الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إساف ونائلة:
وللأخباريين قصص في إساف ونائلة، وهما في زعم بعضهم إنسانان عملا عملًا قبيحًا في الكعبة، فمسخا حجرين، ووضعا عند الكعبة ليتعظ الناس بهما. فلما طال مكثهما، وعبدت الأصنام، عبدا معها. وكان أحدهما بلصق الكعبة، والآخر في موضع زمزم. فنقلت قريش الذي كان بلصق الكعبة إلى الآخر، فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما1. وفي رواية أن إسافًا كان حيال الحجر الأسود. وأما نائلة، فكان حيال الركن اليماني2. وفي أخرى أنهما "أخرجا إلى الصفا والمروة فنصبا عليهما ليكونا عبرة وموعظة، فلما كان عمرو بن لحي، نقلهما إلى الكعبة ونصبهما على زمزم: فطاف الناس بالكعبة وبهما حتى عبدا من دون الله"3.
وذكر "اليعقوبي"، أن "عمرو بن لحي" وضع "هبل" عند الكعبة، فكان أول صنم وضع بمكة ثم وضعوا به إساف ونائلة كل واحد منهما على ركن من أركان البيت. فكان الطائف إذا طاف بدأ بإساف فقبله وختم به. ونصبوا على الصفا صنمًا يقال له مجاور الريح وعلى المروة صنمًا. يقال له مطعم الطير4. فاليعقوبي ممن يرون إن إسافا ونائلة كانا عند الكعبة، لا على الصفا والمروة.
وتذكر رواية أخرى أن إساف صنم وضعه عمرو بن لحي الخزاعي على الصفا، ونائلة على المروة وكانا لقريش وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة أو هما رجلان من جرهم، إساف بن عمرو ونائلة بنت سهل فجرا في الكعبة، وقيل أحدثا فيها، فمسخا حجرين، فعبدتهما قريش5. وورد أن موضع إساف ونائلة عند الحطيم6. وورد أن إسافًا رجل من جرهم، يقال له إساف بن يعلى، ونائلة
1 الأصنام "18""روزا" الروض الأنف "1/ 64"، سبائك الذهب "104"، ابن هشام "1/ 86" الطبري "2/ 284"، المحبر "311، 318"، اليعقوبي "1/ 224"، الطبري "2/ 241"، "المعارف".
2 الطبرسي "5/ 364" روح المعاني "2/ 41".
3 الروض الأنف "1/ 56"، ابن هشام، تاج العروس "6/ 40"، اللسان "9/ 6""أسف" البلدان "1/ 170".
4 اليعقوبي "1/ 224".
5 تاج العروس "6/ 40 وما بعدها" اللسان "10/ 348"، الروض الأنف "1/ 64"، بلوغ الارب "2/ 205"، ابن هشام "1/ 64"، اللسان "9/ 6"، "أسف"، "صادر".
6 الأزرقي، أخبار مكة "1/ 70".
امرأة من جرهم يقال لها نائلة بنت زيد، وكان إساف يتعشقها في أرض اليمن، فأقبلا حجاجًا، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت، ففجر بها في الكعبة، فمسخا حجرين، فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين، فوضعوهما موضعهما فعبدتهما خزاعة وقريش، ومن حج البيت بعد من العرب1.
وذكر "محمد بن حبيب" أن إسافًا كان على الصفا. وأما نائلة، فكان على المروة. "وهما صنمان وكانا من جرهم. ففجر إساف بنائلة في الكعبة، فمسخا حجرين، فوضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما، ثم عبدا بعد"2. وكان نسك قريش لإساف: "لبيك اللهم لبيك، لبيك، لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك"3.
وورد اسم إساف في بيت شعر ينسب إلى بشر بن أبي خازم الأسدي، هو:
عليه الطير ما يدنون منه
…
مقامات العوارك من إساف4
وورد أن نائلة حين كسرها الرسول عام الفتح، خرجت منها سوداء شمطاء تخمش وجهها وتنادي بالويل والثبور5.
ويظهر أن مرد هذا القصص الذي يقصه علينا أهل الأخبار عن الصنمين، إنما هو إلى شكل الصنمين. كان "إساف" تمثال رجل على ما يظهر من روايات الأخباريين، وكان "نائلة" تمثال امرأة. يظهر أنهما استوردا من بلاد الشأم، فنصبا في مكة. فتولد من كونهما صنمين لرجل وامرأة، هذا القصص المذكور ولعله من صنع القبائل الكارهة لقريش، التي لم تكن ترى حرمة للصنمين.
وكانت قريش خاصة تعظم ذينك الصنمين وتتقرب إليهما، وتذبح عندهما وتسعى بينهما. أما القبائل الأخرى، فلم تكن تقدسهما، لهذا لم تكن تتقرب إليهما، ومن هنا لم يكن الطواف بهما من مناسك حج تلك القبائل.
1 الأصنام "6""روزا"، "9" القاهرة 1914".
2 المحبر "311".
3 المحبر "311". صبح الأعشى "4/ 462" أخبار مكة، للأزرقي "72"، "طبعة لايبزك"، "نائلة بنت وهب""إساف بن عمر، ونائلة بنت سهل"، تفسير الطبري "2/ 43"، "1954م".
4 ديوان بشر بن أبي خازم، ملحق الديوان رقم 11،"صفحة 233".
5 الروض الأنف "1/ 65".