الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسبته إلى معتقه الملك الناصر فرج، وترقى من بعده حتى صار خاصكياً في دولة الملك الأشرف برسباى، ثم صار ساقياً في أوائل دولة الملك الظاهر جقمق، ثم تأمر عشرة وصار من جملة رؤوس النوب.
ودام على ذلك سنين لا يؤبه إليه في الدولة إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف إينال بامرة طبلخاناة، واستمر على ذلك.
؟
829 - جان بك نائب جدة
؟
867 - هـ؟ - 1462م
جانبك بن عبد الله الظاهري، الأمير سيف، الدين أستادار العالية كان، أحد أمراء الطبلخانات الآن، المعروف بنائب جدة.
أصله من مماليك الملك الظهر جقمق، اشتراه من بعض الأمراء وأعتقه، وجعله من جملة مماليكه في حال إمرته، فلما تسلطن جعله خاصكياً، وتخيل فيه لوائح النجابة والفطنة، فقربه وأدناه، وندبه للمهمات، وولاه إمرة بندر جدة في موسم سنة تسع وأربعين ثمانمائة، وهو أول توجهه إلى البندر المذكور، فتوجه إليه على
عادة من تقدمه من الأمراء والخاصكية في كل سنة، وحرر متحصله، وضبط أموره، نهض بمالم ينهض به غيره ممن تقدمه، وعاد إلى الديار المصرية بجمل مستكثرة من الأموال، فأعجب السلطان ذلك منه، وخلع عليه ووعده بكل جميل، وأقره على عادته لسفر البندر المذكور فعاد إليه في السنة الثانية، وقد عظم أمره، فباشر بحرمة وافرة، وعظمه زائدة، ونفذ الأمور على أجمل وجه، فهابته الناس، وعظم وضخم، ونال من الحرمة والمهابة مالم ينله غيره قديماً ولا حديثاً من نفوذ الكلمة ووفور الحرمة، وإشاعة الإسم إلى أن اتفق جماعة من التجار على شكواه، وهم على بن حسن البزاز بقيسارية جدة، وابن البيطار، ويعقوب الأقرع النابلسى، وشخص آخر شامي.
وكان سبب شكوى هؤلاء على جانبك هذا أن السلطان أرسل إلى مكة مرجاناً كثيراً مع يونس أمير مشوى ومعه مرسوم شريف برمى المرجان على التجار بثمن المثل يومئذ، فلما كان بعد خروج الحاج طلب جانبك تجار مكة إلى جدة لأخذ المرجان المذكور، فلما قدموا عليه عرفهم بأمر المرجان، فأخذوه واقتسموه برضى خواطرهم، كل واحد على قدر حاله بثمن المثل كما قدمنا، ثم أنهم قالوا: قد بقى من التجار بمكة فلان وفلان ممن سميناهم، فأرسل جانبك يطلبهم فامتنعوا واستغاثوا، وانضم عليهم جماعة من أوباش مكة ممن بذلوا له شيئاً، فكثرت الغوغاء، وكان ذلك يوم الثلاثاء، فلما كان يوم الجمعة قاموا وقت الصلاة، ومسكوا القضاة، وعرقوا الخطيب وطلبوا منهم كتابة محضر في أمر
جانبك المذكور، فامتنعوا، وبلغ الخبر الشريف بركات، وكان نازلاً بوادي امبار بالقرب من مكة، فأرسل إلى مكة كتاباً يقول فيه: من كتب في حق جانبك محضراً شنقته، فتعوق الجميع وصبروا حتى رحل جانبك إلى مصر كتبوا فيه محضراً خفية، وكان الذي كتب لهم المحضر شخص يدعى بالأسيوطى، فحضر التجار بالمحضر المذكور إلى القاهرة. بعد أن قاموا شدائد في الطريق من العربان، فوقفوا إلى السلطان شكاة على جانبك المذكور وبيدهم المحضر المكتتب، فأخذه منهم كاتب السر وقرأه، فسأله السلطان هل في المحضر خطوط القضاة أو أعيان مكة، فقال كاتب السر: لم يكن فيه شئ من ذلك، فعند ذلك أمر السلطان بعلي بن حسن البزاز وضربه بالمقارع، لأنه هو كان سبب الفتنة، وضرب من بقى من الشكاة على مقاعدهم، ثم أطلقهم إلى حال سبيلهم.
وسافر بعد ذلك جانبك مرتين، وحضر التجار المذكورون إلى عنده، فلم يؤاخذهم بما رقع منهم، ثم حضر الأسيوطي الذي كتب المحضر أيضاً إلى عنده ومدحه بأبيات، وأحسن إليه، إلى أن وقع بين جانبك هذا وبين أبي الخير النحاس، فلا زال النحاس بالسلطان إلى أن عزل جانبك عن بندر جدة، وولى تمراز البكتمرى المؤيدي المصارع في موسم سنة خمس وخمسين.
وكان تمراز قد توجه إليه قبل ذلك مرتين، فتوجه تمراز إلى البندر المذكور وباشره، واستولى على ما تحصل منه ثم بداله أن يأخذ جميع ما تحصل ويتوجه إلى الهند عاصياً على السلطان، فاشترى مركباً مزوسا بألف دينار من شخص يسمى يوسف الرصاوى الرومى، وأشحنها بالسلاح والرجال، وأخذ جميع ما تحصل للسلطان من بندر جدة، وسافر.
وبلغ السلطان خبره، فولى جانبك هذا على عادته في السنة الآتية، فقدم البندر على عادته.
وأما أمر تمراز المذكور فأنه لما سافر من بندر جده صار كلما أتى إلى بلد ليقيم بها تستغيث تجار تلك إلى حاكمها ويقولون أموالنا بجدة، ومتى عرف صاحب جدة أنه عندنا أخذ جميع ما لنا بسبب دخول تمراز هذا إلى بلدنا، فانه قد أخذ مال السلطان فيطرده حاكم تلك البلد، فوقع له ذلك بعدة بلاد حتى بلغ مسيره على ظهر البحر سنة أشهر، فعندما عاين الهلاك رمى بنفسه إلى مدينة كا كلوت، وحاكم البلد سامرى وأهلها سمره، وبها تجار مسلمون، فاستغاث التجار بالسامرى وقالوا له مثل مقالة غيرهم، فقصد السامري صد تمراز، فأحس تمراز بذلك، فأرسل إلى السامري هدية هائلة، فأرسل السامري يقول له أن التجار يقولون أن معك مال السلطان، فقال تمراز: نعم أخذت المال لأشتري للسطان به فلفلا، فقال له السامري: فاشتر به في هذا الوقت واشحنه في مراكب التجار، فاشترى الفلفل وأشحنه في مركبين للتجار، وأشحن الباقي في المركب المروس الذي تحته،
وسافر تمراز وقصد جدة، فلما وصل إلى باب المندب من عمل اليمن عند مدينة عدن أخذ المركبين الذين معه المشحونين بالفلفل وتوجه بهما إلى جزيرة مقابلة الحديدة تسمى كمران، فحضر أكابر الحديدة إلى عند تمراز المذكور، وحسنوا له أخذ معه جمعي ما في المراكب، ثم قال له أهل الحديدة: لنا عدو وما نقدر نملك اليمن حتى ننتصر عليه، وبلد العدو تسمى سحية، فتوجه صحبتهم وقصد عدوهم والتقى الجمعان، فكان بينهم وقعة هائلة قتل فيها تمراز المذكور، وقتل معه جماعة من اخصائه، وسلم ممن كان معه شخص يسمى أيضاً تمراز من المماليك السلطانية، وهو حي إلى يومنا هذا.
فلما بلغ جانبك
موت تمراز المذكور، أرسل شخصاً من الخاصكية ممن كان معه بجدة يسمى تنم رصاص، ومعه كتب جانبك إلى الحديدة بطلب ما كان مع تمراز من الأموال، فوصل المذكور إلى الحديدة فتلقاه أهلها بالرحب والقبول، وسلموه جميع ما كان مع تمراز والمركب المروس، فعاد بالجميع إلى جدة.
واستمر جانبك في التكلم على بندر جدة في كل سنة إلى أن مرض السلطان الملك الظاهر جقمق وخلع نفسه وسلطن ولده الملك المنصور عثمان، فقبض المنصور على زين الدين الأستادار وأخلع على جانبك هذا باستقراره في الأستادارية، وسلم إليه زين الدين المذكور على أن يستخرج منه خمسمائة ألف دينار، فأخذه