الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في الرهن
قوله: ولو أخرج الحزبان المال وشرطوا لواحد من الحزبين أنه إن كان الفوز لحزبه شاركهم في أخذ المال، وإن كان الفوز للحزب الآخر فلا شيء على ذلك الواحد إنما يغرم أصحابه، فيه وجهان:
أحدهما: أنه يجوز ويكفي ذلك الشخص محللًا.
وأصحهما: على ما ذكر الإمام المنع لأن المحلل هو الذي إذا فاز استبد بالمال.
وهاهنا لا يستبد بل يوزع المال عليه وعلى أصحابه لو فازوا، ولو اشتمل كل حزب على محلل على الصورة المذكورة، قال الإمام: فيه وجهان مرتبان.
وهذه الصورة أقرب إلى الصحة؛ لاشتمال كل حزب على محلل، والوجه المنع، فإن المحلل من يفوز بالإسباق. انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر المسألة من أن الوجه المنع هو من تتمة كلام الإمام، فإنه هكذا ذكر، وصرح بنقله عنه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: قال الإمام: والوجه المنع. هذا لفظه.
والمعنى: أن هذه الصورة وإن كانت أولى بالصحة من الأولى، فإن المتجه فيها أيضًا هو البطلان.
إذا علمت ذلك فقد صحح النووي في "أصل الروضة" البطلان في المسألتين كما رجحه الإمام.
قوله: إذا اختلف جنس ما يرمي به كالسهام مع المزاريق ففيه وجهان
كالوجهين في المسابقة على الإبل والخيل، وهذه الصورة أولى بالجواز، ومع هذا فالجواب في "المهذب": المنع. انتهى.
وليس في كلامه ترجيح لشيء في مسألتنا وهي السهام مع المزاريق، وإن كان الصحيح الامتناع بين الخيل والإبل، فإن حاصل كلامه: أَنّا إن منعناه هناك فهاهنا وجهان، فإن هذا هو معنى الأولوية، والراجح: عدم الصحة، كذا رجحه الرافعي في "الشرح الصغير"، فقال: ومع هذا الترتيب فالأشبه المنع. هذا لفظه.
وصححه أيضًا النووي في "الروضة" ولم يُنَبّه فيها على أنه من "زوائده" فتفطن له.
قوله: ولو شرطا ما هو واجب في العادة كإصابة الحاذق واحدًا من مائة ففي صحة العقد وجهان: أحدهما: المنع، فإن هذه المعاملة ينبغي أن يكون فيها خطر ليسعى العاقد ويتأنق في الرمي بمشاهدة رميته. انتهى كلامه.
ولم يذكر الرافعي في هذه المسألة غير ذلك وهو كلام ناقص وغير منتظم.
أما نقصانه: فواضح وهو عدم التعرض للوجه الثاني وتعليله وهو أولى بالذكر من الأول؛ إذ هو أخفى توجيهًا منه خصوصًا مع تعبيره بقوله: أحدهما، فإنه يستدعي ذكر الثاني، وأما إذا أرادوا الاقتصار على تعليل واحد فيقتصرون على الأغمض، ويعبرون بقولهم مثلًا: وجه المنع أو نحوه.
وأما عدم انتظامه: فلأن ما ذكره في آخر كلامه من مشاهدة الرمي فلا ارتباط له بهذا الكلام فتأمله، وقد ظهر الساقط بحمد الله تعالى من كلام
"الشرح الصغير" فإنه قال: وجه المنع أن هذه المعاملة ينبغي أن يكون فيها خطر ليسعى العاقد ويتأنق في الرمي، والأصح عند جماعة منهم صاحب "الكتاب" أنه يصح ليتعلم الرمي بمشاهدة رميه. هذا لفظه.
فسقط من الرمي إلى الرمي من الناقل من المسودة فلزم إخلال النُّسخ.
وقد اختصر النووي في "الروضة" هذا الموضع باجتهاده فإنه قال: ففي صحة العقد وجهان:
وجه المنع: أن هذا العقد ينبغي أن يكون فيه خطر ليتأنق الرامي في الإصابة. هذا لفظه. فأسقط من التعليل الكلام المشكل وهو الأخير وأتى بالباقي بصيغة لا تستدعي ذكر الوجه الآخر وتعليله.
ولقد أحسن في هذا الاختصار حيث لم يتفطن للساقط ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
وسكت الرافعي والنووي عما لو شرط إصابة تسعة من عشرة، وقد ذكرها الشيخ في "التنبيه" وحكى فيها قولين وصحح المنع كما في عشرة من عشرة.
قوله: ثم كتب كثير من الأصحاب، منهم العراقيون مصرحة بأنه لابد من ذكر ما يريدان من القرع والخزق والخسق بخلاف الخرم والمرق فإنهم لم يشترطوا التعرض لهما.
والأصح ما ذكره البغوي: أنه لا يشترط، قال: وإذا أطلقا العقد حملا على القرع، لأنه المتعارف. انتهى.
تابعه في "الروضة" على نقله عن العراقيين.
واعلم أن الماوردي والشيخ في "المهذب" بعد ذكرهما اشتراط بيان
الثلاثة، قالا: إنهما إذا أطلقا حمل على القرع، وهو يدل على أن التنصيص عليه إنما هو على جهة الأولوية عندهم.
قوله: وهل يشترط في العقد التعرض للمحاطة والمبادرة؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم ويفسد إذا تركاه لتفاوت الأغراض فإن من الرماة من يكثر الإصابة في الابتداء ويقل في الانتهاء، ومنهم من هو على عكس ذلك.
وأصحهما على ما ذكر صاحب "التهذيب": أنه لا يشترط، وإذا أطلقاه حمل العقد على المبادرة، فإنها الغالب من المناضلة. انتهى كلامه.
وقد اختلف تصحيحه في هذه المسألة، وصحح في "الشرح الصغير": أنه لا يشترط، وعَبّر: بالأصح ولم ينقله عن صاحب "التهذيب".
وجزم في "المحرر" بأنه يشترط، فقال: فصل: يشترط في المناضلة بيان أنهما يرميان مبادرة أو محاطة (1). هذا لفظه.
واختلف كلام النووي أيضًا في هذه المسألة، فإنه جزم في "المنهاج" بمثل ما في "المحرر" وأطلق في "الروضة" تصحيح عدم الاشتراط.
قوله: ويشترط العلم بالمسافة التي يرميان إليها فإن لم يكن للرماة عادة فلابد من البيان في العقد وإن كان بأن كانت لهم هناك مرمى معروفة فقولان الراجح: أنه لا يشترط وينزل العقد على العادة.
ثم إن المسألة على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يتوقع فيه الإصابة ويقرب.
والثاني: ما تمتنع الإصابة فيها في العادة.
والثالث: ما تعذر فيها الإصابة. انتهى ملخصًا.
(1) بأن تزيد إصابته على إصابة الآخر بكذا.
فيه أمران:
أحدهما: أنه أهمل قسمًا رابعًا وهو: أن تتحقق الإصابة، وقد ذكر هذه الأقسام الأربعة في عدد الإصابة، وقد سبق الكلام على هذا القسم بعينه في المسألة السابقة، وذكرت فيه ما حاصله: رجحان الجواز فراجعه، ولا شك أن الرافعي تركه نسيانًا.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد ذكر قبل ذلك أوجهًا في اشتراط بيان النوع الذي يرمي به كالقوس العربي والفارسي.
أصحها وهو قول الأكثرين: أنه لا يشترط سواء غلب نوع أم لا؛ لأن الاعتماد على الرامي، وحينئذ فإن اتفقا على نوع وإلا فيفسخ العقد.
والثاني: يشترط مطلقًا لاختلاف الغرض.
والثالث: إن غلب في موضعهما نوع صح ونزل العقد عليه وإلا فيبطل. انتهى.
وهذا مخالف لما ذكره في اعتبار المسافة بالنسبة إلى العادة، وذكر أيضًا أنه هل يجب التعرض لعدد الرمي أم لا؟
قال: فيه ثلاثة أوجه:
الأكثرون: على أنه يشترط لأن الإرشاق في المناضلة كالميدان في المسابقة.
والثاني: لا لأنه قد لا يستوفي الإرشاق لحصول المقصود في خلالها.
والثالث: يشترط ذلك في المحاطة لينفصل الأمر وتتبين نهاية العقد دون المبادرة. انتهى.
فقد صحح هاهنا اشتراطه مطلقًا من غير تعرض لعادة غالبة وغيرها.
وذكر أيضًا نحوه في اشتراط البادئ منهما، ولم يصحح الرجوع إلى
العادة في تقديم مخرج المال، وهما أيضًا مخالفان لكل واحد من الموضعين السابقين.
والمتجه استواء الجميع في اعتبار العادة أو عدم اعتبارها.
واعلم أن صاحب "التنبيه" ذكر أن الرمي ينقسم إلى محاطة ومبادرة ومناضلة، ولم يتعرض الرافعي وغيره إلا للقسمين الأولين.
قوله في "الروضة" في الكلام على المسألة: وهل يشترط ذكر الإرشاق وبيان عددها في العقد؟
فيه طريقان: المذهب وبه قطع عامة الأصحاب، يشترط ذلك في المحاطة والمبادرة ليكون للعمل ضبط.
والإرشاق في المناضلة كالميدان في المسابقة.
والثاني: فيه ثلاثة أوجه ذكرها الإمام، وجعلها الغزالي أقوالًا: أحدها: هذا. . . . إلى آخر ما سبق.
واعلم أن الغزالي رحمه الله في "البسيط" قد جعل الخلاف أوجهًا كما جعله إمامه.
وإنما ذكر أنها أقوال في "الوسيط" خاصة، وهكذا قيد الرافعي أيضًا، وأطلق النووي النقل عنه فتوجه عليه الاعتراض.
على أن الغزالى وغيره من المراوزة لم يلتزموا التفرقة بين الأوجه والأقوال، وإنما اللفظان عندهم لمطلق الخلاف، فليس في التعرض لهذا النقل عنه كثير فائدة.
قوله: الثاني: ذهب الإمام والغزالي إلى أنه لا يشترط استواء الحزبين في العدد حتى يجوز أن يكون أحد الحزبين ثلاثة والثاني أربعة والإرشاق مائة، وأن يرامي رجل رجلين أو ثلاثة فيرمي هو ثلاثة وكل واحد منهم واحد.
وذهب صاحب "المهذب" و"التهذيب" وغيرهما إلى المنع. انتهى ملخصًا.
ذكر نحوه في "الروضة" أيضًا، والأكثرون على ما صرح به الرافعي في "الشرح الصغير" على الثاني.
قوله: ولا يجوز أن يعقدا قبل تعيين الأعوان ولا وجه لالتزام الرماة في الذمة، نَصّ عليه القفال والأئمة.
فيختار زعيم واحدًا والزعيم الآخر في مقابلته واحدًا، ثم الأول واحدًا ثم الآخر واحدًا إلى أن يستوعبوا.
ولا يجوز أن يختار واحدًا جميع الحزب أولًا، لأنه لا يؤمن أن يستوعب الحذاق ولا يجوز أن يعينا الأصحاب بالقرعة لأنها قد تجمع الحذاق، في أحد الجانبين وفي الثاني الخرق، وأيضًا فالقرعة لا مدخل لها في عقود المعاوضات، وكذلك لا تجوز المسابقة على أن من خرجت منهم، فقد قال الإمام: لا بأس به، فإن القرعة بعد أن تعدل الحصص والأقساط معهودة، والذي أورده صاحب "المهذب" و"التهذيب" وغيرهما المنع لأن تعيين المعقود عليه بالقرعة في المعاوضات لا يجوز.
هذا ما ذكروه، ولك أن تقول: قد تقرر أن العقد لا يجوز قبل التعيين وحينئذ فقولهما لا يجوز التعيين بالقرعة وإنما التعيين بالاختيار، إما أن يريد به: أن مناضلة الحزبين على أن يكون مع كل زعيم الذين تخرجهم القرعة له لا يجوز، أو يريد به: أن المناضلة على عين من أخرجته القرعة لا يجوز، إن أراد الأول: فالمناضلة على من يختاران من بعد وجب أن لا يجوز أيضًا كما في سائر العقود، وإن أراد الثاني: وجب أن يحكم بالجواز، فإنهما إذا اختارا بلا قرعة وعقدا يجوز، فإذا خرجت القرعة ورضيا بمن أخرجته وعقدا عليهم وجب القول بالجواز.
فإذا لا فرق بين التعيين بالاختيار والتعيين بالقرعة. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره من كونه لا يجوز أن يختار واحدًا ولا جميع الحزب ولا التعيين بالقرعة مخالف لما ذكره في أثناء السؤال الذي أورده على "المهذب" و"التهذيب" فإن فيه الجزم بالجواز، وسيأتيك واضحًا إن شاء الله تعالى في الكلام عليه، أعني على السؤال.
نعم صرح الماوردي وغيره في الاختيار بما قاله الرافعي وعلله بأنه يختار الحذاق خاصة فيفوت المقصود من المسابقة وهو التحريض، وقياس القرعة كذلك. وقد يفرق بأن القرعة قد لا تؤدى إليه.
والحذق المذكور أولًا في كلام "الرافعي": هو بالحاء المهملة المضمومة والذال المشددة المفتوحة جمع حاذق وهو الماهر الفطن.
والخرق المذكور ثانيًا بالخاء المعجمة المضمومة والراء الساكنة جمع أخرق كأحمر وحمر، والأخرق: قليل المعرفة بالأمور.
الأمر الثاني: في الكلام على قول الرافعي: وكذلك لا تجوز المسابقة على أن من خرجت منهم، فقد قال الإمام: لا بأس به. . . . إلى آخره، فإنه كلام ملبس، والمراد ما ذكره في "الروضة" فإنه عبر بقوله: ولهذا لا تجوز المناضلة على تعيين من خرجت القرعة عليهم، وقال الإمام: لا بأس به، هذه عبارته.
وهو مراد الرافعي، إلا أن في تعبيره عجمة مع ما حصل في النسخ أيضًا من تغيير بعض الحروف كتعويض اللام الداخلة على ذلك بالكاف. والواو الداخلة على قد بالفاء، وغير ذلك.
ولو عبر النووي بقوله: من تخرج القرعة "عليهم" عوضًا عن:
"خرجت"، لكان أظهر في المراد.
الأمر الثالث: أن ما نقله الرافعي عن الإمام من جواز عقد المسابقة على من تخرجه القرعة قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو غلط عجيب فإن الذي ذكره الإمام أن التعيين قبل عقد المسابقة لابد منه، وأن التعيين إن كان بالقرعة فينبغي العدل في الحزبين أولًا قبل الإقراع بينهما، ثم حكى ما قاله الرافعي احتمالًا، وصرح بأنه بعيد.
فقال: ومما ذكره الأئمة في اعتبار التعديل أنهم إذا كانوا يقتسمون الأعوان فلا ينبغي أن تحكم القرعة، فإن القرعة تعدل وتجور، فقد تجمع الحذق في جانب والخرق في جانب، بل الوجه أن يقتسموا على اعتدال فيضم حاذق إلى أخرق، وكذا في الجانب الثاني حتى إذا أرادوا بعد ذلك القرعة فلا بأس، فإن القرعة تستعمل في القسم بعد تعديل الحصص والأقساط، ثم قال: فنقول: إن اقترعوا ثم أنشأوا رضًا بما أمضته القرعة فلا بأس فإنهم لو تحكموا بذلك جاز، وإن قالوا: رضينا بما تقتضيه القرعة ثم فرض رجوع عن هذا الرضا جاز، وإن استمروا على الرضا ولم ينشئوا رضا بعد انفصال الأمر بالقرعة فالظاهر أن ذلك الرضا غير صحيح، فإنه في حكم المتعلق بما سيكون وتعليق الرضا باطل، ولا يمتنع أن يحتمل في معاملة مبناها على الخطر.
والأَوْجَه: المنع، والاحتمال بعيد.
وحينئذ، فإن فرض الاقتراع بعد العقد فالعقد باطل، لما قدمناه من اشتراط نزوله على [معينين]، وإن فرض قبل العقد فالعقد يرد على [معينين] فلتكف القرعة إذا كان التراضي يقع بعدها لأن من ضرورة [إنشاء](1) العقد الرضا باللذين تقع الإشارة إليهم.
(1) سقط من أ.
هذا كلام الإمام، وقد علم به أن ما نقله عنه الرافعي وهم عجيب سببه أنه نظر إلى أول الكلام فقط ذاهلًا أيضًا عن المراد به.
الأمر الرابع: أن السؤال الذي أورده الرافعي سؤال فاسد فلنتكلم أولًا على مدلوله ثم على الاعتراض عليه.
فنقول: أما مدلوله فصحيح، وهو أن صاحب "التهذيب" و"المهذب" إن أرادا: أن عقد المناضلة لا يجوز على من تخرجه القرعة في المستقبل بعد العقد فهو مسلم، لكن التعبير بالاختيار كذلك أيضًا، فإن المتسابقين لو عقدا المناضلة على من يختارانه بعد ذلك لم يجز، لأنه قد تقرر أن العقد لا يجوز قبل التعيين، فإن أرادا: أنه لا يجوز عقدها على من خرجت عليه القرعة في الماضي وصار متعينًا بالقرعة فهو ممنوع، بل يجب القول بالجواز، فإنهما إذا اختارا من غير قرعة ثم عقدا يجوز فكذلك إذا رضينا بمن أخرجته القرعة وعقدا عليه، فلزم أن لا فرق بين التعيين بالقرعة والتعيين بالاختيار. هذا معنى كلامه وهو صحيح، وحاصله أنهما مسألتان:
إحداهما: أن التعيين الطارئ هل يكفي لصحة العقد المتقدم؟
[والثانية: أن التعيين المتقدم](1) هل يصح إيراد العقد عليه؟
وأما الكلام على الذي يرد على السؤال: فهو إيراد على ما قاله صاحب "المهذب" و"التهذيب" هنا، وما قالاه في [أول] (2) الكلام تبعًا للأصحاب لا بالتنصيص عليها بخصوصها: أن التعيين بالاختيار لا بالقرعة، وحينئذ فنقول: ما قاله الرافعي على تقدير إرادة الأول صحيح.
وأما التقدير الثاني: وهو أن يريد أن الذي أخرجته القرعة لا يجوز إيراد عقد المسابقة عليه، فالذي رده به وهو جواز عقدهما على ما يختاراه من
(1) سقط من ب.
(2)
سقط من أ.
غير قرعة فاسد، فقد سبق أن الاختيار الجائز أن يختار هذا واحدًا وذاك واحدًا إلى استيعاب الجماعة، وأن أحد الزعيمين ليس له اختيار أصحابه أولًا، وحينئذ فالقرعة ليست نظير ذلك؛ لأنها قد تخرج على الحذاق جميعهم.
قوله: فإذا أنضل أحد الحزبين فيقسم المال بينهم على عدد رؤوسهم أو على عدد الإصابات؟ فيه وجهان: أشبههما وهو المذكور في "الكتاب" وحكى الإمام القطع به: أنه يقسم على عدد رؤوسهم. انتهى كلامه.
وما ذكره من ترجيح القسمة على عدد الرؤوس ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا وعبر بمثل ما عبر به هنا، ثم خالف في "المحرر" فرجح الوجه الآخر، فقال: وهل يقسم المال بينهم على عدد رؤوسهم أو بحسب الإصابة؟ فيه وجهان: أشبهما: الثاني. هذا لفظه.
وهو اختلاف عجيب حيث عبر بالأشبه في الموضعين، والذي يظهر أن الرافعي أراد الأول فسبق القلم إلى الثاني لقرينة ما ذكرناه مع عدم نقله لترجيح مقابله عن أحد.
ووقع هذا الاختلاف أيضًا بين "الروضة" و"المنهاج"، وصرح بلفظ:"الصحيح" فيهما عوضًا عن "الأشبه".
قوله: هذا إذا أطلقوا العقد، فإن شرطوا أن يقسموا على الإصابة فالشرط متبع وللإمام فيه احتمال. انتهى.
واعلم أن الإطلاق يقتضي التساوي في المال المخرج، ومع ذلك ففي شرط التفاوت فيه وجهان ومسألتنا نظيره.
قوله: ولو انصدم السهم بالأرض ثم ازدلف -أي انتقل- وأصاب الغرض حسب له على الأصح، وقيل: لا يحسب. انتهى.
وإذا قلنا: بأنه لا يحتسب له فلا يحتسب عليه أيضًا، ذكره الشيخ في
"التنبيه".
قوله في "أصل الروضة": ولو ازدلف ولم يصب الغرض حسب عليه على الأصح. انتهى كلامه.
وما صححه من الحسبان عليه قد خالفه في "تصحيح التنبيه" فصحح أنه لا يحسب عليه، وليست المسألة في "المنهاج".
قوله: أما إذا قالا: يرمي عشرين رشقًا على أن يسقط الأقرب الأبعد فمن فضل له خمسة فهو ناضل، فهو صحيح والشرط متبع على المذهب، ثم قال: فإذا وقع سهم أحدهما بقرب الغرض وأصاب سهم الآخر الغرض، فالمنقول: أن الثاني يسقط الأول كما يسقط الأقرب الأبعد.
ولك أن تقول: ينبغي أن ينظر إلى لفظ الشرط في العقد إن كان الشرط إسقاط الأسَدّ أو الأصوب غيره فهذا ظاهر، وكذا إن كان الشرط إسقاط الأقرب الأبعد على معنى الأقرب إلى الصواب، وأما إذا كان الشرط إسقاط الأقرب إلى الغرض الأبعد عنه، فينبغي أن يتساويا لأن الموصوف بأنه أقرب إلى الغرض وأبعد عنه ينبغي أن يكون خارجًا عنه، وهما جميعًا في الغرض. انتهى كلامه.
والذي قاله يجاب عنه: بأن هذا أَسَدّ فاعتبر، كما إذا شرط الخسق فمرق. وقد صرح البغوى وابن الصباغ بالصورة الثانية، وأجابا بما تقدم، وأشارا إلى هذا الجواب.
قوله في "أصل الروضة": ولو هبت الريح فنقلت الغرض إلى موضع آخر، فأصاب الموضع المنتقل عنه حُسب له إن كان الشرط الإصابة، ثم قال: ولو أصاب الغرض في المكان المنتقل إليه حُسب عليه لا له. انتهى.
وما ذكره من أنه يحتسب عليه عند إصابة الغرض يؤخذ منه الحسبان
عليه بطريق الأولى إذا لم يصبه.
إذا علمت ذلك فقد خالف في "المنهاج" فقال: ولو نقلت ريح الغرض، فأصاب موضعه حسب له وإلا فلا يحتسب عليه. هذا كلامه.
والمسألة مذكورة في أكثر نسخ "المحرر" على الصواب، وفي بعضها كما في "المنهاج" فلعلها الواقعة له.
قوله: ولو عقد المناضلة في الصحة ودفع المال في مرض الموت، فهو من رأس المال إن جعلناها إجارة، وإن قلنا: جعالة فوجهان، ولو ابتدأ العقد في المرض فيحتمل أن يحسب من الثلث، ويحتمل أن ينبني على القولين. ذكره في "البحر". انتهى.
قال في "الروضة": الأصح أو الصواب القطع بأنه من رأس المال في الصورتين، سواء قلنا إجارة أو جعالة؛ لأنه ليس بتبرع ولا محاباة فيه وإذا كان ما يصرفه في ملاذ شهواته من طعام وشراب ونكاح وغيره مما لا ضرورة إليه ولا ندبه الشرع إليه محسوبًا من رأس المال فالمسابقة التي ندب الشرع إليها ويحتاج إلى تعلمها أولى.