المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في مستند قضائه - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٩

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌النظر الأول فيما يفيد الحل وهي أركان الذبح وما يقوم مقامه وهو العقر

- ‌ النظر الثاني في بيان ما يملك به الصيد

- ‌كتاب الضحايا والعقيقة

- ‌النظر الأول في الأركان

- ‌ النظر الثاني في أحكام الأضحية

- ‌ الكلام على العقيقة

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الفصل الأول في حالة الاختيار

- ‌الفصل الثاني في حال الاضطرار

- ‌كتاب السبق والرمي

- ‌الباب الأول في المسابقة

- ‌الباب الثاني في الرهن

- ‌كتاب الأيمان

- ‌الباب الأول: في نفس اليمين

- ‌فصل في لغات الباب

- ‌الباب الثاني: في كفارة اليمين

- ‌الباب الثالث: فيما يقع به الحنث

- ‌النوع الأول: الدخول والمساكنة

- ‌النوع الثاني: لفظ الأكل والشرب

- ‌النوع الثالث: في العقود

- ‌النوع الرابع: في الإضافات

- ‌النوع الخامس: في الكلام

- ‌النوع السادس: في تأخير الحنث وتقديمه

- ‌النوع السابع: في الخصومات

- ‌كتاب [النذر]

- ‌الأول: في الأركان

- ‌ الثاني: في أحكام النذر والملتزمات

- ‌النوع الأول: الصوم

- ‌النوع الثاني: الحج والعمرة

- ‌النوع الثالث: إتيان المسجد

- ‌النوع الرابع: الهدايا والضحايا

- ‌ مسائل منثورة

- ‌كتاب القضاء

- ‌الباب الأول: في التولية والعزل

- ‌الفصل الأول: في التولية

- ‌الفصل الثاني: في العزل والانعزال

- ‌الباب الثاني: في جامع آداب القضاء

- ‌الفصل الأول: في آداب متفرقة وهي عشرة

- ‌الفصل الثاني: في مستند قضائه

- ‌الفصل الثالث: في التسوية

- ‌الباب الثالث: في القضاء علي الغائب

- ‌الباب الرابع: في القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌الباب الأول: في الصفات المعتبرة في الشاهد

- ‌الباب الثاني: في العدد والذكورة

- ‌الباب الثالث: في مستند علم الشاهد

- ‌ فصل في آداب التحمل والأداء منقولة من مختصر الصيمري

- ‌الباب الرابع: في الشاهد واليمين

- ‌الباب الخامس: في الشهادة على الشهادة

- ‌الباب السادس: في الرجوع عن الشهادة

- ‌كتاب الدعاوى والبينات

- ‌الركن الأول: في الدعوى

- ‌ الركن الثاني: جواب المدعى عليه

- ‌ الركن الثالث: في اليمين

- ‌ الركن الرابع: النكول

- ‌ الركن الخامس: البينة

- ‌الباب الأول: في مسائل منثورة

- ‌الباب الثاني: في دعوى النسب

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌الحكم الثاني: في الأداء والإتيان

- ‌الحكم الثالث: في تصرفات السيد في المكاتب وفي تصرفات المكاتب

- ‌الحكم الرابع: في ولد المكاتبة

- ‌الحكم الخامس: في جناية المكاتب والجناية عليه

- ‌كتاب عتق أمهات الأولاد

الفصل: ‌الفصل الثاني: في مستند قضائه

‌الفصل الثاني: في مستند قضائه

قوله: وأصح القولين عند عامة الأصحاب: أن القاضي يقضي بعلمه، ثم قال: ولو أقر بالمدعي في مجلس قضائه قضى عليه، وذلك قضاء بإقراره لا بعلم القاضي، وإن أقر عنده بشراء، فعلى القولين في القضاء بالعلم، ومنهم من خصص القولين بما إذا علم المحكوم بنفسه وقال: هاهنا الحكم بالإقرار المعلوم لا بمجرد العلم بالمحكوم. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره من جواز الحكم بالإقرار الواقع في المجلس جزمًا وأنه لا يخرج على القولين مخالف لما ذكره قبل ذلك في الأدب الخامس، فإنه جزم فيه هناك بحكاية القولين، ولم يتعرض لهذه الطريقة التي جزم بها هاهنا وقد سبق ذكر لفظه هناك فراجعه، وذكر نحوه أيضًا في كتاب الدعاوي في الكلام عن اليمين وستعرفه.

ومخالف أيضًا لنص الشافعي في "الأم": فإنه سَوّى بين المجلس وغيره، ذكر ذلك في كتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" الواقع بعد باب قطع العبد في باب الدعوى والصلح، فقال: قال الشافعي: وإذا اختصم الرجلان إلى القاضي، فأقر أحدهما عند القاضي في مجلس الحكم أو غير مجلسه. هذا لفظه.

ثم حكى بعد هذا التصوير القولين واختلاف الناس وأقام الدليل عليه.

الثاني: أن مراده بقوله: ومنهم من خصص القولين. . . . إلى آخره. أن بعضهم قال: إن الإقرار في الشركاء كالإقرار في المجلس حتى يقضي جزمًا، وقد ذكره في "الشرح الصغير" بعبارة هي أوضح من هذه، لا جرم أن النووي في "الروضة" عبر بقوله، وقيل: يقضي قطعًا.

ص: 263

قوله في "الروضة": وإذا قلنا: يقضي بعلمه، فذاك في المال قطعًا وكذا في القصاص وحد القذف علي الأظهر، ولا يجوز في حدود الله تعالى على المذهب، وقيل: قولان. انتهى كلامه.

وما ذكره من تصحيح طريقة القطع في حدود الله تعالى سهو حصل في اختصاره لكلام الرافعي، فإن المذكور في الشرحين: تصحيح طريقة القولين فتأمله، وكلام "المحرر" لا يؤخذ منه شيء في ذلك، فإنه قال: أصح القولين أن القاضي يقضي بعلمه إلا في حدود الله تعالى. هذه عبارته.

قوله: ولا خلاف أن القاضي لا يقضي بخلاف علمه إذا علم أن المدعي أبرأ عما ادعاه وأقام عليه البينة وأن المدعي قبله أو رأه قبله بيد المدعي، أو سمع مدعي الرق قد أعتق ومدعي النكاح قد طلق ثلاثًا، وتحقق كذب الشهود، فإنه يمتنع عن القضاء. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن ما ادعاه من نفي الخلاف قد تابعه عليه في "الروضة"، وذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا وليس كذلك، فقد حكى الماوردي في "الحاوي" وجهًا أنه يقضي بخلاف علمه والحالة هذه، قال: لأن المعتبر في الحكم على هذا القول إنما هو الشهادة دون العلم.

ونقله أيضًا الروياني والشاشي في "الحلية"، وابن يونس وابن الرفعة في شرحيهما "للتنبيه".

الأمر الثاني: كما لا يقضي بخلاف علمه فليس له أن يقضي بعلمه، صرح به الشاشي في "الحلية"، وفي كلام الرافعي إشارة إليه فإنه أطلق منعه عن القضاء وكأن معناه قوة التهمة.

الأمر الثالث: أنه لابد في القضاء بالعلم من التصريح بالمستند، فيقول القاضي: قد علمت أنه له عليك ما ادعاه وحكمت عليك بعلمي، فإن

ص: 264

اقتصر على أحدهما لم ينفذ الحكم، كذا ذكره الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر".

الأمر الرابع: أن عد العتق والطلاق من قسم العلم ممنوع، فإنه لا يلزم من إعتاقه وتطليقه وقوع العتق والطلاق.

أما العتق: فلأن العبد قد يكون مرهونًا والراهن معسر والشاهدان يعلمان الواقعة، ومثله العبد الجاني على ما هو مذكور في موضعه.

وأما النكاح: فقد يكون الزوج أتى بالتعليق المنسوب إلى ابن سريج فقال لها: متى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثًا، ومقتضى كلام "الكتاب" و"الروضة": أن الأكثرين على عدم الوقوع، ونقله عن النص.

الخامس: أن التعبير بقوله: لا يقضي بخلاف علمه، فيه تجوز بل الصواب بما يعلم خلافه، وبه عبّر الماوردي وغيره، فإن من يقضي بشهادة شاهدين لا يعلم كذبهما ولا صدقهما قاض بخلاف علمه مع أن قضاءه نافذ بالاتفاق.

واعلم أن اشتهار الخبر بين الناس بالتواتر هل ينزل منزلة البينة أم حكمه حكم المعلوم بالمشاهدة حتى يجري فيه القولان؟ على وجهين حكاهما في "النهاية" قُبيل باب كيفية تفريق الصدقات.

قوله: واعلم أن الأئمة مَثّلوا القضاء بالعلم الذي هو محل القولين بما إذا ادعى عليه مالًا وقد رآه القاضي أقرضه ذلك أو سمع المدعي عليه أقر بذلك، ومعلوم أن رؤية الإقراض وسماع الإقراض لا يفيد اليقين بثبوت المحكوم به وقت القضاء، فيدل أنهم أرادوا بالعلم الظن المؤكد لا اليقين. انتهى كلامه.

ذكر مثله في "الروضة" وهو يشعر بأنهما لم يقعا هاهنا في المسألة

ص: 265

على نقل، وهو غريب فقد ذكر هو فرعين منقولين هما أصرح في الدلالة على المقصود مما ذكره، وأحدهما قد حكى فيه وجهين، فالموضع الأول: ذكره قبل كتاب العتق في الكلام على القافة فقال: ولو كان القاضي قائفًا فهل يقضي بعلمه؟ فيه الخلاف في القضاء بالعلم. هذا لفظه.

والثاني: في أوائل القسمة فقال: وهل للقاضي أن يحكم بمعرفته في التقويم؟ ، قيل: لا يجوز قطعًا لأنه تخمين مجرد، وقيل: على القولين في القضاء بالعلم وهو الأشبه، ولا يبعد أن يقام ظنه مقام الشهادة المبنية على الظن. هذا كلامه.

وقد صرح الإمام أيضًا بالمسألة هنا فقال: إذا جوزنا له أن يقضي بعلمه فذاك في ما يستيقنه لا ما يظنه، وإن غلب على الظن.

وقال أيضًا في كتاب التفليس: ومن لطيف الكلام في ذلك أن كل ما تستند الشهادة فيه إلى اليقين فلو علمه القاضي بنفسه ففي قضائه خلاف، ولو انتهى القاضي في ما لا علم له إلى منتهى يشهد فيه كالأصول التي ذكرناها فلا يحل له القضاء، وإن كان يحل له أن يشهد بما ظهر عنده فليتأمل الناظر هذا، فإنه من أسرار القضاء. هذا كلامه.

والذي ذكره من الأصول هي الشهادة على أنه لا مال له أو لا وارث له، والشهادة بالتعديل والشهادة بالأملاك، وقد لخص الغزالي أيضًا هذا المعنى، فقال: ولا خلاف أنه لا يقضي بظنه الذي لا يستند إلى بينة.

وذكر الماوردي في كتاب اللقيط عكس ذلك، وبالغ فيه فقال: إذا رأى الحاكم رجلًا يتصرف في دار مدة طويلة من غير معارضة جاز له أن يحكم له بالملك، وفي جواز الشهادة في هذه الحالة قولان، والفرق: أن الحاكم له أن يجتهد وليس للشهود أن يجتهدوا؛ وهذا الذي ذكره الماوردي يؤيد ما

ص: 266

قاله الرافعي بلا شك.

وأما الأمثلة التي ذكرها -أعني: الرافعي- فإنه تبع فيها البغوي، وقد يجاب عنها بأن السبب الذي استند إليه القضاء فيها وهو الإقرار والإقراض معلوم بخلاف التصرف والتسامح ونحوهما فإنها لم تستند إلى معلوم.

قوله: أما اليمين فقد قال الأصحاب: يجوز له أن يحلف على استحقاق الحق، وإذا ألحق اعتمادًا على خط أبيه إذا وثق بخطه وأمانته.

وضبط القفال وثوقه بأن يكون بحيث لو وجد في تلك التذكرة أن لفلان عليّ كذا لا يجد من نفسه أن يحلف على نفي العلم بل يؤديه من التركة، وفرق بينه وبين القضاء والشهادة: بأنه يمكن فيها التذكر والرجوع إلى اليقين حتى لو وجد بخط نفسه أن له على فلان كذا أو أنه أدى دين فلان لم يجز له الحلف حتى يتذكر، قاله في "الشامل". انتهى ملخصًا.

فيه أمران:

أحدهما: أن ما ذكره من جواز الحلف من اشتراط الثقة والأمانة تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وهو لا يظهر في مسائل ذكرها الرافعي فينبغي استحضارها لئلا يحصل الغلط بسببها.

الأولى: ما ذكره في الشفعة أنه لو بيع [الشقص](1) بصبرة من فضة وادعي الشفيع أنها كذا ونكل المشتري، جاز للشفيع الحلف اعتمادًا على نكوله.

الثانية: ما ذكره في الجنايات في باب دعوى الدم: أن المشتري إذا نازعه شخص في المبيع وادعى أنه له وأن البائع غصبه جاز له -أي للمشتري- أن يحلف على أنه لا يلزمه التسليم اعتمادًا على قول البائع.

(1) في أ: السقط.

ص: 267

الثالثة: ما ذكره في آخر الباب الأول من أبواب الدعاوي: أنه إذا أنكر المودع التلف وتأكد ظنه بنكول المودع جاز أن يحلف اليمين المردود في أصح الوجهين.

الأمر الثاني: أن ما نقله عن "الشامل" وأقره من امتناع الحلف على خط نفسه، ذكر مثله في "الشرح الصغير" وزاد على ذلك فقال: ذكره صاحب "الشامل" وغيره.

وهذا الذي نقله عن "الشامل" وأقره هو والنووي عليه ليس هو الصحيح فاعلمه، فقد جزم بعد ذلك في كتاب الدعاوي في الركن الثالث منه المعقود للحلف بما يخالفه، فقال قبيل الطرف الثالث ما نصه: فيه مسألتان:

إحداهما: ما يحلف فيه على البت لا يشترط فيه اليقين، بل يجوز البت بناء على ظن مؤكد ينشأ من خطه أو خط أبيه أو نكول خصمه. هذا لفظه وتبعه عليه النووي وجزم به أيضًا في "المحرر" و"المنهاج".

قوله في "الروضة": فرع: قال الصيمري: ينبغي للشاهد أن يثبت حلية المقر إذا لم يعرفه بعد الشهادة ليستعين بها على التذكر، ويقرب من هذا ذِكْر التاريخ ومَوْضِع التحمل ومن كان معه حينئذ ونحو ذلك. انتهى كلامه.

والتعبير بقوله: ينبغي هو قريب من تعبير الرافعي أيضًا، وهذا الكلام يشعر بأن تعاطي أسباب التذكر مستحب، وهو كذلك كما صرح به في آخر الباب الثالث من أبواب الشهادات فاعلمه.

قوله: ولو شهد شاهدان على حكمه عند قاض آخر قبل شهادتهما وأمضى حكم الأول، إلا إذا قامت بينة بأن الأول أنكر حكمه وكذبهما، فإن قامت بينة بأنه توقف، فوجهان: أوفقهما لكلام الأكثرين: أنه يقبل

ص: 268

شهادتهما وقال الأودي وصاحب "المهذب": لا يقبل لأن توقفه يورث تهمة، وعلى هذا لو شهد عدلان أن شاهدي الأصل توقفا في الشهادة لم يجز الحكم بشهادة الفرع. انتهى.

وما اقتضاه آخر كلامه من تخريج شهود الفرع على هذين الوجهين قد تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، ولم يصرحا بنقله مع أن المحاملي وصاحب "المهذب" والغزالي في "البسيط" قاسوا المنع في شهود الحكم على شهود الفرع، فَدَلّ ذلك على الاتفاق على المنع ولم يتعرض للمسألة في بابها.

ص: 269