 3271).

فإسناد هذا الحديث صحيح.

ومن طريق شعبة:

أخرجه الإِمام أحمد في المسند (2/ 211: 987): قال:=

ص: 504

= حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة به نحوه باختلاف يسير.

قال الشيخ أحمد شاكر: إِسناده صحيح. اهـ.

وهو كما قال:

وأخرجه من طريق أبي عبد الرحمن السلمي البيهقي في الكبرى (2/ 479) مختصرًا.

وانظر: مجمع الزوائد (2/ 246): باب في الوتر أول الليل وآخره، وقبل النوم: ذكره نحوه وعزاه للطبراني في الأوسط ثم قال:

وفيه الحسن بن أبي جعفر الحفري، وهو متروك. اهـ.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 107/ أ): باب وقت الوتر: عن رجل من بني أسد مثله بزيادة، أو أقم يا ابن التياح بالتاء المثناة.

ثم قال: رواه أبو داود الطيالسي، وفي سنده من لم يسم. اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 153): مثله وعزاه لأبي داود.

وهو حسن لغيره بمتابعاته التي تقدمت.=

ص: 505

630 -

وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا (1) عَبْدُ اللَّهِ بن مسلمة (2)، ثنا خالد بن إلياس، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:(دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما بِمَكَّةَ: فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي (3) جَالِسًا

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ (4): إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَا صَلَّى رَجُلٌ العَتَمَة فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ (5): إلَّا كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ (6) كَأَنَّهُ لَقِيَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ" (7)).

(1) في المنتخب: "أخبرنا".

(2)

في (ك): "مسلم" بدون تاء في آخره.

(3)

في المنتخب: "جالسًا يصلي".

(4)

في (عم): "فقال" بزيادة فاء في أوله.

(5)

في المنتخب: "وريم".

(6)

في (عم): "الليل" بدون تاء في آخره.

(7)

في المنتخب: هنا زيادة "في الإِجابة"، وفيه زيادة أخرى تتعلق بالإمامة.

ص: 506

630 -

تخريجه:

الحديث في المنتخب (3/ 1180: 1150): قال:

أخبرنا عبد الله بن مسلمة، به بطوله بالفروق التي تقدمت.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ق 71/ أ)، كتاب افتتاح الصلاة: باب صلاة الجماعة: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما بمكة، فوجدته جالسًا يصلي لأصحابه العصر -وهو جالس- قال: فنظرت حتى سلم، قال: قُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ! أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُصَلِّي بِهِمْ وَأَنْتَ جَالِسٌ! قَالَ: أَنَا مَرِيضٌ فَجَلَسْتُ فَأَمَرْتُهُمْ أن يجلسوا، فصلوا معي، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا صَلَّى رَجُلٌ الْعَتَمَةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ إلَّا كَانَ تلك الليلة كأنه لقي ليلة القدر في الإِجابة، وسمعت

الحديث").

ص: 506

= قال البوصيري: رواه عبد بن حميد بسند ضعيف لضعف خالد بن إياس). اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 153:566): باب الوتر: مثله وعزاه لعبد بن حميد.

وذكر جزءًا منه أيضًا في (1/ 120: 535): باب التجميع في البيوت.

وفي (1/ 114: 414): باب الأمر باتباع الإِمام في أفعاله.

ص: 507

الحكم عليه:

إِسناده شديد الضعف لحال خالد بن إياس.

ومشروعية الوتر ثابتة بأحاديث كثيرة منها على سبيل المثال:

ما أخرجه البخاري وغيره. انظر: صحيحه مع الفتح (2/ 488: 998) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا".

وفعله قبل أن ينام المصلي قد ثبت أيضًا بأحاديث منها:

ما أخرجه الشيخان مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:

انظر: صحيح البخاري مع الفتح (3/ 56: 1178): قَالَ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر". ولفظ مسلم:

"أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد". وعنده عن أبي الدرداء أيضًا. انظر: صحيحه مع الشرح (6/ 234 - 235).

وأما كونه يعدل ليلة القدر فلم أره في غير حديث الباب.

ص: 507

631 -

وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ثنا خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ:(جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي أَصْبَحْتُ، وَلَمْ أُوتِرْ، قَالَ صلى الله عليه وسلم (1): "إِنَّمَا الْوِتْرُ بِاللَّيْلِ، قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: اذْهَبْ فَأَوْتِرْ").

(1) ما بين القوسين ساقط من (حس).

ص: 508

631 -

تخريجه:

هو من طريق ابن أبي عمر مرسل كما ترى، وقد روي موصولًا، فقد:

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير في مسند الأغر المزني رضي الله عنه (1/ 302: 891): قال:

حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني، ثنا أبي، ثثا زهير، ثنا خالد ابن أبي كريمة، حدثنا معاوية بن قرة، عن الأغر المزني، (أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني أصبحت ولم أوتر فقال: "أنما الوتر بالليل قال: يا نبي الله أني اصبحت، ولم أوتر قال: "فأوتر".

والبيهقي في الكبرى (2/ 479): باب من أصبح ولم يوتر

قال: أنبأ أبوعبيد الله أسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، ثنا أبو بكر محمد بن مؤمل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمد البيهقي، ثنا عبد الله بن محمد العقيلي، ثنا زهير ح.

وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف، أنبأ أبو محمد دعلج السجزي، ببغداد، أنبأ أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال: حدثني أحمد ابن وافد الحراني، ثنا زهير، ثنا خالد بن أبي كريمة به نحوه، وقال:(ثلاث مرات أو أربعًا) أي تكرير السؤال والجواب.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 246): باب فيمن فاته الوتر: مثل لفظ الطبراني من حديث الأغر، ثم قال:=

ص: 508

= (رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون، وإن كان في بعضهم كلام لا يضر). اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 154: 567): مثله مرسلًا، وعزاه لابن أبي عمر.

ص: 509

الحكم عليه:

إِسناده يحتاج إلى متابع لأن خالدًا صدوق يخطئ.

ويشهد له ما أخرجه ابن نصر في كتاب الوتر. انظر: مختصر المقريزي (ص258): باب اختيار الوتر في آخر الليل لمن قوي عليه: قال:

حدثنا محمد بن عمار الرازي، ثنا عيسى بن جعفر، ثنا مندل، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري: قلنا: يا رسول صلى الله عليه وسلم: أتوتر قبل الأذان؟ قال:

أوتر قبل الأذان، قلنا: يا رسول الله بعد الأذان؟ قال: أوتر قبل الأذان. قلنا: يا رسول الله أنوتر بعد الأذأن؟ قال: أوتر بعد الأذان".

وفي إِسناده: مندل وهو ابن علي العنزي، أبوعبد الله الكوفي: ضعيف. اهـ.

التقريب (545: 6883). لكنه يتقوى بحديث الباب.

وكل واحد منهما يصبح حسنًا لغيره.

ص: 509

632 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: "إِنَّ الأكْيَاس الَّذِينَ يُوتِرُونَ أَوَّلَ الليل، والأقوياء (1): الذين يوترون آخر الليل".

(1) في (ك): "إلَّا قومًا".

ص: 510

632 -

تخريجه:

ذكره محمد بن نصر المروزي في كتاب الوتر. انظر: مختصر المقريزي (ص 257): باب اختيار الوتر في آخر الليل لمن قوي عليه: قال:

وعن عمر بن الخطاب: "إن الأكياس الذين يوترون أول الليل وإن الأقوياء الذين يوترون آخر الليل، وهو أفضل".

وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 18: 4629): عن قتادة مرسلًا قال:

عن معمر، عن قتادة، قال: سئل عن الوتر فقال: وتر الأكياس أول الليل، ووتر الأقوياء آخر الليل، قلت: فكيف تصنع؟ قال: أما أنا إن استطعت أن أكون من الأكياس كنت".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 109/ ب): باب الوتر في أول الليل وأوسطه وآخره: عن عمر رضي الله عنه مثله. ثم قال: (رواه مسدد موقوفًا، ورجاله ثقات إلَّا أنه منقطع). اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 154: 568): مثله وعزاه لمسدد.

ص: 510

الحكم عليه:

إِسناده منقطع بين إبراهيم وعمر رضي الله عنه وفيه عنعنة هشيم عن مغيرة، ومغيرة عن إبراهيم.

ومرسل قتادة يشهد له.

كما يشهد له ما رواه ابن أبي شيبة وغيره. انظر: المصنف (2/ 282): مرفوعًا: قال:=

ص: 510

= حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بكر: "متى توتر؟ قال: من أول الليل بعد العتمة قبل أن أنام، وقال لعمر: متى توتر؟ قال: من آخر الليل. قال لأبي بكر أخذت بالحزم. وقال لعمر: أخذت بالقوة".

وفيه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أبي طالب الهاشمي صدوق، في حديثه لين، ويقال تغير بآخره. اهـ. التقريب (321: 3592).

لكنه يصلح شاهدًا لحديث الباب، وقد روي من أوجه عدة.

انظر: مصنف عبد الرزاق (3/ 14). ومختصر كتاب الوتر (ص257)، ومجمع الزوائد (2/ 245).

فالأثر حسن لغيره بشواهده.

ص: 511

633 -

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، عَنْ قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:"أُمِرت بالوتر، والأضحى"، ولم يَعْزِم.

*إِسناده ضعيف.

ص: 512

633 -

تخريجه:

توبع عليه أبو يوسف القاضي:

أخرجه الدارقطني في سننه (2/ 21) ك الوتر. قال: حدثنا الحسن بن سعيد بن الحسن بن يوسف المروروذي، قال: وجدت في كتاب جدي، وحدثني به أبي عن جدي، ثنا بقية، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن أنس مثله رفيه (

ولم يعزم علي).

وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (ص193: 202) قال: حدثنا محمد بن عيسى البروجردي، قال: حدثنا عمير بن مرداس، قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا عبد الله بن محرر به ولفظه:

"أمرت بالضحى، والوتر، ولم يفرض علي".

وابن عدي في الكامل (4/ 1452)، قال:

ثنا محمد بن خريم، ثنا هشام بن خالد، ثنا مروان الفزاري، عن عبد الله بن محرر، به، مثل لفظ الدارقطني.

وذكره الذهبي في الميزان (2/ 500): مثلهما

وعبد الحق في الأحكام الكبرى: باب الوتر (ص132): بلفظ الدارقطني وعزاه له ثم قال: وعبد الله بن محرر متروك. اهـ.

وابن الملقن في البدر المنير (1/ ق 115/ أ): وعزاه للدارقطني بلفظه، وقال ورراه ابن شاهين في ناسخه ومنسوخه، وقال:"ولم يفرض علي" لكنه حديث ضعيف أيضًا فيه عبد الله بن محرر فإِنه متروك بإجماعهم. اهـ.=

ص: 512

= وذكره الحافظ في موضعين من التلخيص في (2/ 18): وعزاه للدارقطني وقال: (لكنه من رواية عبد الله بن محرر، وهو ضعيف جدًا). اهـ.

وفي (3/ 118) ثم قال: (وعبد الله بن محرر: متروك). اهـ.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 107/ أ): باب هل الوتر واجب أو مستحب: مثله، ثم قال:

(رواه أحمد بن منيع بسند ضعيف، وأصله في الصحيحين من حديث طلحة بن عبيد الله، وفي مسلم من حديث أبي هريرة). اهـ.

وسيأتي بيان الحاكم لهذا الأصل، وأظنه هو الذي عناه البوصيري.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 154: 569): من حديث أنس، قال:

رفعه. وعزاه لأحمد بن منيع، وقال: بضعف. اهـ.

ص: 513

الحكم عليه:

إِسناده شديد الضعف لحال عبد الله بن محرر؛ متروك الحديث، وفيه عنعنة قتادة عن أنس رضي الله عنه.

وقد عارضه حديث آخر لا يبعد عنه في الضعف:

أخرجه الإِمام أحمد، انظر المسند (1/ 231): قال:

ثنا شجاع بن الوليد، عن أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ثلاث هن علي فرائض وهن لكم تطوع، الوتر، والنحر، وصلاة الضحى".

ومن طريق شجاع:

أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 300) ك الوتر قال:

حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن يونس الضبي، ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد به.

وأخرجه البيهقي في الكبرى (9/ 264) باب الأضحية. قال: أخبرنا أبو علي=

ص: 513

= الروذباري، وأبو الحسن بن بشران، قالا: أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا أبو بدر به نحو لفظ الإِمام أحمد بوجود (ركعتي الضحى) بدلًا من (الفجر).

قال الحاكم بعد ما أخرجه:

(الأصل في هذا حديث الإيمان وسؤال الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلوات الخمس قال: هل عليّ غيرها؟ قال: "لا إلَّا أن تطوع" وحديث سعيد بن يسار عن ابن عمر في الوتر على الراحلة، وقد اتفق الشيخان على إخراجهما في الصحيح). اهـ.

وتعقبه الذهبي في التلخيص قائلًا: (قلت: ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب منكر، ويحيى ضعفه النسائي، والدارقطني). اهـ.

قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" بهامش البيهقي معلقًا على الحديث (9/ 264):

(قلت: في سنده أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي سكت عنه البيهقي هنا، وضعفه فيما مضى في باب: لا فرض أكثر من الخمس. وفي كتاب الضعفاء لابن الجوزي كان يحيى القطان يقول: لا أستحل أن أروي عنه. وقال عمرو بن علي:

متروك الحديث. وقال يحيى وعثمان بن سعيد، والنسائي، والدارقطني: ضعيف.

وقال ابن حبان: كان يدلس على الثقات ما سمع من الضعفاء فالتزقت به المناكير التي يرويها عن المشاهير فحمل عليه أحمد بن حنبل حملًا شديدًا). اهـ.

وانظر: التعليق المغني (2/ 21).

وقال النووي في الخلاصة (ق 77/ أ): (ضعفه البيهقي وآخرون لضعف أبي جناب، وأجمعوا على تدليسه، وقد قال عن عكرمة). اهـ.

وقال الحافظ في التقريب (589: 7537): ضعفوه لكثرة تدليسه. اهـ.

ووضعه في الخامسة من المدلسين.

وقال عبد الحق في الأحكام الكبرى بعد أن ذكر الحديث (ص132):=

ص: 514

= (

أبو جناب هذا لا يؤخذ من حديثه إلَّا ما قال فيه حدثنا، لأنه كان يدلس وهو أكثر ما عيب به، ولم يقل في هذا الحديث نا عكرمة، ولا ذكر ما يدل عليه). اهـ.

وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ ق 114/ ب):

(ورواه الحاكم في مستدركه مستشهدًا له بلفظ الدارقطني، وهو حديث ضعيف، وإن ذكره ابن السكن في سننه الصحاح، لأن مداره على أبي جناب الكلبي

" ثم ذكر أقوال من سبقوا، ونبه على اختلاف قول ابن حبان فيه.

مما تقدم من أقوال الأئمة يتلخص لنا أن هذا الحديث بهذا الإِسناد لا يصح.

وثمة طريق آخر خال من أبي جناب الكلبي:

أخرجه الإِمام أحمد، انظر: المسند (1/ 234) قال:

ثنا وكيع، ثنا إسرائيل، عن جابر، عن أبي جعفر وعطاء قالا: الأضحى سنة، وقال عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت بالأضحى والوتر، ولم تكتب".

ومن طريق وكيع:

أخرجه محمد بن نصر في كتاب الوتر. انظر مختصر المقريزي (ص252): قال ابن نصر:

حدثنا أحمد بن عمرو، أخبرنا وكيع به نحوه، وفيه "الوتر وركعتي الضحى" فقط.

وعند الإِمام أحمد في المسند (1/ 317) قال:

ثنا هاشم بن القاسم، ثنا إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة به ولفظه:"أمرت بركعتي الضحى، ولم تؤمروا بها، وأمرت بالأضحى، ولم تكتب".

وقال أيضًا: ثنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جابر، عن عكرمة، به مثل اللفظ السابق.

وقال أيضًا:=

ص: 515

= ثنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جابر به ولفظه:

"كتب علي النحر، ولم يكتب عليكم، وأمرت بركعتي الضحى، ولم تؤمروا بها".

ومن طريق شريك أخرجه البيهقي (9/ 264): باب الأضحية:

ومدارها على جابر وهو ابن يزيد الجعفي: ضعيف جدًا.

وأخرج البيهقي -في الكبرى (9/ 364) - طريقًا ظاهره أنه خال من جابر: قال البيهقي:

أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا تمتام، ثنا ابن بنت السدي (ح).

وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني، أنبأ أبو محمد بن حيان، ثنا أبو يعلى، ثنا إسماعيل بن موسى -وهو ابن بنت السدي-، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما رفعه، قال:"كتب عليّ النحر، ولم يكتب عليكم" زاد الأصبهاني في روايته، وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها -كذا قالا عن سماك-. اهـ.

وإسماعيل بن موسى هو الفزاري أبو محمد الكوفي ابن بنت السدي صدوق، يخطئ، رمى بالرفض. اهـ. التقريب (110: 493).

وهذا الإِسناد -فيما يظهر لي- مُعَل.

والذي أتوقعه هو وجود جابر بدلًا من سماك، فإِن إسماعيل بن موسى يخطئ وكذا شريك، وإسماعيل كوفي فيبدو أنه سمع من شريك بعد تغيره وذلك بعد توليه قضاء الكوفة.

ففيه وهم يرجع إلى أحد الاثنين، وقد تابع شريكًا عليه عن جابر اثنان:

فقد قال البيهتى (9/ 264): (ورواه الحسن بن صالح، وقيس بن الربيع، عن جابر -هو ابن يزيد الجعفي-، عن عكرمه، عن ابن عباس به). اهـ.=

ص: 516

= في حين لم أجد لشريك من يتابعه عليه عن سماك، ويؤيد احتمال الخطأ بإبدال سماك محل جابر أن البيهقي عندما ساقه قال:

(كذا قالا: عن سماك!) فكأنه استغربه.

على أن رواية سماك عن عكرمة مضطربة.

وعلى ما تقدم يكون إِسناده هذا ضعيفًا جدًا.

قال الحافظ في التلخيص (3/ 118):

(ورواه ابن حبان في الضعفاء، وابن شاهين في ناسخه من طريق وضاح بن يحيى، عن مندل، عن يحيى بن -في الأصل بدون بن- سعيد، عن عكرمة عنه بلفظ: "ثلاث عليّ فريضة، وهن لكم تطوع: الوتر، وركعتا الفجر، وركعتا الضحى"، والوضاح ضعيف). أهـ.

والوضاح بن يحيى: هو النهشلي الأنباري أبو يحيى سكن الكوفة: قال ابن حبان: منكر الحديث، يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات التي كأنها معمولة، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لسوء حفظه، وإن اعتبر معتبر مما وافق الثقات من حديثه فلا ضير). أهـ. المجروحين (3/ 85).

قلت: وحديثه هذا ليس من رواية الثقات المحتج بها بل فيها ما قد سبق بيانه.

وانظر الميزان (4/ 334: 9351)، والمغني (2/ 720: 6840).

وزاد ابن الملقن: (ومندل ضعفه أحمد، والدارقطني، ولم يترك لا جرم). اهـ.

فهو ضعيف. وانظر التقريب (545: 6883)، وهو العنزي الكوفي. وانظر أيضًا حديث عائشة في التلخيص (3/ 119) وكلام الحافظ عليه، فقال: هو ضعيف جدًا. هذا جملة ما تحصل من طرق هذا الحديث المعارض، فالطريق الأول والأخير لا يصحان لضعف إسناديهما، الأول فيه أبو جناب الكلبي، والأخير فيه الوضاح ومندل، والثاني والثالث ضعف إسناديهما شديد. والحقيقة أن ابن الملقن وكذا الحافظ في التلخيص قد أورداه، وعارضاه بحديث الباب.=

ص: 517

= وأوردته هنا بعده لأنه يتحتم على تخريج حديث الباب قبل.

وأورده ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ بسبب التعارض إذ في حديث الباب (ولم يعزم علي) وفي حديث ابن عباس أن ما ذكر فيه فرائض عليه صلى الله عليه وسلم دون أمته، والفريضة حتم، وعدم العزيمة ليس بحتم، ومن هنا جاء التعارض.

والاثنان لا تقوم بهما حجة كما عرفت.

وقد يقال: نقوي طريق أبي جناب بطريق وضاح بن يحيى، فيكون حسنًا لغيره فكلاهما ضعيف فقط.

فأقول: قد حكم الذهبي على طريق أبي جناب بأنه منكر غريب، فهذا انتقاد منه للمتن أيضًا، ثم قول ابن حبان في حديث وضاح: منكر الحديث

إلخ فلا يبعد أن يكون مما أخطأ فيه.

ولو سُلِّم هذا: وقلنا بتقويته لوجدنا في متنه ما يمنع ذلك ففيهما فرضية ركعتي الفجر، وسنة الضحى عليه، وهذا مخالف لما عليه جمهور السلف.

قال الحافظ في التلخيص (3/ 118):

(

فتلخص ضعف الحديث من جميع طرقه، ويلزم من قال به أن يقول:

بوجوب ركعتي الفجر عليه، ولم يقولوا بذلك، وإن كان قد نقل ذلك عن بعض السلف، ووقع في كلام الآمدي وابن الحاجب). اهـ.

وقال ابن الملقن: في البدر المنير (1/ ق 115/ أ).

(وقال ابن الجوزي في علله: إنه حديث لا يصح، وقال في الإِعلام: إنه حديث لا يثبت، وضعفه في تحقيقه أيضًا، على أنه قد جاء ما يعارضه أيضًا، وهو ما رواه الدارقطني من حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس رفعه:"أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم علي" ورواه ابن شاهين في "ناسخه ومنسوخه"، وقال:"ولم يفرض علي" لكنه حديث ضعيف أيضًا فيه عبد الله بن محرر، فإِنه متروك بإجماعهم

إلى أن قال:=

ص: 518

= وأغرب ابن شاهين: (فذكر في ناسخه ومنسوخه: حديث ابن عباس السالف من طريق الوضاح، وحديث أنس هذا). اهـ. ثم نقل قول ابن شاهين:

(والحديث الأول -أي حديث ابن عباس-: أقرب إلى الصواب: لأن الثاني فيه عبد الله بن محرر وليس عندهم بالمرضي، ولا أعلم الناسخ منهما لصاحبه، ولكن الذي عندي أشبه أن يكون حديث عبد الله بن محرر -على ما فيه- ناسخًا للأول، لانه ليس يثبت أن هذه الصلوات فرض، والله أعلم). اهـ. انظر الناسخ (ص194)، ثم قال ابن الملقن:(ولا ناسخ في ذلك ولا منسوخ، لان النسخ إنما يصار إليه عند تعارض الأدلة الصحيحة، وأين الصحة هنا فيهما؟؟). اهـ.

قلت: وهو تعقب جيد منه، رحمه الله.

ص: 519

634 -

[1] وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا سَلَّامٌ، "حَدَّثَتْنِي"(1) أُمُّ شَبِيبٍ (2)، عَنْ أُخْتِهَا أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَتْ (3): "إِنَّهَا رَأَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:

تُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ، فَأَوْتَرَتْ بِرَكْعَةٍ "قَرَأَتْ"(4) فِيهَا بِسُورَةِ (5) إِبْرَاهِيمَ".

[2]

وَبِهِ (6) أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها تقول: "إذا سمعت الصرخة فأوتر بركعة".

(1) في (مح): "حدثني" بصيغة المذكر، فزدتها تاء لضرورة السياق.

(2)

في (حس): "شيب" بدون الباء الموحدة الأولى.

(3)

في (حس): "قال" بدون تاء التأنيث.

(4)

في (عم) و (حس) و (ك): زيادة "قرأت"، وليست في (مح)، وأضفتها لضرورة السياق.

(5)

في (عم): "بسور" بدون تاء في آخره.

(6)

أي وبالإِسناد الذي تقدَّم عند مسدد. والقائل: هو الحافظ.

ص: 520

634 -

تخريجه:

ذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 109/ ب): في باب الوتر بركعة أو بثلاث ركعات، وما يقرأ فيه: مقتصرًا على اللفظ الأول وقال:

(رواه مسدد بسند ضعيف لجهالة بعض رواته). اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 154: 570، 571)، مثل اللفظ الأول إلَّا أنها قالت (سورة) بدون باء.

ونحو اللفظ الثاني ذلك لأنه جاء بصيغة الخطاب للمؤنث وعزاهما لمسدد.

ص: 520

الحكم عليه:

إِسناده ضعيف لجهالة أم شبيب.

فأما الإِيتار بركعة فقد ثبت مرفوعًا عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها:

ما أخرجه البخاري انظر: صحيحه مع الفتح (2/ 477: 993) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإِذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت".=

ص: 520

= أما قراءة سورة إبراهيم في الوتر فلم أقف على شاهد لها واللفظ الثاني "إذا سمعت الصرخة فأوتر بركعة".

يشهد له الحديث الذي تقدم برقم 583 عن علي رضي الله عنه:

"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كان يوتر عند الأذان، وفي رواية "الأذان الأول" فهو حسن لغيره بشاهده.

ص: 521

635 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عن (1) زرارة بن أبي أَوْفَى (2)، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما قَالَ:"إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ يَقْرَأُ فِي الأولى بـ"سبح" (3)، وفي الثانية بـ"قل يا أيها الكافرون"، وفي الثالثة: بـ "قل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ".

* أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ (4) مِنْ وَجْهٍ آخر مقتصرًا على سبح (5).

(1) قوله: "زرارة بن أبي أوفى" غير واضح في (مح).

(2)

المذكور كتب التراجم: "ابن أوفى" بدون "أبي".

(3)

في (حس): زيادة "اسم"، فتكون "بسبح اسم".

(4)

انظر: (المجتبى 3/ 247).

(5)

وفي (مح): "شيخ".

ص: 522

635 -

تخريجه:

الحديث في بغية الباحث (2/ 310): باب ما جاء في الوتر (223) بمثل سنده إلى زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يوتر بثلاث، كان يقرأ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وفي الثاني، بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هو الله أحد".

قال الهيثمي: قلت: له عند النسائي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر"بسبح اسم ربك الأعلى، من غير زيادة على ذلك". اهـ.

قلت: أخرجه النسائي في المجتبى. انظر (3/ 247): قال: أخبرنا بشر بن خالد، قال: حدثنا شبابة، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أوفى، عن عمران بن حصين، إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْتَرَ بسبح اسم ربك الأعلى".

ثم قال: قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحدًا تابع شبابة على هذا الحديث، خالفه يحيى بن سعيد.=

ص: 522

= أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين، قَالَ:"صلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظهر فقرأ رجل بسبح اسم ربك الأعلى، فلما صلَّى قال: "من قرأ بسبح اسم ربك الأعلى قال رجل: أنا. قال: قد علمت أن بعضهم خالجنيها". اهـ.

قلت: وما جاء في الطريق الأول -طريق شبابة- من إفراد (سورة الأعلى) بالوتر كما قال النسائي لم يتابعه عليه أحد، وما رواه يحيى بن سعيد لا علاقة له بالوتر، فافترقا من هذه الوجهة عن حديث الباب، ولهذا أورده الحافظ في الزوائد.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 298) باب الوتر ما يقرأ فيه:

قال: حدثنا شباب قال: حدثنا شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عن عمران ابن الحصين رضي الله عنه به مختصرًا كلفظ النسائي الأول.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 290): باب الوتر: قال: حدثنا فهد قال: ثنا الحماني، قال: ثنا عباد بن العوام، عن الحجاج به نحو حديث الباب باختلاف يسير.

والطبراني في المعجم الكبير (18/ 215: 538): قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن أبي سمينة، ثنا عباد بن العوام (ح)، وحدثنا محمود بن محمد الواسطي، ثنا أبو الشعثاء علي بن الحسن، ثنا أبو خالد الأحمر: كلاهما:

عن الحجاج بن أرطاة، عن قتادة به نحوه.

وطريق شبابة الذي استغربه النسائي، أخرجه الطبراني أيضًا برقم (537).

قال: حدثنا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا شبابة بن سوار، ثنا شعبة، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى به مثل لفظ النسائي.

والذهبي في السير (8/ 512) قال: أخبرنا عبد الحافظ، أخبرنا موسى، أخبرنا ابن البناء، أخبرنا علي بن البُسْري، أخبرنا المخلِّص، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن أبي سمينة، حدثنا عباد بن العوام به مثله.=

ص: 523

= وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 243): نحوه دون قوله: (كان يوتر بثلاث).

وعزاه للنسائي بالفرق السابق، ثم قال:

(رواه الطبراني في الكبير، وفيه الحجاج بن أرطاة، وفيه كلام). اهـ.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 108/ أ) في الباب السابق: مثله بأطول منه، وعزاه للحارث، وقال:

(ورواه النسائي مختصرًا، ورواه الترمذي من حديث علي بن أبي طالب، وقال: قد ذهب قوم من أهل العلم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا، ورأوا أن يوتر الرجل بثلاث، قال سفيان: إن شئت أوترت بخمس، وإن شئت أوترت بثلاث، وإن شئت أوترت بركعة). اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 154: 572): من حديث عمران بن الحصين مثله وعزاه للحارث.

ص: 524

الحكم عليه:

إِسناده ضعيف جدًا لحال خالد بن القاسم فهو متروك، وفيه حجاج بن أرطاة وهو ضعيف. لكن قد روي من طرق، منها ما روي عن: ابن عباس رضي الله عنهما:

أخرجه الدارمي في سننه (1/ 310: 1594): باب كم الوتر؟ قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل، ثنا إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:"كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث، بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ".

وبرقم (1597) قال: حدثثا عبد الله بن سعيد، ثنا أبو أسامة قال: ثنا زكريا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:"كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث: يقرأ في الْأُولَى بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ: بِقُلْ هو الله أحد".=

ص: 524

= والنسائي في المجتبي (3/ 236) قال: أخبرنا الحسين بن عيسى، قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة به مثل اللفظ الثاني عند الدارمي.

ثم قال النسائي: أوقفه زهير:

أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زهير عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه:"كان يوتر بثلاث، بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ".

والترمذي في جامعه (2/ 325؛ 462) قال: حدثنا علي بن حجر، أخبرنا شريك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ به مرفرعًا، نحوه مختصرًا، وفي آخره (في ركعة ركعة).

قال الترمذي: (والذي اختاره أكثر أهل العلم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن يقرأ: "سبح اسم ربك الأعلى؛ وقل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ؛ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، يقرأ في كل ركعة من ذلك بسورة".

وابن ماجه في سننه (1/ 371: 1172) قال: حدثنا نصر بن علي الجَهْضَمي، ثنا أبو أحمد، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نحوه مرفرعًا.

وقال: حدثنا أحمد بن منصور، أبو بكر، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا يونس بن إسحاق، عن أبيه، عن سعيد بن جبير به نحوه مرفرعًا.

وابن نصر في كتاب الوتر انظر مختصر المقريزي (ص 268) قال: حدثنا إسحاق، أخبرنا النضر بن شميل، ثنا يونس، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به نحوه مرفرعًا.

قال: وفي الباب عن عمران بن حصين، وعائشة، وعبد الرحمن بن أبزى، وأنس بن مالك، رضي الله عنهم. اهـ.

وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 299)، باب الوتر ما يقرأ فيه:=

ص: 525

= قال: حدثنا أبو الأحوص، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ به موقوفًا مختصرًا.

وقال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به موقوفًا نحوه.

وقال: حدثنا شبابة قال: حدثنا يونس عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ به مرفوعًا نحوه.

وقال: حدثنا شاذان قال: حدثنا شريك عن مكحول، عن مسلم البطين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعًا نحوه.

وفي جميع ما تقدم من الطرق عنعنة أبي إسحاق السبيعي، وهو في الثالثة من المدلسين.

والطريق الأخير عند ابن أبي شيبة: خلا من أبي إسحاق، لكن فيه شريك، وعنعنة مكحول، وهو في الثالثة أيضًا.

أما مسلم البطين، فهو ثقة.

والحديث مع هذا لا يقل عن الحسن لغيره، فيشهد لطرق حديث الباب التي خلت من شيخ الحارث.

والراجح فيه الرفع لا الوقف، وعليه أغلب روايات الحديث.

ويؤيد هذا مجيئه مرفوعًا من طرق أخرى.

وانظر مثلًا: جامع الترمذي (2/ 326: 463)؛ وسنن النسائي (3/ 235)؛ وسنن ابن ماجه (1/ 370، 371)؛ ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 298)؛ ومستدرك الحاكم (305)، وصحح طريقه عن عائشة على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي؛ ومسند أحمد (5/ 123)؛ وشرح معاني الآثار (1/ 292).

ص: 526

636 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْأَشْعَثِ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ "مَعْدَان"(1)، ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (2) رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ في الركعة الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، وفي الثانية بـ (3){قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} وفي الثالثة بـ (3){قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} .

(1) في (مح) و (ك): "سعدان"، وما أثبته من (عم) و (حس) وكتب التراجم.

(2)

في مسند أبي يعلى زاد: "ابن مسعود".

(3)

في مسند أبي يعلى خلا الفعل من الباء في الموضعين.

ص: 527

636 -

تخريجه:

هو في مسند أبي يعلى (8/ 464: 5050): نحوه باختلاف يسير تقدم.

وأخرجه أبو يعلى في معجم شيوخه ص (166: 186): قال:

ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان، أنا عبد الملك بن الوليد بن معدان به مثل حديث الباب.

ومن طريق سعيد أخرجه:

البزار في مسنده: انظر كشف الأستار (1/ 354: 738): باب ما يقرأ في الوتر: قال البزار:

حدثنا العباس بن أبي طالب، ثنا سعيد بن الأشعث بن مسكين، ثنا عبد الملك بن الوليد به نحوه باختلاف يسير.

والطبراني في الكبير (10/ 173:10249): قال:

حدثنا محمد بن عبيد الله الحضرمي وإبراهيم بن هاشم البغوي قالا: ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان به نحوه باختلاف يسير مثل سابقه.

وابن عدي في الكامل (5/ 1945): قال:=

ص: 527

= حدثنا عبدان، ثنا سعيد بن أشعث، ثنا عبد الملك بن الوليد بن معدان به نحوه باختلاف يسير.

قال ابن عدي: وهذان الحديثان مع أحاديث يرويها عبد الملك بن الوليد عن عاصم بهذا الإِسناد وغيره ما لا يتابع عليه. اهـ.

قلت: لكن يوجد ما يشهد له.

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 243): باب ما يقرأ في الوتر: نحوه مثل ما سبقه عند ابن عدي وغيره.

ثم قال: (رواه أبو يعلى، والبزار، والطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه عبد الملك بن الوليد بن معدان، وثقه ابن معين وضعفه البخاري وجماعة). اهـ.

والبوصيري في الإِتحاف (2/ ق 108/ أ): في الباب الذي تقدم: ثم قال: (رواه أبو يعلى والبزار، وله شاهد من حديث عائشة، رواه أصحاب السنن"

وابن حبان في صحيحه والنسائي من حديث أبي بن كعب وغيره). اهـ.

وهو في المطبوع من المطالب (1/ 155: 573): من حديث عبد الله مرفوعًا وعزاه لأبي يعلى: مثله.

ص: 528

الحكم عليه:

إِسناده ضعيف لحال عبد الملك بن الوليد، وعاصم بن بهدلة.

وقد تقدم في الذي قبله ذكر شواهد يمكن أن يرتقي بها فيكون حسنًا لغيره وانظر فقهه في الذي قبله أيضًا.

ص: 528

637 -

[1] وقال الحارث (1): حدثنا أبو النَّضْرُ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ (2): قُلْتُ لِمِقْسَمٍ: أُوتِرُ (3) بِثَلَاثٍ ثُمَّ يُؤَذِّنُ ثُمَّ أَخْرُجُ (4)، فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ (5) إِلَّا بَخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ (6)، قَالَ الحاكم: فَأَخْبَرْتُ بِهِ مُجَاهِدًا وَيَحْيَى بْنَ الْجَزَّارِ، فَقَالَا لِي: سَلْهُ عَمَّنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عَنِ الثِّقَةِ (7) عائشة وميمونة رضي الله عنهما".

[2]

وقال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَر عَنْ شُعْبَةَ بِهِ ولم يذكر مراجعته لمجاهد ويحيى (8)(9).

(1) هذا الحديث في (ك) من زوائد إسحاق قال: أن النضر هو ابن شميل ثنا شعبة به، وهو كذلك في مسند إسحاق (4/ 211: 2014)، وليس من زوائد الحارث فيها، وفيه مغايرات كثيرة سأوردها في تخريجه، وهو في المطبوع من زوائد إسحاق أيضًا.

(2)

في (عم): زيادة "قال".

(3)

في البغية: زيادة "إني"، زادها المحقق من المطبوعة من المطالب. قال: ومن المسند. اهـ.

(4)

في البغية: زيادة "إلى الصلاة".

(5)

في (حس): "لا تصلح" بالتاء المثناة الفوقية بدلًا من الياء التحتية.

(6)

في (عم): "وسبع" بالواو بدلًا من "أو".

(7)

ربما كان الصواب وجود "عن" هنا، كما سيأتي في بعض طرقه، وفي (ك): عن الثقة عن الثقة عن عائشة.

(8)

ومن طريقه أخرجه الطبراني ففي الكبير (24/ 26: 65) قال: حدثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر به.

(9)

الطريقان الباقيان زيادة من (ك).

ص: 529

627 -

تخريجه:

أخرجه أحمد في مسنده (6/ 335): قال:

ثنا محمد بن جعفر ويحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني الحكم: قال:

سألت مقسمًا، قال: قلت: أوتر بثلاث ثم اخرج إلى الصلاة مخافة أن تفوتني قال:

لا يصلح إلا بخمس، أو سبع. فأخبرت مجاهدًا، ويحيى بن الجزار بقوله، فقالا=

ص: 529

= لي: سله عمن؟ فسألته، فقال: عن الثقة، عن ميمونة، وعائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وليس فيه زيادة على حديث الباب إلا قوله (مخافة أن تفوتني) ولعل الحافظ أورده في الزوائد لأجلها، مع أنها موجودة في رواية الطيالسي له ولذلك لم يخرج في زوائد الطيالسي بل ساقه في زوائد الحارث وأبي بكر.

وفيه وجود (عن) بين الثقة وبين ميمونة وعائشة رضي الله عنهما، وهو أقرب -فيما يظهر لي- إذ لا تحتاج أمهات المؤمنين إلى إثبات ثقتهن.

وأخرجه أبو يعلى (13/ 24: 7107) قال: حدثنا زهير، حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا شعبة بنحوه.

وعبد الرزاق في المصنف (3/ 25: 4656): باب كم الوتر: قال: عن عبد الله، عمن سمعه عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قُلْتُ لِمِقْسَمٍ: "إِنِّي أُوتِرُ بثلاث، ثم أخرج إلى الصبح خشية أن تفوتني الصلاة، فكره ذلك: أن يوتر إلا بخمس، أو سبع، قلت:

عمن هذا؟ قال: عن الثقة، عن ميمونة وعائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل (ص 172).

وأخرجه الطيالسي، انظر المنحة (1/ 120): قال:

حدثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قُلْتُ لِمِقْسَمٍ: إِنِّي أوتر بثلاث ثم أخرج إلى الصلاة مخافة أن تفوتني

فذكره نحوه.

وفي آخره: قال فسألته فقال: "عن الثقة، عن الثقة، عن ميمونة وعائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ.

وأخرجه الطبراني في الكبير (23/ 441: 1069)، قال: حدثنا عثمان الضبي، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا شعبة به.

وأخرجه النسائي في المجتبي (3/ 239): باب كيف الوتر بخمس، وذكر الاختلاف في الحكم في حديث الوتر: قال:

أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن يزيد، قال: حدثنا سفيان بن=

ص: 530

= الحسين عن الحكم عن مقسم قال: الوتر سبع، فلا أقل من خمس، فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: عمن ذكره؟ قلت: لا أدري. قال الحكم: فحججت، فلقيت مقسمًا، فقلت له: عمن؟ قال: عن الثقة عن عائشة وعن ميمونة". اهـ. وفيه نقص عن حديث الباب، واختلاف في المسؤول فهو هنا إبراهيم.

كما أخرجه كذلك في الكبرى (1/ 442: 1405) وبرقم (1406) من طريق إسماعيل بن مسعود، نا يزيد بنحوه.

وهو في البغية (2/ 311: 224): باب ما جاء في الوتر: بالفروق التي تقدمت.

وفي الإِتحاف (2/ ق 108/ أ): باب الوتر بخمس ركعات أو بسبع أو بثلاث عشرركعة:

قال البوصيري: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يوتر بخمس، وقال: نحن أهل بيت نوتر بخمس" رواه أبو داود والطيالسي ورجاله ثقات، وابن أبي شيبة ولفظه: "عن الحكم، عن مقسم قال: سألته فقلت أوتر بثلاث

" فذكره نحوه ثم قال:

رواه أحمد بن حنبل، ومسلم، والنسائي، والترمذي. اهـ.

ص: 531

الحكم عليه:

في جميع طرقه التي تقدمت إبهام التابعي، فإسناده ضعيف. لكن يشهد له حديث أبي هريرة المرفوع، ولفظه:

"لا توتروا بثلاث، ولا تشبهوا بصلاة المغرب، أوتروا بخمس، أو بسبع".

أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 304)، وابن حبان (2429)، والبيهقي (3/ 31)، والدارقطني (2/ 24)، وقال: رواته ثقات وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي.

ص: 531

638 -

[1] وَقَالَ (1) إِسْحَاقُ: إِنَّ النَّضْرَ بْنَ شُمَيْلٍ ثنا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ، قُلْتُ لِمِقْسَمٍ (2): إِنِّي أُوتِرُ بِثَلَاثٍ ثُمَّ أَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا وِتْرَ إلَّا بِسَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ فَلَقِيتُ مُجَاهِدًا وَيَحْيى بْنَ الْجَزَّارِ فَذَكَرْتُ لَهُمَا، فَقَالَا: سله: عن من؟ فَقَالَ: عَنِ الثِّقَةِ عَنِ الثِّقَةِ عَنْ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[2]

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثنا شُعْبَةُ بهذا الإِسناد مثله.

(1) هذا الأثر زيادة في (ك) و (بر) وليس في النسخ الأخرى.

(2)

في ك: "معمر".

ص: 532

638 -

تخريجه:

ينظر الحديث السابق. [سعد].

ص: 532

639 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: نا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو نَعَامَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ:"كَانَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه: إِذَا (1) صَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ: يُقْرِئُنَا، فَأَتَى عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: ثَلَاثٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ من خمس"(2).

(1) في (عم): بدون قوله "بنا".

(2)

هذا الحديث سقط من (ك).

ص: 533

639 -

تخريجه:

ذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 108/ أ): باب الوتر بخمس ركعات أو بسبع أو بثلاث عشرة: مثله، وقال:(رواه مسدد: بسند الصحيح). اهـ.

وليس هو في المطبوع من المطالب.

ص: 533

الحكم عليه:

هو كما قال البوصيري إِسناده صحيح لذاته.

وقد روي نحوه من طرق عن أبي أيوب، انظر شرح معاني الآثار (1/ 291).

ص: 533

640 -

حدثنا (1) عيسى، ثنا إبراهيم بن الفصل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:"إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَوْتَرَ عَلَى حِمَارِهِ (2)، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إلي خيبر"(3).

(1) القائل حدثنا: هو مسدد.

(2)

في (عم): "حمار" بدون هاء.

(3)

هذا الحديث سقط من (ك).

ص: 534

640 -

تخريجه:

الحديث ذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ق 110/ ب): باب القنوت في الوتر، وما جاء في الوتر على الدابة: مثله وفيه (حمار) بدون هاء، ثم قال: رواه مسدد معضلًا، وله شاهد من حديث ابن عمر رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه، ورواه ابن ماجه من حديث ابن عباس. اهـ.

ص: 534

الحكم عليه:

إِسناده ضعيف جدًا لحال إبراهيم بن الفضل، ومعضل بين إبراهيم النخعي والنبي صلى الله عليه وسلم.

وقد صح متنه من طريق آخر:

أخرجه مسلم انظر صحيحه مع الشرح (5/ 209): باب جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجهت: قال:

حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن عمرو بن يحيى المازني، عن سعيد بن يسار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:"رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو موجه إلى خيبر".

وأخرجه أبو داود، انظر سننه مع العون (4/ 92: 1214): باب التطوع على الراحلة والوتر: قال:

حدثنا القعنبي، عن مالك به وفيه (متوجه) بدلًا من (موجه) والباقي مثله.

ونقل الشارح في عون المعبود (4/ 92 - 93): قال:=

ص: 534

= " (يصلي على حمار): قال الدارقطني وغيره: هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني قالوا: وإنما المعروف في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته أو على البعير، والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس كما ذكره مسلم، ولهذا لم يذكر البخاري حديث عمرو.

هذا كلام الدارقطني ومتابعيه، وفي الحكم بتغليط رواية عمرو نظر لأنه ثقة نقل شيئًا محتملًا، فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات، لكن قد يقال: إنه شاذ، فإِنه مخالف لرواية الجمهور في البعير، والراحلة، والشاذ مردود، وهو المخالف للجماعة. ذكره النووي في شرح صحيح مسلم (5/ 211). قال المنذري في مختصر سنن أبي داود (2/ 59): وأخرجه مسلم والنسائي. وقال النسائي في المجتبى (2/ 60): عمرو بن يحيى لا يتابع على قوله (يصلي على حمار)، وربما يقول:

(على راحلته)، وقال غيره: وَهَّمَ الدارقطني وغيره عمرو بن يحيى في قوله (على حمار) والمعروف (على راحلته)، (وعلى البعير). هذا آخر كلامه". اهـ.

وأخرجه النسائي في المجتبى (2/ 60): باب الصلاة على الحمار: قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عمرو بن يحيى به مثل لفظ أبي داود وأخرج آخرًا قال:

أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن عمر، قال حدثنا داود بن قيس، عن محمد بن عجلان، عن يحيى بن سعيد، عن أنس مالك أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي على حمار، وهو راكب إلى خيبر والقبلة خلفه. ثم قال: قال أبو عبد الرحمن: لا نعلم أحدًا تابع عمرو بن يحيى على قوله "يصلي على حمار"، وحديث يحيى بن سعيد، عن أنس: الصواب موقوف، والله سبحانه وتعالى علم. اهـ.

قلت: قد أخرج الموقوف مسلم، انظر صحيحه مع الشرح (5/ 212) قال: وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا همام، حدثنا أنس بن سيرين=

ص: 535

= قال: تلقينا أنس بن مالك حين قدم الشام، فتلقيناه بعين التمر، فرأيته يصلي على حمار، ووجهه ذاك الجانب، "وأومأ همام عن يسار القبلة" فقلت له: رأيتك تصلي لغير القبلة، قال: لولا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يفعله لم أفعله". اهـ.

وقد أخرجه البخاري، انظر صحيحه مع الفتح (2/ 576: 1100): باب صلاة التطوع على الحمار: نحوه باختلاف يسير.

قال الحافظ معلقًا على ترجمة البخاري:

(قال ابن رشيد: مقصوده أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، بل الباب في المركوبات واحد بشرط أن لا يماس النجاسة. وقال ابن دقيق العيد: يؤخذ من هذا الحديث طهارة عَرَق الحمار، لأن ملابسته مع التحرز منه متعذر لا سيما إذا طال الزمان في ركوبه واحتمل العرق). اهـ.

قلت: يمكن أن يتقي بشيء يجعله بينه وبين الحمار.

وعند شرح الحافظ لقوله (رأيتك تصلي لغير القبلة) قال الحافظ:

(فيه إشعار بأنه لم ينكر الصلاة على الحمار، ولا غير ذلك من هيئة أنس في ذلك، وإنما أنكر عدم استقبال القبلة فقط.

وفي قول أنس: "لولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله" يعني ترك استقبال القبلة للمتنفل على الدابة. وهل يؤخذ منه إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى على حمار؟ فيه احتمال، وقد نازع في ذلك الإسماعيلي فقال: خبر أنس إنما هو في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا تطوعًا لغير القبلة، فإفراد الترجمة في الحمار من جهة السنة لا وجه له عندي. أهـ. وقد روى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس:(أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو ذاهب إلى خيبر) إِسناده حسن. وله شاهد عند مسلم من طريق عمرو بن يحيى المازني، عن سعيد بن يسار عن ابن عُمَرُ "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار، وهو متوجه إلى خيبر" فهذا لا يرجح الاحتمال الذي أشار إليه البخاري). اهـ.

قلت: وأنس رضي الله عنه عندما قال: لولا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فعله=

ص: 536

= ما فعلته، دال على أنه يحرص على فعل مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يفعله، فاقتدائه لا يكون في جزئية دون أخرى، ولو علم منه صلى الله عليه وسلم امتناعًا من التنفل على الحمار لما فعله.

وما قاله النووي من تعدد الوقائع فيكون صلى على البعير تارة، وعلى الحمار تارة أخرى، وكذا الروايات التي جاءت بعموم الراحلة لا يمتنع أن يدخل فيها الحمار -هذا فيما يظهر لي، والله أعلم- أولى من القول بالشذوذ واطراح روايات صحيحة.

إذا تقرر هذا فإِن التطوع -وترًا كان أو غيره- يستوي في كونه يصلى على الراحلة حمارًا كانت أو بعيرًا، أو غيره مما سخر الله لبني آدم ركوبه. وفي عموم الوتر على الراحلة انظر أيضًا جامع الترمذي (2/ 335)، سنن النسائي (3/ 232)، وسنن ابن ماجه (1/ 379).

ص: 537

641 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ:

"بِتُّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لأنظر كيف يقنت في وتره، فَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ بَعَثْتُ أُمِّي أُمَّ عَبْدٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ لَهَا: بَيِّتِي مَعَ نِسَائِهِ صلى الله عليه وسلم فَانْظُرِي كَيْفَ يَقْنُتُ فِي وِتْرِهِ، فَأَتَتْنِي فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ".

*أبان متروك (1).

(1) هذا الحديث ليس في (ك).

ص: 538

641 -

تخريجه:

وقد تقدم في "باب القنوت" من طريق ابن أبي عمر قال: حدثنا وكيع به نحوه، ومن طريق أحمد بن منيع قال: حدثنا يزيد به مثله باختلاف يسير.

وهو عند أبي بكر في المصنف مثل طريق ابن أبي عمرو وأحمد بن منيع.

وانظر حديث رقم (470).

ص: 538