الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الثاء المثلثة
805 - ثابت الهاشمي أمير المدينة 811هـ؟ 1408م
ثابت بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة بن سالم بن قاسم بن جماز بن قاسم بن مهنا بن الحسين بن مهنا بن داود بن القاسم بن أبي علي عبيد الله بن أبي القاسم طاهر بن الفقيه المحدث النسابة أبي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين أبي الحسين بن علي بن الحسين السبط بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم، الأمير عز الدين أبو قيس الشريف الهاشمي الحسيني، أمير المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
قال الشيخ تقي الدين أحمد المقريزى رحمه الله: أعلم أن المدينة النبوية، طيبة، المسماه في الجاهلية يثرب، كانت أولاً بيد اليهود، ثم نزلها الأوس والخزرج، وهم الذين قيل لهم في الإسلام الأنصار، وغلبوا اليهود عليها، وجاء الله بالإسلام وهي بأيديهم واليهود نازلون معهم، كما ذكرته في كتاب إمتاع الأسماع، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وهاجر أصحابه رضي الله عنهم إليها، صارت دار الهجرة، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل
الله للأنصار خلافة رسوله وإنما في أمته المهاجرون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على رضي الله عنهم، فتفرق الأنصار في الأقطار من أجل خروجهم من المدينة إلى غزو الكفار، وانقرضوا، فلم يبق منهم إلا بقايا متفرقين بنواحي الحجاز وغيرها.
وولى إمارة المدينة بعد الخلفاء الراشيدين العمال من قبل بني أمية، ثم من قبل بني العباس، وكان بها من ولد الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه جماعة كثيرة تناسلوا بها من ابنه زين العابدين أبي الحسن على منذ استقر بها في أيام يزيد بن معاوية، وقد قتل أبوه السيد حسين رضي الله عنه وإخوته بكلا بلاء، ولم يبق من ولده سوى علي زين العابدين، فكانت الرئاسة بالمدينة بين بني الحسين وبين بني جعفر بن أبي طالب، فغلب بنوا الحسين بني جعفر وأخرجوهم من المدينة، فسكنوا بين مكة والمدينة إلى أن أجلاهم بنو حرب من بطون زبيد إلى القرى من مصر، فنزل بصعيد مصر جماعة من الجعافرة، وأقام الحسينيون بالمدينة إلى أن جاءهم طاهر بن مسلم من مصر فملكوه عليهم.
واستمرت الإمرة فيهم إلى يومنا هذا.
وبيان لك: أن زين العابدين كان له من الولد سبعة وهم: عبد الله الأرقط، وعلى، وعمر، وزيد الإمام الشهيد، ومحمد الباقر، وعبد الله، الحسين
الأصغر وهو الأعرج حجة الله جد أمراء المدينة، وكان قد أقطعه السفاح البند شير بخراسان وخراجها في السنة ثمانون ألف دينار، ثم زاده محمد المهدي إقطاعاً بالمدينة، وذلك أن أبا مسلم الخراساني دعاء للخلافة فرمى بنفسه من السطح ليفر منه، فانكسرت رجله فعرج، فرعى له ذلك السفاح ونبوه، وكانت له ضيعة الجوانية بالمدينة النبوية، وتسمى البصرة الصغرى، وترك من الولد جعفرا، حجة الله، ومحمد الجواني، وآخرين نزلوا الكوفة، واستقرت الضيعة لمحمد الجواني، وبه سميت، اشتراها الورثة، وكان له من الولد الحسن والحسين، فصارت للحسن. وكانا يصحبان محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم، بوصية على الرضا لابنه محمد، فكان لا يفارقهما، ويركب إليهما إلى الجوانية.
وجعفر حجة الله، هو أصل بيت بني مهنا، أمير المدينة، ومن ولده الحسن ابن جعفر، وأبي الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله، وكن فقيها بأنسابه، وله كتاب في نسب أبي طالب، وكتاب في أخبار المدينة النبوية، وهو الذي أصلح بين بني جعفر وبين الحسن والحسين، ومضى في ذلك إلى وإلى المدينة يومئذ أحمد بن يعقوب الهاشمي، خال بني الجواني، فأذن له فيه، وسار إليهم إلى وادي القرى فأصلح بينهم، وتوفي سنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستين سنة.
وكان أبه أبو القاسم طاهر بن يحيى بن الحسن بن جعفر قد سار في عصره وبني بالعقيق دارا ونزلها حتى مات في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وكان له من الولد عبيد الله ويدعي زيداً والحسن، فدخل الحسن إلى الأمير أبي بكر محمد
ابن طغج الأخشيد بمصر وأصلح بينه وبين الأمير محمد بن رائق وسيف الدولة ابن حمدان، فأقطعه الإخشيد ما يغل مائة ألف دينار، وسكن بمصر، وكان له من الولد طاهر بن الحسن بن طاهر بن يحيى، ومدحه أبو الطيب أحمد المتنبي يقوله:
أعيدوا صباحي
…
فهو عند الكواعب
وكان صديقاً للأستاذ أبي المسك كافور الإخشيدي أمير مصر، ولم يكن بها يومئذ أوجه منه، إلا أن عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا الحسنى كان يضاهيه في رئاسته.
فلما قتل أمراء الدولة الإخشيدية بعد موت كافور، دعى الشريف مسلم هذا إلى الإمام المعز لدين الله أبي تميم معد، وهو يؤمئذ بالقيروان، فلما قدم المعز لقيه مسلم بالحمام خارج الإسكندرية فيمن لقيه، فأكرمه المعز وأركبه معه في معادلته واختص به وبولده، وتوفي سنة ست وستين وثلاثمائة، وصلى عليه العزيز بن المعز.
وذكره الشيف نقيب النقباء أبو علي محمد بن سعد بن علي الجواني في كتاب نزهة المهنا في نسبة الأشراف بني مهنا، ومنه نقلت ما تقدم.
وفي كتاب العتبى مؤرخ دولة محمود بن سبكتكين أن المعز خطب كريمة مسلم هذا فرده، فسخطه المعز ونكبه، وهلك في اعتقاله، وليس هذا بصحيح.
وكان لمسلم من الولد أبو الحسن طاهر وأبو عبد الله جعفر، فلحق طاهر بالمدينة وقدمه بنو الحسين على أنفسهم، فاستقل بإمارتها سنين، وكان يلقب بالمليح، وتوفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وولى بعده ابنه الحسن بن طاهر أبو محمد، ثم غلب على إمارة المدينة بنو عم أبيه أبي أحمد القاسم بن عبيد الله، وهو أخو جده مسلم، واستقلوا بها، وكان لأبي أحمد القاسم من الولد داود ويكنى أبا هاشم، وعند العتبى أن الذي ولى بعد طاهر بن المسلم بالمدينة هو صهره وابن عمه داود بن القاسم بن عبيد الله بن طاهر، وكناه أبا علي، ويظهر أنه غلب الحسن عليها لأن الجواني قال بعد أن ذكر الحسن ابن طاهر ونعته بالأمير، وقال: وفد على يكجور بدمشق، وأهدى له من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة شعرة، ثم رحل إلى محمود سبكتكين فأقطعه، واستقر عنده إلى أن توفي ببست في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة بعمان.
وكان له من الولد هاني ومهنا والحسين فيما قال الجواني.
وقال العتبي: ولي هاني ثم مهنا، وكان الحسن زاهدا.
وذكر الجواني هنا أمير آخر منهم، قال فيه: الأمير أبو عمارة حمزة أمير المدينة، لقبه أبو الغنائم، ومات سنة ثمان وأربعمائة.
وخلف الحسن بن داود الزاهد ابنه هاشماً، وولى المدينة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة من قبل المستنصر، وقال: وخلف مهنا بن داود عبيد الله، والحسين،
وعمارة، فولى بعده ابنه عبيد الله ولقبه أبو الغنائم بن النسابة، ومات سنة ثمان وأربعمائة، وقتله موالى الهاشميين بالبصرة، ثم ولى الحسين، وبعده ابنه مهنا بن الحسين.
وقال أبو سعيد: في سنة تسعين وثلاثمائة ملك المدينة أبو الفتح الحسن بن جعفر، من بني سليمان أمراء مكة، بأمر الحاكم بأمر الله، وأزال عنها إمارة بني مهنا من بني الحسين، وحاول نقل الجسد النبوي إلى مصر ليلاً، فأصابتهم ريح عاصفة أظلم لها الجو كادت تقتلع المباني من أصلها، فردهم أبو الفتح عن ذلك ورجع إلى مكة، وعاد بنو مهنا إلى المدينة.
وذكر الجواني من أمرائهم: منصور بن عمارة ولم ينسبه، وقال صاحب حماة: مات سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وولى بعده ابنه، والظاهر أنه ابن عمارة بن مهنا بن داود الذي مر ذكره، لأن أبا الغنائم لقى أبا عمارة سنة ثمان وأربعمائة كما مر، ثم ولى من بعد الحسين بن مهنا ابنه مهنا، قال فيه الجواني: أمير المدينة، وكان له من الأولاد الحسين وعبد الله وقاسم، قال: وولى الحسين المدينة، ومات عبد الله قتيلاً في وقعة نخلة، وذكر من ولد الحسين منصور بن محمد بن عبد لله بن عبد الواحد ابن مالك بن الحسين ونعته بالأمير، وذكر أنه وفد على العاضد وتعت أباه بالمير، وذكر منهم داود مهنا بن الحسين، وذكر من ولده عبد الله بن مهنا
ونعته وأباه بالأمير وقال: وفد على العاضد مع بني عمه في وزارة صلاح الدين، وذكر قاسم بن مهنا وكناه بأبي الحسن ونعته بالأكرم جمال الشرف فخر العرب صنيعة أمير المؤمنين.
وذكر صاحب حماة: أن القاسم بن مهنا بن الحسين كنيته أبو فليته، وأنه حضر مع السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب غزاة أنطاكية وفتحها سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
وقال الزنجاني، مؤرخ الحجاز: وقد مر ذكر أمراء المدينة وأحقهم بالذكر لجلالة قدره قاسم بن مهنا، ولاه المستضئ فأقام خمساً وعشرين سنة، ومات سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
وولى ابنه سالم بن قاسم، وذكر الجواني من ولد قاسم بن مهنا سالماً هذا وجمازا ومهنا وآخر، ونعت كلا منهم بالأمير، ونعت سالماً بأمير المدينة، وذكر من ولد جماز قاسماً وفليته ومهنا، وذكر من ولد قاسم سالم بن قاسم، وفيه قال
بان سعيد: أنه ولى بعد أبيه قاسم بن جمازن قال: وكان شاعراً، وهو الذي كان بينه وبين أبي عزيز قتادة صاحب مكة من بني حسن وقعة المصارع ببدر سنة إحدى وستمائة، زحف أبو عزيز من مكة وحاصره بالمدينة واشتد في حصاره، ثم ارتحل وجاء المدد إلى سالم من بني لام إحدى بطون طي، فأدرك أبا عزيز ببدر فاقتلوا، فهلك من الفريقين خلق، وانهزم أبو عزيز إلى مكة، وسالم بن قاسم في اتباعه، وحاصره مثل أيم حصاره بالمدينة، ثم رجع عنه، وفي سنة إثنتي عشرة وستمائة حج المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، فحدد المصانع والبرك، وكان معه سالم بن قاسم أيمر المدينة جاء يشكو من قتادة فرجع معه، ومات في الطريق قبل وصوله إلى المدينة، جاء يشكو من قتادة فرجع معه، ومات في الطريق قبل وصوله إلى المدينة وولى بعده ابنه شيحة، وكان سالم قد استخدم عسكراً من التركمان، فمضى بهم جماز بن شيحة إلى قتادة وغلبه، وفر إلى ينبع وتحصن بها، وفي تاريخ مكة: أن شيحة شامير المدينة بعثه السلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب مع عسكره لإخراج راجح بن قتادة من مكة في سنة تسع وعشرين وستمائة، ثم وصل إلى مكة في ألف فارس جهزهم السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل في سنة سبع وثلاثين
وستمائة، فأخذها من نواب صاحب اليمن، قال: وكانت ولايته المدينة بعد قتل قاسم بن جماز بن قاسم بن مهنا جد الجمايزة، فثار عليهم عمير بن قاسم بن جماز في صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة، ففر من المدينة، ثم عاد وملكها حتى مات مقتولاً بيد بين لام في سنة سبع وأربعين وستمائة.
فلما قتل شيحة ولى المدينة ابنه عيسى بن شيحة، ثم قبض عليه أخوه جماز ابن شيحة في السنة المذكورة، وولى مكانه.
وقال ابن سعيد: وفي بسنة إحدى وخمسين وستمائة كان بالمدينة أبو الحسين ابن شيحة بن سالم، وقال غيره: كان بالمدينة سنة ثلاث وخمسين وستمائة أبو مالك منيف بن شيحة، ومات سنة سبع وخمسين، وولى أخوه جماز، وطال عمره حتى مات بعد السبعمائة.
وفي تاريخ مكة: جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر، الأمير عز الدين، ولى بعد وفاة أخيه منيف بن شيحة سنة سبع وخمسين وستمائة، ثم انتزعها منه بن
أخيه مالك بن منيف بن شيحة سنة ست وستين، فاستنجد عليه عمه بأمير مكة وغيره من العربان، فلم يقدروا عليه ورحلوا عنه عجزاً، فأسلمها إليه ابن أخيه مالك بن منيف، فاستقل جماز بإمارتها من غير منازع حتى سلمها هو لإبنه الأمير منصور ابن جماز في سنة سبعمائة لأنه كان قد أضر وشاخ وضعف، ثم مات في سنة أربع سبعمائة.
وكان ذا حزم ورأى، وهو الذي حاصر مكة وأخذها من ابني نمى.
فقام منصور بن جماز بإمرة المدينة إلى أن قبض عليه في موسم سنة عشر وسبعمائة، وحمل إلى القاهرة ولحق أخواه مقبل وودي ابنا جماز بالشام، ثم قدم مقبل إلى القاهرة، والقائم بأمر الدولة بيبرس الجاشنكير، فأشرك بينهما في الإمرة وفي الإقطاع، وسارا إلى المدينة، فأقام مقبل بين أحياء العرب، ونزل منصور بالمدينة، ثم غاب عنها وأقام عليها ابنه كبيشا، فهجم عليه مقبل وملكها وفر كبيش، فاستجاش بالعرب، وزحف على عمه مقبل فقتله في سنة تسع، ورجع منصور إلى المدينة، وتغير على عمه منصور حتى خرج من المدينة، فاستنجد أيضاً بقتادة ابن إدريس بن حسين صاحب ينبع، فكانت بين منصور وبين
قتادة حروب شديدة في سنة إحدى عشرة وسبعمائة آلت إلى مسير ماجد إلى المدينة وأخذها من منصور في سنة سبع عشرة وسبعمائة، وكتب منصور إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ملك مصر والشام والحجاز، فبعث إليه عسكرا حاصر ماجدا حتى فر من المدينة، وملكها منصور في ربيع الأول منها، ثم تمكر عليه السلطان وعزله بأخيه ودي قليلا، ثم أعاده، فأقام على ولايته إلى أن مات قتيلاً في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، قتله قريب له على غرة، وله من العمر سبعون سنة، وولى عوضه ابن كبيش بن منصور بن جماز.
وإلى منصور هذا يرجع بنو حسين بالمدينة، وذلك أنه كان له من الولد طفيل وجماز وعطيفة ونعير وريان وكوير وكبيش، فمن ولد طفيل ابن منصور آل منصور، وذكر منهم يحيى بن طفيل بن منصور، ومن ولد جماز بن منصور آل حماز وهم: آل هبة وآل شفيع بن جماز، فمن بني هبة بن جماز بن منصور الأمراء بالمدينة وهما: جماز وسليمان ابنا هبه بن جماز، وعزيز ابن هيازع بن هبة بن جماز، وحشرم بن دوغان بن جعفر بن هبة بن جماز بن منصور، ومن ولد عطيفة بن منصور بن جماز بن شيحة الأمراء أيضاً: وهم ومانع بن علي بن عطيفة بن منصور، ومن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الأمراء آل نعيروهم: ثابت بن نعير صاحب الترجمة وعجلان بن نعير، ومن ولد ريان بن منصور بن جماز بن شيحة آل ريان ومنهم: زهير بن سليمان بن ريان، وآل كويروهم: مخزوم بن كوير، ومن ولد كبيش بن
منصور آل هدف بن كبيش ويعرفون بالهدفان، ومن ولد كبيش بن منصور الآخر آل حرمين.
ولما ولى كبيش بن منصور بن جماز بعد أبيه حكاربه عسكر بن ودي في صفر سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وفر إلى القاهرة، وملك المدينة وجى بن جماز بن شيحه، فقيض بمصر على كبيش وسجن، وولى عوضه بالمدينة طفيل بن منصور بعد ما قتل كبيش في يوم الجمعة سلخ رجب منها، فقدم طفيل المدينة في حادي عشرين شوال فأقام ثمان وسنتين وثلاثة عشر يوماً، وولى عوضه ودي بن جماز في سنة ست وثلاثين وسبعمائة، واستمر إلى سنة ثلاث وأربعينن فملك طفيل المدينة عنوة، واستمر ودي معز ولا حتى مات سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ثم عزل طفيل عن المدينة في سنة خمسين فنهبها أصحابه وفر هو، ثم قدم إلى القاهرة فسجن حتى مات في شوال سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وولى بعده الأمير سعد ابن ثابت بن جماز، وقدم المدينة يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي الحجة، فشرع في عمل الخندق حول المدينة من وراء السور، فمات ولم يكمله، في ثاني عشرين شهر ربيع الآخر سنة إثنتين وخمسين وسبعمائة، فولى بعده فضل بن قاسم بن جماز بن شيحة حتى مات في سادس عشر بن ذي القعدة سنة أربع وخمسين، وقد أكل الخندق، فولى بعده مانع بن علي بن مسعود بن جماز بن
شيحة، ثم عزل بجماز بن منصور بن جماز بن شيحة، فاستمر جماز حتى قتل بيد الفداوية أيام السلطان حسن بن محمد بن قلاوون في حادي عشرين ذي القعدة سنة تسع وخمسين وسبعمائة، قتله فدلويان لما حضر إلى خدمة المحملن فاتفق أمراء الركب عبد قتله على توليه ابنه هبة بن جماز حتى يرد مرسوم السلطان، وكتبوا بالخبر إلى السلطان، فولى عوض جماز مانع بن علي بن مسعود، هو يؤمئذ بالقاهرة، ثم عزل وهو بها، وولى عطيفة بن منصور بن جماز بن شيحة، وحمل إليه التشريف والتقليد من مصر، فقدما في ثامن شهر ربيع الآخر سنة ستين إلى المدينة، فاستمر حتى عزل بابن أخيه هبة بن جماز بن منصور في سنة ثلاث وسبعين، وقبض عليه وأعيد عمه عطيفة بن منصور حتى مات سنة ثلاث وثمانين بالمدينة، وفيها مات أيضاً هبة بن جماز بن منصور حتى مات سنة ثلاث وثمانين بالمدينة، وفيها مات أيضاً هبة بن جماز بن منصور ووليها بعد عطية جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسيني، واستقل بها حتى شاركه في الإمرة بن عمه محمد بن عطيفة بن منصور في سنة خمس وثمانين، ثم تغلب جماز عليها وانفرد بالإمرة، ثم عزل في سنة سبع وثمانين بمحمد بن عطيقة حتى مات في جمادى سنة
ثمان وثمانين، وأعيد جماز، وقدمها بعد أن كسرت رجله وعرج، ثم انتزعت المدينة منه ليلاً في غيبته لأيام من شهر ربيع سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وولى ثابت بن نعير بن منصور صاحب الترجمة وأقام جماز الأعرج خارج المدينة، ثم أعيد في صفر سنة خمس وثمانمائة بعد ما قبض عليه وأقام في السجن بالإسكندرية من سنة تسع وتسعين إلى أن أفرج عنه وأعيد، فقدم المدينة في جمادى الآخرة سنة خمس.
ثم أعيد ثابت في ربيع الأول سنة إحدى عشر وثمانمائة، وجعل السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق النظر على ثابت هذا وعلى أمير ينبع وجميع بلاد الحجاز للشريف حسن بن عجلان بن رميثة الحسنى، فلم يصل الخبر بذلك حتى مات ثابت صاحب الترجمة في صفر سنة إحدى عشرة وثمانمائة.
ففوض ابن عجلان أمير مكة إمارة المدينة لعجلان بن نعير بن منصور في آخر شهر ربيع الآخر، وقد زوجه ابنته، وبعث معه عسكراً من مكة عليه ابنه أحمد ابن حسن بن عجلان، ودخلوا المدينة يوم النصف من جمادى الأولى بعد خروج جماز منها بأيام، بعد أن أخذ حاصل المسجد النبوي وقناديل الذهب والفضة، يأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.