الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان تنبك المذكور شكلا طوالا، ساكنا، قليل المعرفة، وعنده تكبر مع جمود وعدم بشاشة. رحمه الله تعالى.
759 - تنبك الحاجب
863هـ -؟ - 1460م
تنبك بن عبد الله من بردبك الظاهري، حاجب الحجاب بالديار المصرية.
هو من صغار المماليك الظاهرية برقوق، وصار خاصكيا ورأس نوبة الحمدارية في الدولة المؤيدية شيخ إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر ططر بإمرة عشرة، وصار من جملة رؤوس النوب إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى في سنة سبع وعشرين وثمانمائة إلى نيابة قلعة الجبل وإمرة طبلخاناه عوضا عن تغرى برمش التركماني بحمم إنتقاله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية.
واستمر الأمير تنبك المذكور في نيابة قلعة الجبل سنين إلى أن أنعم عليه الأشرف بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية عوضاً عن آقبعا التموازي أمير مجلس، بحكم انتقاله إلى تقدمة الأمير قرقماس الشعباني الحاجب المنتقل إلى نيابة حلب بعد الأمير قصروة التمرازي المتولي نيابة دمشق بعد موت الأتابك جار قطلو.
واستمر تنبك من جملة المقدمين بالقاهرة إلى أن ثب الأتابك جقمقى نائب القلعة، أمر لتنبك صاحب الترجمة أن يعود إلى نيابة القلعة كما كان أولا، قبل تنبك الحقمقي، وهو مستمر على تقدمته، فطلع إلى القلعة وسكنها ثانياً بعد سنين، فلم تطل مدة إقامته بها، وتسلطن الملك الظاهر جقمق، وأخلع عليه بحجوبية الحجاب بديار مصر عوضاً عن الأمير تغرى بردى المؤذى البكامشى بحكم انتقاله إلى وظيفة الدوادارية بعد نفي الأمير أركماس الظاهري وذلك في شهر شوال
سنة اثنتين وأربعون وثمانمائة، ثم استقر المذكرو أمير حاج المحمل عوضاً عن الأمير إينال الأبو بكرى الأشرفي بعد القبض عليه وأنعم عليه ببعض بركه، وكان ذلك في السنة المذكورة وحج المذكور بالناس، وعاد إلى أن استقر أمير حاج المحمل ثانياً في سنة ست وأربعين وثمانمائة، ثم وليها ثالثاً في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة.
كل ذلك وهو
مستمر على إقطاعه، ووظيفته الحجوبية الكبرى إلى أن ظهر أمر عبد قاسم الكاشف بعد موته، وصار العبد المذكور معتقداً تزوره الناس فوجا فوجا في أوائل سنة أربع وخمسين، وازدحم الخلائق على زيارته بحيث أنه احتجب عن الناس، وصار له حجاب لا يدخل إليه إلا من له جاه أو كلمة مسموعة، وتردد إليه ذو العاهات وأرباب الأمراض المزمنة، وصار أمر الناس فيه على قسمين، فمنهم من يعتقده ويقول: أقام المقعد، ووضع إصبعه في فم الأخرس فتكلم، ومنهم من ينكر ذلك ويقول بعدم هذه الأقاويل، ويقول:
هذا عبد صغير سنة دون العشرين سنة، ولم يكن له قدم في الفقر ولا تسلك على فقير من الفقراء، وما ظهر أمره إلا في هذا الشهر بعد واقعته مع زين الدين الأستادار.
وهو أن زين الدين الاستادار لما أراد أخذ مال قاسم الكاشف ورمم على موجوده دخل إليه هذا العبد وأفحش في حق زين الدين، وجرى له معه أمور ذكرناها في الحوادث فمن ثم ظهر اسمه وشاع ذكره حتى ترددت إليه الناس والأكابر، وتوجه إليه الأمير تنبك هذا ليزوره، وبلغ السلطان ذلك فأنكر عليه توجهه إلى هذا العبد، ثم بلغ السلطان أشياء تفعل بداره من ازدحام الخلق عليه، وكثر الكلام في أمره إلى يوم الخميس حادي عشر المحرم من سنة أربع وخمسين رسم السلطان للأمير تنبك المذكور بن يتوجه هو وتانبك الدوادار إلى بيت هذا العبد، ويأخذه ويضربه على ظهره نيفا على سبعين سوطاً، ويشهره
بالقاهرة، ثم يحبسه في حبس المقشرة، فتوجه تنبك إلى دار العبد وتهاون في ضربه، وجلس بجانبه وأخذ يحادثه، فكلموه فيما رمم به السلطان فسكت ولم يفعل شيئاً، فعند ذلك وثب إليه الطواشي خشقدم وأقام العبد المذكور من مجلسه ونهره، وأغلظ للأمير تنبك في الكلام، فإنه هو كان الرسول إليه من عند السلطان، وسلمه لوالى القاهرة فضربه كما رسم به السلطان، وحبسه بحبس المقشرة مخشبا.
ولما بلغ السلطان تهاون تنبك هذا فيما رسم به في حق هذا العبد أمر بنفيه إلى ثغر دمياط بطالا، ويكون مسفره الأمير جانبك اليشبكى وإلى القاهرة، فتوجه به من الغد في يوم الجمعة ثاني عشر المحرم سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ثم عاد وأنعم بإقطاعه ووظيفته على الأمير خشقدم الساق الناصري المؤيدي، أحد أمراء الألوف بدمشق.
فدام الأمير تنبك بثغر دمياط أشهرا إلى أن طلبه السلطان إلى القاهرة فقدمها وتمثل بين يدي السلطان فأكرمه السلطان وطيب خاطره ووعده بكل خير، وما مواعيدها إلا الأباطيل، ورسم له بالمشي في الخدمة الشريفة، وعاد إلى رتبته من غير أن يعطيه إمرة ولا وظيفة، وصار يعطل إلى الخدمة ويجلس في مرتبته أولاً كما كان أولاً، واستمر على ذلك من يوم قدومه وهو يوم الأربعاء رابع شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثمانمائة إلى أن توفي الشهابي أحمد بن علي بن الأتابكى إينال اليوسفي، أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية في ليلة الثلاثاء سابع عشين ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة فأنعم بإقطاعه وإمرته على تنبك المذكور، على مال بذله للخزانة الشريفة، وهو مبلغ عشرة آلاف دينار على ما قيل.