الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لو أفتى المفتي بالخطأ فالعقوبة لا تجوز إلَاّ بعد إقامة الحُجَّة ولا يجوز منعه من الفُتْيا
مطلقاً ولا حبسه
(لو قدر أن المفتي أفتى بالخطأ؛ فالعقوبة لا تجوز إلا بعد إقامة الحجة، فالواجب أن تبين دلالة الكتاب والسنة على خطئه، ويجاب عما احتج به؛ فإنه لا بد من ذكر الدليل والجواب عن المعارض، وإلا؛ فإذا كان مع هذا حجة ومع هذا حجة لم يجز تعيين الصواب مع أحدهما إلا بمرجِّح)(1) .
وقال: (لو قدر أن العالم الكثير الفتاوى أفتى في عدة مسائل بخلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه وخلاف ما عليه الخلفاء الراشدون؛ لم يجز منعه من الفتيا مطلقاً، بل يبين له خطؤه فيما خالف فيه، فما زال في كل عصر من أعصار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين من هو كذلك؛ فابن عباس رضي الله عنهما كان يقول في ((المتعة والصرف)) بخلاف السنة الصحيحة، وقد أنكر عليه الصحابة ذلك ولم يمنعوه من الفتيا مطلقاً؛ بل بينوا له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المخالفة لقوله؛ فعلي رضي الله عنه روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم المتعة، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره رووا له تحريمه لربا الفضل ولم يردوا فتياه لمجرد قولهم وحكمهم ويمنعوه من الفتيا مطلقاً، ومثل هذا كثير؛ فالمنع العام حكم بغير ما أنزل الله وهو باطل باتفاق المسلمين) (2) .
وقال أيضاً: (لو قدر أن العالم الكثير الفتاوى أخطأ في مئة مسألة لم
(1) * ((مجموع الفتاوى)) (27 / 307) .
(2)
** ((مجموع الفتاوى)) (27 / 311) .
يكن ذلك عيباً، وكل من سوى الرسول صلى الله عليه وسلم يصيب ويخطىء، ومن منع عالماً من الإفتاء مطلقاً وحكم بحبسه لكونه أخطأ في مسائل؛ كان ذلك باطلاً بالإجماع، فالحكم بالمنع والحبس حكم باطل بالإجماع؛ فكيف إذا كان المفتي قد أجاب بما هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول علماء أمته؟!
…
إن المفتي لو أفتى في المسائل الشرعية ((مسائل الأحكام)) بما هو أحد قولي علماء المسلمين، واستدل على ذلك بالكتاب والسنة، وذكر أن هذا القول هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة دون القول الآخر في أي باب كان ذلك من مسائل البيوع والنكاح والطلاق والحج والزيارة وغير ذلك؛ لم يكن لأحد أن يلزمه بالقول الآخر بلا حجة من كتاب أو سنة، ولا أن يحكم بلزومه ولا منعه من القول الآخر بالإجماع؛ فكيف إذا منعه منعاً عاماً وحكم بحبسه؟! فإن هذا من أبطل الأحكام بإجماع المسلمين) (1) .
* * *
(1) * ((مجموع الفتاوى)) (27 / 301) .