الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله: ولنختم ما ذكرناه ببابين
الباب الأول: في مسائل منثورة
قوله: ادعى شريكان فصاعدًا حقًا على إنسان وأنكره يحلف [كل واحد](1) يمينًا فإن رضي الكل بيمين واحدة فوجهان:
أحدهما: يجوز، لأن الحق لهم.
والئاني: لا يجوز، كما لا يجوز الحكم بشاهد وأحد وإن رضى الخصم. انتهى.
والأصح المنع، فقد صححه جماعات منهم الشيخ في "التنبيه" وجزم به الرافعي في كتاب اللعان، وقاس عليه مسألة من مسائل اللعان، وذكر الماوردي هناك أن الإصطخري قال: اتفق فقهاء زماننا على خطأ من جوزه وصححه في "الروضة" هنا من "زوائده" وحكى الماوردي عن أبي إسحاق وجهًا ثالثًا، وصححه وهو أنهما إن كانا قد ادعيا ذلك الحق من جهة واحدة مثل إن تداعيا دارًا ورثاها عن أبيهما أو قال: شركة بينهما، حَلَفَ لهم يمينًا واحدة.
وإن كان الحق من وجهين حلف لكل واحد على الانفراد وبهذا أجاب الغزالي في كتاب النكاح.
وقيل: يجوز أن يحلف يمينًا واحدة، وإن لم يرض الخصوم، قاله الفوراني ونقله عنه في "البحر" وحكاه أيضًا في "الكفاية".
وقد ذكره الرافعي في كتاب اللعان في عكس ما نحن فيه، وهو ما إذا توجهت له اليمين على جماعة ما يؤيده، فقال: لو شهد له شاهد بحق
(1) سقط من أ.
على رجل وعلى آخر بحق آخر جاز أن يحلف معه يمينًا واحدة.
قوله: وعن نصه أن المسناة الحائلة بين نهر شخص وأرض آخر في يدهما. انتهى.
المسناة: بميم مضمومة وسين مهملة مفتوحة ونون مشددة بعدها ألف.
قوله في "الروضة": ولو ادعى مائة درهم على إنسان، فقال: قضيت خمسين، لم يكن مُقِرّا بالمائة، وكذا لو قال: قضيت منها خمسين. انتهى.
وهذا الكلام فيه نظر، وعلل الرافعي المسألة الثانية بقوله لجواز أن يريد من المائة التي يدعيها، وليس عليّ غير الخمسين. هذا لفظه، وجزم الشيخ أبو إسحاق في "التنبيه" بأنه إذا قال: قضيته، كان إقرارًا بالحق، ولم يعترضه النووي في "التصحيح".
قوله: ولو تنازعا دارًا ولأحدهما فيها متاع فهي في يده، فإن لم يكن المتاع إلا في بيت لم يجعل في يده إلا ذلك، هكذا ذكروه. انتهى.
وما ذكروه هاهنا من الترجيح بوجود المتاع قد ذكر ما يخالفه في أواخر الصلح، وقد سبق ذكر لفظه هناك فراجعه، وتبعه عليه في "الروضة" على الموضعين.
قولاه في المسائل المنقولة عن "فتاوى القفال" وغيره: وإنه إذا غصب المرهون من المرتهن كان لكل واحد من الراهن والمرتهن أن يدعه على الغاصب، والراهن يقول في دعواه: إن لي ثوبًا كنت رهنته من فلان وأنه غصبه منه ويلزمه الرد إليّ. ولو اقتصر على قوله: إن لي عنده ثوبًا من صفته كذا، ويلزمه التسليم إليّ جاز. . . . إلى آخره.
واعلم أن هذه المسألة -أعني مخاصمة المرتهن-[قد ذكرها أيضًا في الباب الثالث من أبواب الرهن، والباب الثالث من أبواب الإجارة.
وقد اختلف فيها كلامه اختلافًا عجيبًا من ثلاثة أوجه سبق إيضاحه في الرهن، ولم يتعرض في "الروضة" هنا لمخاصمة المرتهن، وسببه أنه وقع في عِدَّة من نسخ الرافعي إسقاط وهو حق "المرتهن" إلى "المرتهن"] (1) فوقعت للنووي فاختصرها باجتهاده.
قوله: وأنه لو باع دارًا وادعى أنها وقف لم تسمع بينته، وقال العراقيون: تسمع إذا لم يكن قد صرح بأنها ملكه.
وقال الروياني: لو باع ثم قال: بعت، وأنا لا أملك ثم ورثته، إن قال حين البيع: هو ملكي، لم تسمع دعواه ولا بينته، وإن اقتصر على البيع سُمِعت، نص عليه. انتهى.
وحاصله أن المعروف المنصوص سماع الدعوى والبينة عند عدم الاعتراف بأنه ملكه، ولم يشترطوا فيه إبداء وجه محتمل.
وهو يشكل على ما ذكروه في المرابحة، وقد تقدم التنبيه عليه هناك فراجعه.
قوله: وفي "فتاوى القاضي الحسين": أنه لو ادعى عليه عشرة فقال: لا يلزمني تسليم هذا المال اليوم، لا يجعل مقرًا؛ لأن الأقارير لا تثبت بالمفهوم. انتهى كلامه.
وهو يوهم أن هذا الجواب مقبول، والصحيح كما سبق في جواب الدعوى: أنه لا يصح الجواب إلا إذا نفي كل جزء منها، فيقول: لا يلزمني تسليم شيء منه.
قوله: وسئل الشيخ أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله عن رجلين تنازعا دارًا، فأقام [أحدهما بينة أنها ملكه وادعى الآخر أنها وقف عليه ولم
(1) سقط من أ.
يقم بينة فحكم القاضي لمدعي الملك، ثم ادعى آخر وقفيتها وأقام] (1) مدع الملك البينة على حكم القاضي له بالملك، وأقام مدعي الوقف بينة بالوقفية فرجع الحاكم بينة الملك ذهابًا إلى أن الملك الذي حكم به يقدم على الوقف الذي لم يحكم به، ثم تنازع مدعي الملك وآخر يدعي وقفيتها فأقام مدعي الملك بينة لحكم الحاكم له بالملك وتقديم جانبه.
وأقام الآخر بينة على أن الوقف الذي يدعيه قضى بصحته قبل الحكم بالملك، وترجحه على الوقف هل يريد حكم الحاكم بذلك؟ فقال: نعم، يقدم الحكم بالوقف على الحكم بالملك، وينقض الحكم بالوقف الحكم بالملك. انتهى كلامه.
واعلم أن الحكم عندنا ليس من المرجحات فإذا سبق أحد الخصمين وأقام بينة فحكم الحاكم له بمقتضى بينته، ثم أقام الآخر بينة تقتضي التساوي أو الرجحان على الأولى رتبنا عليها مقتضاها.
إذا علمت ذلك فما نقله الرافعي هاهنا مقتضاه ترجيح الوقف من حيث هو على الملك عند التعارض، وهو خلاف المذكور قبل هذا بدون الصفحة، فإنه نقل عن "فتاوى القاضي الحسين" أن بينتي الوقف والملك تتعارضان.
قوله: حكى الهروي عن العبادي أن من ادعى عليه وديعة، فقال: لا يلزمني دفع شيء إليه، لا يكون هذا جوابًا، لأن المودع لا دفع عليه، إنما يلزمه التخلية، والجواب الصحيح أن ينكر أصل الإيداع، أو يقول: هلك في يدي أو رددته، وهذا يخالف كلام الأصحاب.
ألا تراهم يقولون: من جحد الوديعة فقامت بينة بالإيداع فادعى تلفًا أو ردًا قبل الجحود نظر: كانت صيغة جحوده إنكار أصل الوديعة أم قال: لا يلزمني تسليم شيء إليه؟ . فإما أن يقدر خلاف أو يأول ما أطلقوه. انتهى.
(1) سقط من أ.
قال في "الروضة": الذي قاله العبادي صحيح وتأويل كلامهم متعين وهو أنهم أرادوا إذا جرى منه هذا اللفظ فحكمه كذا؛ لأن القاضي يقنع بهذا الجواب مع طلب الخصم الجواب.
قوله نقلًا عن العبادي: وأنه لو شهد شاهدان بالقتل على رجل في وقت معين، وآخران أنه لم يقتل في ذلك الوقت لأنه كان معنا لم يغب عنا تعارضت البينتان.
وقد سبق من نظائر هذا ما يخالفه. انتهى كلامه.
وهذه الشهادة التي جوز العبادي سماعها حتى حكم بالتعارض شهادة على نفي لكنه محصور وحاصل كلام الرافعي: مخالفة العبادي في القبول، وقد جزم -أعني الرافعي- بردها أيضًا في باب القسامة، وخالف الموضعين المذكورين في آخر تعليق الطلاق فنقل أن ظاهر المذهب قبولها ولم يعترضه، وقد تقدم ذكر كل من الموضعين في بابه فراجعه.
واعلم أن النووي قد استدرك على الرافعي في هذا الباب، فقال: قلت: مراده أن البينة الثانية شهدت بالنفي، وقد سبق أن شهادة النفي لا تقبل إلا في موضع الضرورة كالإخسار وقد تقدم في [الفصل السابق](1) عن "فتاوى الغزالي" ما يوافقه لكنه ضعيف.
والصواب: أن النفي إذا كان في محصور يحصل العلم به قبلت الشهادة انتهى.
وهذا الذي ذكره النووي هنا من "زوائده" مخالف لما وافق عليه الرافعي في باب القسامة.
(1) سقط من أ.