المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام نفيس جدا لأبي ثور في رده على المرجئة - المنتخب من كتب شيخ الإسلام

[علوي السقاف]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌القسم الأول[التوحيد والعقيدة]

- ‌سؤال الله بصفاته والقسم بها جائزأما دعاء الصفة فكفر بالله

- ‌الحلف بالنَّذر والطلاق ونحوهما هوحلف بصفات الله

- ‌الإقسام على الله بشيء من مخلوقاتهأو السُّؤال له به

- ‌المضافات إلى الله نوعان: أعيان وصفات

- ‌معنى تردد الله عز وجل عن قبض نفسعبده المؤمن

- ‌المراد بقولهم: الإيمان قول وعمل

- ‌ما كان في القلبلا بدَّ أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح

- ‌الإيمان والنِّفاق أصله في القلب والعمل دليل عليه وإذا حصل دليل الشَّيء حصل أصله المدلول عليه

- ‌أصل العمل عمل القلب وما يتناوله لفظ: ((السنة)) في كلام السلف

- ‌الكفر المطلق وكفر المعين

- ‌تفصيل القول في حكم تارك الأركان الأربعة وبخاصَّة الصَّلاة

- ‌التكفير المطلق لا يستلزم تكفيرالشخص المعين

- ‌المرجئة غلطوا في أصلين

- ‌أصناف المرجئة وأوجه غلطهم والرد عليها

- ‌من حجج المرجئة والرد عليها

- ‌الرد على قول المرجئة: المراد بالإيمان التصديق

- ‌أوجه معرفة زيادة الإيمان الذي أمر الله به

- ‌كلام نفيس جداً لأبي ثور في رده على المرجئة

- ‌المرجئة أخوف على هذه الأمة من الخوارج

- ‌ألفاظ القرآن والحديث إذا عرف معناها الشرعي لميُحتج إلى اللغوي وفيه الرد على الخوارج والمرجئة

- ‌الخوارج فارقوا أهل السنة والجماعة لجهلهموالرد عليهم

- ‌فتوى شيخ الإسلام في النصيرية والدروز

- ‌أهل السنة والجماعة لا يُكفِّرونأهل القبلة بمطلق الذنوب

- ‌زيارة قبور المسلمين نوعان: شرعية وبدعية

- ‌وصول ثواب العبادات المالية والبدنية للميت

- ‌جواز كتابة شيء من القرآن بالمداد المباح وغسله وشربه

- ‌الشَّياطين تتصوَّر لبعض النَّاس في صور الآدميِّين لتوقعهم في الشِّرك

- ‌ليس في أئمَّة المسلمين من ينكر دخول الجنِّ في بدن المصروع وغيره

- ‌أصناف الناس في مسألة دخول الجني في الإنسي

- ‌تمثل الجن بالإنسومن ذلك تمثلهم بابن تيمية نفسه

- ‌سبب كثرة تصور الجن بصورةالكلب والقط الأسودان

- ‌القسم الثانيمسائل في:العلم والجهاد والسياسة الشرعية

- ‌الشرع والسياسة

- ‌شيخ الإسلام يصف أهل زمانه وقت ظهور التتار

- ‌انتقال الأمر من خلافة النبوة إلى الملك

- ‌لا يصح أن يقالالخليفة هو الخليفة عن الله مثل النائب عنه

- ‌الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرأفضل الأعمال

- ‌فروض الكفايات يقوم بها من قدر عليها إذا لم يكن في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها

- ‌طلب العلم الشَّرعي فرض على الكفاية إلَاّفيما يتعيَّن

- ‌قتال الطَّائفة الممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظَّاهرة المتواترة

- ‌كلُّ من خشي الله فهو عالم وليس كلُّ عالميخشى الله

- ‌لو أفتى المفتي بالخطأ فالعقوبة لا تجوز إلَاّ بعد إقامة الحُجَّة ولا يجوز منعه من الفُتْيامطلقاً ولا حبسه

- ‌ليس لأحد أن يحكم بين أحد إلَاّ بحكمالله ورسوله

- ‌الشَّرع المنزَّل والشَّرع المؤوَّل والشَّرع المبدَّل

- ‌الحكم بغير ما أنزل اللهمن أعظم أسباب تغيير الدُّول

- ‌ترك العالم ما عَلِمَه من الحقِّ واتِّباع حكم الحاكم

- ‌المساجد هي مواضع الأئمَّة ومجامع الأمَّة

- ‌أوَّل من أحدث أيمان البيعةالحجَّاج بن يوسف الثقفي

- ‌كثير من النَّاس إذا رأى المنكر جزعوهو منهيٌّ عن هذا

- ‌الواجب في أمور الجهاد أن يُعتبر برأيأهل الدِّين والدُّنيا

- ‌طاعة الإمام العدل وغير العدل

- ‌الحبس الشَّرعيُّ ليس هو السِّجن في مكان ضيِّق

- ‌من عادات الفرس والعجم في الإمارة والقتال التي دخلت على المسلمين

- ‌القسم الثالثمسائل في:الخلاف والاختلاف والإنكار،والتحزب المحمود والمذموم والبدعةوالمصالح والمفاسد والإنصاف

- ‌الإنكار على من أظهر الفجور أو البدع ودعا إليها

- ‌البدعة التي يعدُّ بها الرَّجل من أهل الأهواء

- ‌هجر العاصي والمبتدع بحسب الأحوال والمصالح

- ‌الأمر بالجماعة والائتلاف والنَّهي عن البدعة والاختلاف وهجر المُظْهِر لبدعته لمصلحة راجحة

- ‌الموقف الوسط من هجران أهل البدع

- ‌أهل السُّنَّة في الإسلام كأهل الإسلام في الملل

- ‌من أسباب ضلال المبتدعة بناؤهم دين الإسلام على مقدِّمات يظنُّون صحَّتها

- ‌مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنْكَر عليه ولم يُهْجَر

- ‌المؤاخاة والمخالفة المشروع منها والممنوع

- ‌التَّحزُّب المحمود والتَّحزُّب المذموم

- ‌ليس لأحد أن يأخذ على أحد عهداً بموافقتهعلى كل ما يريده

- ‌التوسُّط في الحبِّ والبغض والموالاة والمعاداة وفيه فوائد

- ‌نصائح للدعاة

- ‌كثير من النَّاس يجعل طائفته هم أهلالسُّنَّة والجماعة

- ‌مسألة رؤية الكفَّار ربَّهم يوم القيامة وما ينبغي مراعاته عند الخلاف

- ‌أهل السُّنة والجماعة يتَّبعون الحقَّ ويرحمون الخلق

- ‌من عُلم منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يُذكَرعلى وجه الذَّمِّ

- ‌لا يجوز التَّفريق بين الأمَّة بأسماء مُبتَدَعة لا أصل لها في الكتاب والسُّنَّة

- ‌الفرق بين الباغي أو الظَّالم المتأوِّل وغير المتأوِّل

- ‌كثير من نزاع النَّاس سببه ألفاظ مجملة مبتدَعةومعان مشتبهة

- ‌أنواع الاختلاف

- ‌الفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة يُنهى عنه

- ‌ما نهي سدّاً للذَّريعة يُباح لمصلحة راجحة

- ‌من لا يمكنه أن يأتي بحسنة راجحة إلَاّ ومعهاسيِّئة دونها في العقاب ماذا يفعل

- ‌فصل جامع في تعارض الحسنات والسَّيِّئات

- ‌قاعدة عامَّة في تعارض وتزاحم المصالح والمفاسد والحسنات والسَّيِّئات

- ‌إذا اشتمل العمل على مصلحة ومفسدة

- ‌العمل عند تكافؤ مصلحتين أو مفسدتين

- ‌الشَّريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها

- ‌اجتماع الخير والشَّرِّ في الرَّجل الواحد

- ‌اشتمال بعض الأعمال على الخير والشر في آن واحد وفيه كلام غريب

- ‌أصناف النَّاس في غيبة الآخرين

- ‌المباح بالنِّيَّة الحسنة يكون خيراً وبالنِّيَّة السَّيِّئة يكون شرّاً

- ‌فعل المباح على وجه العبادة بدعة منكرة

- ‌القسم الرابعمسائل أصوليَّة في:الاعتصام بالسُّنَّة وترك الابتداع، والإجماع، والتَّقليد والتَّمذهب

- ‌ترك السُّنة يُفضي إلى فعل البدعة وترك المأمور يفضي إلى فعل المحظور

- ‌قاعدة فيما يجب من المعاوضات ونحو ذلك

- ‌مسألة إجماع أهل المدينة

- ‌هل لازم المذهب مذهب أم لا

- ‌لا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص معيَّنغير رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المنحرفون من أتباع الأئمَّة انحرافهم أنواع

- ‌الأمر بالشيء هل يكون أمراً بلوازمه

- ‌جنس فعل المأمور به أعظم من جنس تركالمنهيِّ عنه

- ‌كلام عجيب في أن القلب المعمور بالتَّقوى إذا رجَّح بمجرَّد رأيه فهو ترجيح شرعيٌّ

- ‌النزاع في الأحكام وخفاء العلم بما يوجب الشِّدَّة قد يكون رحمة

- ‌إذا كان الشَّيء شعاراً للكفَّار ثمَّ اعتاده المسلمون وكَثُر فيهم هل تزول حرمته

- ‌كل ما قاله صلى الله عليه وسلم بعد النُّبوَّة وأُقرَّ عليه ولم ينسخ فهو تشريع

- ‌الحديث الضعيف يُروى ويُعمل به في التَّرغيب والتَّرهيب لا في الاستحباب

- ‌لا يُعرف إجماع على ترك نصٍّ إلَاّ وقد عُرف النَّصُّ النَّاسخ له

- ‌لفظ الكلام والكلمة لا يُستعمل في اللُّغة إلَاّ مقيَّداً بمعنى الجملة التَّامَّة

- ‌الأسماء ثلاثة أنواعشرعيٌّ، ولغويٌّ، وعرفيٌّ

- ‌لفظ المجمل والمطلق والعامِّ في اصطلاح الأئمَّة

- ‌التَّسمية بمسائل أصول ومسائل فروعتسمية مُحدثة

- ‌العموم ثلاثة أقسام والفرق بين مفهوم اللَّفظ المطلق وبين المفهوم المطلق من اللَّفظ

- ‌أنواع الأعياد الزَّمانية

- ‌الفرق بين الأمكنة التي قصد النبي صلى الله عليه وسلم الصَّلاة أو الدُّعاء عندها وبين ما فعل فيها ذلك اتِّفاقاً

- ‌تفريق مهمٌّ بين الإجزاء والإثابة

- ‌ما أطلقه الله من الأسماء وعلَّق به الأحكام لم يكن لأحد أن يقيِّده إلَاّ بدلالة من الله ورسوله

- ‌لفظ الأمر إذا أُطلق تناول النَّهي

- ‌القسم الخامس[مسائل متفرقة]

- ‌المخالطة المطلقة والانفراد المطلق خطأ

- ‌كلُّ من ترك واجباً لم يَعلم وجوبه أو فعل محظوراً لم يَعلم أنَّه محظور لم تلزمه الإعادة إذا عُلم

- ‌الأجر على قدر منفعة العمل لا علىقدر المشَّقة فقط

- ‌الكذب والمعاريض

- ‌من هم أهل الحديث

- ‌الخروج للنُّزهة في الأماكنالتي تُشهد فيها المنكرات

- ‌الفرق بين السَّماع والاستماع

- ‌جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية كما أنَّ جنس العرب أفضل من جنس العجم

- ‌سبب فضل العرب على غيرهم

- ‌جنس العرب خير من غيرهم

- ‌تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز

- ‌البدعة في الحنابلة أقل منها في غيرهم

- ‌حدود الشَّام والحجاز

- ‌دفاع عن أبي حنيفة

- ‌الورع المشروع والورع الواجب والورع الفاسد

- ‌أصحاب السُّنن والمسانيدهل كانوا مجتهدين أم مقلِّدين

- ‌تشكيل المصاحف وتنقيطها

- ‌لا يُقَبَّل ما على وجه الأرض إلَاّ الحجر الأسود

- ‌قاعدة عظيمة في الجمع بين العبادات المتنوِّعة

- ‌طريقة الإسلام في حساب السَّنة والشَّهر والأسبوع واليوم أقْوَم طريقة

- ‌الأدلَّة من الكتاب والسُّنَّة والإجماع على استدارة وكرويَّة الأفلاك

- ‌أقسام الدَّعاوى وأنَّ اليمين تارة تكون على المدَّعي وتارة تكون على المدَّعى عليه

- ‌رسالة شيخ الإسلام إلى والدته يعتذر فيها عن بعدهعنها لأمور دينيَّة

- ‌مشروعيَّة التَّعزير بالعقوبات الماليَّة

- ‌كلُّ بشر على وجه الأرض لا بدَّ له من أمر ونهي

- ‌ينبغي للمرأة أن تقول: إنِّي أمتك بنت عبدك أو بنت أمتك مكان: إنِّي عبدك ابن عبدك

- ‌من توهم أنَّ الفرض أن يقصد المصلِّي الصَّلاة في مكان لو سار على خطٍّ مستقيم وصل إلى عين الكعبة فقد أخطأ

- ‌قاعدة فيما تشترك فيه اليمنى واليسرى من الأفعالوتختصُّ به إحداهما

- ‌ليس في الدُّنيا حرم ثالث لا بيت المقدس ولا غيره

- ‌الإقامة في موضع تكون الأسباب فيه أطوع لله وأفعل للحسنات أفضل من الإقامة في موضعيكون حاله فيه دون ذلك

- ‌الفساد في ترك إظهار المشروع أعظم منالفساد في إظهاره رياءً

- ‌تحزيب السُّور وكراهة القراءة بأواخر السُّور وأوساطها

- ‌التقارب بين الألفاظ العبريَّة والعربيَّة

- ‌معنى اللَّهو الباطل المنهيِّ عنه وأنَّه نهي كراهة لا نهي تحريم

- ‌الحكمة في دفنه صلى الله عليه وسلم في بيته والفرق بين زيارة قبره وزيارة غيره من المسلمين

- ‌لفظ اللَّيل والنَّهار في كلام الشَّارع

- ‌لا يجوز رفع الأصوات في الذِّكر والدُّعاء إلَاّ حيث جاءت به السُّنَّة

- ‌مسائل متفرِّقة في علاج من به مسٌّ من الجنِّ ومن ذلك استخدام الضَّرب وقد فعله ابن تيميَّة كثيراً

- ‌حكم قتل الجن

- ‌هل غير العرب أكفاء للعرب في النِّكاح

- ‌المرأة الحائض إذا طَهُرَت قبل طلوع الفجرأو قبل غروب الشَّمس

- ‌الجمع بين الصَّلوات للعذر

- ‌الفرق بين القصر والجمع في الصَّلاة

- ‌قصد زيارة المساجد التي بُنيت بمكَّة غير المسجد الحرام بدعة

- ‌السُّنَّة في زيارة مسجد وقبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌زيارة القبور على وجهين: شرعيَّة وبدعيَّة

- ‌أعدل الأقوال في قراءة المأموم خلف الإمام

- ‌العمرة بعد الحجِّ بدعة مكروهة لم يفعلها السَّلف

الفصل: ‌كلام نفيس جدا لأبي ثور في رده على المرجئة

‌كلام نفيس جداً لأبي ثور في رده على المرجئة

(قال أبو ثور في رده على المرجئة كما روى ذلك أبو القاسم الطبري اللالكائي (1) وغيره: عن إدريس بن عبد الكريم؛ قال: سأل رجل من أهل خراسان أبا ثور عن الإيمان وما هو، أيزيد وينقص؟ وقول هو أو قول وعمل أو تصديق وعمل؟ فأجابه أبو ثور بهذا، فقال: سألت رحمك الله وعفا عنا وعنك عن الإيمان ما هو، يزيد وينقص، وقول هو أو قول وعمل أو تصديق وعمل؟ فأخبرك بقول الطوائف واختلافهم:

((اعلم يرحمنا الله وإياك أن الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، وذلك أنه ليس بين أهل العلم خلاف في رجل لو قال: أشهد أن الله عز وجل واحد، وأن ما جاءت به الرسل حق، وأقر بجميع الشرائع، ثم قال: ما عقد قلبي على شيء من هذا ولا أصدق به: أنه ليس بمسلم، ولو قال: المسيح هو الله وجحد أمر الإسلام؛ ثم قال: لم يعقد قلبي على شيء من ذلك: أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن، فلما لم يكن بالإقرار إذا لم يكن معه التصديق مؤمناً، ولا بالتصديق إذا لم يكن معه الإقرار مؤمناً حتى يكون مصدقاً بقلبه مقراً بلسانه، فإذا كان تصديقاً بالقلب وإقراراً باللسان؛ كان عندهم مؤمناً وعند بعضهم لا يكون مؤمناً حتى يكون مع التصديق عمل، فيكون بهذه الأشياء إذا اجتمعت مؤمناً، فلما نفوا أن يكون الإيمان بشيء واحد، وقالوا: يكون بشيئين في قول بعضهم، وثلاثة أشياء في قول غيرهم؛ لم يكن مؤمناً إلا بما أجمعوا عليه من هذه الثلاثة الأشياء، وذلك أنه إذا جاء بهذه الثلاثة الأشياء؛ فكلهم يشهد أنه مؤمن؛ فقلنا بما أجمعوا عليه من التصديق بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح.

(1)((أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (4 / 849) .

ص: 71

فأما الطائفة التي ذهبت إلى أن العمل ليس من الإيمان؛ فيقال لهم: ماذا أراد الله من العباد إذ قال لهم: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة: الإقرار بذلك أو الإقرار والعمل؟ فإن قالت: إن الله أراد الإقرار ولم يرد العمل؛ فقد كفرت عند أهل العلم، من قال إن الله لم يرد من العباد أن يصلوا ولا يؤتوا الزكاة؟ وإن قالت: أراد منهم الإقرار؛ قيل: فإذا كان أراد منهم الأمرين جميعاً لِمَ زعمتم أنه يكون مؤمناً بأحدهما دون الآخر، وقد أرادهما جميعاً؟ أرأيتم لو أن رجلاً قال: أعمل جميع ما أمر به الله ولا أقر به؛ أيكون مؤمناً؟ فإن قالوا: لا؛ قيل لهم: فإن قال: أقر بجميع ما أمر الله به ولا أعمل به؛ أيكون مؤمناً؟ فإن قالوا: نعم. قيل: ما الفرق؟ فقد زعمتم أن الله أراد الأمرين جميعاً فإن جاز أن يكون بأحدهما مؤمناً إذا ترك الآخر جاز أن يكون بالآخر إذا عمل به ولم يقره مؤمناً، لا فرق بين ذلك. فإن احتج، فقال: لو أن رجلاً أسلم فأقر بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؛ أيكون مؤمناً بهذا الإقرار قبل أن يجيء وقت عمل؟ قيل له: إنما يطلق له الاسم بتصديقه أن العمل عليه بقوله أن يعمله في وقته إذا جاء، وليس عليه في هذا الوقت الإقرار بجميع ما يكون به مؤمناً، ولو قال: أقر ولا أعمل؛ لم يطلق عليه اسم الإيمان.

قلت - يعني الإمام أبو ثور رحمه الله: إنه لا يكون مؤمناً إلا إذا التزم بالعمل مع الإقرار، وإلا؛ فلو أقر ولم يلتزم العمل لم يكن مؤمناً)) .

وهذا الاحتجاج الذي ذكره أبو ثور هو دليل على وجوب الأمرين: الإقرار والعمل، وهو يدل على أن كلاًّ منهما من الدين، وأنه لا يكون مطيعاً لله ولا مستحقاً للثواب ولا ممدوحاً عند الله ورسوله إلا بالأمرين جميعاً، وهو حجة على من يجعل الأعمال خارجة عن الدين والإيمان جميعا) (1) .

(1) * ((مجموع الفتاوى)) (7 / 387 - 389) .

ص: 72