الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلُّ من ترك واجباً لم يَعلم وجوبه أو فعل محظوراً لم يَعلم أنَّه محظور لم تلزمه الإعادة إذا عُلم
(كل من ترك واجباً لم يَعلم وجوبه، فإذا عَلم وجوبه فعله، ولا تلزمه الإعادة فيما مضى في أصح القولين في مذهب أحمد وغيره.
وكذلك من فعل محظوراً في الصلاة لم يَعلم أنه محظور ثم عَلم، كمن كان يصلي في أعطان الإبل، أو لا يتوضأ الوضوء الواجب الذي لم يعلم وجوبه؛ كالوضوء من لحوم الإبل، وهذا بخلاف الناسي؛ فإن العالم بالوجوب إذا نسي صلى متى ذكر، كما قال صلى الله عليه وسلم:((من نام عن صلاة أو نسيها؛ فليصلها إذا ذكرها)) (1)، وأما من لم يعلم الوجوب؛ فإذا علمه صلى صلاة الوقت وما بعدها ولا إعادة عليه؛ كما ثبت في ((الصحيحين)) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي المسيء في صلاته:((ارجع فصل فإنك لم تصل)) (2) . قال: والذي بعثك بالحق؛ لا أحسن غير هذا؛ فعلمني ما يجزيني في صلاتي. فعلمه صلى الله عليه وسلم وقد أمره بإعادة صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة، مع قوله:((لا أحسن غير هذا)) .
وكذلك لم يأمر عمراً وعماراً بقضاء الصلاة، وعمر لما أجنب لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة، ولم يأمر أبا ذر بما تركه من الصلاة وهو جنب، ولم يأمر المستحاضة أن تقضي ما تركت مع قولها: إني أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة.
(1) رواه مسلم في (المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة، 1103) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ: ((من نسي صلاة أو نام عنها؛ فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)) .
(2)
رواه البخاري في (الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، 757) وفي غيره، ومسلم في (الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، 397) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ولم يأمر الذين أكلوا في رمضان حتى تبين لهم الحبال البيض من السود بالإعادة، والصلاة أول ما فُرضت كانت ركعتين ركعتين، ثم لما هاجر زيد في صلاة الحضر ففُرضت أربعاً، وكان بمكة وأرض الحبشة والبوادي كثير من المسلمين لم يعلموا بذلك الا بعد مدة، وكانوا يصلون ركعتين فلم يأمرهم بأعادة ما صلوا.
كما لم يأمر الذين كانوا يصلون إلى القبلة المنسوخة بالإعادة مدة صلاتهم إليها قبل أن يبلغهم الناسخ؛ فعُلم أنه لا فرق بين الخطاب المبتدأ والخطاب الناسخ، والركعتان الزائدتان إيجابهما مبتدأ وإيجاب الكعبة ناسخ، وكذلك التشهد وغيره إنما وجب في أثناء الأمر وكثير من المسلمين لم يبلغهم الوجوب إلا بعد مدة.
ومن المنسوخ أن جماعة من أكابر الصحابة كانوا لا يغتسلون من الإقحاط (1) ؛ بل يرون الماء من الماء؛ حتى ثبت عندهم النسخ، ومنهم من لم يثبت عنده النسخ، وكانوا يصلون بدون الطهارة الواجبة شرعاً لعدم علمهم بوجوبها، ويصلي أحدهم وهو جنب) (2) .
* * *
(1) الإقحاط: الجماع بدون إنزال.
(2)
* ((مجموع الفتاوى)) (23 / 37 - 39) .