المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجامع على عمارته إلى أن احترق في السنة التي احترق - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - جـ ٤

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌ذكر المساجد الجامعة

- ‌ذكر الجوامع

- ‌الجامع العتيق

- ‌ذكر المحاريب التي بديار مصر وسبب اختلافها وتعيين الصواب فيها وتبيين الخطأ منها

- ‌جامع العسكر

- ‌ذكر العسكر

- ‌ جامع ابن طولون

- ‌ذكر دار الإمارة

- ‌ذكر الأذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

- ‌الجامع الأزهر

- ‌جامع الحاكم

- ‌جامع راشدة

- ‌جامع المقس

- ‌جامع الفيلة

- ‌جامع المقياس

- ‌الجامع الأقمر

- ‌جامع الظافر

- ‌جامع الصالح

- ‌ذكر الأحباس وما كان يعمل فيها

- ‌الجامع بجوار تربة الشافعيّ بالقرافة

- ‌جامع محمود بالقرافة

- ‌جامع الروضة بقلعة جزيرة الفسطاط

- ‌جامع غين بالروضة

- ‌جامع الأفرم

- ‌الجامع بمنشأة المهرانيّ

- ‌جامع دير الطين

- ‌جامع الظاهر

- ‌جامع ابن اللبان

- ‌الجامع الطيبرسيّ

- ‌الجامع الجديد الناصريّ

- ‌الجامع بالمشهد النفيسيّ

- ‌جامع الأمير حسين

- ‌جامع الماس

- ‌جامع قوصون

- ‌جامع الماردانيّ

- ‌جامع أصلم

- ‌جامع بشتاك

- ‌‌‌جامع آق سنقر

- ‌جامع آق سنقر

- ‌جامع آل ملك

- ‌جامع الفخر

- ‌جامع نائب الكرك

- ‌جامع الخطيريّ ببولاق

- ‌جامع قيدان

- ‌جامع الست حدق

- ‌جامع ابن غازي

- ‌جامع التركمانيّ

- ‌جامع شيخو

- ‌جامع الجاكيّ

- ‌جامع التوبة

- ‌جامع صاروجا

- ‌جامع الطباخ

- ‌جامع الأسيوطيّ

- ‌جامع الملك الناصر حسن

- ‌جامع القرافة

- ‌جامع الجيزة

- ‌جامع منجك

- ‌الجامع الأخضر

- ‌جامع البكجريّ

- ‌جامع السروجيّ

- ‌جامع كرجي

- ‌جامع الفاخريّ

- ‌جامع ابن عبد الظاهر

- ‌جامع كراي

- ‌جامع القلعة

- ‌جامع قوصون

- ‌جامع كوم الريش

- ‌جامع الجزيرة الوسطى

- ‌جامع ابن صارم

- ‌جامع الكيمختي

- ‌جامع الست مسكة

- ‌جامع ابن الفلك

- ‌جامع التكروريّ

- ‌جامع البرقية

- ‌جامع الحرّانيّ

- ‌جامع بركة

- ‌جامع بركة الرطليّ

- ‌جامع الضوة

- ‌ جامع

- ‌جامع الحوش

- ‌جامع الاصطبل

- ‌جامع ابن التركمانيّ»

- ‌جامع الباسطيّ

- ‌جامع الحنفيّ

- ‌جامع ابن الرفعة

- ‌جامع الإسماعيليّ

- ‌جامع الزاهد

- ‌جامع ابن المغربيّ

- ‌جامع الفخريّ

- ‌الجامع المؤيدي

- ‌الجامع الأشرفيّ

- ‌الجامع الباسطيّ

- ‌ذكر مذاهب أهل مصر ونحلهم منذ افتتح عمرو بن العاص رضي الله عنه أرض مصر إلى أن صاروا إلى اعتقاد مذاهب الأئمة رحمهم الله تعالى، وما كان من الأحداث في ذلك

- ‌ذكر فرق الخليقة واختلاف عقائدها وتباينها

- ‌ذكر الحال في عقائد أهل الإسلام، منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية

- ‌ذكر المدارس

- ‌ المدرسة الناصرية

- ‌المدرسة القمحية

- ‌مدرسة يازكوج

- ‌مدرسة ابن الأرسوفيّ

- ‌مدرسة منازل العز

- ‌مدرسة العادل

- ‌مدرسة ابن رشيق

- ‌المدرسة الفائزية

- ‌المدرسة القطبية

- ‌المدرسة السيوفية

- ‌المدرسة الفاضلية

- ‌المدرسة الأزكشية

- ‌المدرسة الفخرية

- ‌المدرسة السيفية

- ‌المدرسة العاشورية

- ‌ المدرسة القطبية

- ‌المدرسة الخرّوبية

- ‌مدرسة المحليّ

- ‌المدرسة الفارقانية

- ‌المدرسة المهذبية

- ‌‌‌المدرسة الخرّوبية

- ‌المدرسة الخرّوبية

- ‌المدرسة الصاحبية البهائية

- ‌المدرسة الصاحبية

- ‌المدرسة الشريفية

- ‌المدرسة الصالحية

- ‌المدرسة الكاملية

- ‌المدرسة الصيرمية

- ‌المدرسة المسرورية

- ‌المدرسة القوصية

- ‌المدرسة المنصورية

- ‌المدرسة الحجازية

- ‌المدرسة الطيبرسية

- ‌المدرسة الأقبغاوية

- ‌المدرسة الحسامية

- ‌المدرسة المنكوتمرية

- ‌المدرسة القراسنقرية

- ‌المدرسة الغزنوية

- ‌المدرسة البوبكرية

- ‌المدرسة البقرية

- ‌المدرسة القطبية

- ‌مدرسة ابن المغربيّ

- ‌المدرسة البيدرية

- ‌المدرسة البديرية

- ‌المدرسة الملكية

- ‌المدرسة الجمالية

- ‌المدرسة الفارسية

- ‌المدرسة السابقية

- ‌المدرسة القيسرانية

- ‌المدرسة الزمامية

- ‌المدرسة الصغيرة

- ‌مدرسة تربة أمّ الصالح

- ‌مدرسة ابن عرّام

- ‌المدرسة المحمودية

- ‌المدرسة المهذبية

- ‌المدرسة السعدية

- ‌المدرسة الطفجية

- ‌المدرسة الجاولية

- ‌المدرسة الفارقانية

- ‌المدرسة البشيرية

- ‌المدرسة المهمندارية

- ‌مدرسة ألجاي

- ‌مدرسة أمّ السلطان

- ‌المدرسة الأيتمشية

- ‌المدرسة المجدية الخليلية

- ‌المدرسة الناصرية بالقرافة

- ‌المدرسة المسلمية

- ‌مدرسة اينال

- ‌مدرسة الأمير جمال الدين الأستادار

- ‌المدرسة الصرغتمشية

- ‌ذكر المارستانات

- ‌مارستان ابن طولون

- ‌مارستان كافور

- ‌مارستان المغافر

- ‌المارستان الكبير المنصوريّ

- ‌المارستان المؤيدي

- ‌ذكر المساجد

- ‌المسجد بجوار دير البعل

- ‌مسجد ابن الجباس

- ‌مسجد ابن البناء

- ‌مسجد الحلبيين

- ‌مسجد الكافوريّ

- ‌مسجد رشيد

- ‌المسجد المعروف بزرع النوى

- ‌مسجد الذخيرة

- ‌مسجد رسلان

- ‌مسجد ابن الشيخيّ

- ‌مسجد يانس

- ‌مسجد باب الخوخة

- ‌المسجد المعروف بمعبد موسى

- ‌مسجد نجم الدين

- ‌مسجد صواب

- ‌المسجد بجوار المشهد الحسينيّ

- ‌مسجد الفجل

- ‌مسجد تبر

- ‌مسجد القطبية

- ‌ذكر الخوانك

- ‌الخانكاه الصلاحية، دار سعيد السعداء، دويرة الصوفية

- ‌خانقاه ركن الدين بيبرس

- ‌الخانقاه الجمالية

- ‌الخانقاه الظاهرية

- ‌الخانقاه الشرابيشية

- ‌الخانقاه المهمندارية

- ‌خانقاه بشتاك

- ‌خانقاه ابن غراب

- ‌الخانقاه البندقدارية

- ‌خانقاه شيخو

- ‌الخانقاه الجاولية

- ‌خانقاه الجيبغا المظفري

- ‌خانقاه سرياقوس

- ‌خانقاه أرسلان

- ‌خانقاه بكتمر

- ‌خانقاه قوصون

- ‌خانقاه طغاي النجميّ

- ‌خانقاه أمّ أنوك

- ‌خانقاه يونس

- ‌خانقاه طيبرس

- ‌خانقاه أقبغا

- ‌الخانقاه الخروبية

- ‌ذكر الربط

- ‌رباط الصاحب

- ‌رباط الفخري

- ‌رباط البغدادية

- ‌رباط الست كليلة

- ‌رباط الخازن

- ‌الرباط المعروف برواق ابن سليمان

- ‌رباط داود بن إبراهيم

- ‌رباط ابن أبي المنصور

- ‌رباط المشتهى

- ‌رباط الآثار

- ‌رباط الأفرم

- ‌الرباط العلائي

- ‌ذكر الزوايا

- ‌زاوية الدمياطيّ

- ‌زاوية الشيخ خضر

- ‌زاوية ابن منظور

- ‌زاوية الظاهري

- ‌زاوية الجميزة

- ‌زاوية الحلاوي

- ‌زاوية نصر

- ‌زاوية الخدّام

- ‌زاوية تقي الدين

- ‌زاوية الشريف مهدي

- ‌زاوية الطراطرية

- ‌زاوية القلندرية

- ‌قبة النصر

- ‌زاوية الركراكي

- ‌زاوية إبراهيم الصائغ

- ‌زاوية الجعبري

- ‌زاوية أبي السعود

- ‌زاوية الحمصي

- ‌زاوية المغربل

- ‌زاوية القصري

- ‌زاوية الجاكي

- ‌زاوية الأبناسيّ

- ‌زاوية اليونسية

- ‌زاوية الخلاطي

- ‌الزاوية العدوية

- ‌زاوية السدّار

- ‌ذكر المشاهد التي يتبرّك الناس بزيارتها مشهد زين العابدين

- ‌مشهد السيدة نفيسة

- ‌مشهد السيدة كلثوم

- ‌سنا وثنا

- ‌ذكر مقابر مصر والقاهرة المشهورة

- ‌ذكر القرافة

- ‌ذكر المساجد الشهيرة بالقرافة الكبيرة

- ‌مسجد الأقدام

- ‌مسجد الرصد

- ‌مسجد شقيق الملك

- ‌مسجد الانطاكيّ

- ‌مسجد النارنج

- ‌مسجد الأندلس

- ‌مسجد البقعة

- ‌مسجد الفتح

- ‌مسجد أمّ عباس جهة العادل بن السلار

- ‌مسجد الصالح

- ‌مسجد وليّ عهد أمير المؤمنين

- ‌مسجد الرحمة

- ‌مسجد مكنون

- ‌مسجد جهة ريحان

- ‌مسجد جهة بيان

- ‌مسجد توبة

- ‌مسجد دري

- ‌مسجد ست غزال

- ‌مسجد رياض

- ‌مسجد عظيم الدولة

- ‌مسجد أبي صادق

- ‌مسجد الفرّاش

- ‌مسجد تاج الملوك

- ‌مسجد الثمار

- ‌مسجد الحجر

- ‌مسجد القاضي يونس

- ‌مسجد الوزيرية

- ‌مسجد ابن العكر

- ‌مسجد ابن كباس

- ‌مسجد الشهمية

- ‌مسجد زنكادة

- ‌جامع القرافة

- ‌مسجد الأطفيحيّ

- ‌مسجد الزيات

- ‌ذكر الجواسيق التي بالقرافة

- ‌ذكر الرباطات التي كانت بالقرافة

- ‌ذكر المصلّيات والمحاريب التي بالقرافة

- ‌ذكر المساجد والمعابد التي بالجبل والصحراء

- ‌ذكر الأحواض والآبار التي بالقرافة

- ‌ذكر الآبار التي ببركة الحبش والقرافة

- ‌ذكر السبعة التي تزار بالقرافة

- ‌ذكر المقابر خارج باب النصر

- ‌ذكر كنائس اليهود

- ‌ذكر تاريخ اليهود وأعيادهم

- ‌ذكر معنى قولهم يهودي

- ‌ذكر معتقد اليهود وكيف وقع عندهم التبديل

- ‌ذكر فرق اليهود الآن

- ‌ذكر قبط مصر ودياناتهم القديمة، وكيف تنصروا ثم صاروا ذمّة للمسلمين، وما كان لهم في ذلك من القصص والأنباء، وذكر الخبر عن كنائسهم ودياراتهم، وكيف كان ابتداؤها ومصير أمرها

- ‌ذكر ديانة القبط قبل تنصرهم

- ‌ذكر دخول قبط مصر في دين النصرانية

- ‌ذكر دخول النصارى من قبط مصر في طاعة المسلمين وأدائهم الجزية، واتخاذهم ذمّة لهم، وما كان في ذلك من الحوادث والأنباء

- ‌ذكر ديارات النصارى

- ‌أديرة أدرنكة

- ‌ذكر كنائس النصارى

- ‌وأما الوجه البحريّ:

الفصل: الجامع على عمارته إلى أن احترق في السنة التي احترق

الجامع على عمارته إلى أن احترق في السنة التي احترق فيها جامع عمرو بن العاص سنة أربع وستين وخمسمائة، عند نزول مرى ملك الفرنج على القاهرة وحصارها كما تقدّم ذكره عند ذكر خراب الفسطاط من هذا الكتاب، وكان الذي تولى إحراق هذا الجامع ابن سماقة بإشارة الأستاذ مؤتمن الخلافة جوهر، وهو الذي أمر المذكور بحريق جامع عمرو بمصر، وسئل عن ذلك فقال: لئلا يخطب فيه لبني العباس. ولم يبق من هذا الجامع بعد حريقه سوى المحراب الأخضر، وكان مؤذن هذا الجامع في أيام المستنصر ابن بقاء المحدّث ابن بنت عبد الغنيّ بن سعيد الحافظ، ثم جدّدت عمارة هذا الجامع في أيام المستنصر بعد حريقه، وأدركته لما كانت القرافة الكبرى عامرة بسكنى السودان التكاررة، وهو مقصود للبركة. فلما كانت الحوادث والمحن في سنة ست وثمانمائة، قلّ الساكن بالقرافة وصار هذا الجامع طول الأيام مغلوقا، وربما أقيمت فيه الجمعة.

‌جامع الجيزة

بناه محمد بن عبد الله الخازن في المحرّم سنة خمسين وثلاثمائة بأمر الأمير عليّ بن عبد الله بن الإخشيد، فتقدّم كافور إلى الخازن ببنائه، فإنه كان قد هدمه النيل وسقط في سنة أربعين وثلاثمائة، وعمل له مستغلا، وكان الناس قبل ذلك بالجيزة يصلون الجمعة في مسجد جامع همدان، وهو مسجد مزاحف بن عامر بن بكتل، وقيل أن عقبة بن عامر في إمرته على مصر أمرهم أن يجمعوا فيه. قال التميميّ: وشارف بناء جامع الجيزة مع أبي بكر الخازن أبو الحسن بن جعفر الطحاويّ، واحتاجوا إلى عمد للجامع، فمضى الخازن في الليل إلى كنيسة بأعمال الجيزة فقلع عمدها ونصب بدلها أركانا، وحمل العمد إلى الجامع، فترك أبو الحسن بن الطحاويّ الصلاة فيه مذ ذاك تورّعا. قال التميمي: وقد كان يعني ابن الطحاويّ يصلي في جامع الفسطاط القديم وبعض عمده أو أكثرها ورخامه من كنائس الإسكندرية وأرياف مصر، وبعضه بناء قرّة بن شريك عامل الوليد بن عبد الملك.

‌جامع منجك

هذا الجامع يعرف موضعه بالثغرة تحت قلعة الجبل خارج باب الوزير، أنشأه الأمير سيف الدين منجك اليوسفيّ في مدّة وزارته بديار مصر في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وصنع فيه صهريجا، فصار يعرف إلى اليوم بصهريج منجك، ورتب فيه صوفية وقرّر لهم في كل يوم طعاما ولحما وخبزا، وفي كلّ شهر معلوما، وجعل فيه منبرا ورتب فيه خطيبا يصلي بالناس فيه صلاة الجمعة، وجعل على هذا الموضع عدّة أوقاف منها ناحية بلقينة بالغربية، وكانت مرصدة برسم الحاشية، فقوّمت بخمسة وعشرين ألف دينار فاشتراها من بيت المال وجعلها وقفا على هذا المكان.

ص: 128

منجك: الأمير سيف الدين اليوسفيّ، لما امتنع أحمد بن الملك الناصر محمد بن قلاون بالكرك وقام في مملكة مصر بعده أخوه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، وكان من محاصرته بالكرك ما كان إلى أن أخذ، فتوجه إليه وقطع رأسه وأحضرها إلى مصر، وكان حينئذ أحد السلاحدارية، فأعطى إمرة بديار مصر وتنقل في الدول إلى أن كانت سلطنة الملك المظفر حاجي بن الملك الناصر محمد بن قلاون، فأخرجه من مصر إلى دمشق وجعله حاجبا بها موضع ابن طغريل، فلما قتل الملك المظفر وأقيم بعده أخوه الملك الناصر حسن أقيم الأمير سيف الدين يلبغاروس في نيابة السلطنة بديار مصر، وكان أخا منجك، فاستدعاه من دمشق وحضر إلى القاهرة في ثامن شوّال سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فرسم له بإمرة تقدمة ألف، وخلع عليه خلع الوزارة فاستقرّ وزيرا وأستادارا، وخرج في دست الوزارة والأمراء في خدمته من القصر إلى قاعة الصاحب بالقلعة، فجلس بالشباك ونفذ أمور الدولة، ثم اجتمع الأمراء وقرأ عليهم أوراقا تتضمن ما على الدولة من المصروف، ووفر من جامكية المماليك مبلغ ستين ألف درهم في الشهر، وقطع كثيرا من جوامك الخدم والجواري والبيوتات السلطانية، ونقص رواتب الدور من زوجات السلطان وجواريه، وقطع رواتب الأغاني، وعرض الإسطبل السلطانيّ وقطع منه عدّة أميراخورية وسراخورية وسوّاس وغلمان، ووفر من راتب الشعير نحو الخمسين إردبا في كل يوم، وقطع جميع الكلابزية وكانوا خمسين جوقة، وأبقى منهم جوقتين، ووفر جماعة من الأسرى والعتالين والمستخدمين في العمائر، وأبطل العمارة من بيت السلطان، وكانت الحوائجخاناه تحتاج في كل يوم إلى أحد وعشرين ألف درهم نقرة، فاقتطع منها مبلغ ثلاثة آلاف درهم، وبقي مصروفها في اليوم ثمانية عشر ألف درهم نقرة، فاقتطع منها مبلغ ثلاثة آلاف درهم، وبقي القاضي موفق الدين ناظر الدولة وعلى القاضي علم الدين بن زنبور ناظر الخواص، ورسم أن لا يستقرّ في المعاملات سوى شاهد واحد وعامل وشاد بغير معلوم، وأغلظ على الكتاب والدواوين وهدّدهم وتوعدهم فخافوه، واجتمع بعضهم ببعض واشتوروا في أمرهم واتفقوا على مال يتوزعونه بينهم على قدر حال كل منهم وحملوه إلى منجك سرّا، فلم يمض من استقراره في الوزارة شهر حتى صار الكتاب وأرباب الدواوين أحباءه وأخلّاءه، وتمكنوا منه أعظم ما كانوا قبل وزارته، وحسنوا له أخذ الأموال، فطلب ولاة الأقاليم وقبض على أقبغا والي الغربية وألزمه بحمل خمسمائة ألف درهم نقرة، وولى عوضه الأمير استدمر القلنجيّ، ثم صرفه وولى بدله قطليجا مملوك بكتمر، واستقرّ باستدمر القلنجي في ولاية القاهرة، وأضاف له التحدّث في الجهات، وولى البحرية لرجل من جهته، وولى قوص لآخر وأوقع الحوطة على موجود إسماعيل الواقدي متولى قوص، وأخذ جميع خواصه، وولي طغاي كشف الوجه القبليّ عوضا عن علاء الدين عليّ بن الكورانيّ، وولى ابن المزوق قوص وأعمالها، وولى مجد الدين موسى الهدبانيّ الأشمونين عوضا عن ابن الأزكشيّ، وتسامعت

ص: 129

الولاة وأرباب الأعمال بأن الوزير فتح باب الأخذ على الولايات، فهرع الناس إليه من جهات مصر والشام وحلب وقصدوا بابه، ورتب عنده جماعة برسم قضاء الأشغال، فأتاهم أصحاب الأشغال والحوائج، وكان السلطان صغيرا حظه من السلطنة أن يجلس بالإيوان يومين في الأسبوع ويجتمع أهل الحل والعقد مع سائر الأمراء فيه، فإذا انقضت خدمة الإيوان خرج الأمير منكليبغا الفخريّ، والأمير بيغرا، والأمير يبلغا تتر والمجديّ، وأرلان وغيرهم من الأمراء، ويدخل إلى القصر الأمير يلبغاروس نائب السلطنة، والأمير سيف الدين منجك الوزير، والأمير سيف الدين شيخو العمريّ، والأمير الجيبغا المظفريّ، والأمير طيبرق، ويتفق الحال بينهم على ما يرونه، هذا والوزير أخو النائب متمكن تمكنا زائدا، وقدم من دمشق جماعة للسعي عند الوزير في وظائف منهم ابن السلعوس وصلاح الدين بن المؤيد وابن الأجل وابن عبد الحق، وتحدّثوا مع ابن الأطروش محتسب القاهرة في أغراضهم، فسعى لهم حتى تقرّروا فيما عينوا.

ولما دخلت سنة تسع وأربعين عرف الوزير السلطان والأمراء أنه لما ولي الوزارة لم يجد في الإهراء ولا في بيت المال شيئا، وسأل أن يكون هذا بمحضر من الحكام، فرسم للقضاة بكشف ذلك فركبوا إلى الإهراء بمصر، وإلى بيت المال بقلعة الجبل، وقد حضر الدواوين وسائر المباشرين وأشهدوا عليهم أن الأمير منجك لما باشر الوزارة لم يكن بالإهراء ولا ببيت المال قدح غلة ولا دينار ولا درهم، وقرئت المحاضر على السلطان والأمراء، فلما كان بعد ذلك توقف أمر الدولة على الوزير فشكا إلى الأمراء من كثرة الرواتب، فاتفق الرأي على قطع نحو ستين سوّاقا، فقطعهم ووفر لحومهم وعليقهم وسائر ما باسمهم من الكساوي وغيرها، وقطع من العرب الركابة والنجابة، ومن أرباب الوظائف في بيت السلطان، ومن الكتاب والمباشرين ما جملته في اليوم أحد عشر ألف درهم وفتح باب المقايضات باقطاعات الأجناد، وباب النزول عن الإقطاعات بالمال، فحصل من ذلك مالا كثيرا، وحكم على أخيه نائب السلطنة بسبب ذلك، وصار الجنديّ يبيع إقطاعه لكل من أراد، سواء كان المنزول له جنيدا أو عامّيا، وبلغ ثمن الإقطاع من عشرين ألف درهم إلى ما دونها. وأخذ يسعى أن تضاف وظيفة نظر الخاص إلى الوزارة، وأكثر من الحط على ناظر الخاص، فاحترس ابن زنبور منه وشرع في إبعاده مرّة بعد مرّة مع الأمير شيخو، فمنع شيخو منجك من التحدّث في الخاص وخرج عليه فشق ذلك على منجك وافترقا عن غير رضى، فتغير يلبغاروس النائب على شيخو رعاية لأخيه. وسأل أن يعفى من النيابة، ويعفى منجك من الوزارة، واستقراره في الأستادارية والتحدّث في عمل حفر البحر، وأن يستقرّ أستدمر العمريّ المعروف برسلان بصل في الوزارة، فطلب وكان قد حضر من الكشف وألبس خلع الوزارة في يوم الاثنين الرابع والعشرين من شهر ربيع الأوّل، وكان منجك قد عزل من الوزارة في ثالث ربيع الأوّل المذكور، وتولى أمر شدّ البحر، فجبى من الأجناد من كل مائة

ص: 130

دينار درهما، ومن التجار والمتعيشين في مصر والقاهرة من كل واحد عشرة دراهم إلى خمسة دراهم إلى درهم، ومن أصحاب الأملاك والدور في مصر والقاهرة على كل قاعة ثلاثة دراهم، وعلى كل طبقة درهمين، وعلى كل مخزن أو اصطبل درهما، وجعل المستخرج في خان مسرور بالقاهرة، والمشدّ على المستخرج الأمير بيلك، فجبى مال كبير، وأما استدمر فإن أحوال الدولة توقفت في أيامه، فسأل في الإعفاء فأعفي وأعيد منجك إلى الوزارة بعد أربعين يوما، وقد تمنع تمنعا كبيرا، ولما عاد إلى الوزارة فتح باب الولايات بالمال، فقصده الناس وسعوا عنده، فولى وعزل وأخذ في ذلك مالا كثيرا. فيقال أنه أخذ من الأمير مازان لما نقله من المنوفية إلى الغربية، ومن ابن الغسانيّ لما نقله من الأشمونين إلى البهنساوية، ومن ابن سلمان لما ولاه منوف ستة آلاف دينار، ووفر إقطاع شادّ الدواوين وجعله باسم المماليك السلطانية، ووفر جوامكهم ورواتبهم، وشرع أوباش الناس في السعي عنده في الوظائف والمباشرات بمال، وأتوه من البلاد فقضى أشغالهم ولم يردّ أحدا طلب شيئا، ووقع في أيامه الفناء العظيم، فانحلت إقطاعات كثيرة، فاقتضى رأي الوزير أن يوفر الجوامك والرواتب التي للحاشية، وكتب لسائر أرباب الوظائف وأصحاب الأشغال والمماليك السلطانية مثالات بقدر جوامك كل منهم، وكذلك لأرباب الصدقات، فأخذ جماعة من الأقباط ومن الكتاب ومن الموقعين إقطاعات في نظير جوامكهم، وتوفر في الدولة مال كبير عن الجوامك والرواتب.

ولما دخلت سنة خمسين رسم الأمير منجك الوزير لمتولي القاهرة بطلب أصحاب الأرباع، وكتابة جميع أملاك الحارات والأزقة، وسائر أخطاط مصر والقاهرة، ومعرفة أسماء سكانها، والفحص عن أربابها ليعرف من توفر عنه ملك بموته في الفناء، فطلبوا الجميع وأمعنوا في النظر، فكان يوجد في الحارة الواحدة والزقاق الواحد ما يزيد على عشرين دارا خالية لا يعرف أربابها، فختموا على ما وجدوه من ذلك ومن الفنادق والخانات والمخازن حتى يحضر أربابها. وفي شعبان عزل ولاة الأعمال وأحضرهم إلى القاهرة، وولى غيرهم وأضاف إلى كل وال كشف الجسور التي في عمله، وضمن الناس سائر جهات القاهرة ومصر، بحيث أنه لا يتحدّث أحد معه من المقدّمين والدواوين والشادّين، وزاد في المعاملات ثلاثمائة ألف درهم، وخلع عليه ونودي له بمصر والقاهرة، فاشتدّ ظلمه وعسفه وكثرت حوادثه. فلما كانت ليالي عيد الفطر، عرّف الوزير الأمراء أن سماط العيد ينصرف عليه جملة ولا ينتفع به أحد، فأبطله ولم يعمل تلك السنة. وفي ذي القعدة توقف حال الدولة ووقف مماليك السلطان وسائر المعاملين والحوائجكاشية، وانزعج السلطان والأمراء بسبب ذلك على الوزير، فاحتج بكثرة الكلف، وطلب الموفق ناظر الدولة فقال: إن الإنعامات قد كثرت والكلف تزايدت، وقد كانت الحوائجخاناه في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون في اليوم ينصرف فيها مبلغ ثلاثة عشر ألف درهم، واليوم ينصرف فيها اثنان

ص: 131

وعشرون ألف درهم، فكتبت أوراق بمتحصل الدولة ومصروفها، وبمتحصل الخاص ومصروفه، فجاءت أوراق الدولة ومتحصلها عشرة آلاف ألف درهم، وكلفها أربعة عشر ألف ألف درهم وستمائة ألف درهم، ووجد الأنعام من الخاص والجيش بما خرج من البلاد زيادة على إقطاعات الأمراء، فكان زيادة على عشرين ألف دينار سوى جملة من الغلال، وأن الذي استجدّ على الدولة من حين وفاة الملك الناصر في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين إلى مستهل المحرّم سنة خمسين وسبعمائة. وكانت جملة الإنعامات والإقطاعات بنواحي الصعيد والفيوم وبلاد الملك والوجه البحريّ وما أعطى من الرزق للخدّام والجواري سبعمائة ألف ألف وألف ألف وستمائة ألف، معينة بأسماء أربابها من أمير وخادم وجارية، وكانت النساء قد أسرفن في عمل القمصان والبغالطيق، حتى كان يفضل من القميص كثير على الأرض، وسعة الكم ثلاثة أذرع، ويسمينه البهطلة، وكان يغرم على القميص ألف درهم وأكثر، وبلغ إزار المرأة إلى ألف درهم، وبلغ الخف والسرموزة إلى خمسمائة درهم، وما دونها إلى مائة درهم. فأمر الوزير منجك بقطع أكمام النساء وأخرق بهنّ، وأمر الوالي بتتبع ذلك، ونودي بمنع النساء من عمل ذلك، وقبض على جماعة منهنّ، وركب على سور القاهرة صور نساء عليهنّ تلك القمصان بهيئة نساء قد قتلن عقوبة على ذلك، فانكففن عن لبسها، ومنع الأساكفة من عمل الأخفاف المثمنة، ونودي في القياسر من باع إزار حرير ماله للسلطان، فنودي على إزار ثمنه سبعمائة وعشرون درهما فبلغ ثمانين درهما ولم يجسر أحد أن يشتريه، وبالغ الوزير في الفحص عن ذلك حتى كشف دكاكين غسالي الثياب وقطع ما وجد من ذلك، فامتنع النساء من لبس ما أحدثنه من تلك المنكرات، ولما عظم ضرر الفار أيضا من كثرة شكاية الناس فيه، فلم يسمع فيه الوزير قولا، وقام في أمره الأمير مغلطاي أميراخور، فاستوحش منه الوزير، واتفق أنه كان قد حج محمد بن يوسف مقدّم الدولة في محمل كبير بلغ عليق جماله في اليوم مائتي عليقة، ولما قدم في المحرّم مع الحاج أهدى للنائب وللوزير وللأمير طاز وللأمير صرغتمش هدايا جليلة، ولم يهد للأمير شيخو، ولا للأمير مغلطاي شيئا، ثم لما عاب عليه الناس ذلك أهدى بعد عدّة أيام للأمير شيخو هديه فردّها عليه، ثم أنه أنكر على الوزير في مجلس السلطان ما يفعله ولاة البر وما عليه مقدّم الدولة من كثرة المال، وأغلظ في القول، فرسم بعزل الولاة والقبض على المقدّم محمد بن يوسف وابن عمه المقدّم أحمد بن زيد، فلم يسع الوزير غير السكوت.

فلما كان في رابع عشري شوّال سنة إحدى وخمسين، قبض على الوزير منجك وقيد ووقعت الحوطة على سائر حواصله، فوجدت له زردخاناه حمل خمسين جملا، ولم يظهر من النقد كثير مال، فأمر بعقوبته. فلما خوّف أقرّ بصندوق فيه جوهر وقال: سائر ما كان يتحصل لي من النقد كنت اشتري به أملاكا وضياعا وأصناف المتاجر، فأحيط بسائر أمواله وحمل إلى الإسكندرية مقيدا، واستقرّ الأمير بلبان السنانيّ نائب الكبيرة أستادارا عوض منجك

ص: 132

بعد حضوره منها، وأضيفت الوزارة إلى القاضي علم الدين بن زنبور ناظر الخاص، فلم يزل منجك مسجونا بالإسكندرية إلى أن خلع الملك الناصر حسن وأقيم بدله في المملكة أخوه الملك الصالح صالح، فأمر بالإفراج عن الأمير شيخو والأمير منجك فحضرا إلى القاهرة في رجب سنة اثنتين وخمسين، ولما استقرّ الأمير منجك بالقاهرة بعث إليه الأمير شيخو خمس رؤوس خيل وألفي دينار، وبعث إليه جميع الأمراء بالتقادم، وأقام بطالا يجلس على حصير فوقه ثوب سرج عتيق، وكلما أتاه أحد من الأمراء يبكي ويتوجع ويقول أخذ جميع مالي حتى صرت على الحصير، ثم كتب فتوى تتضمن أن رجلا مسجونا في قيد هدّد بالقتل إن لم يبع أملاكه، وأنّه خشي على نفسه القتل، فوكل في بيعها. فكتب له الفقهاء لا يصح بيع المكره. ودار على الأمراء وما زال بهم حتى تحدّثوا له مع السلطان في ردّ أملاكه عليه، فعارضهم الأمير صرغتمش، ثم رضي أن يردّ عليه من أملاكه ما أنعم به السلطان على مماليكه، فاستردّ عدّة أملاك وأقام إلى أن قام يلبغاروس بحلب فاختفى منجك وطلب فلم يوجد، وأطلق النداء عليه بالقاهرة ومصر وهدّد من أخفاه، وألزم عربان العائد باقتفاء أثره فلم يوقف له على خبر، وكبس عليه عدّة أماكن بالقاهرة ومصر وفتش عليه حتى في داخل الصهريج الذي بجامعه فأعيى أمره، وأدرك السلطان السفر لحرب يلبغاروس فشرع في ذلك إلى يوم الخميس رابع شعبان، فخرج الأمير طاز بمن معه.

وفي يوم الاثنين سابعه، عرض الأمير شيخو والأمير صرغتمش أطلابهما، وقد وصل الأميرا طاز إلى بلبيس فحضر إليه من أخبره أنه رأى بعض أصحاب منجك، فسير إليه وأحضره وفتشه فوجد معه كتاب منجك إلى أخيه يلبغاروس، وفيه أنه مختف عند الحسام الصفديّ استاداره، فبعث الكتاب إلى الأمير شيخو فوافاه والأطلاب خارجة، فاستدعى بالحسام وسأله فأنكر فعاقبه الأمير صرغتمش فلم يعترف، فركب إلى بيت الحسام بجوار الجامع الأزهر وهجمه فإذا بمنجك ومعه مملوك، فكتفه وسار به مشهورا بين الناس وقد هرعوا من كلّ مكان إلى القلعة، فسجن بالإسكندرية إلى أن شفع فيه الأمير شيخو فأفرج عنه في ربيع الأوّل سنة خمس وخمسين، ورسم أن يتوجه إلى صفد بطالا، فسار إليها من غير أن يعبر إلى القاهرة، فلما خلع الملك الصالح صالح وأعيد السلطان حسن في شوّال منها، نقل منجك من صفد وأنعم عليه بنيابة طرابلس عوضا عن أيتمش الناصريّ، فسار إليها وأقام بها إلى أن قبض على الأمير طاز نائب حلب في سنة تسع وخمسين، فولي منجك عوضا عنه ولم يزل بحلب إلى أن فرّ منها في سنة ستين، فلم يعرف له خبر، وعوقب بسببه خلق كثير، ثم قبض عليه بدمشق في سنة إحدى وستين فحمل إلى مصر وعليه بشت صوف عسليّ، وعلى رأسه مئزر صوف، فلم يؤاخذه السلطان وأعطاه إمرة طبلخاناه ببلاد الشام، وجعله طرخاناه يقيم حيث شاء من البلاد الإسلامية، وكتب له بذلك. فلما قتل السلطان حسن وأقيم من بعده في المملكة الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي في جمادى الأولى سنة

ص: 133