الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنزل الغيث وباعث الحركة والخصب والخير للناس1. وقد تعبد له الصفويون كذلك، وذكر في نصوصهم. وعرف عندهم بـ"هـ - بعل سمن"2.
ولهذه النظرة اتخذ زهادهم لهم معابد خلوية على قمم الجبال وعلى الهضاب والمرتفعات وابتنوا الصروح للتعبد فيها ومناجاة الرب، واتخذوا من الكهوف المنقورة في الجبال مآوي يتعبدون فيها ويعتكفون الأيام والشهور والسنين. وكانوا إذا أمسكت السماء قطرها، وأرادوا الاستمطار، أصعدوا البقر في جبل وعر، وقد أضرموا النار في السلع والعشر المعقودين في أذنابها، وهم يتبعون آثارها، يدعون الله ويستسقونه3. ولولا اعتقادهم أن الجبل أقرب إلى الله من الأرض، لما أتعبوا أنفسهم، فصعدوا الجبل المرتفع مع بقرهم، فكان استسقاؤهم من الأرض.
1.Rep، Epligr، 4142، Grohmann، s. 245.
2 F. V. Winnett، Safaitic Inscriptions from Jordan، p. 18، 23
3 ابن فارس، رسالة النيروز "ص18 وما بعدها".
الجبر والاختيار:
هذا وأود أن أبين أن أكثر الذين كانوا يدينون بالتوحيد، ويعتقدون بوجود إله واحد خلاق لهذا الكون، كانوا يؤمنون بما نسميه:"القضاء والقدر" أو "الجبر" بتعبير أصح. فالخير والشر من الله، وكل شيء في هذا الكون محتوم مكتوب. وما يصيب الإنسان، لا بد أن يكون قد كتب عليه، ولا راد لما هو مكتوب، بل نجد هذه النظرة حتى عند من لم يأت اسم الله في شعره، فلا ندري أكان من المؤمنين بالله أم لا. وفكرة أن كل شيء في هذا الكون مقدر محتوم، فكرة قديمة غلبت على عقلية الشرقيين؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية التي كانت سائدة إذ ذاك، أوضاع جعلت الغالبية من الناس تشعر أنها مسخرة، وأنها تدفع في حياتها دفعًا وفي سبيل خدمة النخبة المتحكمة، المسيرة للأمور، أضف إلى ذلك تأثير عامل الجو في الإنسان.
وقضية الجبر والاختيار، قضية لا نجدها عند المؤمنين بوجود إله هو "الله"، أو آلهة أخرى من الجاهليين فقط، بل نجدها عند غيرهم أيضًا ممن لم يكن يقر بعبادة "الله"، وينكر وجود خالق، نجدها عند من كان يتعبد للأصنام.