الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يصح أن يقال
الخليفة هو الخليفة عن الله مثل النائب عنه
(و ((الخليفة)) : هو من كان خلفاً عن غيره، فَعِيلة بمعنى فاعلة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يقول:((اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل)) (1)، وقال صلى الله عليه وسلم:((من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)) (2)
…
وفي القرآن الكريم: {سَيَقولُ لَكَ المُخَلَّفونَ مِنَ الأعْرابِ} (3)، وقوله:{فَرِحَ المُخَلَّفونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رسولِ اللهِ} (4) .
والمراد بـ ((الخليفة)) أنه خلف من كان قبله من الخلق، والخلف فيه مناسبة، كما كان أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه خلفه على أمته بعد موته، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر لحج أو عمرة أو غزوة يستخلف على المدينة من يكون خليفة له مدة معينة؛ فيستخلف تارة ابن أم مكتوم وتارة غيره، واستخلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك.
وتسمى الأمكنة التي يُستخلف فيها الإمام ((مخاليف)) ، مثل: مخاليف اليمن، ومخاليف أرض الحجاز، ومنه الحديث: ((حيث خرج من مخلاف
(1) رواه مسلم في (الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، رقم 1342) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
رواه البخاري في (الجهاد والسير، باب فضل من جهز غازياً أو خلفه بخير، رقم 2843) ، ومسلم في (الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب أو غيره، 1895) ؛ من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.
(3)
الفتح: 11.
(4)
التوبة: 81.
إلى مخلاف)) (1)، ومنه قوله تعالى:{وَهُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ في الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فيما آتاكُمْ} (2)، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أهْلَكْنا القُرونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَموا
…
} إلى قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلَائِفَ في الأرْضِ} (3)، ومنه قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمْ الذي ارْتَضَى لَهُمْ
…
} (4) الآية.
وقد ظن بعض القائلين الغالطين - كابن عربي - أن ((الخليفة)) هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، وزعموا أن هذا بمعنى أن يكون الإنسان مستخلفاً
…
والله لا يجوز له خليفة، ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسبي ذلك. بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا)) (5) ، وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم
(1) في ((صحيح البخاري)) (كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، رقم 4342) . قال أبو بردة: ((بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن. قال: وبعث كل واحد منهما على مخلاف. قال: واليمن مخلافان)) .
(2)
الأنعام: 61.
(3)
يونس: 14.
(4)
النور: 55.
(5)
[صحيح] . الحديث بهذا اللفظ رواه الترمذي في (الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافراً، رقم 3439) من حديث عبد الله بن سرجس رضي الله عنه، وفي (الدعوات، باب ما يقول إذا ركب الناقة، رقم 3447)، وأحمد في ((المسند)) (2 / 144) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. وانظر:((صحيح سنن الترمذي)) (3 / 154) .
المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف إلى الاستخلاف، وسمي ((خليفة)) لأنه خلف عن الغزو، وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى وهو منزه عنها؛ فإنه حي قيوم شهيد، لا يموت ولا يغيب، وهو غني يرزق ولا يُرزق: يرزق عباده، وينصرهم، ويهديهم، ويعافيهم بما خلقه من الأسباب التي هي من خلقه، والتي هي مفتقرة إليه كافتقار المسببات إلى أسبابها؛ فالله هو الغني الحميد، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما، {يَسْألْهُ مَنُ في السَّماواتِ كُلُّ يَوْمٍ هُوَ في شانٍ} (1) ، {وَهُوَ الذي في السَّماءِ إلهٌ وفي الأرْضِ إلهٌ} (2) ، ولا يجوز أن يكون أحد خلفاً منه ولا يقوم مقامه؛ لأنه لا سمي له ولا كفء له، فمن جعل له خليفة؛ فهو مشرك به) (3) .
* * *
(1) الرحمن: 29.
(2)
الزخرف: 84.
(3)
* ((مجموع الفتاوى)) (35 / 43 - 45) .