الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع: في الشاهد واليمين
قوله في أصل "الروضة": يجوز القضاء بشاهد ويمين، ولا يقضى بشهادة امرأتين ويمين في الأموال قطعًا. انتهى.
وليس كما قال من دعوى القطع، بل فيه خلاف ذكره في كتاب الشفعة في أوائل الباب الثالث المعقود لما يسقط به حق الشفيع، فقال: فصل: إذا أخر الطلب، ثم قال: أخرت لأني لم أصدق، فإن أخبره عدلان أو عدل وامرأتان بطل حقه وفي النسوة وجهان بناء على أن المدعي هل يقضى له بيمينه مع امرأتين؟ إن قلنا: لا، فهو كالمرأة وإلا كالعدل الواحد، ولم يدع الرافعي هنا أن الجواز مقطوع به.
قوله أيضًا في "الروضة": ولو كان في يد رجل شخص يدعي أنه رقيقه فادعى آخر أنه كان له وأنه أعتقه وأقام شاهدًا وحلف، أو رجلًا وامرأتين، نص الشافعي رحمه الله أنه ينزع منه ويحكم بأنه عتق على المدعي بإقراره، فمن الأصحاب من قال: في قبول هذه البينة والانتزاع قولان لأنهما شهادة تملك [متقدم](1)، والمذهب: القطع بالقبول والانتزاع كما نص عليه. انتهى كلامه.
والرافعي رحمه الله في "الشرحين" معًا لم يصرح بتصحيح شيء من الطريقين، وإن كان قد صحح ما ذكره النووي من حيث الجملة.
قوله: ولو ادعى ورثة ميت دينًا أو عينًا لمورثهم وأقاموا شاهدًا واحدًا، وامتنعوا من الحلف، وعلى الميت دين فهل للغريم أن يحلف؟ فيه قولان:
(1) في ب: مقدم.
الجديد: المنع. انتهى.
ومحل هذا الخلاف كما قال الفوراني: ما إذا لم يكن في التركة وفاء غير هذا الدين، فإن كان لم يحلف قطعًا.
قوله: والقولان في هذه المسألة جاريان في ما إذا قد أوصي لإنسان ولم يحلف الورثة، هل يحلف الموصى له؟ فإن كانت الوصية بعين وادعاها في يد الغير، فلا ينبغي أن يكون هذا موضع الخلاف، بل يجوز لا محالة. انتهى.
وأشار بقوله في ما إذا قد أوصى لإنسان إلى الوصية بما ليس بعين كقوله: أوصيت له بمائة درهم، فإنه حينئذ يكون نظير الدين المختلف فيه، وما ذكره بعد وهي مسألة الوصية بالعين إذا أقام عليها شاهدًا واحدًا ولم يطلع فيها على نقل وقال: ينبغي أن يجوز للوارث فيها الحلف بلا خلاف، قد اختلف فيها الأصحاب كما حكاه الماوردي والروياني فبعضهم قال: يحلف قطعًا، وبعضهم خرجها على القولين، وقد ذكر الرافعي في كتاب القسامة فرعًا آخر له تعلق بهذا، وهو ما إذا أوصى بعين في يد نفسه فادعاها شخص بعد موت الموصي، ولم يقم على دعواه بينة، فهل يحلف الوارث لتنفيذ الوصية؟ قال: فيها احتمالان للإمام، وقد تقدم الكلام عليه هناك.
قوله: فلو حلف بعضهم لم يشاركه في نصيبه من لم يحلف على المنصوص، وما حكمه؟ -يعني من لم يحلف- ينظر: إن كان حاضرًا كامل الحال ونكل ذكر الإمام: أن حقه يبطل بالنكول، ولو مات لم يكن لوارثه أن يحلف، وفي كتاب ابن كج ما ينازع فيه وقد يوجه بأنه حقه فله تأخيره. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا، والصحيح: أن حقه لا يبطل حتى يحلف هو ووارثه، فقد قاله أيضًا القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وحكى
الإمام في موضع آخر فيه وجهين، وكذلك الغزالي وجوزوا له على ذلك الوجه أن يدعي به ثانيًا ويحلف إذا ردت اليمين عليه، وقد حكى ذلك جميعه ابن الرفعة في "المطلب".
قوله: قال الإمام: ولو أقام الورثة شاهدًا وحلف معه بعضهم ومات بعضهم قبل أن يحلف ونكل كان لوارثه أن يحلف، لكن هل يحتاج إلى إعادة الدعوى، والشاهد؟ فيه احتمالان، والأشبه: أنه لا يحتاج. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا ومقتضاه: أنهما لم يقفا في المسألة على نقل، وقد صرح الماوردي بالمسألة وجزم بما رجحه الرافعي، وقال الغزالي في "البسيط": إنه الظاهر.
قوله: ولو أقام بعضهم شاهدين على دين أو عين للمورث فإنه يثبت الجميع ثم ينتزع القاضي نصيب الصبي والمجنون، وأما نصيب الغائب: فإن كان عينًا انتزعها، وكلام الأصحاب يقتضي: أن هذا الانتزاع واجب وهو الظاهر، لكن سبق في باب الوديعة أن الغاصب لو حمل المغصوب إلى القاضي والمالك غائب ففي وجوب قبوله وجهان، فيجوز أن يعود ذلك الخلاف هنا مع قيام البينة. انتهى.
وهذه الصورة التي تكلم عليها هاهنا وهي ما إذا مات صاحب العين ووارثه غائب، فقد ذكرها في أوائل باب استيفاء القصاص، وجزم بأن القاضي ينتزعها، وعلله بأنه حفظ لحق الميت، ثم جعل محل الخلاف المحكي في انتزاع الحاكم في ما عدا هذه الصورة.
وإذا علمت ما قاله هناك من التفرقة بين المسألتين في الحكم والمعنى علمت أن البحث الذي ذكره هنا ذهول عما قرره هناك.
قوله في "الروضة": وهل يثبت الوقف بشاهد ويمين؟ إذا قلنا الملك فيه لله تعالى: فيه وجهان أو قولان:
أحدهما: لا، وبه قال المزني وأبو إسحاق [كالعتق](1) ومال العراقيون إليه ونسبوه إلى عامة الأصحاب.
والثاني: نعم، وهو المنصوص وصححه الإمام والبغوي، وجزم به الغزالي وهو أقوى في المعنى. انتهى.
وما ذكره من جزم الغزالي به ليس كذلك، فقد حكى في "البسيط" فيه وجهين؛ ولهذا لم يذكره الرافعي، وقد صرح الرافعي في "الشرح الصغير" بتصحيح الثبوت بالشاهد واليمين، وعبر بالأظهر.
قوله: ولو مات عن بنين، فادعى ثلاثة منهم: أن أباهم وقف عليهم هذه الدار ومن بعدهم على كذا، وأنكر سائر الورثة، وأقاموا شاهدًا وحلفوا معه.
إذا قلنا به ثم ماتوا أخذه البطن الثاني وقفا بلا يمين عند الجمهور، فإن قلنا لابد من اليمين فكان الحق بعد البنين الثلاثة للفقراء [وكانوا](2) غير محصورين، فهل يبطل الوقف وتعود الدار إرثًا أم تصرف إليهم بلا يمين، أم تصرف إلى أقرب الناس [للواقف بناء](3) على أنه تعذر مصرفه كالوقف المنقطع؟ فيه ثلاثة أوجه. انتهى.
قال في "الروضة": الأصح: يأخذون بلا يمين وتسقط هنا لتعذرها، ولا يبطل الوقف بعد صحته ووجود المصرف بخلاف المنقطع.
(1) في ب: كالعين.
(2)
سقط من أ.
(3)
سقط من أ.