المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الكتابة ولها أركان وأحكام، فالأركان أربعة.   قوله: ذكر الأئمة أن الكتابة - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٩

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌النظر الأول فيما يفيد الحل وهي أركان الذبح وما يقوم مقامه وهو العقر

- ‌ النظر الثاني في بيان ما يملك به الصيد

- ‌كتاب الضحايا والعقيقة

- ‌النظر الأول في الأركان

- ‌ النظر الثاني في أحكام الأضحية

- ‌ الكلام على العقيقة

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌الفصل الأول في حالة الاختيار

- ‌الفصل الثاني في حال الاضطرار

- ‌كتاب السبق والرمي

- ‌الباب الأول في المسابقة

- ‌الباب الثاني في الرهن

- ‌كتاب الأيمان

- ‌الباب الأول: في نفس اليمين

- ‌فصل في لغات الباب

- ‌الباب الثاني: في كفارة اليمين

- ‌الباب الثالث: فيما يقع به الحنث

- ‌النوع الأول: الدخول والمساكنة

- ‌النوع الثاني: لفظ الأكل والشرب

- ‌النوع الثالث: في العقود

- ‌النوع الرابع: في الإضافات

- ‌النوع الخامس: في الكلام

- ‌النوع السادس: في تأخير الحنث وتقديمه

- ‌النوع السابع: في الخصومات

- ‌كتاب [النذر]

- ‌الأول: في الأركان

- ‌ الثاني: في أحكام النذر والملتزمات

- ‌النوع الأول: الصوم

- ‌النوع الثاني: الحج والعمرة

- ‌النوع الثالث: إتيان المسجد

- ‌النوع الرابع: الهدايا والضحايا

- ‌ مسائل منثورة

- ‌كتاب القضاء

- ‌الباب الأول: في التولية والعزل

- ‌الفصل الأول: في التولية

- ‌الفصل الثاني: في العزل والانعزال

- ‌الباب الثاني: في جامع آداب القضاء

- ‌الفصل الأول: في آداب متفرقة وهي عشرة

- ‌الفصل الثاني: في مستند قضائه

- ‌الفصل الثالث: في التسوية

- ‌الباب الثالث: في القضاء علي الغائب

- ‌الباب الرابع: في القسمة

- ‌كتاب الشهادات

- ‌الباب الأول: في الصفات المعتبرة في الشاهد

- ‌الباب الثاني: في العدد والذكورة

- ‌الباب الثالث: في مستند علم الشاهد

- ‌ فصل في آداب التحمل والأداء منقولة من مختصر الصيمري

- ‌الباب الرابع: في الشاهد واليمين

- ‌الباب الخامس: في الشهادة على الشهادة

- ‌الباب السادس: في الرجوع عن الشهادة

- ‌كتاب الدعاوى والبينات

- ‌الركن الأول: في الدعوى

- ‌ الركن الثاني: جواب المدعى عليه

- ‌ الركن الثالث: في اليمين

- ‌ الركن الرابع: النكول

- ‌ الركن الخامس: البينة

- ‌الباب الأول: في مسائل منثورة

- ‌الباب الثاني: في دعوى النسب

- ‌كتاب التدبير

- ‌كتاب الكتابة

- ‌الحكم الثاني: في الأداء والإتيان

- ‌الحكم الثالث: في تصرفات السيد في المكاتب وفي تصرفات المكاتب

- ‌الحكم الرابع: في ولد المكاتبة

- ‌الحكم الخامس: في جناية المكاتب والجناية عليه

- ‌كتاب عتق أمهات الأولاد

الفصل: ‌ ‌كتاب الكتابة ولها أركان وأحكام، فالأركان أربعة.   قوله: ذكر الأئمة أن الكتابة

‌كتاب الكتابة

ولها أركان وأحكام، فالأركان أربعة.

قوله: ذكر الأئمة أن الكتابة مأخوذة من الكتب وهو الضم والجمع، يقال: كتبت البغلة إذا ضممت بين شُفريها بحلقة أو سير.

ومنه الكتابة لما فيها من ضم بعض الحروف إلى بعض، والكتيبة لانضمام بعضهم إلى بعض فسمي هذا العقد كتابة لما ينضم فيه من النجم إلى النجم، وقيل: سميت كتابة لأنها توثق بالكتابة. انتهى.

واعلم أن الكتابة والكتاب والكتب مصادر، كما صرح به النحاة، وكل واحد من المصادر المترادفة ليس مأخوذًا من غيره بلا خلاف، بل لا شيء من المصادر مفرع عن غيره على رأي البصريين.

قوله: وإذا قال كاتبتك وعين النجوم فإن قال مع ذلك فإذا أديت فأنت حر. أو لم يقله، ولكن نواه صحت وإن لم يوجد التعليق ولا النية، لم يصح وفيه قول مخرج. انتهى ملخصًا.

وهذا الخلاف قد ذكره النووي في "تصحيح التنبيه" حالة وجود النية، فقال عطفًا على الأصح وأنه إذا قال: كاتبتك ولم يقل فإذا أديت فأنت حر، ولكن نواه صحت هذا لفظه، وهو غلط فاعلمه.

قوله: ولو قال: إن أعطيتني ألفًا أو أديت إليّ ألفًا فأنت حر، فلا يمكن أن يعطي مال نفسه، فإنه لا يملك شيئًا فهو كما لو قال لزوجته: إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق، فأتت بألف مغصوب.

وقد ذكرنا في الخلع وجهين في وقوع الطلاق، والأظهر: أنه لا يقع.

ص: 474

انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن دعواه أنه لا يمكن أن يعطي من مال نفسه وأنه لا يمكنه إلا إعطاء المغصوب حتى لا يعتق، ليس كذلك فإنه، قد ينتهي إلى حالة يكون فيها مالكًا مع كونه رقيقًا، وحينئذ فيحصل العتق بإعطائه، وذلك أن يكاتبه السيد وفي الرافعي في الكلام على تعجيل النجوم، نقلًا عن "الشامل" من غير اعتراض عليه أنه إذا قال لمكاتبه إن أعطيتني كذا فأنت حر فأعطاه عتق، ولكنه عوض فاسد لأن المكاتب لا يصح المعاوضة عليه، فيعتق بالصفة وعليه تمام قيمته، فيحتمل أيضًا التراجع في مسألتنا، والمتجه الفرق.

وأيضًا فقد ذكروا أنه إذا علق الطلاق على إعطاء السفيهة أو إبرائها أو التزامها وقع الطلاق رجعيًا، وفرقوا بينه وبين إعطاء المغصوب بأن السفيهة لا تقدر على بذل فصار ذلك قرينة دالة على إرادة مجرد التعلق بخلاف بذل المغصوب من الرشيدة وإذا تقرر هذا، فنقول بتقدير صحة ما قاله الرافعي من كون العبد لا يقدر على إعطاء شيء مملوك له، فلا يكون إعطاؤه كإعطاء المغصوب من الرشيدة، بل كإعطاء السفيهة للمعنى الذي قلناه، وحينئذ فيحصل العتق بإعطائه.

الأمر الثاني: أن الأصحاب اختلفوا في أن لفظ الأداء هل ينزل منزلة الإعطاء في أحكامه من التمليك والفورية أم هو تعليق محض؟ واختلف كلام الرافعي في هذه المسألة فكلامه هنا جازم بإلحاقه به، وخالف ذلك في مواضع.

أحدها: في الركن الثاني المعقود للعوض في الشرط الرابع من شروطه فقال: بخلاف ما إذا قال إن أديت إليّ هذا فأنت حر، فإنه إذا أداه عتق

ص: 475

وإن كان مستحقًا لأن ذلك محض تعليق. هذه عبارته.

والموضع الثاني في أوائل الكلام على الكتابة الفاسدة، فقال ما نصه: قال الأصحاب: تعليق العتق بالصفة على أقسام: أحدها التعليق الحالي عن المعاوضة كقوله إن دخلت الدار أو كلمت فلانًا فأنت حر، فإن المال ليس مذكورًا على سبيل الأعواض فهذا لازم من الجانبين، فليس للعبد ولا للسيد ولا لهما دفعه بالقول ويبطل بموت السيد.

وإذا وجدت الصفة في حياته عتق وكسب العبد قبل وجود الصفة للسيد ولو أبرأه في صورة التعليق بأداء المال عن المال لم يعتق. ولا تراجع بين السيد وبينه هذا لفظه.

والموضع الثالث في آخر الكلام على الكتابة الفاسدة، فقال نعم لو قال إن أديت إلي وارثي كذا فأنت حر عتق بالأداء إليهم، كما لو قال إن دخلت الدار بعد موتي. انتهت.

وقد وقع هذا الاختلاف أيضًا في المسألة المذكورة بالنسبة إلى الخلع وسبق إيضاحه هناك.

وتبعه في "الروضة" على الاختلاف الواقع في المسألتين.

قوله في المسألة المذكورة: فإن فرعنا على أنه يعتق، فعن الشيخ أبي علي رواية وجهين في "شرح التلخيص" في أن سبيل هذه المعاملة سبيل الكتابة الفاسدة حتى يرد السيد ما أخذ، ويرجع على العبد بقيمة رقبته. حتى تتبعه الأكساب والأولاد الحاصلة بعد التعليق.

والثاني: أنه ليس لها حكم الكتابة الفاسدة، وعلى هذا فوجهان:

أحدهما: أنه يرجع على العبد بقيمة رقبته كما أنه إذا قال لزوجته: إن أعطيتني ألفًا، فأعطته ألفًا مغصوبًا، وقلنا بوقوع الطلاق فإنه يرجع عليها.

ص: 476

والثاني: أنه لا رجوع له، والذي جرى محض تعليق ويخالف الزوجة فإنها أهل الالتزام وقت المخاطبة، والعبد ليس أهلًا له.

قال في "الوسيط": والظاهر أنه لا رجوع للسيد بالقيمة، وأنه لا يتبعه الكسب والولد. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا الترجيح الذي نقله عن الغزالي يعود إلى الوجهين المذكورين أولًا، فإن تبعية الكسب والولد، إنما تأتي عليه لا على الثاني، وفهم النووي أنها عائد إلى الوجهين المذكورين ثانيًا فحكى الخلاف الأول بلا ترجيح، ونقل الترجيح في الثاني، ثم إنه لم يعزه إلى الغزالي، بل أطلق التصحيح.

الأمر الثاني: أن ما رجحه الغزالي هو الصحيح فقد جزم به الرافعي بعد هذا الكلام على الكتابة الفاسدة، وقد سبق ذكر لفظه في آخر المسألة السابعة.

قوله: وعن القاضي الحسين ذكر وجهين في ما إذا أسلم إلى المكاتب عقب عقد الكتابة. انتهى.

صورة هذه المسألة في السلم الحال. أما المؤجل فيصح جزمًا، كذا صرح به إمام الحرمين هنا وهو واضح.

قوله: ولا يجوز أن يكتفي بخدمة شهرين مثلًا على أن تقدر خدمة كل شهر نجمًا، فلو شرطا صريحًا أن تكون خدمة شهر نجمًا وخدمة الشهر بعده نجم آخر فوجهان:

أصحهما: وهو المنصوص في "الأم": المنع، لأن منفعة الشهر الثاني متعينة والمنافع المتعلقة بالأعيان لا يجوز أن يشترط كآخرها.

والثاني: يجوز واتصال ابتداء الشهر الثاني بانتهاء الأول تخرجه عن أن

ص: 477

يكون عقدًا على المستقبل، وهذا كالخلاف في إجارة الدار السنة القابلة، أو هو هو فإن انقطع مبتدأ المدة الثانية عن منقرض الأول كما لو كاتبه على خدمة شهر آخر بعد ذلك الشهر بعشرة أيام مثلًا، لم يجز بلا خلاف. انتهى كلامه.

وهو متدافع؛ لأن الصحيح في الإجارة هو الجواز والترجيح المذكور أولًا مع التعليل الذي ذكره يقتضي تصحيح المنع فيها.

نعم التجويز في الإجارة يقتضي جعله كالموجود في عقد واحد، ومقتضاه أن يكون هنا كنجم واحد فيمتنع، ومن منع فيها نظر إلى أن هذا عقد على زمن مستقبل فمقتضاه المنع هنا أيضًا. فاتجه المنع هنا بكل حال، وبه يبطل أيضًا البناء.

قوله: في "الروضة" ولو كاتبه على خدمة شهر ودينار في أثناء الشهر، كقوله ودينار بعد العقد بيوم، صح على الأصح. انتهى كلامه.

أهمل شيئين ذكرهما الرافعي:

أحدهما: طريقة قاطعة بالمنع، نقلها عن ابن القطان.

والثاني: أن المنصوص في "الأم" الجواز، وهذا الثاني ذكره الرافعي قبل هذا بأسطر.

قوله: وذكر في "التهذيب" أنه لابد من بيان العمل في الخدمة إذا كانت عليها، وقال ابن الصباغ: يكفي إطلاق الخدمة. انتهى.

لم يرجح [في الروضة](1) أيضًا شيئًا من هذا الخلاف، والصحيح: الاكتفاء بالإطلاق، وحمل الأمر فيه على العرف كما سبق إيضاحه في آخر الإجارة.

قوله: وإذا مرض العبد وفاتت الخدمة انفسخت الكتابة في قدر الخدمة.

(1) سقط من أ.

ص: 478

وأما الباقى فقيل هو كما لو باع عبدين فتلف أحدهما قبل القبض، وقيل: يبطل فيه بلا خلاف لأن الكتابة لا تقع على بعض العبد هذا ما حكاه القاضي أبو الطيب. انتهى كلامه.

والصحيح ما ذكره الرافعي بعد هذا بقليل في نظير المسألة: أنه يصح فقال في أوائل الركن الثالث المعقود للسيد: أنه إذا كاتب عبده في مرض الموت اعتبرت كتابته من الثلث، فإن خرج بعضه فالباقي قنٌ ثم قال: ولا يخرج على الخلاف في ما إذا كاتب أحد الشريكين نصيبه من العبد المشترك فإن ذلك ابتداء كتابة، وهاهنا وردت الكتابة على الجميع ثم دعت الحاجة إلى الإبطال في البعض، وحكى ابن كج عن بعضهم التخريج على ذلك الخلاف. انتهى كلامه.

[ولكن نص في "الأم" على ما يوافق الطريقة الثانية وهي البطلان](1) فقال إذا انتقضت الكتابة في البعض انتقضت في الكل، هذه عبارته على ما حكاه البندنيجي عنه.

واعلم أن القاضي أبا الطيب ممن قطع بالمنع وتعبير الرافعي يقتضي حكايته للطريقين ولو زاد واو العطف مع لفظ الإشارة لاستقام وحذف النووي النقل عن القاضي المذكور.

قوله في "الروضة": ولو كاتبه على دينار إلى شهر ودينارين إلى شهر على أنه إذا أدى الأول عتق ويؤدي الدينارين بعد العتق.

ففي صحة الكتابة القولان في ما إذا جمعت الصفقة عقدين مختلفين. انتهى كلامه.

وحاصله تصحيح الصحة؛ لأنه الصحيح في الجمع بين العقدين،

(1) سقط من أ.

ص: 479

وهذا الذي ذكره النووي غريب فإن الرافعي لم يقتصر عليه، بل ذكر ما يعارضه فإن قال: فعن ابن سريج أن في صحة الكتابة قولين، وهما عند بعضهم القولان في أن الصفقة إذا جمعت [بين عقدين مختلفين هل تحكم بصحتها؟ وعند بعضهم يتأصلان ويوجه](1) البطلان بأنه شرط ما يخالف قضية الكتابة، لأن قضيتها أن لا يعتق بأداء البعض.

والصحة بأنه لو كاتبه مطلقًا، وأدى بعض المال، ثم أعتقه على أن يؤدي الباقي بعد العتق جاز، فكذلك إذا شرطه في الابتداء، هذا كلام الرافعي وليس فيه ترجيح الطريقة الأولى، فضلًا عن الجزم بها، بل التخريج ضعيف. لأن صورة تلك أن يكون المعقود عليه متعددًا أو متحدًا ولكن يخص بعضه المعين بحكم والبعض الآخر بحكم آخر.

كما يعرف من كلامهم في البيع بل الظاهر أن هذا شرط يخالف مقتضاها وليس نظيره ما قاس عليه الذاهب إلى الصحة لأنه في تلك المسألة متبرع بتعجيل العتق وفي مسألتنا يصير مستحقًا واقعًا بغير اختياره، وذلك مناف لحقيقة الكتابة ثم إن النووي أيضًا قد أسقط هذه المسألة أعني المستشهد بها للصحة.

قوله: ولو كاتبه وباعه شيئًا بعوض واحد كقوله كاتبتك وبعتك هذا الثوب بمائة إلى شهرين تؤدى نصفها في آخر كل شهر فإذا أديت فأنت حر، فقال قبلت الكتابة والبيع أو البيع والكتابة أو قبلهما فطريقان:

أحدهما: على القولين في من جمع بين عقدين مختلفي الحكم ففي قول يصحان، وفي آخر يبطلان.

والثاني: وهو المذهب: يبطل البيع، وفي الكتابة قولا تفريق الصفقة. انتهى.

(1) سقط من أ.

ص: 480

وما ذكره من أنه لا فرق في الجواز من تقدم البيع على الكتابة، وعكسه، وبين مقارنتهما قد ذكر في نظيره وهو مزج الرهن بالبيع ما يخالفه كما سبق في أوائل الرهن.

وقد تقدم ذكر لفظه هناك فراجعه.

قوله: الركن الثالث: السيد ويعتبر فيه أمران، والتكليف وأهلية التبرع. انتهى كلامه.

أهمل أمرًا ثالثًا وهو الاختيار حتى لا يصح من المكره، وقد ذكره في أثناء الباب.

قوله: ولو كاتبه في الصحة بمثل قيمته ولم يكن له مال [سواه](1)، ثم أبرأه عن النجوم في المرض، فإن اختار العجز عتق [ثلثه](2) ورق ثلثاه وإذا اختار بقاء الكتابة، فأظهر الوجهين أنه يعتق ثلثه، وتبقى الكتابة في الثلثين وقيل لا يعتق ثلثه ما لم يسلم الثلثان للورثة. انتهى كلامه.

وما ذكره هنا من عتق الثلث، قبل تسلط الورثة على الثلثين قد سبق في باب التدبير في نظائر كثيرة لهذا ما يخالفه، ذكر ذلك بعد الكلام على الرجوع، وقد سبق ذكر لفظه هناك فراجعه.

وقد ذكر الرافعي هنا عقب هذه المسألة [عملًا من الحساب حكى فيه خلافًا بين ابن الصباغ وغيره أسقطه](3) من "الروضة"، وفي ظني أنه لم يتقدم له ذكر في الوصايا، فليعلم ذلك ولينظر.

قوله: وكتابة المرتد تبنى على أقوال ملكه، وقيل لا يأتي الوقف، ثم محل هذا الخلاف ما إذا لم يحجر الحاكم عليه [وقلنا أيضًا لا يحصل بنفس

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

(3)

سقط من أ.

ص: 481

الردة فإن كان في حال حجر لم يصح قطعًا وقيل] (1) محلها إذا حجر عليه الحاكم، فإن لم يحجر عليه صحت بلا خلاف، سواء قلنا يصير محجورًا عليه أم لا، وقيل: إنه مطرد مطلقًا.

ثم قال ما نصه: وتحصل من هذه الاختلافات في كتابة المرتد وجوه أو أقوال خمسة:

أحدها: أنها موقوفة.

والثاني: صحتها.

والثالث: صحتها قبل الحجر خاصة.

والرابع: بطلانها.

والخامس: بطلانها بعد الحجر خاصة والأشبه هو الرابع، انتهى كلامه.

والقول الثالث من هذه الأقوال متحد مع الخامس فهي في الحقيقة أربعة بل لا يجيء مما سبق غيرها، أعني غير الأربعة.

وقد تفطن النووي لإشكاله لكنه توهم صحة العدد فغيره باجتهاده، فقال:

أظهرها: البطلان.

والثاني: يصح.

والثالث: موقوفة على إسلامه.

والرابع: يصح قبل الحجر عليه، وإن قلنا يصير محجورًا عليه بنفس الردة.

والخامس: يصح قبل أن يصير عليه حجر إما بنفس الردة، وإما بحجر

(1) سقط من أ.

ص: 482

القاضي هذا كلامه، وهو غير مستقيم أيضًا.

فإن حجر الحاكم لما كان متوقفًا على أشياء منه حصل من اعتباره قول فارق. وأما كونه يصير محجورًا عليه أم لا فلا يجيء فيه قول، بل هو داخل في الأقوال الباقية، كغيره من الطرق ولوقوعه من غير فعل فتأمله.

قوله: ولو سمى المكاتب جاز للسيد الفسخ، وهل يفسخ بنفسه كما كان المكاتب حاضرًا، أو بدفع الأمر إلى الحاكم ليتفحص هل له مال بقي بالكتابة؟ فيه وجهان:

أظهرهما: الأول، ثم إذا فسخت الكتابة وأقام البينة بعد الخلاص على أنه كان له من المال ما بقى بالكتابة بطل الفسخ وأدى المال وعتق. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخره من أن وجود المال مانع من الفسخ، قد جزم بخلافه في أثناء الحكم الثاني في السبب الثاني من أسباب تعذر تحصيل النجوم، وسوف أذكر لفظه في موضعه فراجعه.

قوله: الركن الرابع: المكاتب وشرط التكليف. انتهى.

أهمله قيد الاختيار ليتحرز عن المكره.

وقد ذكره في "الروضة" ولم ينبه على أنه من "زوائده".

نعم ذكره الرافعي في أثناء الباب، وقد تقدم الاعتراض عليه بهذا في حق السيد أيضًا.

قوله في "الروضة": ولو كاتب عبده الصغير أو المجنون فوجدت الصفة عتق، ثم قيل: يعتق بحكم كتابة فاسدة، لأنه لم يرض بعتقه إلا بعوض فعلى هذا يثبت التراجع، والصحيح الذي عليه الجمهور: أنه يعتق بمجرد الصفة وليس كما جرى حكم الكتابة الفاسدة في التراجع ولا غيره. انتهي.

حكى الرافعي عن الصيدلاني أنه فصل بين الصبي والمجنون وفرق بأن

ص: 483

الجنون عارض فهو كعارض شرط فاسد بخلاف الصبي.

وأهمل أيضًا طريقة قاطعة فيهما بالجواز وأخرى بالمنع.

قوله: ولو قبل الكتابة من السيد أجنبي على أن يؤدي عن العبد كذا في نجمين فإذا أداهما عتق العبد فهل يصح؟ وجهان:

أحدهما: نعم: كخلع الأجنبي.

والثاني: لا، لمخالفته موضوع الباب، فإن صححناها فهل يجوز حاله؟ وجهان: وإن لم نصححها وأدى عتق العبد بالصفة ويرجع المؤدى على السيد بما أدى والسيد عليه بقيمة العبد. انتهى.

والأصح: عدم الصحة، كذا صححه في "الروضة" من "زوائده".

قوله: وإن كاتب أحد الشريكين نصيبه بإذن شريكه لم يصح في أصح القولين.

والثاني: قاله في "الإملاء" على مسائل محمد بن الحسن أنها تصح.

وعن ابن سلمة القطع بالقول الأول، فإن صححنا فدفع العبد من كسبه إلى الذي كاتبه حصته، أو جرت بينه وبين الذي لم يكاتبه مهاياة، فدفع ما كسبه في ثوبه نفسه إلى الذي كاتبه حتى تمت النجوم عتق، وقوم عليه نصيب الشريك إن كان موسرًا. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن العبد المشترك [إذا أعطى أحد الشريكين حصته من المال الذي اكتسبه](1) لا يعتق نصيب الآخذ حتى يأخذ أيضًا شريكه، كذا ذكره الرافعي في الكلام على الحكم الثاني من أحكام الكتابة على خلاف ما دل عليه كلامه هنا فراجعه، فإنه بسط المسألة هناك، وترجم لها في "الروضة" بالمسألة الخامسة.

(1) سقط من أ.

ص: 484

والثاني: أن النووي قد أهمل في "الروضة" الطريقة القاطعة التي قال بها ابن سلمة.

قوله: حكاية عن ابن كج: ولو كاتب نصيبه بإذن شريكه فجوزناه فأراد الشريك الآخر كتابة نصيبه، هل يحتاج إلى الإذن الأول؟ فيه وجهان. انتهى.

جزم ابن الرفعة في "الكفاية" بالجواز، وعلله بأنه لم يبق له حق يخشى فواته، وما ذكره متجه.

قوله في "الروضة": فرع: إذا كاتب الشريكان العبد معًا أو وكلا من يكاتبه أو وكل أحدهما الآخر فكاتبه صحت الكتابة قطعًا إن اتفقت النجوم جنسًا وأجلًا وعددًا، وجعلا حصة كل واحد من النجوم بحسب اشتراكهم في العبد، أو أطلقا فإنها تقسم كذلك. انتهى كلامه.

وما اقتضاه لفظه من عدم الخلاف ليس كذلك، ففي المسألة ثلاثة أوجه حكاها في "الكفاية".

أحدها: هذا.

والثاني: أنه إذا كان لأحد الشريكين زيادة على ما للآخر فلا يصح الكتابة أصلًا، وإنما تصح إن لو كان ملكهما على السواء.

والثالث: أنها لا تصح مطلقًا سواء تساويا فيه أو اختلفا لأن العقد إذا جرى عليه حكم العقدين وصار كأن كل واحد قد انفرد به.

ولم ينف الرافعي الخلاف في هذه المسألة.

قوله: والكتابة الباطلة هي التي اختل بعض أركانها، بأن كان السيد أو العبد صبيًا أو ذكر ما لا يقصد كالدم والحشرات بخلاف الكتابة على الخمر والخنزير، فإنها فاسدة ثم قال ما نصه: وعند الصيدلاني أن الكتابة على الميتة

ص: 485

والدم من صور الكتابة الفاسدة كالكتابة على الخمر والخنزير. انتهى كلامه.

لم يذكر رحمه الله في الميتة غير ما نقله هنا عن الصيدلاني، وهو موهم، بل ظاهر في إلحاقها بالباطل لأنه ساق هذه المقالة مساق الأوجه الضعيفة.

ولقرينة عدها مع الدم ولكن الصحيح عدها مما يقصد، كذا صرح به الرافعي في كتاب الخلع فاعلمه.

وتابعه في "الروضة" هنا على هذا التعبير.

قوله: وإنما كان كذلك على خلاف البيع وسائر العقود، حيث لا يفرق فيها بين الباطل والفاسد لأن العتق هو المقصود، وتعليق العتق لا يفسد. انتهى.

وما ذكره من أن باقي العقود لم يفرق فيها ليس كذلك، فقد فرقوا بينهما أيضًا في الخلع والعارية، وقد تقدم في موضعه.

قوله في "الروضة": ولو اعتاض عن المسمى في الكتابة الفاسدة لم يعتق أيضًا. انتهى.

وهذا الكلام يوهم جواز الاعتياض عن نجوم الكتابة والصحيح فيه المنع، كما ذكره بعد ذلك في الحكم.

ولما ذكر الرافعي هذه المسألة نبه عليها على بيانه على الخلاف الآتي.

قوله أيضًا في "الروضة": وهل يتبع المكاتبة كتابة فاسدة ولدها؟ طريقان: المذهب: نعم كالكسب.

والثاني: قولان. انتهى.

لم يصرح الرافعي بتصحيح شيء من الطريقين وإنما نقل الأولى عن تصحيح الإمام وغيره والثانية عن أبي زيد والغزالي.

ص: 486

نعم صحح الرافعي في "الشرح الصغير" ما صححه في "الروضة"، فقال: إنها أظهر الطريقين.

قوله: والمكاتب كتابة صحيحة، هل يسافر بغير إذن سيده فيه نصان وفيهما طريقان، وقيل قولان: أصحهما: الجواز.

والطريق الثاني: حمل الجواز على القصير والمنع على الطويل، وقيل: يحمل الجواز على ما قبل الحلول والمنع على ما بعده انتهى ملخصًا.

ذكره في "الشرح الصغير" و"الروضة" نحوه أيضًا وفيه أمران:

أحدهما: أنه لا يؤخذ من هذا الكلام تصحيح في المسألة، فإن التصحيح المذكور في الأول إنما هو تفريع على طريقة القولين، ولم يصححاها والصحيح من حيث الجملة هو الجواز، كذا جزم به الرافعي في أول الكلام على كفاية بعض العبد، وصححه النووي في "تصحيح التنبيه".

نعم يؤخذ من كلام الرافعي هنا، ومن "الروضة" تصحيح الجواز في السفر القصير قبل الحلول لأن الطرق كلها متفقة عليه.

الأمر الثاني: أن ما اقتضاه كلامهما [في هذا الباب من عدم المنع عند الحلول مناقض لما ذكراه](1) في التفليس وفي السير من تصحيح المنع عند القدرة، والعجب من تمكنه من منع الحر بذلك، ومنعه من منع رقيقه بذلك السبب بعينه، وتعليل الرافعي يقتضي تخصيص الخلاف لسفر التجارة وتصوير المسألة، يقتضي تعميم كل سفر، وكلام "التنبيه" يقتضي جريان الخلاف مع الإذن أيضًا، ولم يصرح الرافعي بذلك وفيه نظر.

قوله: وكأنه قال: إن أديت فأنت حر ما لم أرجع، فالعتق معلق بالأداء. وعدم الرجوع. انتهى.

(1) سقط من أ.

ص: 487

واعلم أنه قد جعل هنا وفي أول الفصل أيضًا التعليق بالأداء، كسائر التعاليق الحالية عن العوض، وقد علم أن التعليق لا يرجع عنه بالقول لكن استفدنا من هاهنا جواز الرجوع عنه إذا شرطه في تعليقته، وفيه نظر، فإن الرجوع الذي شرطه لا يحصل باللفظ، إلا أن يقال حملناه على التلفظ بالرجوع، وقد أسقط النووي المسألة المذكورة.

قوله: ولو عجل النجوم في الكتابة الفاسدة فهل يعتق كالصحيحة أم لا لأن الصفة لم توجد على وجهها؟ وجهان. انتهى.

والأصح هو الثاني، كذا صححه النووي من "زوائده" وابن الرفعة في "الكفاية" وهو المتجه.

قال رحمه الله: النظر الثاني في أحكام الكتابة وهي خمسة: أحدها فيما يحصل به العتق.

قوله: وأما الفاسدة فالأصح بطلانها بجنون السيد وإغمائه، وبالحجر عليه دون جنون العبد وإغمائه، لأن العبد لا يتمكن من فسخ الكتابة ورفعها صحيحة كانت أو فاسدة وإنما يعجز نفسه، ثم السيد يفسخ إن شاء، فإن قلنا أنها لا تبطل فلو أفاق فأدى المسمى عتق وثبت التراجع.

وبمثله أجابوا فيما إذا أخذ السيد في جنونه وقالو ينصب الحاكم من يرجع له، وينبغي أن يقال لا يعتق هاهنا، انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن ما جزم به، واقتضى كلام الاتفاق عليه، من كون العبد لا يتمكن من فسخ الكتابة غريب.

فقد ذكر بعد هذا في أثناء الحكم الثاني أن أظهر الوجهين، أنه يجوز له يفسخ كالمرتهن وعلل مقابله بأنه لا ضرر عليه في بقاء الكتابة، والصواب

ص: 488

المفتى عليه ما ذكره هناك وهو الجواز، فقد نص عليه الشافعي في "الأم"، فقال في باب الكتابة على البيع تعليلًا لمسألة ما نصه: لأن الكتابة لا تلزم العبد لزوم الدين الكتابة متى شاء العبد تركها.

وذكر بعده بنحو أربعة أوراق ما هو أصرح منه، فقال في باب الخيار في الكتابة ما نصه: ولو كاتب الرجل عبده على أن للسيد أن يفسخ الكتابة متى شاء ما لم يؤد العبد كانت الكتابة فاسدة، ولو شرط السيد للعبد أن بيد هذا العبد فسخ الكتابة متى شاء كانت الكتابة جائزة، لأن ذلك بيد العبد، وإن لم يشترطه العبد. انتهى لفظ الشافعي بحروفه، ومن "الأم" نقلته.

وصرح به أيضًا في باب ميراث المكاتب، فقال من جملة كلام ما نصه: فمتى شاء المكاتب أبطل الكتابة.

الأمر الثاني: أن قول الرافعي وإنما يعجز نفسه ثم السيد يفسخ إن شاء صريح في أن الكتابة لا تبطل بتعجيز العبد نفسه، وهو خلاف نص الشافعي، فإنه قد قال في "الأم" في باب جماع أحكام المكاتب استدلالًا على بطلان الكتابة بالموت ما نصه: وإذا كان المكاتب، إذا قال في حياته قد عجزت فطلب الكتابة، لأنه اختار تركها كان إذا مات أولى أن تبطل، وذكر مثله في أواخر باب ميراث المكاتب، فقال ما نصه: وكذلك لو كان عبدان أو عبيد في كتابة واحدة فعجز أحدهم نفسه، أو رضي بترك الكتابة خرج منها. هذا لفظه.

وقد حذف النووي من "الروضة" ما ذكره الرافعي هاهنا لكونه دليلًا على مسألة، فاتفق أن سلم من هذين الاستدراكين، ثم إن الرافعي قد ذكر بعد هذا في آخر المسألة الثالثة من الحكم الثاني ما يوافق المذكور هنا أيضًا وتابعه عليه في "الروضة" لكنه ذكر ما يخالفه في الحكم الثاني، في الكلام على تبرعات المكاتب مع السيد، فإنه صحح تخريجها على القولين

ص: 489

في الأجنبي مع الإذن وحكى طريقة قاطعة بالصحة، وعللها بقوله لأن للمكاتب أن يعجز نفسه، فيحمل جميع ما في يده لسيده.

وإذا تمكن من جعل الجميع للسيد، لم يبعد أن يجعل بعضه له بالهبة. هذا لفظه.

وتبعه عليه في "الروضة".

الثالث: أن النووي في "الروضة" قد عبر عن قول الرافعي ينصب الحاكم بقوله ينصب السيد، كذا رأيته بخطه، وهو ذهول فاعلمه.

قوله: الثالثة إذا كاتب الشريكان معا ثم أعتق أحدهما نصيبه سرى إلى نصيب شريكه على المشهور وفي وقتها قولان:

أحدهما في الحال.

وأظهرهما لا بل يوقف إلى الأداء والعجز ثم قال وعن أبي الطيب ابن سلمة القطع بالقول الثاني. انتهى.

أسقط النووي هذه الطريقة.

قوله: إذا كاتب عبدًا ومات عن اثنين فأعتق أحدهما نصيبه أو أبواه عن نصيبه من النجوم عتق نصيبه، هذا هو المشهور الذي أطلقه عامة الأصحاب.

وقال صاحب "التهذيب": قضية سياق المختصر حصول قولين في عتق نصيبه:

أحدهما: العتق، وأصحهما المنع.

بل يوقف، فإذا أدى نصيب الآخر عتق كله. انتهى كلامه.

وذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا، وحاصله تصحيح العتق في نصيبه وقد خالف ذلك في "المحرر" فقال في آخر الباب فإن أعتق نصيبه

ص: 490

فالأصح أنه لا يعتق بل يوقف، هذا لفظه وهو غريب وكأنه والله أعلم حالة تصنيف "المحرر" نظر آخر كلام "الشرح" دون أوله.

وقد استدرك في "المنهاج" عليه، وصحح حصول العتق.

قوله: في المسألة: فإذا قلنا يعتق فكان موسرًا فهل يسري العتق إلى نصيب الشريك فيه قولان:

أحدهما: نعم كما لو كاتباه ثم أعتقه أحدهما وأصحهما لا لأن الكتابة الفاسدة تقتضي حصول العتق بها.

والميت لا يقوم عليه، والابن كالنائب عنه وبُني القولان على أن المكاتب، هل يورث أم لا؟ قلنا نعم سرى، وإن قلنا لا فالعتق بحكم كتابة الابن. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن النووي قد وافقه في "الروضة" على تصحيح عدم السراية، ثم خالفه في "تصحيح التنبيه"، فإن صاحب "التنبيه" قد حكى في ما إذا [أبرأ](1) أحد الشريكين، أو أحد الوارثين قولين من غير ترجيح، فجمعهما النووي وصحح فيهما أنه يسري.

فأما تصحيحه السراية في إبراء أحد الشريكين فمسلم، وأما في أحد الوارثين فمخالف، والصواب ما قاله في "الروضة" وهو الذي صححه الرافعي أيضًا.

ولا ذكر للمسألة في "المحرر" ولا في مختصره.

الأمر الثاني: أن النووي قد أسقط الخلاف في أن المكاتب هل يورث أم لا؟ وقد ذهب بعض الأصحاب كما حكاه ابن الصباغ في كتاب الأيمان إلى

(1) سقط من أ.

ص: 491

أن المكاتب ملك نفسه بالعقد، وإنما لم يعتق لضعف الملك وهذا الخلاف هو الخلاف في الإرث وعدمه فإن القائل بخروجه عن ملك السيد يقول: لا يورث، وهذه المقالة مباينة، لما قاله القاضي الحسين والبغوي؛ من أن المكاتب لم يملك أكسابه ولا منفعته وإنما سلط بالكتابة على جمعها وإعطائها للسيد.

قوله: أيضًا في المسألة فإن قلنا بالسراية فهل ثبت في الحال أو عند العجز؟ فيه قولان كما ذكرنا في إعتاق أحد الشريكين.

والأظهر الثاني، ثم قال وهاهنا طريقتان أخريان إحداهما القطع بثبوت السراية في الحال.

والثانية القطع بتأخرها إلى العجز، لأن أحد الوارثين ليس بمعتق حقيقة، وأحد الشريكين معتق. انتهى كلامه.

أسقط في "الروضة" هاتين الطريقتين، وسببه أنهما وقعتا في الكلام على ألفاظ الوجيز.

قوله: ولو تلف عند السيد ما قبضه ثم عرف أنه كان معيبًا، فقد قدم الإمام عليه أنه [إن أنفق](1) ذلك في عين [فإن رضي](2) كفى، ولا حاجة إلى إنشاء إبراء وإن طلب الأرش [تقرر، وإن لم يسقط إلا بإسقاطه وأما النجوم فإن رضي بالعتق فاقد وإن طلب الأرش](3) تبين إن لم يحصل، فإذا أداه حصل وإن عجز فللسيد إرفاقه.

ويجيء الوجه الآخر وهو أنه يرتفع العقد بعد حصوله. انتهى.

(1) سقط من أ.

(2)

سقط من أ.

(3)

سقط من ب.

ص: 492

فأما تعبيره أولًا بقوله في عين فمراده شراء الأعيان، وهو المعقود له كتاب البيع.

وأما تعبيره في آخر كلامه بقوله يرتفع العقد فتبعه عليه في "الروضة" وهو سهو بل صوابه العتق كما ذكره في "الشرح الصغير".

قوله: وأما الأرش ففيه وجهان:

أحدهما: ما ينتقص من قيمة رقبة العبد بحسب نقصان العيب من قيمة النجوم على ما هو قياس المعاوضات، وهو ما أورده أبو الفرج السرخسي.

والثاني: ما ينتقص من النجوم المقبوضة بسبب العيب، ووجهه أن المقبوض عن الملتزم في الذمة ليس ركنًا في العقد، وكذلك لا يزيد العقد برده، ولا يسترد في مقابلة نقصانه جزءًا من العوض. كما لا يسترد المعوض إذا كان نافيا فيرد بالعيب، وهذا ما نقل القاضي الروياني رجحانه، وأجرى الوجهين في كل عقد ورد على موصوف في الذمة.

قال الإمام: وأمثل منهما أن يقال يغرم للسيد ما قبض، ويطالب بالمسمى بالصفات المشروطة. انتهى كلامه.

لم يصحح شيئًا في "الروضة" أيضًا، والصحيح هو الوجه الثاني، فقد رجحه الرافعي في "الشرح الصغير"، فقال: إنه حسن الوجهين، ونص عليه أيضًا الشافعي في "الأم" في باب استحقاق الكتابة يعني النجوم.

ص: 493