الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الخامس: في الكلام
قوله في "الروضة": حلف لا يكلمه فكتب إليه كتابًا أو أرسل إليه رسولًا فقولان:
الجديد: لا يحنث، ومنهم من قطع به.
وقيل القديم: إنما هو إذا نوى بيمينه المكاتبة، وقيل: القولان في الغائب، فإن كان معه في المجلس لم يحنث قطعًا. انتهى كلامه.
وحاصله حكاية أربع طرق، ولم يذكر الرافعي ذلك ولا يصح مجيئه أيضًا، بل المذكور فيه وهو الصواب: إنما هو ثلاث فقط، وجعل الثالث الذي في "الروضة" حملًا من صاحب الطريقة الثانية، وعبر بقوله:"وقال" عوضًا عن قول "الروضة".
قوله: وهجران المسلم حرام فوق ثلاثة أيام، قال في "الروضة": هذا إذا كان الهجر لحظوظ النفوس وتعنتات أهل الدنيا، فأما إذا كان المهجور مبتدعًا أو مجاهرًا بالظلم والفسق فلا يحرم مهاجرته أبدًا، وكذا إذا كان في المهاجرة مصلحة دينية. انتهى.
وكلامه يقتضي أن المبتدع لا فرق فيه بين أن يكون مجاهرًا ببدعته أم لا، بخلاف الظالم والفاسق، والصواب التسوية، وقد سَوّى بين المبتدع والفاسق في أول باب الشقاق بين الزوجين في جواز الهجران من غير شرط، فقال: فإن كان عذر بأن كان [المهجور](1) مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين المهاجر أو المهجور فلا يحرم، وعلى هذا ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه، ونهيه
(1) في ب: الزوج.
- صلى الله عليه وسلم الصحابة عن مكالمتهم. انتهى.
وقد ذكر هناك عن الإمام أنه ذهب إلى أنه لا يحرم ترك الكلام أصلًا، لكن إذا تكلم فعليه أن يحنث.
قوله: وإن كانت مواصلتهما قبل ذلك بالكتابة والمراسلة فيرتفع الإثم بها، وإلا فإن تعذر الكلام لغيبة أحدهما عن الآخر فكذلك، وإلا ففيه وجهان بناء على القولين الجديد والقديم، حتى لو حلف أن يهاجر فلانًا فهل يحنث بالمكاتبة والمراسلة؟ فيه هذا الخلاف. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ظاهر البناء يقتضي رجحان بقاء التحريم مع المراسلة والمكاتبة وعدم الحنث بهما؛ لأن الجديد: أن المكاتبة والمراسلة ليستا من قبيل الكلام، وقد صرح بالأول في "الروضة" من "زوائده"، فقال: والأصح: أنه لا يزول التحريم بالمكاتبة والمراسلة.
نعم صحح الرافعي في "الشرح الصغير" خلافه فقال: فيه وجهان بناء على القولين، والظاهر: الحنث وأن إثم المهاجرة المحرمة يرفع بهما.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" قد عبر بقوله: حتى لو حلف لا يهاجره، أعني بصيغة "لا" كذا رأيته بخطه والصواب ما في الرافعي.
قوله: ولو حلف لا يكلمه، فسَلّم عليه، حنث، فإن سلم على قوم وهو فيهم، واستثناه باللفظ لم يحنث، وإن استثناه بالنية فكذلك، وذكر فيه قولا آخر.
وإن أطلق: حنث في أظهر القولين عند الشيخ أبي حامد. انتهى ملخصًا.
والصحيح ما صححه أبو حامد المذكور، فقد قال بعد هذا بأوراق في
الحلف على السلام: إنه الظاهر، وقال هنا في "الشرح الصغير" وأصل "الروضة": إنه الأظهر.
قوله: ولو صلى الحالف خلف المحلوف عليه فسبح لسهوه أو فتح عليه القراءة لم يحنث، ولو قرأ آية فُهِمَ منها مقصوده لا يحنث إن قصد القراءة وإلا فيحنث.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره في التسبيح والفتح من عدم التفصيل مع التفصيل في المسألة التي بعدها كالصريح في أنه لا فرق في التسبيح والفتح بين أن يقصد أم لا، مع أنه قد ذكره في إبطال الصلاة، فإذا ألحقه بالكلام وهو يقصد إفهامه به لزم الحنث.
الأمر الثاني: أن المسألة الثانية وهي فهم المقصود من الآية فيها كلام سبق في شرائط الصلاة فراجعه.