الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهما إلى حلب، فحبسا بقلعتها، فكان يوم قدومهم إلى حلب من الأيام المشهودة، واستمر تغرى برمش وابن سقلسيز في حبس قلعة حلب حتى ورد المرسوم بقتلهما، فقتلا في يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، بعد أن شهرا، وسمر ابن سقلسيز، وضربت رقبة تغرى برمش هذا تحت قلعة حلب.
وكان تغرى برمش أمير جليلا، عاقلا عارفا سيوسا ذا رأي وتدبير، ودهاء ومكر مع ذكاء مفرط وفطنة، وكان رجلا طوالا، أسود اللحية، مليح الوجه، فصيح اللسان باللغة التركية، عارفا بأمور الدنيا وجمع المال، وله قدرة على مداخلة الملوك، وكان جاهلا بسائر العلوم حتى لعله لم يحفظ مسألة في دينه، بل كانت جميع حواسه مجموعة على أمر دنياه، وكان جبانا، بخيلا بالبر والصدقة، كريما على مماليكه، متجملا في مركبه وملبسه ومأكله، وكان حريصا، جبارا يميل إلى الظلم والعسف، ولقد أخرب في حروبه هذه عدة قرى من أعمال حلب وما حولها، وقتل من أهلها جماعة، لا جرم أن الله عامله وجازاه من جنس أعماله وما ربك بظلام للعبيد.
768 - تغرى برمش الزرد كاش
854هـ -؟ - 1450م
تغرى برمش بن عبد الله البشبكى الزرد كاش، أحد أمراء الطبلخاناه بديار مصر، الأمير سيف الدين.
أصله من مماليك الأمير يشبك بن أزدمر، وصار بعد موته من جملة المماليك السلطانية، ثم صار في الدولة الأشرفية من جملة الزرد كاشية مدة طويلة إلى أن صار زردكاشا كبيرا بعد انتقال أحمد الدوادا منها إلى نيابة الإسكندرية في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ودام على ذلك مدة طويلة إلى أن أنعم عليه الملك الظاهر جقمق بإقطاع الأمير أقطوه الموساوى بعد نفيه، زيادة على ما بيده، فصار إقطاعه نحو الطبخاناة، وعظم ونالته السعادة، وعمر عدة أملاك معروفة به، وعمر جامعاً بخط بولاق على ساحل النيل، ووقف عليه أوقافا هائلة، وسافر أمير الحاج غر مرة، وتوجه إلى غزو الفرنج عدة مرات.
حكى لي من لفظه قال: سافرت في البحر المالح مغازيا وغير ذلك ما يزيد على عشرين مرة.
ثم توجه مع الرجبية إلى الحجاز في سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وأقام بمكة مدة، ومرض ولزم الفراش إلى أن توفي بمكة في السنة المذكورة، وسنه نحو الثمانين سنة.
وكان شيخاً أشقرا جسيما، للقصر أقرب، وكان عارفا بدنياه، خبيراً بجمع المال، مغرما بإنشاء العمائر، مسيكا، وله بر وصدقات على الفقراء في السر.
وخلف مالا جزيلاً، لم ينل ولده فرج منه شيئاً، لأن تغرى برمش هذا كان قد شخط عليه لسوء سيرته ونفاه إلى دمشق من عدة سنين، وأشهد على نفسه أنه ليس بولده، فلما بلغ فرج موت أبيه تغرى برمش المذكور وقدم إلى القاهرة قبل قدوم أخته من الحجاز، وطلب ميراث والده فمنع من ذلك إلى أن حضرت أخته زوجة السيفى دمرداش الأشرفي من الحجاز ببقية موجود أبيها تغرى برمش المذكور، أراد فرج الدخول إليها فمنع زوجها دمرداش من ذلك وقال: أنت رجل أجنبي، مالك دخول على زوجتي، وأبيعت تركه تغرى برمش وأخذت ابنته زوجة دمرداش ما خصها، وأخذ السلطان ما بقى، ولم ينل ولده فرج من مال أبيه غير ثمانمائة دينار، أعطاه السلطان إياها صدقة عليه لما تكلفه