الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدرسة الملكية
هذه المدرسة بخط المشهد الحسينيّ من القاهرة، بناها الأمير الحاج سيف الدين آل ملك الجوكندار تجاه داره، وعمل فيها درسا للفقهاء الشافعية، وخزانة كتب معتبرة، وجعل لها عدّة أوقاف، وهي إلى الآن من المدارس المشهورة، وموضعها من جملة رحبة قصر الشوك، وقد تقدّم ذكرها عند ذكر الرحاب من هذا الكتاب، ثم صار موضع هذه المدرسة دارا تعرف بدار ابن كرمون صهر الملك الصالح.
المدرسة الجمالية
هذه المدرسة بجوار درب راشد من القاهرة على باب الزقاق المعروف قديما بدرب سيف الدولة نادر، بناها الأمير الوزير علاء الدين مغلطاي الجماليّ، وجعلها مدرسة للحنفية، وخانقاه للصوفية، وولى تدريسها ومشيخة التصوّف بها الشيخ علاء الدين عليّ بن عثمان التركمانيّ الحنفيّ، وتداولها ابنه قاضي القضاة جمال الدين عبد الله التركمانيّ الحنفيّ، وابنه قاضي القضاة صدر الدين محمد بن عبد الله بن عليّ التركمانيّ الحنفيّ، ثم قريبهم حميد الدين حماد، وهي الآن بيد ابن حميد الدين المذكور، وكان شأن هذه المدرسة كبيرا يسكنها أكابر فقهاء الحنفية، وتعدّ من أجلّ مدارس القاهرة، ولها عدّة أوقاف بالقاهرة وظواهرها وفي البلاد الشامية، وقد تلاشى أمر هذه المدرسة لسوء ولاة أمرها، وتخريبهم أوقافها، وتعطل منها حضور الدرس والتصوّف، وصارت منزلا يسكنه أخلاط ممن ينسب إلى اسم الفقه، وقرب الخراب منها، وكان بناؤها في سنة ثلاثين وسبعمائة.
مغلطاي: ابن عبد الله الجماليّ، الأمير علاء الدين، عرف بخرز، وهي بالتركية عبارة عن الديك بالعربية، اشتراه الملك الناصر محمد بن قلاون ونقله وهو شاب من الجامكية إلى الأمرة على إقطاع الأمير صارم الدين إبراهيم الإبراهيميّ نقيب المماليك السلطانية، المعروف بزير الأمرة، في صفر سنة ثمان عشرة وسبعمائة، وصار السلطان ينتدبه في التوجه إلى المهمات الخاصة به، ويطلعه على سرّه، ثم بعثه أمير الركب إلى الحجاز في هذه السنة، فقبض على الشريف أسد الدين رميتة بن أبي نميّ صاحب مكة، وأحضره إلى قلعة الجبل في ثامن عشر المحرّم سنة تسع عشرة وسبعمائة مع الركب، فأنكر عليه السلطان سرعة دخوله لما أصاب الحاج من المشقة في الإسراع بهم، ثم إنه جعل إستادار السلطان لما قبض على القاضي كريم الدين عبد الكريم بن المعلم هبة الله ناظر الخواص، عند وصوله من دمشق بعد سفره إليها لإحضار شمس الدين غبريال، فيوم حضر خلع عليه وجعل استادارا عوضا عن الأمير سيف الدين بكتمر العلائيّ، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، ثم أضاف إليه الوزارة وخلع عليه في يوم الخميس ثامن رمضان سنة
أربع وعشرين عوضا عن الصاحب أمين الملك عبد الله بن الغنام بعد ما استعفى من الوزارة، اعتذر بأنه رجل غتميّ، فلم يعفه السلطان وقال: أنا أخلي من يباشر معك ويعرّفك ما تعمل، وطلب شمس الدين غبريال ناظر دمشق منها وجعله ناظر الدولة، رفيقا للوزير الجماليّ، فرفعت قصة إلى السلطان وهو في القصر من القلعة، فيها الحط على السلطان بسبب تولية الجماليّ الوزارة والماس حاجبا، وأنه بسبب ذلك أضاع أوضاع المملكة وأهانها وفرّط في أموال المسلمين والجيش، وأن هذا لم يفعله أحد من الملوك، فقد وليت الحجابة لمن لا يعرف يحكم ولا يتكلم بالعربيّ ولا يعرف الإحكام الشرعية، ووليت الوزارة والاستادارية لشاب لا يعرف يكتب اسمه، ولا يعرف ما يقال له، ولا يتصرّف في أمور المملكة ولا في الأموال الديوانية إلا أرباب الأقلام، فإنهم يأكلون المال ويحيلون على الوزير. فلما وقف السلطان عليها، أوقف عليها القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله، المعروف بالفخر ناظر الجيش. فقال: هذه ورقة الكتّاب البطالين، ممن انقطع رزقه وكثر حسده، وقرّر مع السلطان أن يلزم الوزير ناظر الدولة وناظر الخواص بإحضار أوراق في كل يوم تشتمل على أصل الحاصل، وما حمل في ذلك اليوم من البلاد والجهات، وما صرف.
وأنه لا يصرف لأحد شيء البتة إلّا بأمر السلطان وعلمه.
فلما حضر الوزير الجماليّ أنكر عليه السلطان وقال له: إن الدواوين تلعب بك، وأمر فأحضر التاج إسحاق، وغبريال، ومجد الدين بن لعيبة، وقرّر معهم أن يحضروا آخر كلّ يوم أوراقا بالحاصل والمصروف، وقد فصلت بأسماء ما يحتاج إلى صرفه وإلى شرائه وبيعه، فصاروا يحضرون كلّ يوم الأوراق إلى السلطان وتقرأ عليه، فيصرف ما يختار ويوقف ما يريد، ورسم أيضا أن مال الجيزة كله يحمل إلى السلطان ولا يصرف منه شيء.
ثم لما كانت الفتنة بثغر الإسكندرية بين أهلها وبين الفرنج، وغضب السلطان على أهل الإسكندرية، بعث بالجماليّ إليها، فسار من القاهرة في أثناء رجب سنة سبع وعشرين وسبعمائة، ودخل إليها فجلس بالخمس واستدعى بوجوه أهل البلد، وقبض على كثير من العامّة، ووسط بعضهم وقطع أيدي جماعة وأرجلهم، وصادر أرباب الأموال حتى لم يدع أحدا له ثروة، حتى ألزمه بمال كثير، فباع الناس حتى ثياب نسائهم في هذه المصادرة، وأخذ من التجار شيئا كثيرا مع ترفقه بالناس فيما يرد عليه من الكتب بسفك الدماء، وأخذ الأموال، ثم أحضر العدد التي كانت بالثغر مرصدة برسم الجهاد، فبلغت ستة آلاف عدّة، ووضعها في حاصل وختم عليه وخرج من الإسكندرية بعد عشرين يوما وقد سفك دماء كثيرة، وأخذ منها مائتي ألف دينار للسلطان وعاد إلى القاهرة، فلم يزل على حاله إلى أن صرف عن الوزارة في يوم الأحد ثاني شوّال سنة ثمان وعشرين، ورسم أن توفر وظيفة الوزارة من ولاية وزير، فلم يستقرّ أحد في الوزارة وبقي الجماليّ على وظيفة الأستادارية، وكان سبب عزله عن الوزارة توقف حال الدولة وقلة الواصل إليها، فعمل عليه الفخر ناظر