الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع الأعياد الزَّمانية
(العيد يكون اسماً لنفس المكان، ولنفس الزمان، ولنفس الاجتماع، وهذه الثلاثة قد أحدث منها أشياء.
أما الزمان؛ فثلاثة أنواع، ويدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال:
أحدها: يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً، ولم يكن له ذكر في السلف، ولا جرى فيه ما يوجب تعظيمه؛ مثل أول خميس من رجب، وليلة تلك الجمعة التي تسمى الرغائب؛ فإن تعظيم هذا اليوم والليلة إنما حدث في الإسلام بعد المئة الرابعة، وروي فيه حديث موضوع باتفاق العلماء، مضمونه: فضيلة صيام ذلك اليوم وفعل هذه الصلاة المسماة عند الجاهلين بصلاة الرغائب، وقد ذكر ذلك بعض المتأخرين من العلماء من الأصحاب وغيرهم، والصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم النهي عن إفراد هذا اليوم بالصوم، وعن هذه الصلاة المحدثة، وعن كل ما فيه تعظيم لهذا اليوم من صنعة الأطعمة وإظهار الزينة ونحو ذلك؛ حتى يكون هذا اليوم بمنزلة غيره من الأيام، وحتى لا يكون له مزية أصلاً.
وكذلك يوم آخر في وسط رجب يصلى فيه صلاة تسمى صلاة أم داود؛ فإن تعظيم هذا اليوم لا أصل له في الشريعة أصلاً.
النوع الثاني: ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره، من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً، ولا كان السلف يعظمونه؛ كثامن عشر ذي الحجة الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع؛ فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصى فيها باتباع كتاب الله، ووصى فيها بأهل بيته كما
روى ذلك مسلم في ((صحيحه)) (1) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، فزاد بعض أهل الأهواء في ذلك حتى زعموا أنه عهد إلى علي رضي الله عنه بالخلافة بالنص الجلي بعد أن فرش له وأقعده على فراش عالية، وذكروا كلاماً وعملاً قد عُلم بالاضطرار أنه لم يكن من ذلك شيء، وزعموا أن الصحابة تمالؤوا على كتمان هذا النص، وغصبوا الوصي حقه، وفسقوا وكفروا إلاّ نفراً قليلاً.
والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ثم ما كان القوم عليه من الأمانة والديانة وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا ممتنع كتمانه
…
النوع الثالث: ما هو مُعَظَّم في الشريعة؛ كيوم عاشوراء، ويوم عرفة، ويومي العيدين، والعشر الأواخر من شهر رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، وليلة الجمعة ويومها، والعشر الأول من المحرم، ونحو ذلك من الأوقات الفاضلة؛ فهذا الضرب قد يحدث فيه ما يعتقد أن له فضيلة، وتوابع ذلك ما يصير منكراً يُنهى عنه، مثل ما أحدث بعض أهل الأهواء في يوم عاشوراء من التعطش والتحزن والتجمع وغير ذلك من الأمور المحدثة التي لم يشرعها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من السلف؛ لا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من غيرهم
…
) (2) .
* * *
(1) أخرجه مسلم في (فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رقم 2408) .
(2)
* ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2 / 617 ـ 624) .