الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لفظ الأمر إذا أُطلق تناول النَّهي
(إن لفظ ((الأمر)) إذا أُطلق تناول النهي، ومنه قوله:
{أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرَّسولَ وأولي الأمْرِ} (1) ؛ أي: أصحاب الأمر، ومن كان صاحب الأمر كان صاحب النهي ووجبت طاعته في هذا وهذا؛ فالنهي داخل في الأمر، وقال موسى للخضر:{سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ صابِراً ولا أعْصي لَكَ أمْراً. قالَ فإنِ اتَّبَعْتَني فَلَا تَسْألني عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً} (2) ، وهذا نهي له عن السؤال حتى يحدث له منه ذكراً، ولما خرق السفينة قال له موسى:{أخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمْراً} (3) فسأله قبل إحداث الذكر، وقال في الغلام {أقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً} (4) فسأله قبل إحداث الذكر، وقال في الجدار:{لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْراً} (5) وهذا سؤال من جهة المعنى؛ فإن السؤال والطلب قد يكون بصيغة الشرط، كما تقول: لو نزلت عندنا لأكرمناك، وإن بت الليلة عندنا أحسنت إلينا، ومنه قول آدم:{رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنَا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا لَنَكونَنَّ مِنَ الخاسرينَ} (6)، وقول نوح:{رَبِّ إني أعوذُ بِكَ أنْ أسْألَكَ ما لَيْسَ لي بِهِ عِلْمٌ وإلَاّ تَغْفِرْ لي وَتَرْحَمْني أكُنْ مِنَ الخاسرينَ} (7) ، ومثله كثير، ولهذا قال موسى: {إنْ سَألْتُكَ عَنْ
(1) النساء: 59.
(2)
الكهف: 69، 70.
(3)
الكهف: 71.
(4)
الكهف: 74.
(5)
الكهف: 77.
(6)
الأعراف: 23.
(7)
هود: 47.
شَيْءٍ بَعْدَها فَلَا تُصاحِبْني} (1) ؛ فدل على أنه سأله الثلاث قبل أن يحدث له الذكر، وهذا معصية لنهيه، وقد دخل في قوله:{ولا أعْصي لَكَ أمْراً} فدل على أن عاصي النهي عاص الأمر) (2) .
* * *
(1) الكهف: 76.
(2)
* ((مجموع الفتاوى)) (7 / 175) .