الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالت له: من أنت: قال امرؤ من المهاجرين: قالت: أي المهاجرين؟ قال لها: من قريش: قالت له: من أي قريش أنت؟ قال: إنك لسئول. أنا أبو بكر. قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم. قالت: وما الأئمة؟ قال لها: كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك على الناس1.
فالتصميت، وهو الصوم عن الكلام، من فعل أهل الجاهلية. وهو معروف عندهم، ولعله وقع لهم بتأثرهم بأهل الكتاب.
1 إرشاد الساري "6/ 175 وما بعدها"، "إنها مصمتة، إنها نذرت أن لا تتكلم. فقال: تكلمي إنما هذا من فعل الجاهلية"، الإصابة "4/ 315 وما بعدها"، "رقم 513، 515"، اللسان "2/ 55".
التحنث:
ومن طرق عبادة أهل الجاهلية: التحنث، أي التعبد والتقرب إلى الآلهة، ومن ذلك حديث "حكيم بن حزام":"أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة رحم وصدقة، أي أتقرب إلى الله تعالى بأفعال في الجاهلية"1. وكان رسول الله "يجاور في حراء من كل سنة شهرًا، وكان مما تحنث به قريش في الجاهلية. والتحنث: التبرر". "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة، يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك، كان أول ما يبدأ به -إذا انصرف من جواره- الكعبة قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعًا"، ثم يرجع إلى بيته. وذكر أن ذلك الشهر هو شهر رمضان2.
1 تاج العروس "1/ 616"، حنث".
2 الطبري "2/ 300".
الاختتان:
ومن شعائر الدين عند الجاهليين الاختتان، وهو من الشعائر الفاشية بينهم،
حتى إنهم كانوا يعيرون "الأغرل"، وهو الشخص الذي لم يختتن. وكان منهم ولا سيما أهل مكة من يختن البنات أيضًا، بقطع "بظورهن" وتقوم بذلك "الختانة""الخاتنة" وقد كانوا يعيرون من تكون أمه "ختانة" نساء، فإذا أرادوا ذم أحد قالوا له: يابن مقطعة البظور، وإن لم تكن أم من يقال له: خاتنة1.
وأما الاغتسال من الجنابة وتغسيل الموتى، فمن السنن التي أقرت في الإسلام، وقد أشير إلى غسل الميت في شعر للأفوه الأودي. وأشير إلى تكفين الموتى والصلاة عليهم في أشعار منسوبة إلى الأعشى وإلى بعض الجاهليين2. وورد أن قريشًا كانت تغسل موتاها وتحنطهم، ولكننا لا نستطيع تعميم هذه الأمور على كل العرب، ولا الإدعاء بأنها كانت من شعائر الدين عندهم، لما ذكرته مرارًا من اختلاف العرب بأمور دينهم، وعدم خضوعهم لدين واحد. بل ورد أن المشركين لم يكونوا يغتسلون من الجنابة، وقد ذهب المفسرون إلى أن لفظة "نجس" الواردة في الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} 3. فإنما قصد بها أجناب، "سماهم بذلك لأنهم يجنبون فلا يغتسلون. فقال: هم نجس ولا يقربوا المسجد الحرام؛ لأن الجنب لا ينبغي له أن يدخل المسجد"4. ولما نزل الأمر بمنع المشركين من دخول مكة، "شق ذلك على أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقالوا: من يأتينا بطعامنا ومن يأتينا بالمتاع؟ فنزلت {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاء} . و"كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام ويتجرون فيه. فلما نهوا أن يأتوا البيت قال المسلمون من أين لنا طعام؟ فأنزل الله {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاء} 5.
والقرابين والنذور وزيارات المعابد والحج، هي من أبرز الشعائر الدينية عند
1 تاج العروس "3/ 52"، "بظر"، نهاية الأرب "17/ 100".
2 المحبر "319 وما بعدها".
3 سورة التوبة: الآية 28.
4 تفسير الطبري "10/ 74".
5 تفسير الطبري 10/ 75".