الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب عتق أمهات الأولاد
قوله في أصل "الروضة": فإذا قلنا بالمذهب لأنه لا يجوز بيعها فقضى بجوازه قاض فحكى الروياني عن الأصحاب أنه ينقض قضاؤه وما كان فيه من خلاف بين الفرق الأول فقد انقطع، وصار مجمعًا على منعه، ونقل الإمام فيه وجهين. انتهى كلامه.
ومقتضاه رجحان النص، وقد تقدم من كلامه في الباب الثاني المعقود لجامع آداب القضاء في الكلام على ما ينقض من الأحكام، ما يخالف ذلك وقد تقدم ذكره هناك مبسوطًا فراجعه.
قوله: وللأصوليين خلاف في أنه هل يشترط لحصول الإجماع انقراض العصر؟ ثم قال: ولأصحابنا أيضًا وجهان. في ما إذا اختلف الصحابة في مسألة، ثم اجتمع التابعون على أحد القولين، هل يرتفع به الخلاف الأول؟ انتهى.
والصحيح أنه يرتفع فقد قال الغزالي في "المنخول" وابن برهان في "الأوسط": إنه مذهب الشافعي، وقال إمام الحرمين في "البرهان": ميل الشافعي إليه، قال: ومن عبارته الرشيقة في ذلك أن المذاهب لا تموت بموت أصحابها.
وقال النووي في كتاب الجنائز من "شرح مسلم" في الكلام على الصلاة بعد الدفن: إن الأصح أنه إجماع، وكأنه قلد فيه بعض الأصوليين.
قوله: أيضًا في الروضة في تزويجها أقوال أظهرها: للسيد الاستقلال به لأنه يملك إجازتها ووطئها كالمدبرة.
والثاني: قاله في القديم لا يزوجها برضاها.
والثالث: لا يجوز وإن رضيت، انتهى كلامه.
وما ذكره هنا من كون الخلاف أقوالًا، قد ناقضه في كتاب النكاح في الباب الخامس منه فجعله وجوهًا، وذكر مثله في "المنهاج" أيضًا، ولم يقع في كلام الرافعي اختلاف كما تقدم بسطه هناك.
قوله: وهل للكافر تزويج مستولدته؟ فيه وجهان حكاهما الصيدلاني وهو الذي أجاب به القفال.
أحدهما: لا لانقطاع الموالاة.
والثاني: نعم لكونه مالكًا، وذكر على الوجه الأول أن القاضي لا يزوجها، وعن أبي إسحاق أن الحاكم يزوجها إذا أرادته المستولدة، وكذلك إن أراد السيد. انتهى.
والأصح أن الكافر لا يزوج المستولدة بقوله أصحهما لا وبه قطع القفال هذا لفظه والذي دلت عليه عبارة الرافعي أن القفال أجاب أيضًا بالوجهين.
قوله: وعن أبي إسحاق أن أم ولد الذمي إذا أسلمت تكون أحق بحضانة الولد ما لم تتزوج، وإذا تزوجت صار الأب أحق بالولد، إلا أن يكون الولد مميزًا ويخاف أن يفتنه في دينه فلا يترك عنده. انتهى.
والذي نقله هنا عن أبي إسحاق من ثبوت الحضانة للأب، وأقره عليه خلاف المعروف فإن الصحيح أنه لا حضانة لكافر على مسلم، وقد استدركه عليه في "الروضة".
قوله: في فتاوى القفال أن العبد إذا أولد جارية ابنه الحر لا حد عليه، وثبت النسب، ولا يثبت الاستيلاد وأن المكاتب إذا أولد جارية ولده فيحتمل ينبني ثبوت الاستيلاد على الخلاف المتقدم في جارية نفسه. انتهى.
تابعه في "الروضة" على ذلك، فأما ما نقله عن القفال أولًا فقد أهمل منه ثبوت حرية الولد، فإن القفال أفتى أيضًا به.
كذا حكاه الرافعي عنه في أواخر النكاح في الكلام على وطء الأب جارية ولده، وحكى معه وجهًا آخر، أنه لا يثبت ولم يصحح منهما شيئًا وأما ما نقله ثانيًا من احتمال التخريج المذكور، فقد جزم به الرافعي أيضًا في الموضع المشار إليه.
قوله: وإذا أولد جاريته المحرمة عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة ولزمه التعزير وفي قول الحد، ثم قال ما نصه: وعلى القولين لو أولدها يكون الولد حرًا نسبًا وتصير هي مستولدة.
قال الأصحاب: ولا يتصور اجتماع هذه الأحكام مع وجوب الحد، إلا في هذه الصور على أحد القولين. انتهى كلامه.
وبه تم أيضًا كتابه رحمه الله، فيه أمران:
أحدهما: أن ما جزم به هاهنا من كونه حرًا نسبًا مع القول بوجوب الحد، قد صحح خلافه في موضعين أحدهما في أواخر النكاح في الفصل المعقود، لوطء الأب جارية الابن. والثاني في باب حد الزنا في الكلام على وطء الشبهة وقد سبق لفظ كل من الموضعين في بابه فراجعه.
ووقعت المواضع الثلاثة في "الروضة" على هذا الاختلاف الواقع هنا.
الأمر الثاني: أن ما ذكره من هذه الأحكام وهي الحرية والنسب، والاستيلاد لا يتصور اجتماعها مع الحد على قول إلا في هذه الصور غريب بل يتحصل مما نقله الرافعي في باب حد الزنا، وفي الكلام على وطء جارية الولد مسائل أخرى:
إحداها: إذا وطيء الأب جارية ولده واستولدها ولم تكن مستولدة الابن.
ثانيها: إذا أولد الرجل جاريته المشتركة.
ثالثها: إذا أولد جاريته المزوجة.
رابعها: إذا أولد جاريته المعتدة من زوجها.
خامسها: إذا أولد أمته المحبوسة (1) أو المبتوتة.
سادسها: إذا أولد الذمي أمته التي أسلمت قبل أن تباع عليه.
سابعها: أن يولد أمته المحرمة عليه تحريمًا مؤبدًا بنسب أو رضاع أو مصاهرة.
فجميع ما ذكرناه يثبت فيه الحرية والنسب والاستيلاد مع وجوب الحد على قول كما تلخص في الموضعين المشار إليهما من كلامهما معًا رضي الله عنهما وأرضاهما ونفعنا ببركاتهما وحشرنا وإياهما في زمرة نبيه ومستقر رحمته.
-[تم الكتاب]-
والله الموفق للصواب، والمسئول من الله النفع لي ولوالدي ولأحبائي، وسائر المسلمين وأن لا يخيب سعينا، ولا يضيع عملنا، وأن يجعلنا من أهل العلم العاملين به، وأن يختم أعمالنا بخير بمنه وكرمه.
ونختم الكتاب بما بدأنا به، وهو حمد الله والصلاة على رسوله، فنقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كلما ذكره الذاكرون، وكلما سها عنه الغافلون، ورضي الله عن أصحابه أجمعين.
قال سيدنا ومولانا وشيخنا الإمام العلامة جمال الإسلام والمسلمين رحمه الله: وقد تنصب من تأليفي هذا من أوله إلى صلاة الخوف في مدة
(1) في أ: كلمة تشبه المجوسية.
آخرها أواخر سنة أربع وأربعين وسبعمائة، ثم إلى كتاب الإقرار في مدة آخرها شهر رمضان سنة خمس وأربعين، ثم إلى كتاب الوديعة في مدة آخرها أثناء تسع وأربعين وباقي الكتاب في مدة أواخرها قبيل الستين سنة سوى زيادات وقعت بعد ذلك اللهم انفع به واغفر لمؤلفه وأحبابه وارحمه رحمة واسعة وأحبابه، واجعله من خيار أهل العلم، واختم له بالخير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.
هذا آخر كلام المصنف عفا الله عنه، وتغمده برحمتك يا أرحم الراحمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.