الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في العدد والذكورة
قوله: واعلم أن قول الشاهد الواحد لا يكفي الحكم به ولا يستثنى إلا هلال رمضان على الأصح. انتهى.
تستثنى أيضًا مسألة أخرى ذكرها المتولي في "التتمة" في كتاب الصيام ونقلها عنه النووي في "شرح المهذب" في الصيام وفي آخر الصلاة على الميت، فقال: فرع: ذكره المتولي في كتاب الصيام أنه إذا مات كافر فشهد واحد بأنه أسلم فلا يحكم بأنه مسلم في الإرث فيرثه الكافر لا المسلم، وهل يحكم به في جواز الصلاة عليه؟ قولان في ثبوت هلال رمضان، وقد وقع في هذا الباب من "نكت المنهاج" للشيخ برهان الدين ابن الفركاح استثناء مسألة أخرى نقلها عن الماوردي واستثناؤها غلط، فإن الماوردي عبر بقوله: شاهدا عدل -بألف التثنية- فخفيت الألف عليه أو سقطت من النسخة التي وقف عليها فاعلمه.
قوله: وفي الإقرار بالزنا قولان:
أحدهما: أنه لا يثبت إلا بأربعة، لأنه يتعلق به إقامة الحد فأشبه نفس الزنا.
والثاني: يثبت بشاهدين كسائر الأقارير، قال الرويانى: وهذا أصح. انتهى.
والراجح: ما ذهب إليه الروياني، كذا صححه الرافعي في "المحرر" والنووي في أصل "الروضة" و"تصحيح التنبيه".
قوله في "الروضة": ولا يثبت اللواط وإتيان البهيمة إلا بأربعة على المذهب.
اعلم أن الأصح في اللواط: طريقة القطع، وقيل: على وجهين،
والأصح في إتيان البهيمة: طريقة الوجهين، وقيل: يجب الأربعة قطعًا، هذا حاصل ما في الرافعي، والمذكور في "الروضة" لا يعلم منه أن الأصح طريقة القطع أو الخلاف، ولا أن ذلك الخلاف وجهان أو قولان، ويوهم أيضًا التسوية بين المسألتين في ذلك.
قوله: سبق في السرقة أنه يشترط في الشهادة على الزنا أن يذكروا التي زنا بها، وأن يذكروا الزنا مفسرًا فيقولون رأيناه أدخل فرجه في فرجها، وأما قولهم كالمزود في المكحلة فإنه زيادة بيان وليس بشرط، كذا ذكره الهروي. انتهى.
أهمل من الشروط ذكر موضع الزنا، وقد صرح باشتراطه صاحب "التنبيه".
قوله: والشركة والقراض معدودان في "التهذيب" مما لا يثبت إلا برجلين، وأدرج في "الوسيط" الشركة في ما يثبت برجل وامرأتين، والأول أظهر. انتهى.
تبعه عليه في "الروضة"، واعلم أن القاضي الحسين قد سبق البغوي إلى ما قاله في الشركة والقراض، [وقال في "الشامل": إن القراض] (1) مما يثبت بالشاهد واليمين، وكذلك القاضي أبو الطيب في "تعليقته" في باب الشهادة على الجناية، . وكلام الرافعي يوهم نفي الخلاف عن القراض، قال ابن الرفعة في "المطلب": وينبغي أن ينزل كلام الفريقين على تفصيل فيقال: إن كان مدعيهما يروم إثبات [التصرف كالوكيل فلابد فيه من شاهدين، وإن كان يروم إثبات](2) حصته من الربح فيثبت بالرجل والمرأتين إذ المقصود المال، ويقرب منه: إذا ادعت المرأة النكاح لإثبات المهر وأقامت
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من ب.
به شاهدًا وامرأتين فإنه يثبت المهر على الصحيح، وإن لم يثبت النكاح، وكذا لو ادعى خالد أن زيدًا أوصى إلى عمرو بأن يعطيه من ماله كذا وأقام شاهدًا وامرأتين تثبت الوصية بالمال وإن لم تثبت الوصاية.
قوله: النوع الثاني ما لا يطلع عليه الرجال وتختص النساء بمعرفته غالبًا فتقبل فيه شهادتهن منفردات، وذلك كالولادة والبكارة والثيابة والرتق والقرن والحيض والرضاع. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره في الحيض من إمكان إقامة البينة عليه قد خالفه في أربعة مواضع:
أحدها: في كتاب الطلاق في الكلام على تعليقه بالحيض، وقد سبق ذكر لفظه في موضعه.
والثلاثة الباقية في كتاب الديات وبه أجاب العماد ابن يونس في "فتاويه" أيضًا، والمذكور في "المنهاج" وفي "فتاوى" النووي في باب الحيض: أنه يمكن، وما ذكره أيضًا الرافعي في الرضاع قد خصه المتولي بما إذا كان من الثدي، فإن كان من إناء حلب فيه لم تقبل شهادتهن على أن هذا اللبن من هذه المرأة.
قوله: قال البغوي: والعيب في وجه الحرة وكفها لا يثبت إلا برجلين بناء على أنهما ليسا من العورة، وفي وجه الأمة وما يبدو منها عند المهنة يثبت برجل وامرأتين لأن المقصود منه المال، والجراحة التي تصيب فرج المرأة لا تلتحق بالعيب لأن جنس الجراحة مما يطلع عليه الرجال غالبًا، إنما الذين لا يطلعون عليه العيب الخاص. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره في الأمة يقتضي أنه لا يكفي قول الواحد في العيوب، وهو مخالف لما نقله عنه الرافعي في البيع في أواخر الرد بالعيب
قبيل الكلام على الإقالة فقال: قال في "التهذيب": إن قال واحد من أهل المعرفة: إنه عيب ثبت الرد، واعتبر في "التتمة" شهادة اثنين.
واعلم أيضًا أن مقتضى تعليل البغوي بكون المقصود هو المال اختصاص ذلك بما إذا كان الإثبات لردها في البيع، فإن كان لفسخ النكاح به لم يقبل.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في الجراحة قد سبقه إليه القاضي الحسين في "تعليقه"، وكلام "الروضة" يشعر بانفراد البغوي به فإنه قال: الصواب إلحاق الجراحة على فرجها بالعيوب تحت الثياب، وعجب من البغوي كونه ذكر خلاف هذا وتعلق بمجرد الاسم.
قوله: ومما يثبت برجل وامرأتين الشفعة والمسابقة وحصول السبق. انتهى.
واعلم أن الحصول بالحاء والصاد المهملتين، ومعناه تقدم أحدهما على رفيقه، فأراد بالأول العقد، وبالثاني التقدم، وذكر في "الشرح الصغير" كما في "الكبير" أيضًا فقال: والمسابقة وحصول السبق منها، وقد تحرفت هذه اللفظة على الشيخ محيى الدين في "الروضة" بالخيول جمع خيل بالخاء المعجمة وبالياء بنقطتين من تحت، ولما تحرفت لزم منها تغيير السبق بالمسابقة أيضًا لتنظيم الكلام، فقال: والمسابقة وخيول المسابقة. هذا لفظه فأتى بمسألة أخرى.
قوله: نعم في النجم الأخير وجهان:
أحدهما: أنه لا يثبت إلا برجل لتعلق العتق.
وأصحهما على ما ذكره صاحب "التهذيب": أنه كسائر النجوم. انتهى.
والأصح ما قاله البغوي، كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في "أصل الروضة".
قوله: ولو علق طلاق امرأته أو عتق عبده على الغصب أو الإتلاف فشهد
بهما رجل وامرأتان يثبت الغصب والإتلاف ولم يحكم بوقوع الطلاق ولا بحصول العتق، نص عليه، وهو كما مر في الصوم أنا إذا أثبتنا هلال رمضان بشاهد واحد لم يحكم بوقوع الطلاق والعتق المعلقين برمضان ولا بحلول الدين المؤجل به، هذا إذا سبق التعليق، وذكر ابن سريج ووافقه عامة الأصحاب: أنه لو ثبت الغصب أولا برجل وامرأتين وحكم الحاكم به، ثم جرى التعليق فقال لزوجته: إن كنت غصبت فأنت طالق وقد ثبت عليها الغصب كما وصفنا وقع الطلاق بخلاف ما لو تقدم التعليق، وقياسه أن يكون الحكم كذلك في التعليق برمضان، وحكى الإمام أن شيخه حكى وجهًا آخر: أنه لا يقع كما لو تقدم التعليق. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن جزمه بعدم الوقوع في ما [إذا](1) تقدم التعليق، وحكاية الخلاف فيما إذا أخر قد عكسه في أوائل كتاب الجنايات في الكلام على الجناية على الخنثى وقد ذكرت لفظه هناك.
الأمر الثاني: أن هذا البحث الذي ذكره في تعديه إلى رمضان واقتضى كلامه وكلام "الروضة" عدم الوقوف عليه، قد صرح به القاضي الحسين في "تعليقته"، ونقله عن ابن سريج بخصوصه وهو أول القائلين به في الغصب والإتلاف، ثم تبعه عليه من بعده كما سبق في كلام الرافعي وموافقة النقل للتفقه دليل علو المقدار لا على خلافه، وذكر الرافعي هنا ضابطًا حسنًا في ما يثبت بطريق التبع عند شهادة الرجل والمرأتين وما لا يثبت وحذفه من "الروضة"، فقال: وفي هذه الصور انتشار وربما أمكن لمّ بعض الشعث بأن يقال: ما شهد به رجل وامرأتان فله حالان:
أحدهما: أن يكون مما لا يثبت، بشهادتهم كالسرقة والقتل، فينظر:
(1) سقط من أ.
إن كان له موجب يثبت بشهادتهم كالمال الذي هو أحد موجبي السرقة ثبت، وإن لم يكن له موجب يثبت لم يجب شيء كالقصاص.
الثاني: أن يكون المشهود به يثبت بشهادتهم فالمرتب عليه:
إن كان شرعيًا ثبت كالنسب والميراث المرتبين على الولادة والإفطار بعد الثلاثين، وذلك لأن الترتيب الشرعي يشعر بعموم الحاجة وتعذر الانفكاك.
وإن كان وضعيًا كترتيب الطلاق والعتق والحلول على التعليق برمضان فلا ضرورة في ثبوته.
قوله: وقول صاحب "الكتاب" إذا شهد على السرقة أو العمد رجل وامرأتان ثبت المال، وإن لم نثبت العقوبة فيه تسوية بين أن يشهدوا على السرقة [وبين أن يشهدوا على القتل العمد في أن يثبت المال ولا يثبت العتق، وهذا الحكم صحيح في السرقة وقد ذكره مرة في بابها.
وأما القتل العمد: فهو خلاف ما نص عليه الأصحاب هاهنا وليس له في "الوسيط" ذكر بل فرق في باب السرقة بين شهادتهم على السرقة وشهادتهم] (1) على القتل كما فرق غيره، ولا محمل لما جرى هاهنا إلا السهو. انتهى كلامه.
وهذا الإنكار الفاحش قد ذكره أيضًا في "الشرح الصغير" وتوهم النووي أن الإنكار حق فأسقط مقالة الغزالي [بالكلية من "الروضة" وذلك كله غريب فإن الذي قاله الغزالي](2) قد حكاه الإمام في "النهاية" قولًا وصرح به في الشاهد والمرأتين، وفي الشاهد مع اليمين، لكنه جعله تفريعًا على أن الواجب أحد الأمرين لا القصاص بعينه، ذكر ذلك في باب الشهادة على الجناية، وحكاه أيضًا الفوراني في الباب المذكور، لكن صرح به في الشاهد واليمين فقط، ويلزم منه القول به في الشاهد والمرأتين بالضرورة.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
قوله: وفي دعوى النكاح إذا أقام شاهدين ولم يعدلا نجعل المرأة عند امرأة ثقة وتمنع من الخروج، وفيه وجه ضعيف، قال القاضي أبو سعد: فإن كانت المرأة متزوجة لم يمنع منها الزوج قبل التعديل، لأنه ليس بمدعى عليه وليس البضع في يده فلا معنى لإيقاع الحجر عليه. انتهى كلامه.
والذي قاله أبو سعد الهروي من تمكين الزوج منها مشكل، وقد ذكر الرافعي بعد هذا بأسطر ما يؤخذ منه المنع هنا، فقال: وفي الأمة تتحتم الحيلولة احتياطيًا للبضع، وكذا لو ادعت المرأة الطلاق وأقامت شاهدين يفرق الحاكم بينهما قبل التزكية هذا لفظه.
واعلم أن مقتضى التعليل المذكور: أن الأمة لو كانت محرمًا له أنها تكون كالعبد حتى يحيل بينه وبين سيده إن رأى الحاكم ذلك، وإلا فلا إلا أن يطلب.
قوله: ولو أقام شاهدًا واحدًا وطلب الانتزاع قبل أن يأتي بآخر، ففيه قولان:
أحدهما: يجب كما لو تم العدد وبقيت التزكية.
وأصحهما: عند عامة الأصحاب [لا](1)، لأن الشاهد الواحد ليس بحجة، ثم قال: وعن أبي إسحاق أنه قطع بالأول، لأن المال يثبت بشاهد ويمين وله أن يحلف معه متى شاء، فكانت الحجة تامة وحكى أبو الفرج طريقة بقطع الثاني، لأنه متمكن من إتمام حجته بالحلف فإذا لم يفعل كان مقصرًا. انتهى كلامه.
وهاتان الطريقتان أسقطهما النووي من "الروضة".
قوله: ثم ذكر العراقيون والروياني أن الحيلولة والحبس قبل التعديل يثبتان
(1) سقط من أ.
إلى ظهور الأمر للقاضي بالتزكية أو الجرح، ولا تقدر له مدة، والحيلولة والحبس لشاهد واحد إذا قلنا به لا يزادان على ثلاثة أيام، بل عن أبي إسحاق: أن قول تأثير الشاهد الواحد موضعه ما إذا أقام شاهدًا فقال: إن الشاهد الآخر قريب، وإن قال: إنه غائب لا يحضر إلى ثلاثة أيام فلا حيلولة ولا حبس بحال، وعلى هذا ينزل قول الكتاب، وإذا قلنا فلا يزيد على ثلاثة أيام. انتهى كلامه.
وليس فيه ما يدل على رد مقالة أبي إسحاق، بل هي مقررة لما سبق عن العراقيين والروياني بزيادة عليه، وجعلها في "الروضة" وجهًا ضعيفًا، فقال بعد حكايتها: والمذهب ما سبق هذا لفظه.