المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحكم الثالث: في تصرفات السيد في المكاتب وفي تصرفات المكاتب - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٩

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌النظر الأول فيما يفيد الحل وهي أركان الذبح وما يقوم مقامه وهو العقر

- ‌ النظر الثاني في بيان ما يملك به الصيد

- ‌كتاب الضحايا والعقيقة

- ‌النظر الأول في الأركان

- ‌ النظر الثاني في أحكام الأضحية

- ‌ الكلام على العقيقة

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الفصل الأول في حالة الاختيار

- ‌الفصل الثاني في حال الاضطرار

- ‌كتاب السبق والرمي

- ‌الباب الأول في المسابقة

- ‌الباب الثاني في الرهن

- ‌كتاب الأيمان

- ‌الباب الأول: في نفس اليمين

- ‌فصل في لغات الباب

- ‌الباب الثاني: في كفارة اليمين

- ‌الباب الثالث: فيما يقع به الحنث

- ‌النوع الأول: الدخول والمساكنة

- ‌النوع الثاني: لفظ الأكل والشرب

- ‌النوع الثالث: في العقود

- ‌النوع الرابع: في الإضافات

- ‌النوع الخامس: في الكلام

- ‌النوع السادس: في تأخير الحنث وتقديمه

- ‌النوع السابع: في الخصومات

- ‌كتاب [النذر]

- ‌الأول: في الأركان

- ‌ الثاني: في أحكام النذر والملتزمات

- ‌النوع الأول: الصوم

- ‌النوع الثاني: الحج والعمرة

- ‌النوع الثالث: إتيان المسجد

- ‌النوع الرابع: الهدايا والضحايا

- ‌ مسائل منثورة

- ‌كتاب القضاء

- ‌الباب الأول: في التولية والعزل

- ‌الفصل الأول: في التولية

- ‌الفصل الثاني: في العزل والانعزال

- ‌الباب الثاني: في جامع آداب القضاء

- ‌الفصل الأول: في آداب متفرقة وهي عشرة

- ‌الفصل الثاني: في مستند قضائه

- ‌الفصل الثالث: في التسوية

- ‌الباب الثالث: في القضاء علي الغائب

- ‌الباب الرابع: في القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌الباب الأول: في الصفات المعتبرة في الشاهد

- ‌الباب الثاني: في العدد والذكورة

- ‌الباب الثالث: في مستند علم الشاهد

- ‌ فصل في آداب التحمل والأداء منقولة من مختصر الصيمري

- ‌الباب الرابع: في الشاهد واليمين

- ‌الباب الخامس: في الشهادة على الشهادة

- ‌الباب السادس: في الرجوع عن الشهادة

- ‌كتاب الدعاوى والبينات

- ‌الركن الأول: في الدعوى

- ‌ الركن الثاني: جواب المدعى عليه

- ‌ الركن الثالث: في اليمين

- ‌ الركن الرابع: النكول

- ‌ الركن الخامس: البينة

- ‌الباب الأول: في مسائل منثورة

- ‌الباب الثاني: في دعوى النسب

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌الحكم الثاني: في الأداء والإتيان

- ‌الحكم الثالث: في تصرفات السيد في المكاتب وفي تصرفات المكاتب

- ‌الحكم الرابع: في ولد المكاتبة

- ‌الحكم الخامس: في جناية المكاتب والجناية عليه

- ‌كتاب عتق أمهات الأولاد

الفصل: ‌الحكم الثالث: في تصرفات السيد في المكاتب وفي تصرفات المكاتب

‌الحكم الثالث: في تصرفات السيد في المكاتب وفي تصرفات المكاتب

قوله: والجديد أنه لا يجوز بيع رقبة المكاتب، وأجابوا عن قضية بريرة بأنها عجزت نفسها ثم اشترتها. انتهى.

وامتناع البيع محله إذا لم يرض المكاتب بالبيع فإن رضي جاز وكان رضاه فسخًا.

كذا نقله البيهقي في كتاب البيع من "السنن الكبير"، عن نص الشافعي وذكرها أيضًا القاضي الحسين في تعليقه، وهي مسألة حسنة.

قوله: أما الوصية بالمكاتب فهي جائزة على القول القديم الذي يجوز فيه البيع إلى آخر المسألة.

وهذه المسألة قد وقع فيها اضطراب عجيب سبق التنبيه عليه، وعلى ما عليه الفتوى واضحًا مفصلًا في كتاب الوصية فراجعه.

قوله: ولا يجوز للسيد أن يبيع نجوم الكتابة على المذهب، لأنه بيع للدين من غير من عليه ولا أن يستبدل بها في أظهر الوجهين. انتهى.

وما ذكره من امتناع بيع الدين، فقد اختلف فيه كلامه وقد تقدم مبسوطًا في كتاب البيع، وأما منعه للاستدلال فقد خالفه في الباب الثاني من كتاب الشفعة، وقد تقدم ذكر لفظه هناك.

والصواب جوازه، فقد نص عليه الشافعي في "الأم" في باب [قطاعة] المكاتب.

فقال ما نصه: ولو حلت نجومه كلها وهي دنانير"، فأراد أن يأخذ بها منه دراهم أو عرضًا يتراضيان ويقبضه السيد قبل أن يتفرقا، كان جائزًا،

ص: 506

كما لو كانت له على رجل حُر دنانير حالة فأخذ بها منه عرضًا هذا لفظ الشافعي بحروفه ومن "الأم" نقلته.

ورأيت أيضًا في "البويطي" ما يدل عليه فإنه قال: ولو كاتب رجل عبده بعشرة دنانير وللعبد على السيد مائة درهم فأراد أن يسقط بعضه عن بعض لم يجز لأنه دين بدين.

ولأن حديث ابن عمر إنما كان أحدهما دينًا والآخر نقدًا. انتهى.

فتعليله المنع بكونه دينًا بدين يدل على الجواز فيما عداه، ووقع هذا الاختلاف أيضًا في "الروضة" على [كيفية هي أشد مما وقع هنا فإنه عبر في الكتابة بالصحيح فاقتضى](1) أن الجواز وجه ضعيف.

قوله: وإذا ثبت لكل [واحد](2) منهما على صاحبه دين فإن كانا نقدين واتفقا في الحلول وسائر الصفات ففيه أقوال:

أحدها: لا تقاض وإن رضيا به لأنه بيع دين بدين.

والثانى: يجوز برضى أحدهما.

والثالث: برضاهما.

والرابع: وهو المشهور كما قاله أبو الفرج الزاز أنه يحصل بمجرد ثبوت الدين. فلو تراضيا على جعل الحال قصاصًا بالمؤجل لم يجز كما في الحوالة، وحكى أبو الفرج فيهما وجهًا آخر. انتهى كلامه.

وهذا الذي حكاه وجهًا واقتضى كلامه غرابته، وتابعه عليه في "الروضة" هو مذهب الشافعي، فقد نص عليه في "الأم" في باب الجناية على المكاتب بعد ورقة من أوله في الكلام على جناية السيد عليه.

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

ص: 507

ولأجل ذلك قال البندنيجي: إن الأصحاب في ذلك مخالفون منصوص الشافعي لا عن قصد ولكن لقلة نظرهم في كتبه.

قوله: ولو كانا مؤجلين بأجل واحد فقد قيل هو كما لو كانا حالين، وهذا أوجه عند الإمام لكنه تردد في مجيء القول الرابع وقال في "التهذيب": والصحيح أنهما كالمؤجلين بأجلين مختلفين. انتهى كلامه.

ذكر مثله في "الروضة" وما ذكره الإمام من التوقف في مجيء الرابع وهو السقوط بمجرد الثبوت، وتابعه الرافعي والنووي عليه، واقتضى كلامهما عدم الوقوف عليه قد صرح به القاضي الحسين في تعليقه فقال: لا خلاف أنه لا يقع التقاضي بنفس التواجب ولكن لو تراضيا على ذلك يجوز هذا لفظه بحروفه، وحاصله أنهما يسقطان بالتراضي لا بالثبوت بلا خلاف ثم علله بعد ذلك بأسطر، فقال: لأنه ربما يموت أحدهما فيحل الحق عليه دون الآخر.

قوله: وإن لم يكونا نقدين فعن صاحب "التقريب" أنا إن جوزناه في النقدين ففي ذوات الأمثال وجهان، فإن جوزناه فيها ففي غيرها وجهان، والذي أورده العراقيون وغيرهم أن التقاضي لا يجري في غير النقدين. انتهى.

والمثليات قد نص عليها الشافعي رضي الله عنه وحكم فيها في التقاضي.

واعلم أن كلام الرافعي والنووي يقتضي جريان الخلاف في العروض المسلم فيها، مع أنه ليس كذلك بلا خلاف لامتناع الاعتياض عنها، كذا صرح به القاضي الحسين والماوردي ونص عليه الشافعي.

قوله: وهل للموصي له بالنجوم إبراؤه [عنها](1) أبدى ابن كج فيه

(1) سقط من ب.

ص: 508

احتمالين ويرويان عن القاضي الحسين.

أحدهما: نعم لأنه يملك الاستيفاء فيملك الإبراء.

والثاني: لا لأنه ملكه استيفاء النجوم ولم يملكه تفويت الرقبة على الورثة انتهى.

لم يرجح في "الروضة" شيئًا منهما أيضًا والراجح الصحة، فقد جزم به ابن الصباغ وصححه القاضي الحسين في تعليقه وعبر بلفظ الأصح.

قوله: ولو قال ضعوا عنه أكثر ما عليه أو أكثر ما بقى عليه وضع [عنه نصف ما عليه وزيادة وتقدير الزيادة إلى اختيار](1) الوارث، ثم قال عقب هذا الكلام ما نصه: وذكر الصيدلاني أنه إذا كانت الزيادة فوق الأقل المجزيء فما زاد على ما يجزئ ابتداء عطية من قبل الوارث لأن اللفظ يتناول القليل والكثير.

قال الإمام: وهذا عندي مأخوذ عليه بل هو تفضل منهما، ألا ترى أنهم لو اقتصروا على الأقل المجزئ لم يجز أن يقال أنهم نقصوا من الوصية. انتهى كلامه.

وهو غلط وقع في النسخ فإن حاصله اتحاد مقالة الإمام والصيدلاني وقد ذكر الإمام المسألة على الصواب، فنقل عن الصيدلاني أن الزائد يكون وصية لا ابتداء عطية من الورثة، ثم إنه خالفه بعد ذلك، فإنه قال: فقال الصيدلاني: كل ما يضعونه محمول على الوصية، ولا يكون ذلك منهم ابتداء تبرع، فإن اسم الأكثر كما يمكن تنزيله على النصف، وأدنى زيادة فهو محتمل لما يزيد ولهم أن يحملوا اللفظ على محتملاته والذي ذكره مأخوذ عليه، بل ما يزيد على الأقل تفضل منهم إذ لو اقتصروا عليه لقيل

(1) سقط من أ.

ص: 509

إنهم لم ينقصوا من الوصية شيئًا، وهذا الذي ذكرناه يجري في كل وصية لا يتقدر بمقدار، فظهر بذلك إسقاط وقع في النسخ وكأن الأصل فما زاد على ما يجري مجرى على الوصية، وليس ابتداء عطية إلى آخره.

فسقط ذلك [ولما التبس ذلك على الشيخ محيي الدين أسقط المسألة بالكلية](1) ولو راجع "النهاية" لظهر له الأمر، وكان أسهل، ولم يتقدم للمسألة ذكر في كلامه في الوصية أيضًا.

قوله: ولو قال ضعوا عنه أكثر ما عليه أو أكثر ما بقي عليه ومثل نصفه يوضع عنه ثلاثة أرباع ما عليه وزيادة شيء ولو قال أكثر مما عليه أو ما عليه وأكثر وضع عنه الكل، ولغي ذكر الزيادة. انتهى كلامه.

واعلم أن لفظة أكثر الواقعة في المسألة الأولى، لم يقع بعدها "من" التي هي حرف جر بخلاف الواقعة في المسألة الثانية.

إذا علمت ذلك فقد سقطت المسألة الأولى من "الروضة" وسببه سقط وقع في كثير من نسخ الرافعي من لفظ أكثر إلى أكثر فوقعت للنووي نسخة من تلك النسخ السقيمة فاختصر منها، وهذه المسألة التى أسقطها نص عليها الشافعي فقال: يوضع عنه أكثر من النصف بما شاؤوا أو مثل نصفه، ومقتضاه أن يحط عنه النصف وشيء ويضعهما جميعًا، كذا قاله الماوردي والروياني فإذا كانت ألف درهم فاختار الوارث أن تكون الزيادة مثلًا درهمًا فوضع عنه خمسمائة درهم، ثم يوضع نصف ذلك وهو مائتان وخمسون ونصف، فالجملة سبعمائة وخمسون درهما ونصف، وقال جماعة: إن الضمير في قول الشافعي ونصفه راجع إلى النصف خاصة فلا يزاد نصف الدرهم المذكور بل لو اقتصر على سبعمائة وخمسين مع زيادة شيء يسير

(1) سقط من أ.

ص: 510

كفى وهو الذي جزم به الرافعي.

قوله: وإن قال ضعوا عنه أوسط النجوم فتساوت النجوم في القدر والأجل حملت على العدد، فإن كان العدد [وترًا كالثلاثة والخمسة فالأوسط واحد وإن كان](1) شفعًا، فالأوسط اثنان، كالثاني والثالث من أربعة فيعين الوارث أحدهما هكذا أطلق ابن الصباغ وغيره.

ويجوز أن يقال الأوسط كلاهما، فيوضعان وهذا مقتضى ما في "التهذيب". انتهى.

ذكر في "الروضة" مثله أيضًا وفيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره ابن الصباغ هو مذهب الشافعي رضي الله عنه فقد نص عليه في "الأم" في باب الوصية للمكاتب في الكلام على الوصية له بأوسط النجوم.

الأمر الثاني: أنه قد تقدم من كلامه في أول العتق ما يخالف المذكور هنا وتقدم التنبيه عليه هناك فراجعه.

قوله: في "الروضة" ولو قال كاتبوا أحد عبيدى أو إحدى إمائى ففي مكاتبة الخنثى الذي ظهر حاله طريقان:

المذهب: نعم.

والثاني: قولان لبعده عن الفهم، ولو قال أحد رقيقي جاز العبد والأمة، وكذا الخنثى على المشهور. انتهى.

وما جزم به في المسألة الأخيرة من كون المسألة ذات قولين خلاف ما صححه الرافعي فإنه حكى طريقين:

إحداهما: قولان.

(1) سقط من أ.

ص: 511

والثانية: القطع بالإجزاء وصححها. إلا أن تعبير الرافعي فيه قلق وغموض فلذلك حصل في "الروضة" ما حصل، ثم إن إجزاء الخنثى في الوصية بالرقيق أظهر منه في الوصية بالعبد أو الأمة يتصور الجزم بإثبات الخلاف في الرقيق وتصحيح الطريقة الثانية له في مسألة العبد والأمة.

واعلم أن الرافعي في أوائل الباب الثاني في أحكام الوصية قد جزم في المسألتين جميعًا بوجهين على خلاف ما صححه هنا من القطع، وخلاف ما جزم به من كون الخلاف عند مثبته قولين، وتبعه عليه في "الروضة".

قوله: الثالثة لا يشتري أحد من أصوله وفروعه ليضمنه العتق، وفوات المال. انتهى كلامه.

تابعه في "الروضة" على هذا التعليل أيضًا، وهو غير صحيح، فإن القريب إذا دخل في ملكه بلا عوض كما لو ورثه أو اتهبه فإنه لا يعتق عليه بل يوقف عتقه على عتقه، فلم يصر بملكه مقتضيًا لعتقه، والصواب في تعليله ما نقله عن الإمام بعد هذا بأوراق في آخر الحكم الرابع فقال في الكلام على امتناع فدائه: والفداء كالشراء وليس له صرف المال الذي يملك التصرف فيه إلى عرض ولده الذي لا يملك التصرف فيه، فإنه بمثابة التبرع.

قوله: ولا يبيع بالنسيئة سواء باع بمثل قيمته أو أكثر، وسواء استوثق بالرهن أو الكفيل أو لا، لأن الكفيل قد يفلس والرهن قد يتلف، ويحكم الحاكم المرفوع إليه بسقوط الدين، ولو اشترى نسيئة بثمن النقد يجوز، ولا يرهن فإنه قد يتلف، ثم قال: وفرقوا بين المكاتب والولي حيث يبيع مال الطفل نسيئة ويرهن ويرتهن للحاجة أو المصلحة الظاهرة. بأن المرعي هناك مصلحة الطفل، والولي منصوب لينظر له.

وهاهنا المطلوب العتق والمرعي مصلحة السيد والمكاتب غير منصوب

ص: 512

لينظر له، وقد ذكرنا في كتاب الرهن أن بعضهم سوى بينه وبين الولي في البيع نسيئة وفي الرهن والارتهان، لكن الذي أطبق عليه عامة الأصحاب، وأورده هنا المنع ويشبه أن يتوسط فيقال: إن دعت ضرورة إلى البيع والرهن كما في وقت النهب فله ذلك حفظًا للمال، وإن كان يرى فيه مصلحة، لم يكن منه، لأنه ليس ناظرًا للسيد. انتهى ملخصًا.

وما ذكره هنا من منع الرهن والارتهان ومنع البيع بالنسيئة، قد خالفه في كتاب الرهن.

وصحح الجواز في المسألتين، وأن حكمه كحكم الولي، وتبعه في "الروضة" على الموضعين وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.

قوله: وإذا باع أو اشترى لم يسلم ما في يده حتى يتسلم العوض لأن رفع اليد عن المال بلا عوض نوع غرر. انتهى.

وهذا الذي أطلقه، قيده ابن الرفعة بما إذا كان العوض في غير المجلس، وجزم فيما إذا كان في المجلس بالجواز ثمنًا كان أو مثمنًا، وعلله بقوله لأن ذلك يعسر ضبطه.

قوله: في "الروضة": والجمهور على أن في خلع المكاتبة بالإذن قولين أظهرهما الصحة. انتهى.

وما ذكره هنا من تصحيح الصحة، قد خالفه في كتاب الخلع وقد سبق ذكر لفظه هناك وأن الصواب ما ذكره في هذا الموضع.

قوله: وإعتاق المكاتب بإذن السيد غير نافذ في أصح القولين، لأن المكاتب ليس أهلًا للولاء.

ونص الشافعي والأصحاب على أن الكتابة كالإعتاق، وللإمام في ذلك احتمالان من غير ترجيح. انتهى.

ص: 513

ذكر في "الشرح الصغير" ما حاصله الجواز. فقال:

وفي الإعتاق طريقان:

أظهرهما: أنه على القولين.

والثاني: القطع بالمنع، هذا لفظه ولم يذكر غيره.

وقد صحح النووي أيضًا في "الروضة" و"المنهاج" أنه لا يجوز، وصحح في "تصحيح التنبيه" الجواز فإن الشيخ حكى قولين في مسائل كثيرة منها العتق والكتابة فصحح -أعني النووي- في كلها أنه يجوز، فقال ما نصه: وصحة تبرعات المكاتب بإذن.

قوله: فإن قلنا بنفوذ العتق، ففي قول ولاؤه للسيد والأظهر: أنه موقوف، فإن عتق كان الولاء له، وإن مات رقيقًا كان للسيد، وإن عجز ورق فحكى الإمام أنه يبقى التوقف لأنه يرتقب عتقه من وجوه أخر.

واعترض عليه بأن الكتابة قد انقطعت والعتق من وجه آخر لا يتعلق بما سبق والذي اعترض به هو الذي يوجد لعامة الأصحاب لا غير. انتهى.

وما نقله عن الأصحاب لا غير قد تابعه عليه في "الروضة" وعبر بقوله قطع به الأصحاب، لكن الذي ذكره الإمام، قد أبداه القاضي الحسين في تعليقه احتمالًا.

قوله: [فلو مات](1) المعتق قبل موت المكاتب وعوده إلى الرق فالميراث موقوف أيضًا، وفي قول: إنه للسيد، لأن الولاء قد يثبت الشخص ثم ينتقل عنه، فلا يبعد فيه التوقف بخلاف الميراث، وفي قول ثالث: إنه لبيت المال: كما إذا كاتب الذمي عبدًا ولحق بدار الحرب فاسترق وعتق مكاتبه ومات، صرف ماله لبيت المال. انتهى.

(1) سقط من أ.

ص: 514

وتعبيره في أول الكلام بقوله قبل موت المكاتب وعوده إلى الرق، قد ذكره أيضًا في "الروضة" وهو تحريف، وصوابه قبل عتق المكاتب، فإن ذلك بيان لما أخبر عنه قبل ذلك، بقوله: فإن عتق المكاتب كان الولاء له، وإن مات رقيقًا كان للسيد، فذكر هنا الحكم فيما إذا مات قبل الأمرين.

ولهذا عبر في "المهذب" بقوله قبل عجز المكاتب أو عتقه.

قوله: وإذا أذن السيد للمكاتب في وطء الجارية وتسريها، فقد بني ذلك على أن العبد هل يملك بالتمليك؟ إن قلنا لا، لم يحل له الوطء ولا التسري وهو الأصح.

وإن قلنا: نعم فقيل يحل، وقيل ينبني على الخلاف في تبرعاته بالإذن.

وعن ابن أبي هريرة طريقة قاطعة بالمنع لضعف الملك. انتهى كلامه.

وحاصله تصحيح المنع، ولهذا عبر عنه في "الروضة" بقوله المذهب منعه، وذكر قبيل كتاب الصداق بأوراق قلائل ما يخالفه فقال في الكلام على تزويج العبد: إن فيه قولين مبنيين على الخلاف في تبرعاته. انتهى.

وعبر في "الروضة" عنه بقوله فيه القولان في تبرعاته، وهو أظهر في المخالفة وذكرها أيضًا في "زوائده"، في آخر باب معاملات العبد، وعبر بمثل ما عبر في النكاح.

والصواب المنع، فقد نص عليه الشافعي فقال في البويطي في باب الكتابة ولا يتسري المملوك ولا المكاتب وإن أذن له سيده، وقال في "الأم" في أول باب تسري المكاتب ما نصه: قال الشافعي وليس للمكاتب أن يتسرى بإذن سيده ولا بغير إذن سيده.

وذكر أيضًا مثله في باب ما اكتسب المكاتب فقال: وليس للمكاتب أن

ص: 515

يتسرى وإن أذن له سيده. انتهى ومن "البويطي" و"الأم" نقلت.

وليس المنع في التسري لكون الشافعي يمنع المحاباة، بل منع ذلك مع التصريح بجواز غيره من التبرعات كما صرح به في "الأم" في مواضع من باب بيع المكاتب وشرائه فاعلمه.

وما ذكره الرافعي هنا من البناء على أن العبد هل يملك أم لا؟ قد ذكره أيضًا في مواضع ومقتضاه الخلاف في أن المكاتب هل يملك؟ وقد صرح به غيره، وحذف النووي البناء المذكور.

قوله: ولو أذن له في التكفير بالإطعام أو بالكسوة ففيه قولان. انتهى.

لم يصحح شيئًا في "الروضة" أيضًا والصحيح هو الجواز.

ممن صححه النووي في "تصحيح التنبيه" فإن الشيخ حكى فيه وفي غيره قولين من غير ترجيح، فعبر النووي بلفظ جامع للكل، وحكم عليه بالصحة، وصرح بتصحيحه أيضًا ابن الرفعة في "الكفاية"، وعبر بالأصح.

قوله: ولو أذن في التكفير بالإعتاق [وصححنا إعتاقه بالإذن وتوقفنا في الولاء فنتوقف في الإجزاء أيضًا فإن عجز بان أنه لم يجزئه وعليه أن يكفر بالصوم والظاهر أنه لا يجوز تكفيره بالإعتاق](1)، وعن القفال أنه إذا عتق بإذن السيد، وجعلنا الولاء للسيد فينبغي أن يجزئ عن كفارته إذا نوى. انتهى كلامه.

واعلم أنه قد سبق في آخر الباب الثاني من كتاب الأيمان ما يخالف المذكور هنا فنقل ما حاصله، أنا إذا صححنا العتق بإذنه أجزأ التكفير مطلقًا، سواء قلنا الولاء له أو للسيد أو موقوف.

(1) سقط من أ.

ص: 516

واعلم أن حاصل ما ذكره الرافعي في تكفير المكاتب بالإعتاق ثلاثة أقوال:

الأول: عدم الإجزاء مطلقًا وهو الصحيح.

والثاني: الإجزاء.

والثالث: الوقف، وقد اختصره في "الروضة" بعبارة لا يعلم منها الثالث، فقال: لم يجزئه على المذهب، هذا لفظه من غير زيادة.

قوله: ولو اشترى المكاتب بعض من يعتق على سيده أو اتهبه وقبل الوصية، ثم رق عتق ذلك الشقص على السيد، وهل يسرى إلى الباقي؟ إن كان موسرًا ينظر إن عجز المكاتب نفسه بغير اختيار عجزه السيد فوجهان لأن المقصود فسخ الكتابة والملك يحصل قهرًا. انتهى.

لم يصحح في "الشرح الصغير" ولا في "الروضة" أيضًا شيئًا من الوجهين، والصحيح أنه لا يسري كذا رجحه الرافعي في العتق في الكلام على الشرط الثاني من شروط السراية وهو الاختيار. فقال: أشبههما لا، ويحكى عن ابن الحداد هذا لفظه، وقال في "الروضة" هناك: إنه الأصح.

قوله: ولو اتهب العبد القني بعض من يعتق على السيد بغير إذنه وقلنا بالصحيح أنه يصح اتهابه بغير إذن سيده. ولم يتعلق به لزوم النفقة، ففي صحة القبول قولان:

أحدهما: لا يصح لأنه يعتق عليه ذلك البعض ويسري. وفي التقويم على السيد إضرار به.

وأظهرهما: أنه يصح ولا يسرى لحصول الملك بغير اختياره كما لو ورث.

ثم قال: وفي "الوسيط" وجه آخر أنه يصح ويعتق ويسري ويجعل

ص: 517

اختيار العبد كاختياره، كما يجعل قوله كقبوله ولم أجد هذا الوجه في "النهاية". انتهى كلامه.

وما ذكره هنا من تضعيف عدم السراية حتى أنه أنكره ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" بعبارة هي أبلغ في الإنكار مما ذكره هنا فقال: والذي حكاه الغزالي لا ذكر له في "الوسيط" ولا في غيره هذا لفظه، والذي قاله غريب جدًا، فقد جزم هو في كتاب العتق بما أنكره هنا، فقال في آخر الخاصة الثانية من خواصه: ولو وهب من العبد بعض من يعتق على سيده فقيل: وقلنا: لا يفتقر قبوله إلى إذن السيد، عتق الموهوب على السيد وسري لأن قبول العبد كقبوله شرعًا هذا لفظه بحروفه، ووقع هذا الاختلاف العجيب في "الروضة" أيضًا، غير أنه لما ذكر ما في العتق استشكله فقط، فقال: قلت هذا مشكل، وينبغي أن لا يسري لأنه قهري كالإرث والله أعلم.

واقتصر في "الشرح الصغير" على ذكر المسألة في هذا الباب.

قوله: في "الروضة": فرع: وهب للمكاتب بعض أبيه فقبله وصححنا قبوله فعتق المكاتب عتق عليه ذلك الشقص.

فهل يقوم عليه الباقي؟ إن كان موسرًا وجهان: أصحهما نعم قاله ابن الحداد، وصححه الشيخ أبو علي ومنع القفال. انتهى.

لم يصحح الرافعي شيئًا وإنما نقله عن تصحيح الشيخ أبي علي.

قوله: أيضًا فيها: فرع: اشترى المكاتب ابن سيد. ثم باعه بأبي السيد صح وملك الأب فإن رق المكاتب صار الأب ملكًا للسيد، وعتق عليه وإن وجد به عيبًا لم يكن له الرد، وله الأرش، وهو جزء من الثمن، فإن نقص العيب عشر قيمة الأب، رجع بعشر الابن الذي هو الثمن ويعتق ذلك العشر، ولا يقوم الباقي على السيد إن كان المكاتب عجز نفسه، وكذا إن عجزه

ص: 518

سيده على الأصح. انتهى.

وهذا التصحيح إنما نقله الرافعي عن الشيخ أبي علي فقط كالمسألة قبلها ثم نقل بعده عن الإمام وجهين في أن الأرش هل ينقلب إليه قهرًا أم لا يملكه إلا بالاختيار؟ فإن قلنا بالأول ففيه وجهان، وإن قلنا بالثاني فالظاهر السراية هذا كلامه.

قوله فيها: فلو وطء المكاتب جاريته فولدت قبل عتقه، فالولد نسيب يتوقف عتقه، على عتق أبيه، ولا تصير الأمة مستولدة في الحال على المذهب، فإن عتق ففي مصيرها أم ولد قولان، ثم قال: وإن ولدته بعد عتقه فإن كان لدون ستة أشهر كان كما لو ولدته قبل العتق، وإن كان لستة أشهر فأكثر من يومئذ، فقد أطلق الشافعي رحمه الله أنها تصير مستولدة.

وللأصحاب طريقان أصحهما أن هذا إذا وطيء بعد الحرية، وولدت لستة أشهر فصاعدًا من حين الوطء لظهور العلوق بعد الحرية.

والولد والحالة هذه لا ولاء عليه إلا بالولاء على أبيه، ولا ينظر إلى احتمال العلوق في الرق تغليبًا للحرية، فأما إذا لم يطأها بعد الحرية فالاستيلاد على الخلاف.

والثاني: يثبت الاستيلاد وطء بعد الحرية أم لا لأنها كانت فراشًا قبل الحرية والفراش مستدام بعدها، وإمكان العلوق بعدها قائم فيكتفي به. انتهى كلامه.

أما القولان المذكوران في الاستيلاد من غير ترجيح، فالصحيح منهما عدم الثبوت فإنه صحح ذلك في "المحرر" و"المنهاج" ولم يفصل بين ما قبل العتق وما بعده وهو مقتضى كلام الرافعي في "الشرحين" لمن تأمله، وأما التصحيح الذي ذكره في الطريقين المذكورين بعد ذلك فليس للرافعي، إنما نقله عن البغوي خاصة.

ص: 519