الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من حجج المرجئة والرد عليها
(فإن قيل: فإذا كان الإيمان المطلق يتناول جميع ما أمر الله به ورسوله، فمتى ذهب بعض ذلك بطل الإيمان؛ فيلزم تكفير أهل الذنوب كما تقوله الخوارج، أو تخليدهم في النار وسلبهم اسم الإيمان بالكلية كما تقوله المعتزلة، وكلا هذين القولين شر من قول المرجئة؛ فإن المرجئة منهم جماعة من العلماء والعباد المذكورين عند الأمة بخير، وأما الخوارج والمعتزلة؛ فأهل السنة والجماعة من جميع الطوائف مطبقون على ذمهم.
قيل: أولَا: ينبغي أن يُعرف أن القول الذي لم يوافق الخوارج والمعتزلة عليه أحد من أهل السنة هو القول بتخليد أهل الكبائر في النار؛ فإن هذا القول من البدع المشهورة، وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين على أنه لا يخلد في النار أحد ممن في قلبه مثقال ذرة من إيمان، واتفقوا أيضاً على أن نبينا صلى الله عليه وسلم يشفع فيمن يأذن الله له بالشفاعة فيه من أهل الكبائر من أمته.
ففي ((الصحيحين)) عنه أنه قال: ((لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة)) (1) ، وهذه الأحاديث مذكورة في مواضعها
…
وأما قول القائل: إن الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كله؛ فهذا ممنوع، وهذا هو الأصل الذي تفرعت عنه البدع في الإيمان؛ فإنهم ظنوا أنه متي ذهب بعضه ذهب كله لم يبق منه شيء، ثم قالت ((الخوارج والمعتزلة)) : هو مجموع ما أمر الله به ورسوله، وهو الإيمان المطلق؛ كما قاله أهل
(1) رواه البخاري في (الدعوات، باب لكل نبي دعوة مستجابة، رقم (6304)، ومسلم في (الإيمان: باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، رقم 199) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الحديث؛ قالوا: فإذا ذهب شيء منه لم يبق مع صاحبه من الإيمان شيء فيخلد في النار. وقالت ((المرجئة)) على اختلاف فرقهم: لا تُذهب الكبائر وترك الواجبات الظاهرة شيئاً من الإيمان؛ إذ لو ذهب شيء منه لم يبق منه شيء؛ فيكون شيئاً واحداً يستوي فيه البر والفاجر، ونصوص الرسول وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه؛ كقوله:((يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)) (1) .
ولهذا كان ((أهل السنة والحديث)) على أنه يتفاضل، وجمهورهم يقولون: ((يزيد وينقص
…
)) (2) .
* * *
(1) رواه بنحوه البخاري في (التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئذٍ نَاضِرَةٌ} ، رقم 7440) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ومسلم في (الفتن وأشراط الساعة، باب في خروج الدجال، رقم 2940) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
(2)
* ((مجموع الفتاوى)) (7 / 222 - 223) .