الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَحْرُومٌ أَوْ مَلْعُونٌ (1)، وَيَقُول: لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُل مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَاّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ (2) . وَيَقُول: نِعْمَ الْمَال الصَّالِحُ لِلرَّجُل الصَّالِحِ (3) .
وَلِتَحْصِيل هَذَا الْغَرَضِ (وَهُوَ الإِْنْمَاءُ) أَبَاحَتِ الشَّرِيعَةُ أَنْوَاعًا مِنَ الْعُقُودِ كَالشَّرِكَاتِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ دَفَعُوا مَال الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً، كَذَلِكَ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ يَتَعَامَلُونَ بِالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فَأَقَرَّهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ (4) .
حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ:
12 -
شُرِعَ لِلإِْنْسَانِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ حِفَاظًا عَلَى الْمَال
(1) حديث: " الجالب مرزوق والمحتكر محروم، (أو ملعون) ". أخرجه ابن ماجه في التجارات من سننه (2 / 728 / 2153) وقال في الزوائد: في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف. وضعفه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (3 / 13 ط المكتبة الأثرية) .
(2)
حديث: " لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة " أخرجه مسلم في المساقاة (3 / 1188 / 1552) ط الحلبي وأخرجه البغوي في شرح السنة (10 / 91 / 2495) ط المكتب الإسلامي.
(3)
المغني 3 / 560، والاختيار 4 / 160، 172، والمهذب 1 / 362 وحديث:" نعم المال الصالح للرجل الصالح. . . . " أخرجه أحمد في المسند (4 / 197، 202) عن عمرو بن العاص. ط المكتب الإسلامي.
(4)
البدائع 6 / 58، 79، والمغني 5 / 26، والمهذب 1 / 391، ومنح الجليل 3 / 280 ط النجاح ليبيا، والاختيار 3 / 11، 19، ومنتهى الإرادات 2 / 319.
لِمَصْلَحَتِهِ وَمَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ، وَالْحِفَاظُ عَلَى الْمَال مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ مِنْهُ السُّفَهَاءَ حَتَّى لَا يُضَيِّعُوهُ. وَمِنْ وَسَائِل حِفْظِهِ تَنْمِيَتُهُ بِتِجَارَةٍ أَوْ زِرَاعَةٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ يَقُول الْفُقَهَاءُ فِي الْحِكْمَةِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الشَّرِكَةِ: الشَّرِكَةُ وُضِعَتْ لاِسْتِنْمَاءِ الْمَال بِالتِّجَارَةِ لأَِنَّ غَالِبَ نَمَاءِ الْمَال بِالتِّجَارَةِ، وَالنَّاسُ فِي الاِهْتِدَاءِ إِلَى التِّجَارَةِ مُخْتَلِفُونَ بَعْضُهُمْ أَهْدَى مِنْ بَعْضٍ، فَشُرِعَتِ الشَّرِكَةُ لِتَحْصِيل غَرَضِ الاِسْتِنْمَاءِ، وَحَاجَةُ النَّاسِ إِلَى اسْتِنْمَاءِ الْمَال مُتَحَقِّقَةٌ، فَشُرِعَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ.
وَفِي الْقِرَاضِ يَقُول الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ لاِحْتِيَاجِ النَّاسِ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتَنْمِيَتِهَا بِالتَّجْرِ فِيهَا، فَهُوَ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَلَيْسَ كُل أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَيَضْطَرُّ إِلَى الاِسْتِنَابَةِ عَلَيْهِ (1) .
إِنْمَاءُ الْمَال بِحَسَبِ نِيَّةِ الشَّخْصِ:
13 -
الإِْنْمَاءُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الاِكْتِسَابِ، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ مِنْهُ.
فَيُفْرَضُ إِنْ كَانَ لِتَحْصِيل الْمَال بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ،
وَيُسْتَحَبُّ الزَّائِدُ عَلَى الْحَاجَةِ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ مُوَاسَاةَ الْفَقِيرِ وَنَفْعَ الْقَرِيبِ وَهُوَ حِينَئِذٍ أَفْضَل مِنَ التَّفَرُّغِ لِنَفْل الْعِبَادَةِ.
(1) منح الجليل 3 / 664، والبدائع 6 / 58، 79، والهداية 3 / 202 ط المكتبة الإسلامية، والمغني 5 / 26، 27.