الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ حَصَل التَّغَيُّرُ بِنُقْصَانِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا يُرَدُّ الْمَبِيعُ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، فَإِنَّ التَّغَيُّرَ بِالزِّيَادَةِ أَوِ النُّقْصَانِ يُعْتَبَرُ تَفْوِيتًا لِلْمَبِيعِ عِنْدَهُمْ. (1)
34 -
وَفِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ إِذَا تَغَيَّرَ الْمَأْجُورُ قَبْل الاِنْفِسَاخِ ثُمَّ انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ، فَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ بِالنُّقْصَانِ وَبِتَقْصِيرٍ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَأْجُورِ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ. وَإِنْ كَانَ بِالزِّيَادَةِ كَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فِي الأَْرْضِ وَقَدْ تَمَّتْ مُدَّةُ الإِْجَارَةِ، فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قَلْعُ الْغَرْسِ وَهَدْمُ الْبِنَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، إِلَاّ إِذَا رَضِيَا بِدَفْعِ قِيمَةِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ، أَوْ تَرْكِهِ بِأُجْرَتِهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. (2)
أَمَّا إٍذَا كَانَ التَّغَيُّرُ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بِالزِّرَاعَةِ وَانْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَبْل أَنْ يَحِينَ وَقْتُ حَصَادِهَا، فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ إِجْبَارُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى تَسْلِيمِ الأَْرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَهُ، بَل تُتْرَكُ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْل. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّهُ (إِذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَهَا ثُمَّ أَرَادَ صَاحِبُ الأَْرْضِ أَنْ يَأْخُذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ، بَل يُتْرَكُ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْل) . (3) وَلَا خِلَافَ فِي أَصْل هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَيَّدُوهُ بِأَنْ
(1) المراجع السابقة، وانظر منح الجليل 2 / 580.
(2)
الزيلعي 5 / 114، 115، ومنتهى الإرادات 2 / 382، والمهذب 1 / 410، 411، وجواهر الإكليل 2 / 197.
(3)
البدائع 6 / 217.
لَا يَكُونَ تَأَخُّرُ الزَّرْعِ بِتَقْصِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُسْتَعِيرِ. وَالْحَنَابِلَةُ قَيَّدُوهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِهِمَا. (1)
ثَالِثًا: ضَمَانُ الْخَسَارَةِ النَّاشِئَةِ عَنِ الاِنْفِسَاخِ:
35 -
إِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِالتَّلَفِ، كَأَنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْل الْقَبْضِ، أَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ (2) بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَضَمَانُهَا عَلَى الْبَائِعِ أَوِ الْمُؤَجِّرِ؛ لأَِنَّ الْهَالِكَ مِنْ تَبِعَةِ الْمَالِكِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ فِي الإِْجَارَةِ، أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (بَيْعٌ) .
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالإِْتْلَافِ وَالتَّعَدِّي فَضَمَانُهَا عَلَى مَنْ أَتْلَفَهَا. فَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ مَثَلاً إِتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ يُعْتَبَرُ قَبْضًا، فَالْمِلْكُ لَهُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَفِي الإِْجَارَةِ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ كُل تَلَفٍ أَوْ نَقْصٍ يَطْرَأُ عَلَى الْمَأْجُورِ بِفِعْلٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ بِهِ.
وَالأَْصْل أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْعَاقِدِ غَيْرِ الْمَالِكِ. فَالْمَبِيعُ وَالْمَأْجُورُ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْمَرْهُونُ وَنَحْوُهَا عَلَى خِلَافٍ فِيهَا، كُلُّهَا أَمَانَةٌ بَعْدَ الاِنْفِسَاخِ بِيَدِ الْعَاقِدِ غَيْرِ الْمَالِكِ إِلَاّ إِذَا امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهَا لأَِصْحَابِهَا بِدُونِ عُذْرٍ. فَإِذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، وَإِلَاّ فَفِيهِ الضَّمَانُ. (3)
(1) الزيلعي 5 / 114، والبدائع 4 / 223، ونهاية المحتاج 5 / 139، والمغني 5 / 365، 6 / 364، وجواهر الإكليل 2 / 197.
(2)
تحفة الفقهاء 2 / 56، وابن عابدين 4 / 46، والقليوبي 2 / 210، والشرح الصغير 3 / 195، وقواعد ابن رجب ص 55.
(3)
البدائع 5 / 300، 304، وابن عابدين 5 / 24 - 26، ونهاية المحتاج 5 / 309، والقليوبي 2 / 323، ومجلة الأحكام 600 - 606، وقواعد ابن رجب 55 - 61، والقوانين الفقهية لابن جزي 176 - 180.