الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في دعوى النسب
قوله: فإذا وطء اثنان في بعض هذه الصوره في طهر واحد، وأتت المرأة بولد عرض على القافة، ثم قال: فإن تخلل بين الوطأتين حيضة، فهي أمارة ظاهرة في حصول البراءة عن الأول فينقطع تعلقه، إلا أن يكون الأول زوجًا في نكاح صحيح، والثاني واطئًا بشبهة أو في نكاح فاسد، فلا ينقطع تعلق الأول، لأن إمكان الوطء مع فراش النكاح قائم مقام نفس الوطء.
فالإمكان حاصل بعد الحيضة.
وإن كان الأول زوجًا في نكاح فاسد ففي انقطاع تعلقه بتخلل الحيضة قولان:
أحدهما: أنه كالنكاح الصحيح.
وأظهرهما: خلافه، لأن المرأة في النكاح الفاسد لا تصير فراشًا ما لم توجد حقيقة الوطء، هكذا نقل الصورتين الإمام وصاحب "الكتاب". انتهى كلامه.
والاستشهاد المذكور أخرًا عجيب غير مطابق لكلام الإمام فإن كلامه يقتضي أنه متفق عليه وليس كذلك، بل هو مفرع على القولين في أن النكاح الفاسد يلحق بالنكاح الصحيح أم لا؟ فإن قلنا: يلحق به، صارت فراشًا بإمكان الوطء ولا حاجة إلى تحقيقه حتى لو أنكر الوطء لم يفد، وقد صرح الإمام بهذا الخلاف أيضًا وأوضحه إيضاحًا حسنًا وصرح به أيضًا الرافعي في آخر الباب الأول من أبواب العدة.
قوله: ولو اتفق الزوجان والواطء فلابد من البينة على الوطء؛ لأن
للولد حقا في النسب واتفاقهما ليس بحجة عليه، فإذا قامت البينة عرض على القائف. انتهى كلامه.
وما ذكره من اشتراط البينة قد خالفه في كتاب اللعان في أوائل الركن الثالث منه فذكر ما حاصله: الجزم بأنه لا تشترط البينة، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.
قوله: فلو استلحق مجهولًا وله زوجة فأنكرت ولادته واستلحقته امرأة لها زوج فأنكره حكى في "الوسيط" فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن أمه التي تستلحقه دون المنكرة.
والثاني: أن أمه زوجة صاحب اليد.
والثالث: يعرض على القائف فيلحقه بإحداهما، ولو كانت الصورة بحالها فأقام كل واحد بينة فعن ابن سريج أربعة أوجه: أحدها: أن بينة الرجل أولى.
والثاني: بينة المرأة أولى، لأن ولادتها محسوسة.
والثالث: يتعارضان.
والرابع: أنه يعرض على القائف فإن ألحق الولد بالرجل لحقه ولحق زوجته، فإن ألحقه بالمرأة لحقها دون زوجها. انتهى.
تابعه في "الروضة" على حكاية الأوجه هكذا، وفيه أمران:
أحدهما: أن الأصح في المسألة الأولى أن الولد لا يكون ابنًا لواحدة من المرأتين، فقد سبق قبيل هذا أن الرجل إذا استلحق ولدًا لا يلحق زوجته على الصحيح، وسبق في اللقيط أن المرأة لا يصح استلحاقها على الصحيح فلزم من ذلك ما ذكرناه فاستحضره.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في الوجه الرابع وهو المذكور في آخر كلامه من أنه إذا ألحقه بالمرأة لحقها دون زوجها خلاف المذهب، فقد سبق في اللقيط أن المنصوص أنه يلحقه، وصححه أيضًا مع غير البينة إن قلنا بصحة استلحاقها.
قوله: إحداها: إذا لم يجد قائفًا أو تحير ولم يحر جوابًا وألحق الولد بهما أو نفاه عنهما وقف إلى أن يبلغ. انتهى.
عبر أيضًا في باب اللقيط بقوله إذا لم يجد قائفًا، ومقتضاه أن وجدانه في مكان بعيد أو قريب يمنع من الحكم بالمثل، وليس كذلك كما تقدم التنبيه عليه في كتاب اللقيط.
واعلم أن العرب تقول كلمته فما أحار جوابًا بالحاء والراء المهملتين، أي فما رده، وحينئذ فقول الرافعي ولم يحر هو بضم [الياء] أي لم يرده.
قوله: فإذا بلغ أمرناه بالانتساب إلى أحدهما بحسب الميل الذي يجده، فإذا امتنع حبس ليختاره، وإذا اختار كان اختياره كإلحاق القائف، وإن قال: لا أجد ميلًا إلى أحدهما بقي الأمر موقوفًا. انتهى كلامه.
وما ذكره من الحبس وتابعه عليه في "الروضة" محله إذا اعترف بوجود الميل فإن لم يعترف به لم يحبس، صرح به الإمام في "النهاية" في هذا الباب وأوضحه أحسن إيضاح وكلام الرافعي لا ينافيه فتعين الحمل عليه.
نعم إذا سئل فسكت فيتجه الحبس إلى أن يخبر بأنه لا ميل عنده أو بما عنده من الميل.
قوله: ولا عبرة باختياره قبل البلوغ، وقيل يخير المميز، وقد سبق هذا في اللقيط. انتهى.
وظاهره يقتضى أن الخلاف وجهان، والخلاف قولان قديم وجديد
[والجديد](1) أنه لابد من البلوغ.
كذا حكاه، الماوردي وصاحب "العدة" [في كتاب العتق.
قوله: ولا يصح إعتاق غير مالك إلا بوكالة أو ولاية. انتهى] (2).
اعلم أنه أشار بالولاية إلى إعتاق الولي عن الصبي والمجنون إذا لزمهما كفارة قتل، وقد اختلف نقل الرافعي في هذه المسألة، وتبعه عليه في "الروضة"، وقد سبق إيضاح ذلك في كفارة القتل، وكلامه يتناول الإعتاق عن السفيه في كفارة القتل ونحوها كاليمين والظهار والجماع في رمضان لكنه ذكر في باب الحجر أنه ينتقل في كفارة اليمين إلى الصوم.
قوله: وصرائح الطلاق وكناياته كلها كنايات في العتق. انتهى.
تابعه في "الروضة" على هذا الإطلاق ويستثنى منه ما إذا قال لعبده أنا منك طالق فإنه لا يعتق، ولو قال أنا منك حر، أو أعتقت نفسي منك، ونوى إعتاق العبد لم يعتق أيضًا على الأصح.
كذا ذكره "الرافعي" في كتاب الطلاق، قال بخلاف مثله في العتق، وفرق بأن الزوجية تشمل الجانبين، والرق مختص بالعبد، وقد استثنى "الغزالي" أيضًا من هذا الإطلاق أن يقول لعبده: اعتد أو استبرأ رحمك فإنه لا يعتق بذلك، وإن نواه، ولو قاله لأمته فوجهان وينبغي اختصاص الوجهين بما إذا لم تكن الأمة موطوءة فإن كانت كان ذلك كناية قطعًا.
قوله: ولو قال وهبتك نفسك ونوى العتق عتق، وإن نوى التمليك فعلى ما سنذكره إن شاء الله تعالى في ما إذا قال بعتك نفسك. انتهى كلامه.
والمسألة المحال عليها، وهي مسألة البيع مذكورة في أول الكتابة، وحكمها أنه لابد من القبول على الفور.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
إذا علمت ذلك ففيه أمران:
أحدهما: أنه قد أهمل قسمًا ثالثًا وهو ما إذا لم ينو شيئًا فالحكم فيه كالحكم في ما إذا نوى التمليك حتى أنه يحتاج إلى القبول.
ويصح بدون هذه النية، كما أن التمليك كذلك هذا حاصل ما ذكره هناك، وذكر أيضًا نحوه في الباب الثاني من أبواب الوصية قبل الكلام في المسائل الحسابية بدون ورقة فقال مستدلًا لمسألة ما نصه: كقوله لعبده: ملكتك نفسك أو وهبتك نفسك فإنه يشترط فيه القبول في المجلس، ولو قال: وهبتك نفسك، ونوى به العتق عتق بلا قبول هذا كلامه.
الأمر الثاني: أنه جزم في التمليك بالصحة وحكى في لفظ البيع قولًا أنه لا يصح فغاير بينهما إلا أن يريد أنه ذكره في الكلام على البيع لا أن حكمه كحكمه.
قوله: ولو كانت أمته تسمى قبل جريان الرق عليها حرة فقال لها: يا حرة إلى آخره.
فيه كلام سبق في أول الباب الثاني في أركان الطلاق في أول الركن الثالث منه فراجعه.
قوله: وفي "فتاوى الغزالى" أنه لو اختار بالمكاس نخاف أن يطالبه بالمكس عن عبده فقال: إنه حر، وليس بعيد، وقصد الإخبار لم يعتق في ما بينه وبين الله تعالى، وهو كاذب في خبره ومقتضى هذا أن لا يقبل ظاهرًا. انتهى كلامه.
وما أشعر به كلام الغزالي من عدم القبول ظاهرًا وأقره عليه، قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" ومقتضى المذهب خلافه، ففي آخر الباب الأول من أبواب الطلاق أنه لو قال لها أنت طالق وهو يحلها من وثاق ثم ادعى أنه أراد الطلاق من ذلك الوثاق فإنه يقبل على الأصح لأجل القرينة ولا
شك أن مروره بالمكاس قرينة ظاهرة في إرادة صرف اللفظ عن ظاهره.
قوله: في "الروضة" ولو قال يا مولاي فكناية، ولو قال له يا سيدي قال القاضي الحسين والغزالي: هو لغو، وقال الإمام: الذي أراه أنه كناية. انتهى.
صرح في "الشرح الصغير" برجحان الكناية، فقال: والأشبه عند الإمام وغيره أنه كناية، وهو الجواب في "التهذيب"، وهذا الذي ذكره في "الصغير" كلامه في "الكبير" أيضًا يحتمله وكذلك أجاب به أيضًا في "الحاوي الصغير".
قوله: ولو قال جعلت عتقك إليك أو جوزتك ونوى تفويض العتق إليه فأعتق نفسه في الحال عتق كما في الطلاق.
وتعبيره بقوله حررتك قد شاهدته أيضًا بخط النووي في "الروضة" كما هو موجود في نسخ الرافعي وهو غير مستقيم، فقد ذكر الرافعي قبل هذا أن هذه اللفظة صريحة وصوابه: حريتك مصدرًا مضافًا كاللفظ المذكور قبله وهو العتق.
والظاهر أن الرافعي إنما ذكره هكذا، ولكن تحرف على النساخ فتابعهم في "الروضة".
قوله: فروع أكثرها عن ابن سريج: إذا قال أول من دخل الدار من عبيدي أو أي [عبد] من عبيدي دخل أولًا فهو حر، فدخل اثنان معًا ثم ثالث لم يعتق واحد منهم، أما الثالث فظاهر. وأما الاثنان فلا يوصف واحد منهما بأنه أول. انتهى كلامه.
وما جزم به من عدم عتق واحد من الاثنين قد ذكر نحوه في باب تعليق الطلاق في الكلام على التعليق بالولادة، ثم قال: وقال الشيخ أبو على: يحتمل وقوع الطلاق عليهما لأن كلا منهما يوصف بأنه أول ولد إذا لم يلد
قبله غيره، لأنه لو قال أول من رد آبقي فله دينار فرده اثنان استحقا الدينار، قال: وعرضته على الشيخ يعني القفال فلم يستبعده.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن هذه المسألة هي نظير ما إذا أوصى سيد المكاتب فقال: ضعوا عن مكاتبي أوسط نجومه في العدد، وكان عددها شفعًا فالأوسط اثنان كالثاني والثالث من أربعة، فهل الأوسط كلاهما أو أحدهما فقط ويعينه الوارث؟ فيه خلاف ذكره الرافعي في الباب الثاني من أحكام الكتابة في الحكم الثالث منه، وقد ذكرناه هناك، وبينا أن مذهب الشافعي هو الأول فراجعه.
وإذا ظهر ذلك علمت أن ما قاله الرافعي ههنا وفي الطلاق خارج عن المقالتين جميعًا، وذكر "الرافعي" في باب المسابقة ما حاصله أن الأول يطلق على المتعدد وهذا هو الحق.
قوله: إذا قال أول من يدخل الدار من عبيدي أو أي عبد من عبيدي دخل فهو حر فدخل واحد لا غير، فهل يعتق، لأنه إنما يكون أولًا إذا كان هناك ثان؟ فيه وجهان في تعليق الشيخ أبي حامد أصحهما: أنه يعتق. انتهى كلامه.
والذي صححه أبو حامد قد صححه النووي في أصل "الروضة".
قوله: ولو قال لعبدين له إذا جاء الغد عتق [أحدهما] وعليه التعيين، ولو باع أحدهما أو أعتقه أو مات قبل مجيء الغد، ثم جاء الغد والآخر في ملكه.
لم يتعين للعتق، وعلل بأنه لا يملك حينئذ إعتاقهما، فلا يملك إيقاع العتق في أحدهما كما لو قال لعبده وعبد غيره أحدكما حر لا يكون له حكم، وهذا غير مسلم، أليس ذكرنا في الطلاق وجهين في ما إذا قال لزوجته وأجنبية: إحداكما طالق أنه هل يقبل قوله أردت الأجنبية. فقد اتفق
الوجهان على أن له حكمًا وأثرًا، إنما الكلام في أنه هل يمكن من الصرف عن الزوجة. انتهى كلامه.
وحاصله أن الرافعي مخالف لما قاله هذا القائل من عدم التعيين للعتق، وقد اقتصر في "الروضة" على ذكر المنقول أولًا وعلى بعض تعليله، وأوهم أن الرافعي موافق عليه وهو اختصار عجيب فتفطن له.
قال رحمه الله: وخصائص العتق التي ينفرد [بها] عن الطلاق خمس:
الأولى: [السراية](1).
قوله: ولو قال لأمته الحامل إن كان أول من تلديه ذكرًا فهو [حر](2)، وإن كان أنثى فأنت حرة فولدت ذكرًا وأنثى، فإن ولدت الذكر أولًا أعتق ورقت وإن ولدت الأنثى أولًا عتقت الأم والذكر أيضًا لكونه في بطن عتيقة، وترق الأنثى لأن عتق الأم طرأ بعد مفارقتها. ولو ولدتهما معا فلا عتق إذ لا أول منهما.
ولو لم يعلم هل ولدتهما معا أو مرتبًا؟ فلا عتق للشك ولو علم سبق أحدهما وأشكل، فالذكر حر بكل حال والأنثى رقيقة بكل حال والأم مشكوك فيها فيؤمر السيد بالبيان.
فإن مات قبل البيان، فالأصح أنها رقيقة عملًا بالأصل، وقال ابن الحداد: يقرع بينهما بسهم رق وسهم عتق، وذكر في "تقريبه" أنه يقرع بينها وبين الغلام، فإن خرجت على الغلام لم يعتق غيره، وإن خرجت عليها عتقت ولم ترق الأم ويجوز أن يقرع بين شخصين وتعمل القرعة في أحدهما دون الثاني. انتهى كلامه.
ثم استشهد ابن الحداد على ما ذكره آخرًا بمسألة الغراب المشهورة.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
وما ذكره الرافعي عن "التقريب" لابن الحداد أسقط من "الروضة".
قوله: فمن أعتق بعض مملوك والباقي لغيره فيعتق نصيبه، فإن كان موسرًا بقيمة باقية لزمه قيمته للشريك، وعتق الباقي عليه. انتهى كلامه.
وهذا التعبير قد ذكره الرافعي، في غالب هذه المسائل، وهو صريح في إيجاب قيمة النصف مثلًا، لا نصف القيمة وبينهما فرق ظاهر فإن نصف القيمة أكبر من قيمة النصف لأجل [التشقيص](1) لكن قد ذكر الرافعي، في مواضع ما يخالفه:
منها عقب هذا بأسطر، فإنه ضرب مثالًا في عبد قيمته عشرون، وذلك المثال لا يستقيم إلا على إيجاب نصف القيمة فراجعه.
وقد تقدمت قاعدة هذه المسألة مبسوطة في الباب الرابع من أبواب الصداق.
قوله: في "الروضة": ولو ملك قيمة الباقي لكن عليه دين بقدره قوم عليه على الأظهر واختاره الأكثرون لأنه مالك لما في يده نافذ فيه تصرفه.
ثم قال ما نصه: فعلى الأولى يضارب. انتهى كلامه.
والحكم الذي ذكره في آخره تفريعًا على أنه لا يحصل بنفس الإعتاق غلط، فإن الكلام على تقدير أن لا يصيبه بالمضاربة ما يرمي بجميع النصيب فإذا فرعنا عليه وفرعنا على أن السراية تتوقف على أداء القيمة، لم يتصور مع ذلك عتق الجميع، بل لا يمكن إلا عتق البعض، وقد ذكره الرافعي على الصواب ولكن حصل في كثير من النسخ إسقاط، وهو من صيغة الإعتاق إلى الإعتاق فوقع للنووي بعض تلك النسخ فاختصر منها.
(1) سقط من أ.
واعلم أن القول بالتوزيع يتجه إن حجر الحاكم عليه، فإن لم يحجر لم يتعين التوزيع لأنه يجوز لمن عليه ديون أن يوفي ما شاء منها، وإذا ادعى عليه بعضهم ألزمه القاضي بوفاء دين المدعى، وإن أدى إلى إعساره عن ما عداه.
قوله: ولو ملك شقصين من عبدين وأعتقهما مدًا عتق نصيبه منهما وسرى إلى نصف نصيب الشريك من كل منهما فيعتق من كل منهما ثلاثة أرباعه وهذا إذا حكمنا بالسراية في الحال وقلنا اليسار بقيمة بعض النصيب يقتضي السراية بالقسط، وإن أعتق مرتبًا سرى إلى جميع الأول، ثم إن قلنا الدين يمنع السراية فلا سراية في العبد الثاني. وإلا فيسري وما في يده يصرف إلى الشريك والباقى في ذمته.
وإن كان الشقصان لشخصين صرف إلى [كل](1) منهما نصفه ولو ملك الشقصين فأعتقهما معًا ولا مال له غيرهما فلا سراية لأنه معسر.
قال الشيخ أبو على: والسراية في الصورة الأولى إنما هو تفريع على غير السراية، فإن قلنا لا تسري إلا بوصول القيمة امتنعت السراية لأنه لم يبق له مال بإعتاق النصف الثاني، ثم قال: وهذا أي ما قاله الشيخ أبو على ليس بواضح، وينبغي أن يكون في ذمته إلى أن يجد فإن مات معسرًا فسيأتي حكمه. انتهى كلامه.
وما ذكره في الرد على الشيخ أبي على عجيب وذهول عن ما سيأتي في الكلام على شروط السراية، عن الشيخ أبي على والصيدلاني والروياني والغزالي أن طرءان الإعسار على هذا القول مانع من السراية، حتى أنه نقل عن الشيخ أبي على أن عود اليسار بعد ذلك لا أثر له ولم ينقل في المسألتين
(1) سقط من ب.
إلا احتمال للإمام خاصة فراجعه.
وقد أسقط في "الروضة": مقالة أبى على هذه.
قوله: ولو كان بين ثلاثة عبد فأعتق اثنان نصيبهما وأحدهما موسر دون الآخر يقوم نصيب الثالث على الموسر بلا خلاف. انتهى كلامه.
وما ادعاه من نفي الخلاف قد تبعه عليه في "الروضة" وليس كذلك فقد جزم القاضي الحسين في "تعليقته" عند الكلام في ما إذا كان المعتق موسرًا ببعض القيمة بأنه يعتق على الموسر بالسراية ما كان يخصه لو كانا موسرين، ثم قال: ويحتمل أن يقال يقوم جميع نصيب الذي لم يعتق على هذا الموسر هذا كلامه، لكنه جزم في موضع آخر بما يخالفه.
[قوله](1) ولو باع شقصًا ممن يعتق وارثه بأن باع ابن أخيه بثوب، ومات وورثه إخوته فوجد بالثوب عيبا فرده واسترد الشقص وعتق عليه ففي السراية وجهان فإنه تسبب في تملكه لكن مقصوده رد الثوب. انتهى واعلم أن هذه المسألة قد ذكرها الرافعي بعد ذلك بنحو ست أوراق قبيل الخاصية الثالثة من خواص العتق، واقتضي كلامه أن الأصح فيها عدم السراية، وتابعه عليه النووي في "الروضة". فإن الرافعي ذكر مسألة ورجح فيها عدم السراية، ثم قال: ويجري الخلاف في كذا وكذا وكذا وذكر هذه المسألة فيها وقد صحح النووي هنا من "زوائده" أنه يسري على خلاف المذكور هناك.
قوله: لو أوصى لزيد بشقص ممن يعتق عليه ولا يعتق على وارثه، كما لو أوصى له بشقص من أبيه وارثه أخوه من الأب فمات وقبل الوصية أخوه عتق ذلك الشقص على الميت وسرى إن كان له تركة بقي ثلثها بقيمة الباقي لأن قبول وارثه كقبوله في الحياة، قال الإمام؛ هكذا ذكره الأصحاب، وفيه
(1) سقط من أ.
وقفة لأن القبول حاصل من غير اختياره. انتهى كلامه.
وهو يقتضي أن هذه الوقفة لم يقل بمقتضاها أحد وأن الأصحاب متفقون على السراية، وليس كذلك فقد ذكر الرافعي في الوصية أن الشيخ أبا على ذهب إلى عدم السراية، وحكاه عن بعض الأصحاب.
قوله: وإن أطلق وقال للعبد وهو يملك نصفه: أعتقت نصفك، فعلى ما يحمل؟ فيه وجهان:
أحدهما: على النصف الذي يملكه، فإن الإنسان إنما يعتق ما يملكه.
والثاني: أنه يجري اللفظ على إطلاقه، ويحمل على النصف شائعًا لأنه لم يخصصه بملك نفسه وعلى التقديرين يعتق جميع العبد إذا كان موسرًا أما على التقدير الأول فيعتق [نصفه](1) الذي يملكه، ثم يسري، وأما على الثاني فلأنه يعتق نصف نصفه وهو ربع العبد، ثم يسري إلى باقي نصيبه، ثم إلى نصيب الشريك.
قال الإمام ولا يكاد يظهر لهذا الخلاف فائدة إلا أن يفرض تعليق طلاق أو عتاق بأن يقول إن أعتقت نصفي من هذا العبد فامرأتي طالق فإن قلنا بالوجه الأول وقع الطلاق، وإن قلنا بالثاني فلا. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره تفريعًا على الوجه الثاني من كونه يسري أولًا إلى باقي نصفه، ثم بعد ذلك إلى نصيب شريكه، لم يذكره في "الروضة" وإنما ذكر مطلق السراية وفيه نظر -أعني الترتيب المذكور- بل ينبغي أن يسرى إليهما معًا ولا يتأخر أحدهما عن الآخر، لأن الموجب لهما موجود ولا مانع
(1) سقط من أ.
منه.
الأمر الثاني: أن الخلاف تظهر فائدته في غير التعليق في مسألتين:
إحداهما: إذا وكله شريكه في إعتاق نصفه، فإن قلنا: إن العتق يقع شائعًا عتق جميع العبد شائعًا على الموكل [والوكيل]، وإن قلنا يقع على نصيبه لم يعتق حصة الشريك.
وقد حكى ابن الصباغ في هذه الصور وجهين:
أحدهما: أنه يتناول نصيب شريكه لا غير.
والثاني: أنه يختص بنصيب نفسه لأنه لا يحتاج إلى نية.
وهذه الفائدة قد ذكرها ابن الرفعة هكذا مقتصرًا عليها.
المسأله الثانية: سؤال العتق على عوض ولتقدم عليه مقدمة.
وهي أن المرأة لو قالت: طلقني ثلاثًا ولك ألف فطلقها طلقة ونصفا، فهل يستحق ثلثي الألف بوقوع طلقتين، أو النصف خاصة لأنه إنما أوقع نصف الثلاث والتكمل حكم الشرع؟
فيه وجهان في كتاب الخلع من الرافعي من غير ترجيح، ورجح النووي من "زوائده".
الوجه الثاني: فإذا تقرر ما قاله هناك جاء مثله هنا، فإذا قال أعتق النصف الذي لك على ألف فأطلق إعتاق النصف، فإن قلنا يترك على نصفه استحق، وإن قلنا يكون شائعا حتى لا يعتق أولًا إلا نصف نصيبه ثم يسري فالراجح أنه لا يستحق إلا نصف الألف كما تقدم لأن الإعتاق على مال كالخلع على مال كما قاله الرافعي في كفارة الظهار وهو موضع هذه المسائل ثم إن صورة المسألة ما إذا قال أعتقه عنك، وكذا لو أطلق على ما
صححه في الظهار.
أما لو قال عني ففي سريانه خلاف، نقف عليه إن شاء الله تعالى قبل التدبير.
قوله: الثالثة: أقوى القولين أن التدبير لا يمنع السراية. فإن قلنا لا يسري ورجع السيد عن التدبير فهل يسري حينئذ؟ قال أكثرهم لا. انتهى.
واعلم أن الصحيح امتناع الرجوع من التدبير بالقول فتكون هذه المسألة مفرعة على الضعيف.
قوله: ولو باع نصف عبد يملك نصفه، فإن قال: بعتك النصف الذي أملكه صح، وإن قال: بعتك نصفه فهل يحمل على ما يملكه أم على النصف شائعًا؟ وجهان.
فعلى الثاني: يبطل في نصيب الشريك، وفي نصف نصيبه قولا تفريق الصفقة، إلى آخر المسألة.
واعلم أن هذه المسألة قد اختلف فيها كلام الرافعي والنووي معًا.
وقد تقدم ذلك مبسوطًا في الباب الثالث من أبواب الإقرار.
قوله: فمنها إذا أولد أحد الشريكين الجارية المشتركة بينهما بالسوية، فإن كان موسرًا سرى الاستيلاء كالعتق، ويسرى بنفس العلوق أو غير أداء القيمة، أو يتبين بأدائها حصول السراية عند العلوق.
فيه الأقوال المذكورة في العتق، وعلى الأقوال يجب على المستولد نصف المهر للشريك مع نصف قيمة الجارية.
ثم قال ما نصه: ثم إن قلنا يحصل الملك بأداء القيمة فيجب مع ذلك قسط نصيب الشريك من الولد، وإن قلنا يحصل بالعلوق أو قلنا بالتبين فقد
حكى الإمام خلافًا للأصحاب في أنه يثبت بعد العتق أو قبله، إن قلنا بعده وجب نصف الولد أيضًا، وإن قلنا قبله لم يجب.
وهذا ما أجاب به في ["المهذب"](1). انتهى كلامه.
وتعبيره في آخر المسألة بقوله بعد العتق تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وصوابه بعد العلوق فتأمله، وهو المذكور في "النهاية" أيضًا، ثم إن النووي في "الروضة" عبر بقوله: وجب نصف قيمة الولد وذكر المسألة في آخر كتاب الكتابة وعدل عن تعبيره الرافعي بهذه العبارة، وعبر بقوله قيمة نصف الولد.
وسأذكره هناك مختصرًا.
وأما الوجهان اللذان ذكرهما من غير ترجيح في نصيب الشريك من الولد، فالصحيح منهما: هو الوجوب.
كذا جزم به الرافعي في آخر التدبير، وهو أيضًا مقتضى تصحيح الرافعي عدم وجوب قيمة الولد على الأب إذا وطئ جارية ولده.
وقوله في أول المسألة: نصف القيمة ليس بجيد بل صوابه قيمة النصف كما هو مقرر في موضعه.
قوله في "الروضة": ولو كان لواحد النصف وللثاني الثلث وللثالث السدس فأعتق اثنان نصيبهما معا سرى عليهما، وكيف يقوم؟ فيه طريقان.
أحدهما: على قولين كنظيره من الشفعة.
أحد القولين: تكون القيمة عليهما بالسوية.
والثاني: على قدر الملكين.
(1) في ب: التهذيب.
والطريق الثاني: القطع بأنها على عدد الرؤوس كما لو مات عن جراحاتها المختلفة، ثم قال ما نصه: وهذا الطريق هو المذهب باتفاق فرق الأصحاب إلا الإمام فرجح طريق القول. انتهى كلامه.
وهذا الحصر ليس بجيد، فقد اختار الغزالي أيضًا طريقة القولين، والعجب أن الرافعي قد نقله أيضًا عنه.
قوله: الثالثة: إن قلنا بالصحيح، وهو أن السراية تحصل بنفس الإعتاق أو قلنا بالتبين، فتعتبر قيمة يوم الإعتاق، وإن قلنا بتأخيرها إلى الأداء ففيه وجوه:
أحدها: تعتبر قيمة [يوم](1) الأداء.
والثاني: يوم الإعتاق، والثالث: أقصى القيم.
ورجحه الإمام والغزالي، ثم قال: لكن الذي أورده أكثرهم الثاني: ووجهوه بأن الإعتاق هو السبب الموجب للتقويم، وإن أخر التقويم فهو كالمفوضة يجب لها مهر المثل بالدخول باعتبار يوم العقد، لأن البضع دخل في ضمانه يومئذ وعلى أن في المفوضة وجهًا آخر أنه يعتبر يوم الإصابة. انتهى كلامه.
والرد على الإمام والغزالي في اعتبارهما الأكثر بكلام الأكثرين، وبالقياس على المفوضة صريح في أن الأكثر لا يعتبر في مهر المفوضة أيضًا وفي المسألة اختلاف عجيب سبق إيضاحه في الباب الثالث من أبواب الصداق.
قوله: في "الروضة": ولا يقبل قول العبد إني أحسن الصنعة ولا أحسنها، بل يجرب ولو اختلفا في عيب ينقص القيمة نظر إن ادعى المعتق
(1) سقط من أ.
عيبًا في أصل الخلقة بأن قال كان أكمه أو أخرس، وقال الشريك بل بصيرًا ناطقًا وقد غاب العبد أو مات صدق المعتق بيمينه على المذهب، وقيل في المصدق قولان:
قال البغوي: والطريقان في ما إذا إدعى النقص في الأعضاء الظاهرة، أما إذا إدعاه في الباطنة فقولان كالصورة الثانية، وهى دعوى حدوث العيب ليمكن الشريك من البينة على سلامة الظاهر. انتهى كلامه.
وتعبيره قوله قال البغوي: والطريقان إلى آخره غلط فإن البغوي، لم يحك خلافًا بالكلية في هذه الحالة، وهي ما إذا ادعى النقص في الأعضاء الظاهرة، بل جزم بأن القول قول المعتق.
وعبارة الرافعي صحيحة موافقة لما في "التهذيب" فإنه قد قال -أعني الرافعي ما نصه: فيصدق المعتق بيمينه، لأن الأصل براءة ذمته، والأصل عدم ما يدعيه الشريك، ومنهم من جعله على قولين كما لو اختلفا في مقدار القيمة مطلقًا، والظاهر الأول، لكن خصصه في "التهذيب" بما إذا ادعى النقص في الأعضاء الظاهرة، أما إذا ادعاه في الأعضاء الباطنة فهو على قولين، فيما إذا ادعى حدوث العيب، هذه عبارة الرافعي.
فالضمير في قوله: لكن خصه عائد إلى ما قاله الرافعي إنه الظاهر. وهو الجزم بتصديق المعتق فتوهم في "الروضة" عوده إلى الحكم مع ما فيه من الخلاف فصرح به فوقع في الغلط.
واعلم أن عبارة "الروضة" في صدر المسألة توهم أن العبد يجرب عند إنكار الصنعة، وعند دعواها وهو معلوم البطلان، [وعبارة] (1) الرافعي صحيحة فإنه قال: ولا يقبل قول العبد على الشريك إني لست بخباز لأنه قد يكتم الصنعة ولا على المعتق إني أحسنها، بل يجرب هذا لفظه.
(1) سقط من ب.
فاختصره النووي على التقديم والتأخير، وأتى بالتجربة عقبهما كما سبق فتفطن له.
قوله: الثانية: إذا أعتق الشريك نصيبه قبل أخذ القيمة لم ينفذ إن أثبتنا السراية في الحال وإن أخرناها إلى أداء القيمة فكذلك في أظهر الوجهين، فإن نفذنا الإعتاق ففي البيع والهبة ونحوهما وجهان، الظاهر المنع، وعن الشيخ أبي محمد القطع به.
وإذا قيل بنفوذ البيع: فهل للشريك أن ينقضه ويبذل القيمة كما ينقض الشفيع مع المشتري؟ فيه احتمال للإمام. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذه الطريقة القاطعة وهي طريقة الشيخ أبي محمد قد أسقطها من "الروضة".
الثاني: أن ما ذكره في النقض قد عبر بمثله في "الروضة" ولا يعلم منه هل فيه نقل أم لا؟ ولا أن المنقول هو النقض أو عدمه؟ ولتعلم أن المنقول هو نقض هذه التصرفات، كذا جزم به القاضي حسين في تعليقه.
قوله: قال الإمام: ويلزم على قولنا بنفوذ البيع أن لا يملك مطالبته به، وأن يكون المعتق مختارًا أن يبذل القيمة كالشفيع في بذل الثمن، وهو ضعيف. انتهى.
أسقط في "الروضة" المسألة الثانية، مما قاله الإمام، وهي الاختيار مع أنها لا تؤخذ من الأولى فتأمله.
وهذا الاحتمال أبداه القاضي حسين في تعليقه فأخذه منه الإمام.
قوله في "الروضة": السابعة: إذا تعذرت القيمة بإفلاس أو هرب، فقال الشيخ أبو على، والصيدلاني، والروياني يبقى نصيب الشريك رقيقًا ويرتفع الحجر عنه؛ إذ لا وجه لتعطيل ملكه عليه بلا بدل وفيه احتمال للإمام
أنه يثبت العتق.
وجعله الغزالي وجهًا، فقال: الصحيح أن إعسار المعتق يرفع الحجر ولو عاد اليسار.
قال الشيخ أبو علي: لا يعود التقويم لأن حق العتق ارتفع بتخلل الإعسار، وفيه احتمال للإمام. انتهى كلامه.
وهو غير مستقيم لأنه إن كان التعذر من الفلس وغيره مقاربًا للإعتاق فلا عتق ولا حجر بالكلية، وإن كان طارئًا فالعتق قد وقع واستمر لأن أصح الأقوال تعجيل السراية.
واعلم أن صورة المسألة أن يكون طارئًا وفرعنا على الضعيف، وهو أن السراية لا تحصل إلا بأداء القيمة، أو أنه إذا أداها تبين وقوعها قبل ذلك.
وقد ذكره الرافعي على الصواب، فإنه أدرج هذه المسألة في أثناء التفريع على "الضعيف"، وعبر بتعبير مستقيم، فأفرد النووي المسألة وجزم بها، ولم يفرعها على شيء كما فرع ما قبلها، وما بعدها على الأقوال، ثم إنه عبر في أثنائها بتعبير فاسد فقال: وفيه احتمال للإمام أنه يثبت العتق فاقتضى تعبيره بالعتق أن الكلام مفروض بعد تقدم حصوله.
قوله: فرع: إذا قلنا: لا تحصل السراية قبل أداء القيمة فلو وطئ الشريك الجارية قبل الأداء وجب نصف المهر لنصفها الحر، قال الإمام: وليقع الفرض في وطء محترم وفي ما إذا كانت مكرهة مضبوطة. انتهى كلامه.
وما نقله عن الإمام وأقره من عدم وجوب نصف المهر للمرأة مع الطواعية لأجل نصفها الحر أو أنه لا يجب لها إلا مع سبب آخر من إكراه، أو ظن ونحوه، كما في الحرة الكاملة.
قد تابعه عليه في "الروضة" أيضًا وهو غير صحيح لأن المقتضي لسقوط
الحد إنما هو شبهة الملك والشبهة قائمة.
وقد حكى الرافعي في باب الكتابة [أن السيد إذا وطئ المكاتبة] عالمة مطاوعة وجب لها المهر على الصحيح المنصوص لأن المقتضي لسقوط الحد هو شبهة الملك وهو موجود في هذه الحالة.
قوله في المسألة: ولا يلزمه النصف لمصادفته ملكه، وقيل يلزمه فعلى هذا يصرف للمعتق لأنه يستحق الانقلاب إليه، وقال الإمام: يجوز أن يقال أنه يصرف إلى الجارية، ثم قال: وينبغي أن يتخير إكرامه، بل يثبته عند السراية حتى لو ماتت الجارية وقلنا: لا سراية بعد الموت، فلا توجبه لتتبين استمرار الملك. انتهى.
وما ذكره في آخر كلامه قد سقط منه لفظة "لا" قبل التعبير بالتخير، ويكون أصل الكلام، وينبغي أن لا يتخير، ولما أشكل الكلام على النووي حذف المسألة من "الروضة".
قوله: أيضًا في المسألة: وإن قلنا تحصل السراية بنفس الإعتاق فيجب جميع المهر لها، ولا حد للاختلاف في ملكه. انتهى كلامه.
وما ذكره من عدم وجوب الحد، وإن قلنا أن السراية تحصل بنفس الإعتاق، قد ذكر بعد هذا بنحو ثلاث أوراق بما يخالفه فقال: فروع تتعلق بالسراية: الأول إن قلنا السراية تحصل بنفس الإعتاق فله حكم الأحرار في الميراث والشهادات والحدود والجنايات، وإن لم تؤد القيمة، وإن أخرناها إلى أداء القيمة فله حكم الأرقاء فيها حتى تؤدى، وإن توقفنا توقفنا في هذه الأحكام. انتهى.
فحكمه بأنه على تعجيل السراية، كالأحرار في الحدود يدل على أن السيد إذا وطئها حدت ولا يتصور التفرقة فيقال: السيد لا يحد والأمة تحد،
وقد ذكر أيضًا ما يوافق الثاني في مواضع من آخر كتاب الكتابة قبيل الحكم الخامس، في الكلام على ما إذا كاتبا جارية ووطئاها جميعًا.
قوله: قال لشريكه إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر، فأعتق المقول له نصيبه، فإن قلنا: السراية تحصل بالإعتاق أو بالتعيين سرى، لأنها قهرية تابعة لعتق نصيبه لا مدفع لها، وموجب التعليق قابل للدفع بالبيع ونحوه، وإن قلنا بالأداء: فنصيب المعلق عن من يعتق فيه وجهان. انتهى.
وحاصل ما ذكره هنا تقديم السراية على التعليق على الصحيح، وقد تقدم في الباب الأول من أبواب الوصية قبل الركن الرابع ما يشكل عليه، ويقتضى التسوية بين التعليق والسراية، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.
واعلم أن الراجح على ما ذكره الرافعي في باب تعليق الطلاق: أن المشروط مقارن لشرطه في الزمان ومقتضى السراية: التأخر فصار للمعلق حكم السبق فلم يأت زمن السراية إلا بعد عتق المعلق فلم يصادف محلًا فيترجح بهذا عتق الأم في مسألتنا هنا، ويكون هذا الترجيح معارضًا لما رجح به الرافعي السراية فيتعارضان وتلزم القرعة كما ذكرناه في باب الوصية.
قوله: لأن المعلق لا يقارن المعلق عليه بل يتأخر عنه لا محالة، ثم قال بعده: لأن عتق غانم مشروط بعتقه فلا يؤخذ دونه. انتهى.
أما الأول فتابعه عليه في "الروضة"، وعبر بقوله: بلا شك، وليس كذلك، فإن في مقارنة الشرط المشروط خلافًا مشهورًا، وقد حكاه الرافعي في أوائل باب تعليق الطلاق في الكلام على التعليق بالتطليق إلا أنه استغربه مع أنه ليس بغريب وأما الأخير فلم يتعرض له في "الروضة"، وصوابه لأن عتق سالم مشروط بعتقه أي بعتق غانم.
وفي هذا الكلام تنبيه على الصواب لمن طالع المسألة.
قوله: فرع: قال أحد الشريكين: أعتقناه معا، وأنكر الآخر فإن كانا موسرين أو القائل وحده حلف المنكر. كذا أطلقه ابن الحداد، وتابعه جماعة. وإذا حلف أخذ القيمة من المقر وحكم بعتق جميع العبد، وولاء نصيب المنكر موقوف، فلو مات العتيق ولا وارث له سوى المقر أخذ نصف ماله بالولاء.
وهل له أن يأخذ من النصف الآخر قدر نصف القيمة الذي غرمه للمنكر؟ وجهان:
أحدهما: نعم، لأنه إن صدق فالمنكر ظالم له وهذا ماله بالولاء، وإن كذب فهو مقر بإعتاق جميعه، فجميع المال له بالولاء.
والثاني: لا لاختلاف الجهة. انتهى.
والأصح على ما قاله في "الروضة" هو الوجه الأول.
قوله: الثاني عن نصه في "الأم" أن العبد المشترك إذا أعطى أحد مالكيه خمسين دينارًا ليعتق نصيبه منه فأعتقه، يرجع الشريك عليه بنصف الخمسين، وبنصف قيمة العبد ويرجع المعتق على العبد بخمسة وعشرين.
قال ابن الصباغ: وينبغى أن يكون هذا كله في ما إذا لم تقع على العين، وإنما سمى خمسين ثم دفعها عنها، وإلا فإذا وقع العتق على العين يجب أن يكون الرجوع بقيمة ما أعتق بالعوض المستحق، قال [الإمام] (1): ويحتمل أن يريد ما إذا كانت قيمة العبد خمسين فيستوى العوض والقيمة.
ولو كان المعتق قد قال: إن سلمت لى هذه الخمسين فأنت حر، لم يعتق لأنها لم تسلم له. انتهى كلامه.
(1) سقط من ب.
وقد أسقط النووي هذا الفرع جميعه فلم يذكره في "الروضة".
قوله في "الروضة": الثالث: لو أعتق شركًا له في جارية حبلى وهو موسر ولم تقوم عليه حتى ولدت عتق معها ولدها تفريعًا على السراية في الحال، فأما إذا أخرناها إلى الأداء فنص أنه ينبغي أن لا يعتق الولد معها لأنه إنما يعتق بعتقها إذا كان حاملًا فأما بعد الولادة فلا.
قال القاضي أبو حامد: معناه أن نصيب الذي يعتق من الولد مملوك، فأما نصيب المعتق فيجب أي يعتق.
وقال ابن الصباغ: عندي أنه أراد أن نصيب الذي لم يعتق من الولد لم يعتق بدفع نصف قيمة الأم، وإلا فقد عتق من الولد نصيب المعتق وهو موسر، فيجب أن يسري، قلت: هذا الذي قاله ابن الصباغ متعين والله أعلم.
فيه أمران:
أحدهما: أن تعبيره بقوله معناه أن نصيب الذي يعتق إلى آخره، وقع كذلك في "الروضة" التي هي بخط المصنف وصوابه لم يعتق أي بإثبات لم كما في مثله في الذي بعده بقليل وبه صرح الرافعي.
الأمر الثاني: وهو تفريع على الصواب المذكور في الرافعي وهو إثبات لم أي تفسير أبي حامد لكلام، الشافعي حاصله أن الذي لم يصدر منه إعتاق يستمر نصيبه من الولد مملوكًا ولا يعتق بالكلية ويكون العتق خاصًا بنصيب المباشر، ورده، ابن الصباغ، فقال مالك النصف قد أعتق نصيبه من الحمل وهو موسر، فيجب أن يسرى.
قال: ومراد الشافعي أن نصيب الشريك من الحمل لا يعتق بدفع نصف قيمة الأم وعتقها قال: لأنه لا يتبعها بعد الوضع، هكذا علله
صاحب "الشامل".
قوله: الرابع: وكل أحد الشريكين الأخر في عتق نصيبه، فقال الوكيل للعبد: أعتقت نصفك فإن قال أردت نصيبي قوم عليه نصيب شريكه، وإن قال أردت نصيب شريكي قوم على الشريك وإن أطلق فيعتق عن الموكل لأنه أعتق بعد أمره أو عن الوكيل لأن إعتاقه عن نفسه مستغني عن النية؟ فيه وجهان في "الشامل". انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن النووي قد رجح في "الروضة" من "زوائده" الثاني، فقال: لعل الأصح حمله على نصيب الوكيل وما رجحه بحثًا قد جزم به الغزالي في الخلع ولو قيل بالتخيير كما في التخيير بين العبدين لكان متجهًا.
الأمر الثاني: أن تعليل الوجه الثاني يقتضي الجزم باشتراط النية من الوكيل إذا أعتق عن موكله، وقد سبق في أواخر تعليق الطلاق في آخر الفصل المنقول عن أبي العباس الروياني ما قد يشكل على هذا، فقال: والوكيل بالطلاق إذا طلق لا يحتاج إلى نية إيقاع [الطلاق](1) عن موكله في الأصح، هذا لفظه، وإنما احتاج في مسألتنا هذه وهي مسألة العتق إلى النية لتردد تصرفه بين أمرين أحدهما بطريق الأصالة فلم يتصرف عن الأصل إلى العارض إلا بالنية، كما لو كان وكيلًا في شراء شيء فاشتراه، فإنه لا ينصرف عنه إلى موكله إلا بالنية، فوكيل الطلاق نظير الوكيل بالبيع ولم يشترطوا فيه النية، إلا أنه لابد من جريان خلاف الطلاق فيه.
وإذا علمت ذلك تعين تخصيص الكلام المذكور في الطلاق بما إذا لم
(1) سقط من أ.
يعارض تصرف الوكالة تصرفًا آخر بطريق الأصالة، كما لو وكله شريكه في بيع نصيبه فأطلق بيع النصف.
الأمر الثالث: أن هذا الذي نشأ عنه هذا الكلام كله، وهو ما اقتضاه تعليل الوجه الثاني من اشتراط نية الوكيل قد حذفه النووي فلم يذكره في "الروضة" بالكلية.
قوله: ولو وهب للصبي بعض من يعتق عليه أو أوصى له به فإن كان الصبي معسرًا قبله [(1) الولي لأنه لا سراية حتى يتضرر بها.
ولا نفقة، وإن كان موسرًا ففيه قولان:
أظهرهما: لا يقبل ويعتق عليه البعض ولا يسري. انتهى.
تابعه في "الروضة" على تصحيح امتناع القبول ثم خالف في "تصحيح التنبيه" فصحح لزوم القبول.
قوله: وإذا ملك قريبه في مرض موته بإرث فهل يعتق من رأس المال أو من الثلث؟ فيه وجهان.
أصحهما: الأول. إلى آخره. انتهى.
هذه المسألة سبق الكلام عليها في الركن الرابع من أركان الوصية وسبق أن الأصح في "المحرر" و"المنهاج" هو الثاني.
قوله: وكذا لو أوصى لإنسان بابنه فمات قبل قبول الهبة وقبلها أخوه عتق الشقص على الميت وسري إلى الباقي إن وفي به الثلث، ونزل قبول الوارث منزلة قبوله في حياته. انتهى.
وتعبيره بقوله بابنه مع قوله عتق الشقص غير صحيح، وصوابه: فبعض ابنه، وكأنه كان هكذا في الأصل ولكن سقط.
(1) بداية سقط كبير من أ.
وقد وقع في "الروضة" على الصواب.
قوله: ولو وهب لعبد بعض من يعتق على سيده فقبل وقلنا: يصح قبوله بغير إذن سيده عتق الموهوب على السيد وسرى، لأن قبول العبد كقبوله شرعًا. انتهى.
هذه المسألة قد وقع فيها اضطراب وسنقف عليه إن شاء الله تعالى في الكتابة.
والصواب: هو السراية لما ذكره.
ولهذا صححوا أن السيد يحلف على البت حيث حلف على نفي فعل عبده.
وعللوه بأن فعله كفعله.
قوله في "الروضة": فإذا أعتق المريض عبدًا لا مال له سواه لم يعتق إلا ثلثه.
وإن مات هذا العبد بعد موت السيد مات حرًا ثلثه.
وإن مات قبل موت السيد فهل يموت كله رقيقا أم كله حرًا؟ أم ثلثه حرًا وباقيه رقيقًا؟ فيه أوجه:
أصحها عند الصيدلاني: الأول. وبه أجاب الشيخ أبو زيد في مجلس الشيخ أبي بكر المحمودي فرضيه وحمده عليه. لأن ما يعتق ينبغي أن يحصل للورثة مثلاه.
ولم يحصل لهم هنا شيء.
وتظهر فائدة الخلاف في شيئين:
أحدهما: إذا وهب في مرض الموت عبدًا لا يملك غيره وأقبضه ومات العبد قبل موت السيد.
فإن قلنا في مسألة العتق: يموت رقيقًا فما هنا يموت على ملك الواهب
وعليه مؤنة تجهيزه.
وإن قلنا: يموت حرًا، فما هنا يموت على ملك الموهوب منه وعليه المؤنة.
وإن قلنا بالوجه الثالث: وزعت المؤنة عليهما. انتهى.
وما نقله هنا من ترجيح مؤنته على أن الرق قد تقدم ما يخالفه في كتاب الوصية قبيل باب الزوج. وقد تقدم ذكر لفظه هناك فراجعه.
قوله: لأن الهبة ليست مضمنة والإتلاف مضمن. إلى آخره.
واعلم أن هذه المسألة وهى كون الهبة الفاسدة هل تقتضي الضمان أم لا؟ قد ذكرها الرافعي في مواضع من هذا الكتاب واختلف فيها كلامه وكذلك كلام "الروضة" اختلافًا عجيبًا، وقد تقدم بسطه في آخر الهبة فراجعه.
قوله: ولو قال أعتقت ثلث كل واحد منكم أو أثلاث هؤلاء أحرار. فوجهان:
أحدهما: أن لا يقرع بينهم بل يعتق من كل واحد ثلثه لتصريحه بالتبعيض.
وأصحهما على ما ذكر في "التهذيب": أنه يوزع. انتهى.
والصحيح ما ذكره البغوي فقد قال الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في "الروضة": إنه الأصح.
قوله: ولو قال لأمته الحامل في مرض موته أنت حرة أو ما في بطنك ولم يتفق تعيين وولدت بعد موت المعتق لأقل من ستة أشهر فهل يحسب على الوارث؟
قال البغوي: إن قلنا: إن الحمل يعرف حسب وإلا فلا.
وأطلق الصيدلاني فيه وجهين. انتهى.
والراجح: الأول. فقد جزم به أيضًا الماوردي والروياني.
قوله: ولو أعتق عبيدًا لا مال له غيرهم وعليه دين. فقال الوارث: اقض الدين من موضع آخر وأنفذ العتق في الجميع. فهل ينفذ العتق؟ فيه وجهان. انتهى.
والصحيح هو النفوذ. كذا جزم به الرافعي بعد هذا بنحو صفحة ولم يتفطن له في "الروضة".
لكنه رجح بحثًا ما يوافق هذا فقال: ينبغي أن يكون الأصح هو النفوذ.
قوله: إذا قال لأمته: أول ولد تلدينه فهو حر.
فولدت ميتًا ثم حيًا لم يعتق الحي لأن اليمين قد انحلت بولادة الميت.
زاد في "الروضة" على هذا فقال: قلن: إن كانت حاملًا حال التعليق صح قطعًا وكذا إن كانت حائلًا في الأظهر أو الأصح كما لو أوصى بما ستحمل.
والثاني: لا لأنه تعليق قبل الملك. انتهى كلامه.
وهذه الزيادة قد ذكرها الرافعي في باب تعليق الطلاق.
قوله: ولو قال لعبده: أنت حر كيف شئت] (1).
قال أبو حنيفة: يعتق في الحال، وقال صاحباه: لا يعتق حتى يشاء.
قال ابن الصباغ: وهو الأشبه. انتهى.
هذه المسألة فيها خلاف عندنا ذكره الرافعي مبسوطًا في تعليق الطلاق في الفصل المعقود للتعليق بالمشيئة مع زيادة أخرى متعلقة بالمسألة لابد من
(1) نهاية السقط من أ.
معرفتها فراجعه.
قوله: وذكرنا في الرهن وجهين في أن تعلق الدين بالتركة كتعلق الرهن، أو الجناية إلى آخره.
اعلم أن الراجح هناك أن الخلاف قولان لا وجهان، وقد ذكرت لفظه هناك.
قوله: الحال الثاني: إذا قال أحدكم حر ولم ينو معينًا فيؤمر بالتعيين ويوقف عنهم، ثم قال وإذا قال عينت هذا بل هذا عتق الأول وكفي قوله الثاني. لأن العتق حصل في الأول بخلاف قوله عينت هذا بل هذا لأنه اختيار. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره في أول هذا الكلام ظاهره تحريم وطء الأمتين، لكنه ذكر في نظيره من الطلاق أنا إن جعلناه تعيينًا لم يحرم وإلا حرم، وحينئذ فيكون الأكثرون على الإباحة هنا لأن الأكثرين على ما نقله في هذا الباب أنه يكون تعيينًا، فاعلم ذلك.
الأمر الثاني: أنك قد علمت أن الرافعي قد ذكر هنا لفظ عينت مرتين، فالأول بياء ثم نون والثانية بالعكس، ولما اختصره في "الروضة" عبر بلفظ نويت مرتين كذا رأيته بخطه كما هو في النسخ أيضًا وهو سهو.
قوله: ثم العتق في المبهم هل يحصل عند التعيين أم يتبين حصوله من وقت اللفظ المبهم؟ وجهان سبق نظيرهما في الطلاق، وخرج على الخلاف أنه لو مات أحدهم فعينه فهل يصح؟
إن قلنا يحصل العتق عند التعيين فلا لأن الميت لا يقبل العتق. انتهى كلامه.
وما ذكره من بطلان التعيين في الميت تفريعًا على الوقوع بالتعيين، قد
خالفه في نظيره من الطلاق، فإنه جزم بالوقوع في حياة الميت وحكى وجهين في أنه يقع قبيل الموت أو عند الإيقاع للضرورة ويرتفع الخلاف.
وقد سبق ذكر عبارته في موضعها، وهو باب الشك في الطلاق فراجعها.
والمسألتان على حد سواء.
قوله: وقتل السيد أحدهم ليس بتعيين ثم إن عين في غير المقتول لم يلزم إلا الكفارة، وإن عين في المقتول لم يجب القصاص للشبهة، وأما المال فإن قلنا العتق يحصل عند التعيين لم يجب وإن قلنا عند الإبهام لزمه الدية لورثنه وإن قتل أجنبى أحدهم فلا قصاص إن كان القاتل حرًا، ثم إن عين في غير المقصوص لزمه القيمة، وإن عين فيه وقلنا العتق يحصل عند التعيين فكذلك، كما لو نذر إعتاق عبد بعينه فقتل، وإن قلنا عند الإبهام لزمه الدية لورثة المقتول. انتهى كلامه.
وهذا البناء المذكور في المبهم قد تابعه عليه في "الروضة" وهو غلط، فقد تقدم قبل هذا بأسطر وذكر أيضًا في المسألة السابقة أنه إذا مات أحدهم لم يصح تعيينه إن قلنا بحصول العتق عند التعيين، وعلله بأن الميت لا يقبل العتق وحينئذ فتعين المقتول في مسألتنا إنما يصح على القول بالوقوع من حين اللفظ خاصة، ثم إن قياس ما ذكرناه في المقتول أن يطرد في كل موضع يزيل الملك كالبيع والإعتاق ونحوه، على خلاف ما ذكره أيضًا.
قوله: ولو قال أول عبد رأيته من عبيدي حر، فرأي أحدهم ميتًا انحل اليمين، فإذا رأى بعده حيًا لا يعتق. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره ههنا وتبعه عليه في "الروضة" من كون الرق يبقى بعد الموت حتى يصدق عليه أنه عبد له يترتب عليه ما يترتب على غيره من الأحياء في هذه المسألة يخالف ما ذكره الرافعي في آخر الباب الثاني من
كتاب الأيمان في الكلام على تكفير العبد من كون الرق يزول بالموت، وتبعه أيضًا عليه في "الروضة" أيضًا فقال: ولأن الرق لا يبقى بعد الموت فهو والحر سواء هذا لفظه، ولا أثر هنا للصدق الجاري بدليل ما لو رأى عتيقًا من عتقائه.
قوله في "الروضة": الخامسة لو قال لعبديه أعتقت أحدكما على ألف، وأحدكما حر على ألف، لم يعتق واحد منهما ما لم يقبلا إلى آخر المسألة.
ذكر الرافعي في آخرها كلامًا يعلم منه أنه لا فرق في القول بين أن يقصد واحدًا معينًا أم لا فإنه ذكره بحثًا قال ويمكن أن يقال إن لم يقصد إلى أخره.
قوله: أيضًا في "الروضة": السادسة: جارية مشتركة زوجها الشريكان بابن أحدهما، فأتت منه بولد يعتق نصفه على الجد، ولا يسري إلى النصف الأخر إذا لم يعتق عليه باختياره. انتهى.
حكى، الرافعي هذا وجهًا أن هذا النصف انعقد حرًا لا رقيقًا، ثم يعتق، وحكى عن الغزالي أنه توسط فقال هنا: وفي ما إذا اشترى قريبه أنه يندفع الملك عنه بموجب العتق، ولا يقول أنه حصل ثم انقطع لمصادقته له، والذي اختاره الغزالي هو رأي الأستاذ أبي إسحاق.
قوله فيها أيضًا: فرع: مات عن ابن حائز للتركة وهي ثلاثة أعبد قيمتهم سواء فقال الابن أعتق أي في مرضه هذا وأشار إلى أحدهم ثم قال بل هذا، وهذا يعني الأول وآخر معًا، ثم قال بل أعتق الثلاثة معًا، قال، ابن الحداد إلى قوله قال الشيخ أبو على ولو كانت قيمتهم مختلفة بأن كانت قيمة الأول والثاني المضموم إليه مائتين والثالث ثلثمائة، فالأول حر بكل حال لإقراره الأول وهو دون الثلث، فإن أقرعنا بينه وبين الثاني وخرج سهم العتق للأول عتق من الثاني أيضًا نصفه، وإن خرج السهم للثاني عتق كله. انتهى كلامه.
وما ذكره في أخر هذا الفصل من كونه لا يعتق من الثاني إلا ما عتق بالقرعة الأولى.
نقله الرافعي عن الشيخ أبي على السنجي خاصة كما هو مقتضى كلام المصنف، ثم استدرك عليه إستدراكًا صحيحًا متعينًا نقله عن الإمام فقال واعترض عليه الإمام، كأن الثاني استحق بالإقرار الثاني أن يقرع بينه وبين الأولين فإن لم تكمل له الحرية في القرعة الأولى فخرج سهم العتق للأول وجب أن تكمل في القرعة الثانية إذا خرج سهم العتق إلا له لأنه قضية الإقرار الثالث، وكذلك عند استواء القيم إذا لم يعتق بالقرعة الأولى يعتق بالثانية إذا خرج السهم له. هذا لفظه.
قوله: فرع: لو كان له أربع إماء، ثم قال في آخره ما نصه: واستيعاب الاحتمالات يطول وضابطه أن ينظر في كل قرعة، فمن بان أنها عتقت بعد وطئها فلها المهر.
ومن بان أنها عتقت بعد وطئها فلا مهر، ومن بان أنها عتقت بوطئها فيه الوجهان. انتهى.
أهمل في "الروضة" القسم الثاني، مع أن الحكم متوقف عليه بلا شك، وكأنه سقط من لفظه بان إلى بان.
قوله: ولو شهد شاهدان أنه أعتق الثلانة دفعة، وقال الوارث: أعتق هذين دون ذاك قال ابن الحداد: يقرع بين الثلاثة، فإن خرج سهم العتق الذي أنكره الوارث عتق، وتعاد الفرعة لإقرار الوارث بين الآخرين، فمن خرجت له عتق بإقرار الوارث، وإن خرجت أولًا لأحد الاثنين اللذين أقر بإعتاقهما عتق ورق الآخران. انتهى كلامه.
وما نقله عن، ابن الحداد، في أخر هذا الكلام، من أنا إذا أقرعنا بين الثلاثة. فخرجت القرعة أولًا لواحد من الاثنين اللذين أقر الوارث
بإعتاقهما عتق وحده ورق الآخران.
قد نقل الرافعي عن بعض الأصحاب ما يخالفه وحاصله أنا إذا أقرعنا بين الثلاث لأجل البينة فخرجت القرعة على واحد من اللذين اعترف الوارث بهما، فلابد من قرعة أخرى بينهما فقط لأجل اعترافه، وسببه أن خروج القرعة على واحد منهما عند الاقتصار عليهما أقرب من ذلك عند انضمام الثالث، وحينئذ فإذا أقرعنا بينهما ثانيًا، فإن خرجت القرعة على الذي خرج أولًا لم يعتق غيره وإن خرجت للآخر عتقا جميعًا، ولا يشترط في هاتين القرعتين ترتيب.
هذا حاصل كلام الرافعي واقتصار النووي على الأول غريب.
قوله: أوصى بعتق عبد يخرج من الثلث فعلى الوارث إعتاقه فإن امتنع ناب عنه السلطان. انتهى.
تابعه في "الروضة" عليه، ونقله إلى ما قبل هذا بأوراق، لكن محل إعتاق الوارث إنما هو عند تفويض الموصى إليه، وإن لم يفوض إلى أحد أعتق السلطان.
قال رحمه الله الخاصة الخامسة
قوله: ومن أعتق عن غيره بغير إذنه وقع العتق عنه، وكان الولاء له دون المعتق عنه خلافًا لمالك. انتهى.
وهذا الذي ذكره ههنا قد وقع عكسه في "الروضة" فإنه عبر بقوله: وقع العتق عن المعتق عنه وله الولاء دون المعتق، هذه عبارته ثم قوى ذلك وأكده، كأن كتب بخطه لفظة صح مرتين مرة هذا هو الصواب، فإن توهم خلافه فاسد والذي قاله خطأ فاحش، وقد تقدم في الظهار نقلًا عن البغوي، من غير مخالفة له أنه لو قال اعتق عبدك عنى على ألف فقال أعتقته عنك مجانًا عتق عن المعتق دون المستدعى، هذا كلامه.
ومسألتنا أولى منها بذلك، نعم ذهب بعضهم في مسألتنا إلى أنه لا يعتق عن نفسه أيضًا كما لا يقع عن الغير، حكاه البغوي قبيل باب كتابة الكفار.
قوله: ولو أعتقه على أن يكون سائبة لغى الشرط وثبت له الولاء. انتهى.
قال الجوهري: كان الرجل إذا قال لعبده أنت سائبة فقد عتق ولا يكون ولاؤه لمعتقه ويعطى ماله لمن يشاء.
قوله: وإن كان الأب رقيقًا والأم معتقة فولاء الولد لمعتقها، فلو أعتق الأب انجر الولاء إلى معتقه، وكذا الجد عند عدم الأب فلو أعتق الجد والأب رقيقا فوجهان:
أظهرهما: أنه ينجر إليه، فإن قلنا: لا ينجر فمات الأب. فهل ينجر إليه، أي إلى معتق الجد بالعتق السابق؟ فيه وجهان. انتهى.
لم يصحح شيئا في "الشرح الصغير" أيضًا، وقال في "الروضة" من "زوائده" أن الانجرار أقوى.
قوله في المسألة: فلو اشترى هذا الولد أباه ثبت له الولاء عليه، وعلى إخوته وأخواته الذين هم أولاده، وهل يجر ولاء نفسه من موالى الأم؟ فيه وجهان:
أصحهما وهو المنصوص: لا بل يبقى ولاؤه لموالى الأم لأنه لا يمكن أن يكون له على نفسه ولاء. انتهى.
ذكر مثله في "الشرح الصغير"، وصحح في "المحرر" أنه يجر. فقال: وهل يجر الولاء إلى نفسه حتى يزول عنه الولاء؟ [أو لا يجر ويبقى عليه الولاء لموالى الأم؟ فيه وجهان: أصحهما: الأول](1) هذا لفظه وهو اختلاف عجيب لتعبيره بالأصح في الموضعين، والظاهر أنه سها عن الثاني إلى الأول، وقد صحح في "المنهاج" ما صححه في "الروضة".
قوله في "الروضة": ولو خلق إنسان حرًا من حرين وكان في أجداده رقيق، ويتصور ذلك في لكاح الغرور، وفي الوطء بالشبهة إذا عتقت أم أمه ثبت الولاء عليه لمعتق أم الأم فإذا أعتق أبو أمه بعد ذلك انجر الولاء إلى مولاه، فإذا أعتقت أم الأب بعد ذلك انجر الولاء من مولى أبى الأم إلى مولى أم الأب، فإذا أعتق أبو أبيه بعد ذلك انجر الولاء إلى مولاه. انتهى كلامه.
وتعبيره بقوله، وكان في أجداده رقيق ويتصور ذلك في نكاح الغرور ووطء الشبهة إلى آخره كلام عجيب، فإن الحر الذي في أجداده رقيق لا يتوقف تصويره على ما ذكره من الغرور أو الشبهة، سواء كان ذلك الرقيق من جهة الأب أو الأم، فإن وجوده من النكاح الصحيح واضح جلى
(1) سقط من أ.
فتأمله.
وكلام الرافعي رحمه الله صحيح، فإنه فرض المسألة فيما إذا كانت أجداده أرقاء فلذلك احتاج إلى تصويره فإنه عبر بقوله والذي خلق حرًا من أبوين حرين، إذا كانت أجداده أرقاء ويتصور ذلك إلى آخره. فحرفه، النووي إلى ما يراه وهو عجيب.
قوله: ويتعلق بالولاء ثلاثة أحكام الميراث وولاية التزويج، وتحمل العقد. انتهى.
ويرد عليه التقديم في غسل الميت والصلاة عليه ودفنه، واقتصر في "الروضة" على إيراد الدفن، فقال: قلت: ورابع وهو التقديم في صلاة الجنازة، والله أعلم.
والذي ذكره غريب.
قوله: ولو اشترى أخ وأخت أباهما فعتق عليهما، ثم أعتق عبدًا، ومات العتيق ولم يخلف إلا البنت، فلها ثلاثة أرباع الميراث، النصف لأنها معتقة نصف المعتق، ونصف الباقي لولاء السراية على معتق الأخ بإعتاقها نصف أبيه فهي معتقة نصف إلى معتق معتقه. انتهى كلامه.
وتعبيره في أخره بقوله فهي معتقة إلى آخره، تعبير غير مستقيم فتأمله وقد تابعه عليه في "الروضة".
قال رحمه الله ونختم الكتاب بفصل يشمل على فروع [من الولاء](1) وغيره.
قوله: نقلًا عن "فتاوى القفال" وإذا اشترى المكاتب بعض أبيه، يعتق بعتقه كما يكاتب عليه مادام مكاتبًا، فإذا عتق فلا يقوم عليه الباقي لأنه يقصد بأداء النجوم عتق نفسه، وعتق الأب يحصل تبعًا.
(1) سقط من أ.
وقال في الأخيرة: الصواب: أنه لا يقوم عليه لأنه لم يعتق عنه.
إذا علمت ذلك فالذي ذكره النووي في الأول واضح لأن لفظي حر، وقيل في هذا في الكلام خبران عن أنت وليس أحدهما مرتبطًا بالآخر.
وأما المسألة الثانية: فالصواب فيها مقالة ثالثة، وهي عتق الأول دون الثاني، ووجهه ما ذكرناه من كونها خبرين مستقلين.
وسكت عما إذا قال أنت تعلم أن العبد الذي في يدي حر.
وهذه المسألة قد ذكر نحوها في باب تعليق الطلاق في الفصل المنقول عن أبي العباس الروياني فراجعه وتأمل ما بينهما.
قوله في "الروضة": عطفًا على الفروع المحكية عن والد الروياني وغيره؛ وأنه لو وكل وكيلًا في عتق عبد فأعتق الوكيل نصفه فهل يعتق نصفه فقط أم يعتق ويسري إلى باقيه أم لا يعتق منه شيء لمخالفته؟
فيه أوجه: أصحها: الأول. انتهى.
واعلم أن الرافعي لم يصحح في نفوذ العتق في النصف شيئًا بالكلية، ولا نقله عن أحد، وإنما حكى وجهين من غير ترجيح، ثم فرع على الوجه القائل بالنفوذ في النصف الذي أعتقه الوكيل، فحكى وجهين في أنه هل يسري أم لا؟ ، وحكى أن الراجح عدم السراية كما ذكر في "الروضة".
ثم إنه قد سبق في "الروضة" في آخر الخصيصة الأولى في المسألة الثالثة عشرة أنه إذا وكل شريكه في عتق نصيبه، وأعتق الشريك النصف الموكل فيه، سرى إلى نصيب الوكيل فإذا حكم بالسراية إلى ملك الغير بسبب العتق الصادر من وكيله، فلأن يسري بسبب ذلك إلى ملك نفسه بطريق الأولى فكيف يستقيم الجمع بينهما؟ .