الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما أطلقه الله من الأسماء وعلَّق به الأحكام لم يكن لأحد أن يقيِّده إلَاّ بدلالة من الله ورسوله
(الاسم إذا بين النبي صلى الله عليه وسلم حد مسماه لم يلزم أن يكون قد نقله عن اللغة أو زاد فيه، بل المقصود أنه عرف مراده بتعريفه هو صلى الله عليه وسلم كيف ما كان الأمر؛ فإن هذا هو المقصود، وهذا كاسم الخمر؛ فإنه قد بين أن كل مسكر خمر فعرف المراد بالقرآن، وسواء كانت العرب قبل ذلك تطلق لفظ الخمر على كل مسكر أو تخص به عصير العنب لا يحتاج إلى ذلك؛ إذ المطلوب معرفة ما أراد الله ورسوله بهذا الاسم، وهذا قد عُرف ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم، وبأن الخمر في لغة المخاطبين بالقرآن كانت تتناول نبيذ التمر وغيره، ولم يكن عندهم بالمدينة خمر غيرها، وإذا كان الأمر كذلك؛ فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام من الأمر والنهي والتحليل والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله.
فمن ذلك اسم الماء مطلق في الكتاب والسنة، ولم يقسمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قسمين: طهور وغير طهور؛ فهذا التقسيم مخالف للكتاب والسنة، وإنما قال الله:{فَلَمْ تَجِدوا ماءً} (1) ، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع، وبينا أن كل ما وقع عليه اسم الماء فهو طاهر طهور، سواء كان مستعملاً في طهر واجب أو مستحب أو غير مستحب، وسواء وقعت فيه نجاسة أو لم تقع إذا عُرف أنها قد استحالت فيه واستهلكت، وأما إن ظهر أثرها فيه؛ فإنه يحرم استعماله لأنه استعمال للمحرم.
ومن ذلك اسم الحيض، علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى
(1) النساء: 43، المائدة:6.
الأمة بذلك واحتياجهم إليه، واللغة لا تفرق بين قدر وقدر، فمن قدر في ذلك حداً؛ فقد خالف الكتاب والسنة، والعلماء منهم من يحد أكثره وأقله ثم يختلفون في التحديد، ومنهم من يحد أكثره دون أقله، والقول الثالث أصح: أنه لا حد لا لأقله ولا لأكثره، بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض؛ وإن قُدِّر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض، وإن قُدِّر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض، وأما إذا استمر الدم بها دائماً؛ فهذا قد عُلم أنه ليس بحيض، لأنه قد عُلم من الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهراً وتارة تكون حائضاً، ولطهرها أحكام ولحيضها أحكام) (1) .
* * *
(1) * ((مجموع الفتاوى)) (19 / 236 ـ 237) .