الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
809 - جاركس الخليلي
791هـ -؟ - 1381م
جاركس بن عبد الله الخليل اليلبغاوي، الأمير سيف الدين، أمير آخور الملك الظاهر برقوق وعظيم دولته.
أصله من مماليك الأتابك يلبغا العمري، ونسبته بالخليل إلى تاجره، وقيل أن أصله كان من تركمان طرابلس، والله أعلم.
قلت: تأمر جاركس الخليل هذا بعد أن قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، واستمر على ذلك إلى أن وثب برقوق العثماني على الأمر، وصار هو مدبر مملكة الملك المنصور علي بن الأشرف، أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية، ثم جعله أمير آخورا كبيراً بعد القبض على الأمير بركة، وصار جاركس المذكور عضد للأتابك برقوق، فلما تسلطن برقوق بقي لجاركس هذا كلمة نافذة في الدولة، وعظمه زائدة، ونالته السعادة وأثرى وعمر الأملاك الكثيرة، منها: خانه بالقاهرة المعروف
بخان الخليل، ثم شرع في عمل جسر بين الروضة والجزيرة في سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وكان طول الجسر المذكور ثلاثمائة قصبة، وعرضه عشرة أقصاب، وكان ابتداء العمل في الجسر المذكور فس شهر ربيع الأول واتهاؤه في أواخر ربيع الآخر من السنة، وحفر في وسط البحر خليجا من الجسر إلى مزريبة قوصون.
وفي هذا المعنى يقول البارع شهاب الدين بن العطار:
شكت النيل أرضه
…
للخليلى فأحصره
ورأى الماء خائفاً
…
أن يضاهي فجسره
ثم في ذي القعدة عمل جاركس المذكور طاحوناً على الجسر المذكور، تدور بالماء وتطحن في كل يوم خمسة ارادب من القمح وأكثر.
وفي هذا المعنى أيضاً يقول ابن العطار.
شكا النيل من جوو السواقي
…
فجاءه طواحين ماء والخليلى ناظر
وهذا جزاء من زاد يا نيل تعتدي
…
وتشكو إذا دارت عليك الدوائر
كل ذلك قبل سلطتة الملك الظاهر برقوق، فلم يقم الجسر بعد ذلك إلا أياماً يسيرة، وعمل فيه الماء حتى أخذه كأنه لم يكن.
واستمر الخليلى معظماً في دولة الملك الظاهر، والمشار إليه في المملكة إلى أن خرج الأمير يلبغا الناصري نائب حلب على الملك الظاهر برقوق، ووافقه منطاش وغيره، واستفحل أمره بالبلاد الحلبية وغيرها، وندب السلطان لقتاله عسكراً وغيره، واستفحل أمره بالبلاد الحلبية وغيرها، وندب السلطان لقتاله عسكرا هائلاً، وعليهم من الأمراء المقدمين الأمير الكبير أيتمش البجاسى، وأحمد بن يلبغا أمير
مجلس، وجاركس الخليلى صاحب الترجمة، وأيدكار الحاجب، ويونس النوروزى الدوادار الكبير وغيرهم، وخرجوا من القاهرة في يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الأول سنة أحدى وتسعين وسبعمائة إلى أن وصلوا إلى دمشق ودخلوها قبل وصول الناصري اليها، وأقاموا بها حتى نزل الناصري على خان لاجين ظاهر دمشق في يوم السبت تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وكانت الوقعة بين الفريقين في يوم الإثنين حادي عشرين شهر ربيع الآخر، فقتل الأمير جاركس في يوم الإثنين حادي عشرين شهر ربيع الآخر، فقتل الأمير جاركس الخليلى في المعركة بالبرزة خارج دمشق في يوم الإثنين المذكور سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ووجد الملك الظاهر برقوق عليه وجدا عظيماً، وخارت قواه بقتله.
قال قاضي القضاة العينى: وكان رجلاً حسن الشكالة مهيبا، ذا خبرة ومعرفة، لين الكلام، كثير الإحتشام، ذا همة واجتهاد، وعزيمة صادقة، وحسن اعتماد، ولكنه كان عنده نوع من الكبر والتجبر والعسف، وكان يعجبه رأيه وعقله، وكان صاحب خير كثير سراً وجهراً، وكان رتب في كل يوم خميس بغلين من الخبز يدور بها أحد مماليكه في القاهرة ويفرقه على الفقراء والمساكين، وكل سنة كان يبعث في الحرمين الشريفين قمحاً كثيراً للصدقات، وكان يحب جمع المال، ويتاجر في سائر البضائع في سائر البلاد.
وجاركس بجيم وألف وراء مهملة ساكنة وكاف مهملة وسين مهملة ساكنة، وهو لفظ أعجمي معناه أربعة أنفس، أنتهى.