الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
137 17 - /حرف التاء المثناة من فوق
752 - تاج الشويكي بعد 750 - 829هـ؟ - 1435م
تاج بن سيفة الشويكي الدمشقي، القازاني الأصل، وإلى القاهرة.
الأمير شيخ المحمودي نيابة دمشق، في سنة خمس وثمانمائة، اتصل تاج هذا بخدمته بالتمسخر والدعابة، وصار يغسله ويحلق رأسه، ولا زال يتقرب إليه بأنواع الهزل إلى أن صار من ندمائه، فلما تسلطن شيخ المذكور وتلقب بالملك
المؤيد، قرب التاج هذا وولاه ولاية القاهرة، وأنعم عليه بإمرة، ثم ولاه أستادارية الصحبة لأنه كان يحسن طبخ الطعام، ثم ولاه حسبة القاهرة، كل ذلك لدعابة كانت فيه لا لحسن سيرته ومعرفته، ثم ولى إمرة حاج المحمل المصري في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولا زال ينتقل من وظيفة إلى أخرى حتى صار له كلمة في الدولة وحرمة، وأثرى فعند ذلك طغى وتجبرن وظلم وعسف، وأخذ يتجاهر بالمعاصي والفسوق، وصار لا يكف عن قبيح، وهو من ذلك قبيح المنظر والشكل، فإنه كان شيخا طوالا غليظا، كث اللحية، ليس عليه تورانية ولا أبهة، وكان لا يتجمل في ملبسه بل يسير على طبعة أولا، وهو من مساوئ الملك المؤيد شيخ، بل من الأوباش الذين قربهم، ومن الأندال الذين رقاهم.
ولم يزل على ذلك حتى مات الملك المؤيد شيخ أخذ أمره في انحطاط بموته إلى أن تسلطن الملك الأشرف برسباى أبعده وأخرج غالب وظائفه وإقطاعاته، وتبهدل في الدولة الأشرفية إلى الغاية، ووقع له أمور وحوادث منها أني دخلت
يوماً إلى الأمير أزبك الدوادار في الدولة الأشرفية فوجدته قد ألقى التاج هذا على الأرض وضربه ضرباً مبرحاً لأمر أوجب ذلك.
ولما طالت دولة الملك الأشرف أخذ التاج هذا يتقرب إليه بأنواع التحف والمسخر، ولا زال يفعل ذلك إلى أن نادمه الملك الأشرف، وعاد إلى بعض رتبته أولا، وولى ولاية القاهرة، وصار يتمسخر بالحضرة الشريفة، ويضرب بحضرة السلطان حتى ينحرف عامداً ليضحك السلطان من ذلك، ويقع منه في هزله ما يوجب ضرب عنقه من الألفاظ الكفرية دواماً، ويمعن في ذلك.
واستمر على طغيانه واستخفافه بالدين وفسقه إلى أن مرض ولزم الفراش، طال مرضه، وصار يعتريه الأرق إلى أن كان قبل موته بمدة يسيرة جداً أتاني من عنده بعض حفدته يطلب مني فرشا محشيا ريش نعام لينام عليه لعله يغمض، فقلت لقاصده: ما حاله اليوم؟ فقال: بشر، فإنه في الليلة الماضية حصل له سهر عظيم وقلق، فقالت له زوجته القديمة أم محمد: استغفر ربك واسأله العافية، فسبها ثم سب أهل السموات والأرضين بلفظ يوجب ضرب عنقه على فراشه، ثم مات بعد ذلك بقليل، في ليلة الجمعة حادي عشرين شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثمانمائة.
وكان شيخا جاهلا، مسرفا على نفسه، مستخفا بالمحار من متجاهرا بذلك، وداره كبعض الخانات لما بها من أنواع القبائح، وكان لا يحجب زوجته زهور الجنكية من أحد، ويعجبه محبة بعض أعيان الدولة لهان وكانت داره بسويقة الصاحب بالقرب من دار سكنها منذ قدم من دمشق إلى أن مات.
ولم يكن بيني وبين المذكور عداوة توجب الحط عليه، فإنه كان أقل من ذلك، وإنما حملني على ما ذكرته غيرة الإسلام، فإنه كان شيخاً ضالاً مضلا، عليه من الله ما يستحقه، ومات وسنه نيف على الثمانين سنة.
قال الشيخ تقي الدين المقريزي في ترجمة التاج هذا بعد كلام طويل: أنه لما قدم مع المؤيد شيخ إلى الديار المصرية صار من جملة أخصائه وندمائه، فولاه ولاية القاهرة مدة، فسار فيها سيرة ما عف فيها عن حرام ولا كف عن إثم، وأحدث من أخذ الأموال ما لم يعهد قبله، ثم تمكن في الأيام الأشرفية برسباى، وصار جليسا نديما، وأضيفت إليه عدة وظائف حتى مات من غير نكبة، ولقد كان عارا على جميع بني آدم، لما اشتمل عليه من الخازي التي جمعت سائر القبائح وأربت بشاعتها على جميع الفضائح. انتهى كلام المقريزي باختصار.