الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبناحية مقروفه كنيسة قديمة لميخائيل، ولها عيد في كل سنة، وأهل هذه الناحية نصارى، أكثرهم رعاة غنم وهم همج رعاع.
وبناحية دوينة كنيسة على اسم بوبخنس القصير، وهي قبة عظيمة وكان بها رجل يقال له يونس، عمل أسقفا واشتهر بمعرفة علوم عديدة فتعصبوا عليه حسدا منهم له على علمه ودفنوه حيا، وقد توعك جسمه.
وبالمراغة التي بين طهطا وطما كنيسة.
وبناحية قلفا كنيسة كبيرة، وتعرف نصارى هذه البلدة بمعرفة السحر ونحوه، وكان بها في أيام الظاهر برقوق شماس يقال له أبصاطيس له في ذلك يد طولى، ويحكى عنه ما لا أحب حكايته لغرابته، وبناحية فرشوط كنيسة ميخائيل، وكنيسة السيدة مارت مريم، وبمدينة هوّ كنيسة السيدة وكنيسة بومنا. وبناحية بهجورة كنيسة الرسل. وباسنا كنيسة مريم وكنيسة ميخائيل وكنيسة يوحنا المعمدانيّ، وهو يحيى بن زكريا عليهما السلام. وبنقادة كنيسة السيدة، وكنيسة يوحنا المعمدانيّ، وكنيسة غبريال، وكنيسة يوحنا الرحوم، وهو من أهل أنطاكية ذوي الأموال، فزهد وفرّق ماله كله في الفقراء وساح وهو على دين النصرانية في البلاد، فعمل أبواه عزاءه وظنوا أنه قد مات، ثم قدم أنطاكية في حالة لا يعرف فيها، وأقام في كوخ على مزبلة، وأقام رمقه بما يلقى على تلك المزبلة حتى مات، فلما عملت جنازته كان ممن حضرها أبوه، فعرف غلاف إنجيله، ففحص عنه حتى عرف أنه ابنه، فدفنه وبنى عليه كنيسة أنطاكية. وبمدينة قفط كنيسة السيدة، وكان بأصفون عدّة كنائس خربت بخرابها، وبمدينة قوص عدّة أديرة وعدّة كنائس خربت بخرابها، وبقي بها كنيسة السيدة ولم يبق بالوجه القبليّ من الكنائس سوى ما تقدّم ذكرنا له.
وأما الوجه البحريّ:
ففي منية صرد من ضواحي القاهرة كنيسة السيدة مريم، وهي جليلة عندهم. وبناحية سندوة كنيسة محدثة على اسم بوجرج، وبمر صفا كنيسة مستجدّة على اسم بوجرج أيضا، وبسمنود كنيسة على اسم الرسل عملت في بيت، وبسنباط كنيسة جليلة عندهم على اسم الرسل، وبصندفة كنيسة معتبرة عندهم على اسم بوجرج، وبالريدانية كنيسة السيدة ولها قدر جليل عندهم، وفي دمياط أربع كنائس للسيدة ولميخائيل وليوحنا المعمدانيّ ولماري جرجس، ولها مجد عندهم. وبناحية سبك العبيد كنيسة محدثة في بيت مخفيّ على اسم السيدة، وبالنحراوية كنيسة محدثة في بيت مخفي، وفي لقانة كنيسة بوبخنس القصير، وبدمنهور كنيسة محدثة في بيت مخفي على اسم ميخائيل، وبالإسكندرية المعلقة على اسم السيدة وكنيسة بوجرج وكنيسة يوحنا المعمداني وكنيسة الرسل، فهذه كنائس اليعاقبة بأرض مصر، ولهم بغزة كنيسة مريم، ولهم بالقدس القمامة وكنيسة صهيون.
وأما الملكية فلهم بالقاهرة كنيسة ماري نقولا بالبندقانيين، وبمصر كنيسة غبريال الملاك بخط قصر الشمع، وبها قلاية لبطركهم، وكنيسة السيدة بقصر الشمع أيضا، وكنيسة الملاك ميخائيل بجوار بربارة بمصر، وكنيسة مار يوحنا بخط دير الطين، والله أعلم.
وهذا أخر الجزء الثاني وبتمامه تم الكتاب والحمد لله وحده وصلّى الله على من لا نبيّ بعده وسلّم ورضي الله عن أصحاب رسول الله أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا عدوان إلّا على الظالمين.
قول المستعين بربه القويّ، محمد ابن المرحوم الشيخ عبد الرحمن قطة العدوي، مصحح دار الطباعة المصرية، بلغه الله من الخير كلّ أمنية: إن من جملة المحاسن الممدوحة بكلّ لسان، وأحاسن الآثار الغنيّ فضلها عن البيان، التي ظهرت في أيام صاحب العز والإقبال، من طبع على المرحمة والعدالة في الأقوال والأفعال، واختص بحسن التبصر وسداد النظر، ورعاية المصالح العامّة لأهل البدو والحضر، ووهب من صفات الكمال وكمال الصفات، ما تقصر دون تعداده العبارات والإشارات، من هو الفرقد الثاني، في أفق الصدارة العثمانيّ، عزيز الديار المصرية، ذي المناقب الفاخرة السنية، حضرة أفندينا الحاج عباس باشا، لا زال بصولة عدله جيش المظالم يتلاشى، ولا برح قرير العين بأنجاله، محفوظ الجناب نافذ القول في حاله واستقباله، ولا فتيء لواء عزه منشورا، ولا انفك سعيه مشكورا، طبع كتاب الخطط للعلامة المقريزيّ الشهير، المجمع على فضله وعموم نفعه بلا نكير، كيف لا وقد جمع من تخطيط الحكومة المصرية، وما يتعلق بها من الموادّ الجغرافية والتاريخية، وذكر أصناف أهلها وولاتها، وما عرض لها من تقلبات الأزمان وتغيراتها، وما تضمنته من الأخلاق والعوائد، الصحيح منها والفاسد، وما توارد عليها من الدول والحكومات، واختلاف الملل والديانات، وغير ذلك من الفوائد، وصحيح الأدلة والشواهد، وعجائب الأخبار، وغرائب الآثار، ما يغني الحاذق اللبيب، ويكفي الماهر الأريب، ويعتبر به المعتبرون، ويتفكه به المتآمرون، بل هو النديم الذي لا يمل، والأنيس الذي في استصحابه تهون الكرائم وتبذل، بيد أنه يتحفك من تاريخ مصر بأظرف تحفه، ويمنحك من طريف جغرافيتها وتليدها ألطف طرقه، ويسكنك من قصور أنبائها على غرفه، وينشقك من زهر روض أخبارها شميمه وعرفه، غير أنه لما كان فنّ التاريخ مع جليل نفعه، وجزيل فائدته عند أرباب المعارف وعظيم وقعه، قد رميت سوقه في هذه الأزمان بالكساد، وتقاصرت عنه الهمم من كل حاضر وباد، كان هذا الكتاب مما خيمت عليه عناكب النسيان، وعزت نسخه في ديارنا حتى كاد لا يعثر بها إنسان، فإنها فيها قليلة محصورة، متروكة الاستعمال مهجورة، فكانت مع قلتها عارية عن صحتها، فكم فيها من تحريف فاحش وسقط متفاحش، وغلط مخل، وخطا مضجر وممل، ويفضي بالقاري إلى الملل، ويعوّضه
عن النشاط الكسل، لكن بحمد الله وعونه، وعظيم فضله ومنه، وبذل المجهود في التصحيح، واستفراغ الوسع في التحرير والتنقيح، جاءت النسخة المطبوعة صحيحة حسب الإمكان، جديرة بأن تحل محل القبول والاستحسان، فإنّ ما كان من عباراته بالتحريف سقيما، ولم يفهم معنى مستقيما، أجلت فيه ذهني مع قصوره، وكلفته التسلق على قصوره، فإن فتح له باب الرشاد، وألهم المعنى المراد، حمدت ربي، حيث نلت أربي، وإن كانت الأخرى، وكبا زند الفهم وما أورى، نبهت على وجه التوقف في الحاشية بالعبارة، أو رقمت فيها رقما هنديا ليكون إلى التوقف إشارة، وربما أشرت إلى الصواب، لكن على سبيل الرجاء في الاستصواب، وربما مرّ بك تعداد بعض أشياء يشم منها مخالفة العربية، وتفصيل أمور تأباه بحسب الظاهر القواعد النحوية، وعذرنا في ذلك، أن المؤلف تقلها كذلك، عمن نقلها عن جريدة حساب، وأثبتها على ما هي عليه في تقييدات الكتاب، فأبقيناها على حالها، ولم ننسجها على غير منوالها، حرصا على عدم التغيير في عبارات المؤلفين، حسبما نص عليه أئمة الدين، لا سيما والمعنى معه ظاهر، لا يخفى على السامع والناظر، ثم إنه لبعض الأسباب، فاتني تصحيح نحو اثنتين وعشرين ملزمة من أوّل الجزء الأوّل، ومثلها من أوّل الثاني من هذا الكتاب، لكن إن شاء الله تعالى يحصل الاطلاع عليها، والنظر بعين التأمل إليها، فإن عثر فيها على ما يلزم التنبيه عليه، والإشارة إليه، نبهت عليه وأثبت ما يخص كلّ جزء بلصقه، ليكون كلّ منهما مستوفيا لحقه، هذا وكأني بمتشقشق متشدّق، يعجل ببذاءة اللسان ولا يحقق، قد استولى عليه الحسد فأعمى بصيرته، ورفع بالذمّ والتشنيع عقيرته، قائلا ما لا يليق إلا به، مذيعا ما هو أولى به، وما درى الجهول أن فنّ التصحيح خطر دقيق، وصاحبه بضدّ ما تبجح به جدير حقيق، ولو ذاق لعرف، وبالعجز أقرّ واعترف، وبالجملة فذمّه يشهد لي بالكمال، أخذا بقول من قول:
وإذا أتتك مذمّتي من ناقص
…
فهي الشهادة لي بأني كامل
على أني والله معترف بقلة البضاعة، وعدم الأهلية لهذه الصناعة، ولكنما هي إقامات، وإنما الأعمال بالنيات.
وأفوّض أمري إلى اللطيف الخبير، فإنه نعم المولى ونعم النصير، وكان طبع هذا الكتاب بدار الطباعة المصرية، المنشأة ببولاق القاهرة المعزية، لا زالت بأنفاس الحضرة الآصفية، منبعا لنشر الكتب النافعة العلمية، تحت ملاحظة صاحب نظارتها، القائم بتدبيرها وإدارتها، رب القلم الذي لا يبارى، والإنشاء الذي لا يجارى، من أحرز قصب السبق في ميدان البراعة، وانقاد له كلّ معنى أبيّ وأطاعه، حضرة عليّ أفندي جودة، بلغه الله في الدارين مأموله وقصده، وكان طبعه على ذمة ملتزمة، المتسبب بعد الطيّ في نشر علمه، واشتهاره في الأقطار، واستعماله عند أهل القرى والأمصار، الباذل في ذلك نفائس الكرائم،
المستصغر في استحصاله الصعائب والعظائم، المستنصر بمولاه في حالتي الضعف والأيد الخواجة رفائيل عبيد، وقد وافق تاريخ تمامه، وانتهاء الطبع إلى حدّ ختامه، يوم الاثنين التاسع عشر، من شهر اليمن والخير صفر، الذي هو من شهور سنة ألف ومائتين وسبعين، من هجرة سيد النبيين والمرسلين صلّى الله وسلّم عليه وعليهم أجمعين، وعلى كلّ الصحابة والتابعين، ورزقنا بجاههم الاعتصام بحبله على الدوام، ومنحنا التوفيق لما يرضيه، والفوز بحسن الختام. آمين.