الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثاني: الحج والعمرة
قوله: ولو نذر الحج ماشيًا من دويرة أهله إلى الفراغ، لزمه ذلك في الأصح، فإن أطلق المشي فالأصح: أنه يلزمه من وقت الإحرام سواء أحرم من الميقات أو قبله. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وهو يوهم أن ذلك لا يأتي إذا أحرم بعد الميقات وهو ممنوع فإنه لو جاوزه غير مريد للنسك ثم عنّ له الإحرام بذلك فالقياس أنه يمشي من ذلك الوضع ولا شيء عليه، ولو جاوزه مريدًا له وهو راكب فيحتمل وجوب دمين.
قوله: ولو قال: أمشي حاجًا، فالظاهر: أنه كقوله: أحج ماشيًا، وقضية كل واحد من اللفظين اقتران الحج والمشي، وفيه وجه أن قوله: أمشي حاجًا، يقتضي أن يمشي من مخرجه وانتهاضه إلى الحج. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الذي ذكره من التسوية بينهما حتى يلزمه المشي من حين الإحرام إلى التحلل مشكل ولا يسلم أن ذلك مقتضى اللفظ في الصورة الثانية، لأن مدلوله التزام مشي في حالة الحج، وإذا مشى لحظة بعد الإحرام صدق أن يقال: مشى حاجًا، وحينئذ فيخرج عن نذره بخلاف الصورة الأولى وهي الحج ماشيًا، فإن مدلولها إيقاع الحج في حال المشي فيلزم منه الاستغراق.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد شرع في حكاية خلاف في لحاق الثانية بالأولى في ابتداء المشي فات الكلام فيه وأما نهايته فسيأتي الكلام عليها، والوجه الذي حكاه في عدم التحاقها بالأولى وهو الوجه المذكور في آخر كلامه قد تقدم بعينه في الصورة الأولى فتأمله.
وكأن مراده أن هذا القائل يوجب المشي من حين الخروج في هذه الصورة، بخلاف ما إذا قال: أحج ماشيًا، فإن المشي لا يجب عنده إلا من حين الإحرام.
قوله: ونهاية المشي إلى التحلل الأول على وجه، والمنصوص وقول الجمهور: إلى أن يتحلل التحللين فله الركوب، وإن بقى الرمي في أيام منى لأنه خارج عن الحج خروج السلام الثاني من الصلاة، والقياس أنه إذا كان يتردد في خلال أعمال النسك لغرض تجارة وغيرها فله أن يركب ولم يذكروه. انتهى.
وما ذكره من أن التسليمة الثانية ليست من الصلاة قد اختلف فيه كلامه وكلام "الروضة"، وقد تقدم إيضاحه في آخر صلاة الجماعة فراجعه.
قوله في "الروضة": وإن ترك المشي مع القدرة فحج راكبًا فقد أساء، وفيه قولان:
القديم: لا تبرأ ذمته من حجه بل عليه القضاء، لأنه لم يأت به على صفته الملتزمة.
والأظهر: تبرأ، فعلى هذا هل يلزمه الدم؟ قولان أو وجهان:
أظهرهما: نعم. انتهى كلامه.
وقد ذكر الرافعي تفريعًا حسنًا على القول بوجوب القضاء وحذفه من "الروضة"، فقال بعد حكاية الأول وتعليله: وذكر على هذا مأخذان:
أحدهما: أن ما أتى به عن الحج لم يقع عن نذره، لأن المنذور الحج ماشيًا.
والثاني: أن أصل الحج وقع عنه، إلا أنه بقي المشي واجبًا، والمشي لا يمكن تداركه مفردًا فألزم حجة أخرى ليتدارك فيها المشي، وعلى هذا ينطبق
ما حكى عن نص الشافعي رضي الله عنه أنه لو كان قد ركب في بعض الطريق ومشى في بعض فإذا عاد للقضاء مشى حيث ركب وركب حيث مشى، وعلى المأخذ الأول يلزمه المشي في القضاء كله. هذا كلام الرافعي.
قوله: ولو قال: أحج في عامي هذا، وهو على مسافة يمكن الحج منها في ذلك العام لزمه الوفاء. إلى آخره.
أهمل هنا ما إذا لم يمكن ذلك لضيق الوقت، وقد ذكره قبل هذا بنحو ثلاثة أوراق فقال: المذهب: أنه لا ينعقد نذره ولا شيء عليه، وقيل: يلزمه الكفارة، وقيل: ينعقد نذره ويقضي في سنة أخرى.
قوله: وإن نذر أن يحج حافيًا فله أن يلبس النعلين ولا شيء عليه. انتهى.
تابعه عليه في "الروضة" و"شرح المهذب" وقال فيه: إنه لا خلاف فيه، وعلله بكونه ليس بقربة، لكن قد جزم هو في كتاب الحج من الشرح المذكور بأن الأولى دخول مكة حافيًا، ونقله في "المناسك" و"الروضة" تبعًا للرافعي عن بعضهم وأقره، وحينئذ فيتعين على مقتضى ذلك أن يجب عليه خلع النعلين في هذه المسافة وغيرها مما يستحب فيها أن يكون حافيًا كما لو نذر المشي أو الركوب على ما مر، وكإطالة القيام في الصلاة.
قوله: وإن نذر القِران فأفرد أو تمتع فقد أتى بالأفضل فيخرج عن نذره. انتهى.
وهذا الكلام يشعر بأنه لا يجب على الناذر مع ذلك شيء آخر، لكن هذه المسألة هي نظير ما إذا جامع القارن أو المتمتع ثم أفرد، وقد تقدم في الحج من "زوائد النووي": أن الدم لا يسقط بعدوله إلى الإفراد فهاهنا كذلك، وفي هذه المسألة كلام يتعين الوقوف عليه سبق ذكره هناك.