الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
788 - تمرتاش بن جوبان
-
728هـ؟ 1328م
تمرتاش بن جوبان النوين المغلي.
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: كان حاكم البلاد الرومية، فتح بلادا وكسر جيوشاً، وكان إذا كان وقت اللقاء نزل فقعد على مقعدٍ على الأرض، وأمر أصحابه بالقتال واستعمل الشراب، فإذا انتشى ركب جواده وحمل، فلا يثبت له أحد، قال: وكان خطر له أنه المهدى وتسمى بذلك، فبلغ أباه جوبان الخبر، فأتاه واستتوبه من ذلك، قال: ولما مات أخوه دمشق خجا وهرب أبوه جوبان من بو سعيد ملك التنار، واجتمع هو بالأمير سيف الدين أيثمش وطلب الحضور إلى مصر، وحلف له، فحضر في جمع كبير، وخرج الأمير سيف الدين تنكز وتلقاه، وتوجه إلى الديار المصرية، ولم يخرج له السلطان، وأخلع على من حضر معه إلا القليل، وأعطى لكل واحدٍ خمسمائة درهم، فعاد الجميع إلا نفر يسير، فأراد السلطان أن يقطعه شيئاً من أخباز الأمراء، فقال له
الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب: يأخ ايش؟ يقال عنك أنك وفد عليك واحد، ما كان في بلادك ما تقطعه حتى أخذت له من أخباز الأمراء، فرسم له بقطيا، ثم أمر له بألف درهم إلى أن ينحل له إقطاع يناسبه، ورسم له السلطان على لسان الأمير سيف الدين قجليس أن يطلق له من الخزانة والإسطبل ما يريد، ويأخذ منهما ما يحتاج، فما فعل من ذلك شيئاً.
ونزل يوماً إلى الحمام التي عند حوض ابن هنس، فأعطى الحمامي خمسمائة درهم، وللحارس ثلاثمائة درهم، وكان الناس كل يوم موكب يقعدون بالشمع بين القصرين، ويجلس الرجال والنساء على الطريق يقولون ننتظر أنهم يؤمرون تمرتاش. قال: وعبرت عينه على الناس من مماليك السلطان الخاصكية الأمراء،
وكان يقول هذا كان كذا، وهذا كان كذا، وهذا ألماس كان جمالاً، فما حمل السلطان منه ذلك، وألبس يوماً قباء من أقبية الشتاء ألبسه إياه أياس الحاجب الصغير، فرماه عن كتفه، وقال: ما ألبسه إلا من يد ألماس الحاجب الكبير.
ولم يزل بالقاهرة إلى أن قتل أبوه جويان في تلك البلاد، أمسكه الملك الناصر محمد واعتقله، فوجد لذلك ألما عظيماً، ولبث أياماً لا يأكل شيئاً إنما يشرب ماء ويأكل البطيخ، لما يجد في باطنه من النار، وكان يدخل إليه قاصد السلطان ويخرج ويطيب خاطره، ويقول: إنما فعل السلطان ذلك لأن رسل بو سعيد على وصول، وما يهون على بو سعيد أن يبلغه أن السلطان أكرمك، وقد حلف كل منهما للآخر، فقال: أنا ضامن عندكم، انكسر على مال، إن كان شئ فالسيف وإلا فما فائد الحبس؟ ولا له ما جزائي إلا أن أسمر على جمل ويطاف بي في بلادكم، ويقال هذا جزاء، وأقل جزاء، على من يأمن إلى الملوك أو يسموع من أيمانهم.
ثم إن الرسل حضروا يطلبون
من السلطان تجهيز تمرتاش المذكور إلى بو سعيد فقال: ما أسيره حيا، ولكن خذوا رأسه، فقالوا: ما معنا أمر أن نأخذه إلا حيا،
أما غير ذلك فلا، فأمر أن يقفوا على قتله، وأخرج من حبسه ومعه أيتمش وقجليس وغيرهما، وخنق جوا باب القرافة، فكان يستغيث ويقول: أين أيتمش، يعنى الذي حلف لي، وأيتمش يختبئ حياء منه، وقال: ما عندكم سيف تضربونني به، ثم حز رأسه، وجهز إلى بو سعيد من جهة السلطان ولم يتسلمه الرسل.
وكتب السلطان إلى بوسعيد يقول: قد جهزت لك غريمك فجهز لي غريمي قرا سنقر، فما وصل الرأس حتى مات قرا سنقر حتف أنفه، فقيل لبو سعيد: لم لا تجهز رأس قرا سنقر إليه، فقال: لا لأنه مات بأجله ولم أقتله أنا.
وكانت قتله تمرتاش هذا في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفنت جثته براباب القرافة.
ولما وصل إلى مصر أقاموا الأمير شرف الدين حسين بن جند من الميمنة إلى الميسرة، وأجلسوا تمرتاش في الميمنة بدار العدل، وشاور السلطان الأمير تنكز في إمساكه، فلم يشر بذلك، ثم إنه شاوره في قتله، فقال: المصلحة إبقاؤه، فلم يرجع إلى رأيه، ثم إن الدهر ضرب ضرباته، وحالت الأيام والليالي، وظهر في بلاد التتار إنسان بعد موت بو سيعد وادعى أنه تمرتاش، وقال أنا كنت عند