الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصار جانبك المذكور عظيم الدولة المؤيدية، وصاحب أمرها ونهيها، حتى أنه أمعن في التجربر والتكبر، وحدثته نفسه بأشياء بعيدة عنه، إلى أن توجه الملك المؤيد إلى البلاد الشامية لقتال الأمير نوروز الحافظي، ووصل الملك المؤيد إلى دمشق، ووقع القتال بين الفريقين، أصاب جانبك هذا سهم لزم منه الفراش، بعد ان كان ولاه أستاذه الملك المؤيد نيابة الشام، عوضاً عن نوروز الحافظي بحكم عصيانه.
واستمر مريضاً إلى أن مات بمدينة حمص، وهو متوجه صحبة العساكر المصرية إلى حلب، بعد قتل نوروز.
وكانت وفاته في شهر جمادى الأولى سنة سبع عشرة وثمانمائة.
وكان أميراً شجاعاً، مقداماً، كريما جوادا، جباراً متكبراً لم تطل أيامه في السعادة، ومات رحمه الله.
وجانبك: لفظ تركي معناه أمير روح، وصوابه في الكتابة كما هو مكتوب بغير ياء آخر الحروف، يعرف ذلك من عنده فضيله وعلم باللغات. وانتهى.
؟
818 - جان بك الحمزاوي
؟
836 - هـ؟ - 1433م
جانبك بن عبد الله الحمزاوي، الأمير سيف الدين.
أصله من مماليك الأمير سودون الحمزاوي الظاهري، ثم ولى بعد موت أستاذه بعض القلاع بالبلاد الشامية إلى أن عصى الأمير قانى باي المحمدي نائب دمشق وافقه جانبك المذكور، ولما انكسر قانى باي وقبض عليه فر جانبك مع من فر إلى قرا يوسف صاحب تبريز حتى توفي الملك الظاهر ططر بدمشق فأنعم عليه بإمرة في تلك البلاد، ثم صار حاجب حجاب مدينة طرابلس في الدولة الأشرفية برسباى مدة سنين، إلى أن وقع بينه وبين نائبها الأمير طرباى وقدما إلى القاهرة أخلع الملك الأشرف على طرباى باستمراره في نيابة طرابلس وعزل جانبك المذكور عن حجوبية طرابلس، وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية.
جانبك المذكور عن حجوبية طرابلس، وأنعم عليه بتقدمة ألف بالديار المصرية.
واستمر على ذلك إلى أن تجرد الملك الأشرف إلى آمد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة، ولاه نيابة غزة في عوده إلى الديار المصرية، عوضاً عن الأمير إينال العلائي الأجرود، بحكم توليته نيابة الرها، ثم توعك جانبك المذكور ولا زال مريضاً حتى توفي بالقرب من بعلبك عائداً من سفرته إلى جهة كفالته في أواخر سنة ست المذكورة.
وكان شيخاً طوالا، عنده جهل، وشجاعة، مسرفاً على نفسه، مهملاً عفا الله عنه.
؟ 819 - جان بك الصوفي؟ 841هـ؟ - 1438م جانبك بن عبد الله الصوفي الظاهري، الأيمر سيف الدين، أتابك العساكر بالديار المصرية.
هو من مماليك الظاهر برقوق، وممن صار أمير مائة ومقدم ألف في دولة الملك الناصر فرج بن برقوق، ثم استقر رأس نوبة النوب في دولة الملك المؤيد شيخ، ثم نقله إلى إمرة مجلس، ثم إلى إمرة سلاح إلى أن قبض عليه وحبسه بثغر الأسكندرية في رابع عشر شهر رجب سنة ثماني عشرة وثمانمائة.
واستمر محبوساً إلى سنة إثنتين وعشرين وثمانمائة أفرج عنه الملك المؤيد، وأنعم عليه بإقطاع ولده المقام الصارمى إبراهيم بعد موته، فلم تطل أيامه، ومات الملك المؤيد شيخ في أول سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وتسلطن من بعده ولده الرضيع أحمد المظفر، وصار الأمير ططر مدبر المملكة أخلع على جانبك المذكور باستقراره أمير سلاح، عوضاً عن فجقار القردمى بعد القبض
عليه، ثم صار أتابك العساكر بالديار المصرية بعد سلطنة ططر في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
ولما مات الملك الظاهر ططر أوصى أن يكون جانبك الصوفي هذا مدبر مملكة ولده الملك الصالح محمد، فسكن جانبك المذكور بباب السلسلة من الإسطبل السلطاني بعد موت الظاهر ططر، فلم تطل مدته غير أيام وتغلب عليه الأميران برسباى الدقماقي الدوادار وطرباى حاجب الحجاب، وكثر الكلام بينهم حتى ركب الأتابك جانبك الصوفي في يوم عيد الأضحى بآلة الحرب، ولبس الأمراء الذين يقلعة الجبل، ولم تقع حرب بين الفريقين، بل تراموا بالسهام ساعة، ثم خمدت الفتنة، ومشى جماعة من الأمراء بينهم في الصلح، فنزل الأتابك من باب السلسلة إلى بيت الأمير بيبغا المظفرى أمير سلاح لعمل المصالحة، ومعه الأمير يشبك الحكمى أمير آخور، فلما صارا في وسط حوش بين بيبغا قبض عليهما، وقيدا، وحملا إلى ثغر الإسكندرية، فحبسا بها في شهر ذي الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
فاستمر الأمير جانبك في حبس الأسكندرية إلى أن فر من حبسه في سنة ست وعشرين وثمانمائة، ووورد الخبر بتسحبه على الملك الأشرف في يوم الجمعة
سابع شهر شعبان من السنة، ولما سمع الملك الأشرف برسباى بفراره من حبس الإسكندرية قلق لذلك، وقبض على جماعة من الأمراء، وعاقب جمامة من خاصكيته.
واستمر هذا البلاء بالناس سنين عديدة، والسلطان حثيث الطلب عليه، والناس في شدة وبلاء من الكبس عليهم في بيوتهم على غفلة، والقبض على من أتهم أنه يعلم به، واستمر ما بين هلاك الشخص وبينه إلا أن يقال جانبك الصوفي عند فلان، فيؤخذ ويعاقب، وطال هذا الأمر، وعم هذا جانبك الصوفي من حبس الإسكندرية، إلى أن ظهر خبره أنه توجه إلى بلاد الشرق سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ونزل عند الأمير ناصر الدين بك محمد بن دلغادر، فلما تحقق الملك الأشرف هذا الخبر أرسل الأمير شادبك الجكمى رأس نوبه ثاني إلى الأمير ناصر الدين بك بطلب جانبك الصوفي منه، وتمكينه من القبض عليه، وعوده به إلى الديار المصرية، فسافر شاد بك إلى ابن دلغادر المذكور وصحبته الهدايا والتحف حتى وصل إليه، وسأله فيما ندب بسببه، فصار يسوف به من وقت إلى وقت بعد أن أخذ جميع ما جاء به من الهدايا طائل، بعد ما قاسى من شدة البرد والثلوج مالا مزيد عليه، فتأكدت الوحشة
بين الملك الأشرف وبين ابن دلغار بسبب جانبك الصوفي، فجهز إليه عسكراً من الديار المصرية، ومقدم العسكر الأتابك جقمق العلائي، أعني الملك الظاهر وصحبته جماعة أخر من الأمراء، وساروا من الديار المصرية حتى وصلوا إلى حلب خرج معهم، نائبها الأمير تغرى برمش بعساكر حلب وجموع التركمان، ونزلوا بظاهر حلب، فجاءهم الخبر بمجئ الأمير جانبك الصوفي إلى عينتاب، وكان قد هرب إليه جماعة من أمراء حلب وغيرها قبل وصول العسرك المصري إليها.
وكان الأمير خجا سودون أحد مدقمي الألوف بديار مصر خرج من حلب قبل تاريخه ونزل بالقرب من عينتاب، فوقع بينه وبين أعوان جانبك الصوفي وقعة هائلة انهزم فيها عسكر جانبك، وقبض على الأمير قرمش الأعور، الذي كان أولاً أتابك حلب، ثم صار من جملة مقدمي الألوف بالقاهرة، ثم قبض عليه الأشرف وحبسه، ثم صار من جملة مقدمي الألوف بالقاهرة، ثم قبض عليه الأشرف وحبسه، ثم أطلقه، وجعله من جملة المقدمين بدمشق، فلما عصى الأمير تنبك البجاسى نائب الشام على الملك الأشرف وافقه قرمش هذا على العصيان، فلما انهزم تنبك البجاسى وقبض عليه فرقرمش واختفى إلى أن انضم على الأمير جانبك الصوفي، لما صار جانبك عند ناصر الدين بك بن دلغادر،
وقبض أيضاً على الأمير كمشبغا المعروف بأمير عشرة، أحد أمراء حلب، وأمسك معهم جماعة من المماليك والتركمان، وجئ بالجميع إلى حلب وحبسوا بقلعتها، وكاتب الأمراء السلطان بذلك، فعاد المرسوم بقتلهم أجمعين، فقتلوا وعلقوا ببا قلعة حلب في أوائل سنة أربعين وثمانمائة.
ثم توجهت العساكر المصرية والحلبية من حلب إلى جهة إبلستين لقتال ناصر الدين بك بن دلغادر والأمير جانبك الصوفي. فساروا إلى أن وصلوا إلى مدينة سيواس، بعد ان أخرجوا ابن دلغادر وجانبك الصوفي من إبلستين وشتت شملهما، ولما وقع لابن دلغادر ما وقع من تغربه عن وطنه، وخراب غالب بلاده ندم ندماً كثيراً، وصار لا يمكنه استدراك فرطه، فإنه كن وزج الأمير جانبك الصوفي بإحدى بناته وولدت منه بنتا، فضم إليه ولده سليمان بن ناصر الدين بك، ثم انعزل هو عنهما، فأخذهما الأمير تغرى برمش نائب حلب من دأبه، حتى ضيق عليهما واسع الفضاء، وطال الأمر على جانبك الصوفي فتوجه إلى ديار بكر عند بعض أولاد قرايلك والتجأ إليه، فلم تطل مدته عنده.
ومات في ويم الجمعة خامس عشرين شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وثمانمائةن وسنة نيف على خمسين سنة تخميناً، أو مناهز الستين.
ولما مات قطع رأسه وجئ به إلى الديار المصرية، فحمل على رمح ونودى عليه، وعلق على بعض أبواب القاهرة.
واختلفت الأقاويل في موته، فمنهم من يقول أن ابن قرايلك قتله تقرباً لخاطر الملك الأشرف برسباى، وهو بعيد، ومنهم من يقول أنه مات بالطاعون، فلما رأى ابن قرايلك أنه قد فرط فيه الفرط بالموت قطع رأسه وبعث به إلى الأشرف، وهذا هو الأقرب. المتداول بين الناس، والله أعلم.
وكان جانبك الصوفي أميراً جليلا
ً، معظماً في الدول، طوالا، جميلاً، مليح الشكل، إلا أنه كان قليل السعادة إلى الغاية، حبس بثغر الإسكندرية غير مرة، حتى أن مجموع أيام إمارته لو حصرت كانت نحو ثلاث سنين لا غير، وباقي عمره كان في الحبوس أو مشتتا في البلاد، وطال خموله في الدولة الأشرفية لما كان مختفياً، وقاسى خطوب الدهر ألواناً، ورأى الأهوال.
أخبرني من أثق بقوله من أصحابه بعد موت الملك الأشرف: أنه كبس عليه مرة وهو في دار فنام تحت حصيرة في البيت المذكور فاختفى عنهم، وكبس عليه مرة أخرى وهو بدار في الحسينية فاختفى بمكان غير بعيد عن أعين الناس، وستره الله فيهما، ونجاه من القبض.
وحدثني صاحبنا يشبك الظاهري أن ركب مرة من داره بعد صلاة الصبح وقصد الفضاء، فلما كان عند باب النصر صدفه وقد أسفر النهار، فأردا أن ينزل عن فرسه إجلالاله فمنعه جانبك الصوفي من ذلك، وسار يتحادثان وجانبك غير خائف من يشبك لما كان بينهما من الصحبة قديماً، فكان من جملة كلام يشبك له: يا خوند تمشى في هذا الوقت وأنت تعلم من خلفك؟ وما الناس فيه