الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى اللَّهو الباطل المنهيِّ عنه وأنَّه نهي كراهة لا نهي تحريم
(اللذة التي لا تعقب لذةً في دار القرار ولا ألماً، ولا تمنع لذةَ دارِ القرار؛ فهذه لذةٌ باطلة؛ إذ لا منفعة فيها ولا مضرَّة، وزمانها يسير، ليس لتمتع النفس بها قَدْر، وهي لا بدَّ أن تشغل عمَّا هو خير منها في الآخرة، وإن لم تشغل عن أصل اللَّذَّة في الآخرة.
وهذا هو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل؛ إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته امرأته؛ فإنهن من الحق)) (1) .
…
ولكن ما أعان على اللذة المقصودة من الجهاد والنكاح؛ فهو حق، وأما ما لم يعن على ذلك؛ فهو باطل لا فائدة فيه، ولكن إذا لم يكن فيه مضرَّة راجحة لم يحرم ولم يُنه عنه، ولكن قد يكون فعله مكروهاً لأنه يصد عن اللذة المطلوبة؛ إذ لو اشتغل اللاهي حين لهوه بما ينفعه ويطلب له اللذة المقصودة لكان خيراً له، والنفوس الضعيفة كنفوس الصبيان والنساء قد لا تشتغل ـ إذا تركته ـ بما هو خير منها لها، بل قد تشتغل بما هو شر منه أو بما يكون التقرب إلى الله بتركه؛ فيكون تمكينها من ذلك من باب الإحسان إليها والصدقة عليها، كإطعامها وإسقائها
…
ومحبة النفوس للباطل نقص، لكن ليس كل الخلق مأمورين بالكمال، ولا يمكن ذلك فيهم، فإذا فعلوا ما به يدخلون الجنة لم يَحْرُم عليهم ما لا يمنعهم من دخولها) (2) .
* * *
(1)[صحيح بنحوه] . رواه الترمذي في (فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، 1637) ، والنسائي في (الخيل، باب تأديب الرجل فرسه، 3578) ، وأبو داود في (الجهاد، باب في الرمي، 2513) ، والنسائي في (كتاب عشرة النساء، رقم 52) . والحديث أورده الألباني في ((ضعيف أبي داود)) و ((الترمذي)) و ((النسائي)) ، ولكن انظر:((السلسة الصحيحة)) (315) ، وليس هو في ((صحيح مسلم)) كما ذكر المؤلف.
(2)
(*)((الاستقامة)) (2 / 153 - 157) .
وقال أيضاً: (وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل؛ إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبة امرأته؛ فإنهن من الحق)) (1) ، وهذا اللهو الباطل من أكل المال به كان أكلاً بالباطل، ومع هذا فيرخص فيه كما يرخص للصغار في اللعب، وكما كان صغيرتان من الأنصار تغنيان أيام العيد في بيت عائشة والنبي صلى الله عليه وسلم لا يستمع إليهن ولا ينهاهن، ولما قال أبو بكر: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيداً، وإن هذا عيدنا)) (2) ؛ فدل بذلك على أنه يرخص لمن يصلح له اللعب أن يلعب في الأعياد، وإن كان الرجال لا يفعلون ذلك، ولا يبذل المال في الباطل) (3) .
* * *
(1)[صحيح] . تقدم قريباً.
(2)
رواه البخاري في (الجمعة، باب سنة العيدين لأهل الإسلام، 952، وفي المناقب، باب مقدم النبي وأصحابه المدينة، 3931) ، ومسلم في (صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، 892) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3)
* ((مجموع الفتاوى)) (30 / 216) .