المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الجامع المؤيدي هذا الجامع بجوار باب زويلة من داخله، كان موضعه - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - جـ ٤

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌ذكر المساجد الجامعة

- ‌ذكر الجوامع

- ‌الجامع العتيق

- ‌ذكر المحاريب التي بديار مصر وسبب اختلافها وتعيين الصواب فيها وتبيين الخطأ منها

- ‌جامع العسكر

- ‌ذكر العسكر

- ‌ جامع ابن طولون

- ‌ذكر دار الإمارة

- ‌ذكر الأذان بمصر وما كان فيه من الاختلاف

- ‌الجامع الأزهر

- ‌جامع الحاكم

- ‌جامع راشدة

- ‌جامع المقس

- ‌جامع الفيلة

- ‌جامع المقياس

- ‌الجامع الأقمر

- ‌جامع الظافر

- ‌جامع الصالح

- ‌ذكر الأحباس وما كان يعمل فيها

- ‌الجامع بجوار تربة الشافعيّ بالقرافة

- ‌جامع محمود بالقرافة

- ‌جامع الروضة بقلعة جزيرة الفسطاط

- ‌جامع غين بالروضة

- ‌جامع الأفرم

- ‌الجامع بمنشأة المهرانيّ

- ‌جامع دير الطين

- ‌جامع الظاهر

- ‌جامع ابن اللبان

- ‌الجامع الطيبرسيّ

- ‌الجامع الجديد الناصريّ

- ‌الجامع بالمشهد النفيسيّ

- ‌جامع الأمير حسين

- ‌جامع الماس

- ‌جامع قوصون

- ‌جامع الماردانيّ

- ‌جامع أصلم

- ‌جامع بشتاك

- ‌‌‌جامع آق سنقر

- ‌جامع آق سنقر

- ‌جامع آل ملك

- ‌جامع الفخر

- ‌جامع نائب الكرك

- ‌جامع الخطيريّ ببولاق

- ‌جامع قيدان

- ‌جامع الست حدق

- ‌جامع ابن غازي

- ‌جامع التركمانيّ

- ‌جامع شيخو

- ‌جامع الجاكيّ

- ‌جامع التوبة

- ‌جامع صاروجا

- ‌جامع الطباخ

- ‌جامع الأسيوطيّ

- ‌جامع الملك الناصر حسن

- ‌جامع القرافة

- ‌جامع الجيزة

- ‌جامع منجك

- ‌الجامع الأخضر

- ‌جامع البكجريّ

- ‌جامع السروجيّ

- ‌جامع كرجي

- ‌جامع الفاخريّ

- ‌جامع ابن عبد الظاهر

- ‌جامع كراي

- ‌جامع القلعة

- ‌جامع قوصون

- ‌جامع كوم الريش

- ‌جامع الجزيرة الوسطى

- ‌جامع ابن صارم

- ‌جامع الكيمختي

- ‌جامع الست مسكة

- ‌جامع ابن الفلك

- ‌جامع التكروريّ

- ‌جامع البرقية

- ‌جامع الحرّانيّ

- ‌جامع بركة

- ‌جامع بركة الرطليّ

- ‌جامع الضوة

- ‌ جامع

- ‌جامع الحوش

- ‌جامع الاصطبل

- ‌جامع ابن التركمانيّ»

- ‌جامع الباسطيّ

- ‌جامع الحنفيّ

- ‌جامع ابن الرفعة

- ‌جامع الإسماعيليّ

- ‌جامع الزاهد

- ‌جامع ابن المغربيّ

- ‌جامع الفخريّ

- ‌الجامع المؤيدي

- ‌الجامع الأشرفيّ

- ‌الجامع الباسطيّ

- ‌ذكر مذاهب أهل مصر ونحلهم منذ افتتح عمرو بن العاص رضي الله عنه أرض مصر إلى أن صاروا إلى اعتقاد مذاهب الأئمة رحمهم الله تعالى، وما كان من الأحداث في ذلك

- ‌ذكر فرق الخليقة واختلاف عقائدها وتباينها

- ‌ذكر الحال في عقائد أهل الإسلام، منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعرية

- ‌ذكر المدارس

- ‌ المدرسة الناصرية

- ‌المدرسة القمحية

- ‌مدرسة يازكوج

- ‌مدرسة ابن الأرسوفيّ

- ‌مدرسة منازل العز

- ‌مدرسة العادل

- ‌مدرسة ابن رشيق

- ‌المدرسة الفائزية

- ‌المدرسة القطبية

- ‌المدرسة السيوفية

- ‌المدرسة الفاضلية

- ‌المدرسة الأزكشية

- ‌المدرسة الفخرية

- ‌المدرسة السيفية

- ‌المدرسة العاشورية

- ‌ المدرسة القطبية

- ‌المدرسة الخرّوبية

- ‌مدرسة المحليّ

- ‌المدرسة الفارقانية

- ‌المدرسة المهذبية

- ‌‌‌المدرسة الخرّوبية

- ‌المدرسة الخرّوبية

- ‌المدرسة الصاحبية البهائية

- ‌المدرسة الصاحبية

- ‌المدرسة الشريفية

- ‌المدرسة الصالحية

- ‌المدرسة الكاملية

- ‌المدرسة الصيرمية

- ‌المدرسة المسرورية

- ‌المدرسة القوصية

- ‌المدرسة المنصورية

- ‌المدرسة الحجازية

- ‌المدرسة الطيبرسية

- ‌المدرسة الأقبغاوية

- ‌المدرسة الحسامية

- ‌المدرسة المنكوتمرية

- ‌المدرسة القراسنقرية

- ‌المدرسة الغزنوية

- ‌المدرسة البوبكرية

- ‌المدرسة البقرية

- ‌المدرسة القطبية

- ‌مدرسة ابن المغربيّ

- ‌المدرسة البيدرية

- ‌المدرسة البديرية

- ‌المدرسة الملكية

- ‌المدرسة الجمالية

- ‌المدرسة الفارسية

- ‌المدرسة السابقية

- ‌المدرسة القيسرانية

- ‌المدرسة الزمامية

- ‌المدرسة الصغيرة

- ‌مدرسة تربة أمّ الصالح

- ‌مدرسة ابن عرّام

- ‌المدرسة المحمودية

- ‌المدرسة المهذبية

- ‌المدرسة السعدية

- ‌المدرسة الطفجية

- ‌المدرسة الجاولية

- ‌المدرسة الفارقانية

- ‌المدرسة البشيرية

- ‌المدرسة المهمندارية

- ‌مدرسة ألجاي

- ‌مدرسة أمّ السلطان

- ‌المدرسة الأيتمشية

- ‌المدرسة المجدية الخليلية

- ‌المدرسة الناصرية بالقرافة

- ‌المدرسة المسلمية

- ‌مدرسة اينال

- ‌مدرسة الأمير جمال الدين الأستادار

- ‌المدرسة الصرغتمشية

- ‌ذكر المارستانات

- ‌مارستان ابن طولون

- ‌مارستان كافور

- ‌مارستان المغافر

- ‌المارستان الكبير المنصوريّ

- ‌المارستان المؤيدي

- ‌ذكر المساجد

- ‌المسجد بجوار دير البعل

- ‌مسجد ابن الجباس

- ‌مسجد ابن البناء

- ‌مسجد الحلبيين

- ‌مسجد الكافوريّ

- ‌مسجد رشيد

- ‌المسجد المعروف بزرع النوى

- ‌مسجد الذخيرة

- ‌مسجد رسلان

- ‌مسجد ابن الشيخيّ

- ‌مسجد يانس

- ‌مسجد باب الخوخة

- ‌المسجد المعروف بمعبد موسى

- ‌مسجد نجم الدين

- ‌مسجد صواب

- ‌المسجد بجوار المشهد الحسينيّ

- ‌مسجد الفجل

- ‌مسجد تبر

- ‌مسجد القطبية

- ‌ذكر الخوانك

- ‌الخانكاه الصلاحية، دار سعيد السعداء، دويرة الصوفية

- ‌خانقاه ركن الدين بيبرس

- ‌الخانقاه الجمالية

- ‌الخانقاه الظاهرية

- ‌الخانقاه الشرابيشية

- ‌الخانقاه المهمندارية

- ‌خانقاه بشتاك

- ‌خانقاه ابن غراب

- ‌الخانقاه البندقدارية

- ‌خانقاه شيخو

- ‌الخانقاه الجاولية

- ‌خانقاه الجيبغا المظفري

- ‌خانقاه سرياقوس

- ‌خانقاه أرسلان

- ‌خانقاه بكتمر

- ‌خانقاه قوصون

- ‌خانقاه طغاي النجميّ

- ‌خانقاه أمّ أنوك

- ‌خانقاه يونس

- ‌خانقاه طيبرس

- ‌خانقاه أقبغا

- ‌الخانقاه الخروبية

- ‌ذكر الربط

- ‌رباط الصاحب

- ‌رباط الفخري

- ‌رباط البغدادية

- ‌رباط الست كليلة

- ‌رباط الخازن

- ‌الرباط المعروف برواق ابن سليمان

- ‌رباط داود بن إبراهيم

- ‌رباط ابن أبي المنصور

- ‌رباط المشتهى

- ‌رباط الآثار

- ‌رباط الأفرم

- ‌الرباط العلائي

- ‌ذكر الزوايا

- ‌زاوية الدمياطيّ

- ‌زاوية الشيخ خضر

- ‌زاوية ابن منظور

- ‌زاوية الظاهري

- ‌زاوية الجميزة

- ‌زاوية الحلاوي

- ‌زاوية نصر

- ‌زاوية الخدّام

- ‌زاوية تقي الدين

- ‌زاوية الشريف مهدي

- ‌زاوية الطراطرية

- ‌زاوية القلندرية

- ‌قبة النصر

- ‌زاوية الركراكي

- ‌زاوية إبراهيم الصائغ

- ‌زاوية الجعبري

- ‌زاوية أبي السعود

- ‌زاوية الحمصي

- ‌زاوية المغربل

- ‌زاوية القصري

- ‌زاوية الجاكي

- ‌زاوية الأبناسيّ

- ‌زاوية اليونسية

- ‌زاوية الخلاطي

- ‌الزاوية العدوية

- ‌زاوية السدّار

- ‌ذكر المشاهد التي يتبرّك الناس بزيارتها مشهد زين العابدين

- ‌مشهد السيدة نفيسة

- ‌مشهد السيدة كلثوم

- ‌سنا وثنا

- ‌ذكر مقابر مصر والقاهرة المشهورة

- ‌ذكر القرافة

- ‌ذكر المساجد الشهيرة بالقرافة الكبيرة

- ‌مسجد الأقدام

- ‌مسجد الرصد

- ‌مسجد شقيق الملك

- ‌مسجد الانطاكيّ

- ‌مسجد النارنج

- ‌مسجد الأندلس

- ‌مسجد البقعة

- ‌مسجد الفتح

- ‌مسجد أمّ عباس جهة العادل بن السلار

- ‌مسجد الصالح

- ‌مسجد وليّ عهد أمير المؤمنين

- ‌مسجد الرحمة

- ‌مسجد مكنون

- ‌مسجد جهة ريحان

- ‌مسجد جهة بيان

- ‌مسجد توبة

- ‌مسجد دري

- ‌مسجد ست غزال

- ‌مسجد رياض

- ‌مسجد عظيم الدولة

- ‌مسجد أبي صادق

- ‌مسجد الفرّاش

- ‌مسجد تاج الملوك

- ‌مسجد الثمار

- ‌مسجد الحجر

- ‌مسجد القاضي يونس

- ‌مسجد الوزيرية

- ‌مسجد ابن العكر

- ‌مسجد ابن كباس

- ‌مسجد الشهمية

- ‌مسجد زنكادة

- ‌جامع القرافة

- ‌مسجد الأطفيحيّ

- ‌مسجد الزيات

- ‌ذكر الجواسيق التي بالقرافة

- ‌ذكر الرباطات التي كانت بالقرافة

- ‌ذكر المصلّيات والمحاريب التي بالقرافة

- ‌ذكر المساجد والمعابد التي بالجبل والصحراء

- ‌ذكر الأحواض والآبار التي بالقرافة

- ‌ذكر الآبار التي ببركة الحبش والقرافة

- ‌ذكر السبعة التي تزار بالقرافة

- ‌ذكر المقابر خارج باب النصر

- ‌ذكر كنائس اليهود

- ‌ذكر تاريخ اليهود وأعيادهم

- ‌ذكر معنى قولهم يهودي

- ‌ذكر معتقد اليهود وكيف وقع عندهم التبديل

- ‌ذكر فرق اليهود الآن

- ‌ذكر قبط مصر ودياناتهم القديمة، وكيف تنصروا ثم صاروا ذمّة للمسلمين، وما كان لهم في ذلك من القصص والأنباء، وذكر الخبر عن كنائسهم ودياراتهم، وكيف كان ابتداؤها ومصير أمرها

- ‌ذكر ديانة القبط قبل تنصرهم

- ‌ذكر دخول قبط مصر في دين النصرانية

- ‌ذكر دخول النصارى من قبط مصر في طاعة المسلمين وأدائهم الجزية، واتخاذهم ذمّة لهم، وما كان في ذلك من الحوادث والأنباء

- ‌ذكر ديارات النصارى

- ‌أديرة أدرنكة

- ‌ذكر كنائس النصارى

- ‌وأما الوجه البحريّ:

الفصل: ‌ ‌الجامع المؤيدي هذا الجامع بجوار باب زويلة من داخله، كان موضعه

‌الجامع المؤيدي

هذا الجامع بجوار باب زويلة من داخله، كان موضعه خزانة شمائل حيث يسجن أرباب الجرائم، وقيسارية سنقر الأشقر، ودرب الصفيرة، وقيسارية بهاء الدين أرسلان.

أنشأه السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحموديّ الظاهري، فهو الجامع لمحاسن البنيان، الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه، أن منشئه سيد ملوك الزمان، يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنو شروان، ويستصغر من تأمل بديع أسطوانه الخورنق وقصر غمدان، ويعجب من عرف أوّليته من تبديل الأبدال، وتنقل الأمور من حال إلى حال بينا هو سجن تزهق فيه النفوس ويضام المجهود، إذ صار مدارس آيات وموضع عبادات ومحل سجود، فالله يعمره ببقاء منشئه ويعلي كلمة الأيمان بدوام ملك بانيه.

همم الملوك إذا أراد واذكرها

من بعدهم فبألسن البنيان

أو ما ترى الهرمين قد بقيا وكم

ملك محاه حوادث الأزمان

إنّ البناء إذا تعاظم قدره

أضحى يدل على عظيم الشان

وأوّل ما ابتدئ به في أمر هذا الجامع، أن رسم في رابع شهر ربيع الأوّل سنة ثمان عشرة وثمانمائة، بانتقال سكان قيسارية سنقر الأشقر التي كانت تجاه قيسارية الفاضل، ثم نزل جماعة من أرباب الدولة في خامسه من قلعة الجبل، وابتدئ في الهدم في القيسارية المذكورة، وما يجاورها، فهدمت الدور التي كانت هناك في درب الصفيرة، وهدمت خزانة شمائل فوجد بها من رمم القتلى ورؤوسهم شيء كثير، وأفرد لنقل ما خرج من التراب عدّة من الجمال والحمير بلغت علائقهم في كل يوم خمسمائة عليقة. وكان السبب في اختيار هذا المكان دون غيره أن السلطان حبس في خزانة شمائل هذه أيام تغلّب الأمير منطاش وقبضه على المماليك الظاهرية، فقاسى في ليلة من البق والبراغيث شدائد، فنذر لله تعالى إن تيسر له ملك مصر أن يجعل هذه البقعة مسجدا لله عز وجل، ومدرسة لأهل العلم، فاختار لذلك هذه البقعة وفاء لنذره.

وفي رابع جمادى الآخرة كان ابتداء حفر الأساس، وفي خامس صفر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وقع الشروع في البناء، واستقرّ فيه بضع وثلاثون بنّاء، ومائة فاعل، ووفيت لهم ولمباشريهم أجورهم من غير أن يكلف أحد في العمل فوق طاقته، ولا سخّر فيه أحد بالقهر، فاستمرّ العمل إلى يوم الخميس سابع عشر ربيع الأوّل، فأشهد عليه السلطان أنه وقف هذا مسجدا لله تعالى، ووقف عليه عدّة مواضع بديار مصر وبلاد الشام، وتردّد ركوب السلطان إلى هذه العمارة عدّة مرار. وفي شعبان طلبت عمد الرخام وألواح الرخام لهذا الجامع، فأخذت من الدور والمساجد وغيرها، وفي يوم الخميس سابع عشري شوّال نقل

ص: 142

باب مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاون والتنور النحاس المكفت إلى هذه العمارة، وقد اشتراهما السلطان بخمسمائة دينار، وهذا الباب هو الذي عمل لهذا الجامع، وهذا التنور هو التنور المعلق تجاه المحراب، وكان الملك الظاهر برقوق قد سدّ باب مدرسة السلطان حسن وقطع البسطة التي كانت قدّامه كما تقدّم، فبقي مصراعا الباب والسدّ من ورائهما حتى نقلا مع التنور الذي كان معلقا هناك. وفي ثامن عشرية دفنت ابنة صغيرة للسلطان في موضع القبة الغربية من هذا الجامع، وهي ثاني ميت دفن بها، وانعقدت جملة ما صرف في هذه العمارة إلى سلخ ذي الحجة سنة تسع عشرة على أربعين ألف دينار، ثم نزل السلطان في عشري المحرّم إلى هذه العمارة ودخل خزانة الكتب التي عملت هناك، قد حمل إليها كتبا كثيرة في أنواع العلوم، كانت بقلعة الجبل، وقدّم له ناصر الدين محمد البارزيّ كاتب السرّ خمسمائة مجلد، قيمتها ألف دينار، فأقرّ ذلك بالخزانة وأنعم على ابن البارزيّ بأن يكون خطيبا وخازن المكتب هو ومن بعده من ذرّيته.

وفي سابع عشر شهر ربيع الآخر منها سقط عشرة من الفعلة، مات منهم أربعة وحمل ستة بأسوإ حال. وفي يوم الجمعة ثاني جمادى الأولى أقيمت الجمعة به، ولم يكمل منه سوى الإيوان القبليّ، وخطب وصلّى بالناس عز الدين عبد السلام المقدسيّ أحد نوّاب القضاة الشافعية نيابة عن ابن البارزيّ كاتب السرّ. وفي يوم السبت خامس شهر رمضان منها ابتدئ بهدم ملك بجوار ربع الملك الظاهر بيبرس، مما اشتراه الأمير فخر الدين عبد الغنيّ بن أبي الفرج الاستادار ليعمل ميضأة، واستمرّ العمل هناك ولازم الأمير فخر الدين الإقامة بنفسه، واستعمل مماليكه والزامه فيه وجدّ في العمل كلّ يوم، فكملت في سلخه بعد خمسة وعشرين يوما، ووقع الشروع في بناء حوانيت على بابها من جهة تحت الربع، ويعلوها طباق، وبلغت النفقة على الجامع إلى أخريات شهر رمضان هذا، سوى عمارة الأمير فخر الدين المذكور، زيادة على سبعين ألف دينار، وتردّد السلطان إلى النظر في هذا الجامع غير مرّة. فلما كان في أثناء شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين ظهر بالمئذنة التي أنشئت على بدنة باب زويلة التي تلي الجامع إعوجاج إلى جهة دار التفاح، فكتب محضر بجماعة المهندسين أنها مستحقة الهدم، وعرض على السلطان فرسم بهدمها، فوقع الشروع في الهدم يوم الثلاثاء رابع عشرية، واستمرّ في كل يوم، فسقط يوم الخميس سادس عشرية منها حجر هدم ملكا تجاه باب زويلة، هلك تحته رجل، فغلق باب زويلة خوفا على المارّة من يوم السبت إلى آخر يوم الجمعة سادس عشري جمادى الأولى، مدّة ثلاثين يوما، ولم يعهد وقوع مثل هذا قط منذ بنيت القاهرة. وقال أدباء العصر في سقوط المنارة المذكورة شعرا كثيرا، منه ما قاله حافظ الوقت شهاب الدين أحمد بن عليّ بن حجر الشافعيّ رحمه الله:

لجامع مولانا المؤيد رونق

منارته تزهو من الحسن والزين

ص: 143

تقول وقد مالت عليهم تمهّلوا

فليس على جسمي أضرّ من العين

فتحدّث الناس أنه في قوله بالعين قصد التورية لتخدم في العين التي تصيب الأشياء فتتلفها، وفي الشيخ بدر الدين محمود العينتابيّ فإنه يقال له العينيّ أيضا.

فقال المذكور يعارضه:

منارة كعروس الحسن إذ جليت

وهدمها بقضاء الله والقدر

قالوا أصيبت بعين قلت ذا غلط

ما أوجب الهدم إلّا خشية الحجر

يعرّض بالشهاب ابن حجر وكل منهما لم يصب الغرض، فإن العينيّ بدر الدين محمودا ناظر الأحباس، والشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر، كل منهما ليس له في المئذنة تعلق حتى تخدم التورية، وأقعد منهما بالتورية من قال:

على البرج من بابي زويلة أسّست

منارة بيت الله والمعهد المنجي

فأخلى بها البرج اللعين أمالها

ألا فاصرخوا يا قوم باللّعن للبرج

وذلك أن الذي ولى تدبير أمر الجامع المؤيديّ هذا، وولى نظر عمارته بهاء الدين محمد بن البرجيّ، فخدمت التورية في البرجي كما ترى، وتداول هذا الناس فقال آخر:

عتبنا على ميل المنار زويلة

وقلنا تركت الناس بالميل في هرج

فقال قريني برج نحس أمالني

فلا بارك الرحمن في ذلك البرج

وقال الأديب شمس الدين محمد بن أحمد بن كمال الجوجريّ أحد الشهود:

منارة لثواب الله قد بنيت

فكيف هدّت فقالوا نوضح الخبرا

أصابت العين أحجارا بها انفلقت

ونظرة العين قالوا تفلق الحجرا

وقال آخر:

منارة قد هدمت بالقضا

والناس في هرج وفي رهج

أمالها البرج فمالت به

فلعنة الله على البرج

وفي ثالث جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين استقرّ الشيخ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن عليّ بن حجر في تدريس الشافعية، والشيخ يحيى بن محمد بن أحمد العجيسيّ البجائيّ المغربيّ في تدريس المالكية، وعز الدين عبد العزيز بن عليّ بن الفخر البغداديّ في تدريس الحنابلة، وخلع عليهم بحضرة السلطان، فدرس ابن حجر بالمحراب في يوم الخميس ثالث عشرة، ونزل السلطان وأقبل ليحضر عنده، وهو في إلقاء الدرس ومنعه من القيام له، فلم يقم واستمرّ فيما هو بصدده، وجلس السلطان عنده مليا، ثم درّس يحيى

ص: 144