الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دِمَاءُ أَهْل الْحَرْبِ وَأَمْوَالُهُمْ:
11 -
الْحَرْبُ - كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ - حَالَةُ عَدَاءٍ وَكِفَاحٍ مُسَلَّحٍ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ، تَقْتَضِي إِبَاحَةَ الدِّمَاءِ وَالأَْمْوَال، وَهَذَا يَقْتَضِي بَحْثَ حَالَةِ الْعَدُوِّ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعَهْدِ، وَفِي حَالَةِ الْعَهْدِ:
أ - فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعَهْدِ: الْحَرْبِيُّ غَيْرُ الْمُعَاهَدِ مُهْدَرُ الدَّمِ وَالْمَال، فَيَجُوزُ قَتْل الْمُقَاتِلِينَ؛ لأَِنَّ كُل مَنْ يُقَاتِل فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَتُصْبِحُ الأَْمْوَال مِنْ عَقَارَاتٍ وَمَنْقُولَاتٍ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَصِيرُ بِلَادُ الْعَدُوِّ بِالْغَلَبَةِ أَوِ الْفَتْحِ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَكُونُ وَلِيُّ الأَْمْرِ مُخَيَّرًا فِي الأَْسْرَى بَيْنَ أُمُورٍ: هِيَ الْقَتْل، وَالاِسْتِرْقَاقُ، وَالْمَنُّ (إِطْلَاقُ سَرَاحِ الأَْسِيرِ بِلَا مُقَابِلٍ) ، وَالْفِدَاءُ (تَبَادُل الأَْسْرَى أَوْ أَخْذُ الْمَال فِدْيَةً عَنْهُمْ) ، وَفَرْضُ الْجِزْيَةِ عَلَى الرِّجَال الْقَادِرِينَ. (1)
فَإِنْ قَبِلُوا الْجِزْيَةَ وَعَقَدَ الإِْمَامُ لَهُمُ الذِّمَّةَ، أَصْبَحُوا أَهْل ذِمَّةٍ، وَيَكُونُ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الإِْنْصَافِ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الاِنْتِصَافِ، قَال عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ
(1) فتح القدير 4 / 278، وما وبعدها، 284 وما بعدها، و 303، 306، 338، وتبيين الحقائق 3 / 248، والدر المختار 3 / 239، 246، والقوانين الفقهية ص 148، والشرح الصغير 2 / 275، والأحكام السلطانية للماوردي ص 46 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 222 وما بعدها، و 230 وما بعدها، والمغني 8 / 478، وما بعدها، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 31، ومسائل الإمام أحمد ص 236 وما بعدها.
دِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا، وَأَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا (1) . (ر: أَهْل الذِّمَّةِ) .
وَلَا تَتَحَقَّقُ هَذِهِ الأَْحْكَامُ إِلَاّ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجِهَادِ، كَمَا ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ (2)، فَفِيهَا: يُشْتَرَطُ لإِِبَاحَةِ الْجِهَادِ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: امْتِنَاعُ الْعَدُوِّ عَنْ قَبُول مَا دُعِيَ إِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ الْحَقِّ، وَعَدَمِ الأَْمَانِ وَالْعَهْدِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَرْجُوَ الإِْمَامُ الشَّوْكَةَ وَالْقُوَّةَ لأَِهْل الإِْسْلَامِ، بِاجْتِهَادِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مَنْ يُعْتَدُّ بِاجْتِهَادِهِ وَرَأْيِهِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو الْقُوَّةَ وَالشَّوْكَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْقِتَال، فَإِنَّهُ لَا يَحِل لَهُ الْقِتَال؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِلْقَاءِ النَّفْسِ فِي التَّهْلُكَةِ.
ب - فِي حَالَةِ الْعَهْدِ: الْعَهْدُ مِنْ ذِمَّةٍ أَوْ هُدْنَةٍ أَوْ أَمَانٍ يَعْصِمُ الدَّمَ وَالْمَال بِالنِّسْبَةِ لِلْحَرْبِيِّ، فَإِنْ وُجِدَ عَهْدٌ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ عَلَى الأَْصْل مُهْدَرُ الدَّمِ وَالْمَال. وَتُبْحَثُ هُنَا أُمُورٌ:
أَوَّلاً: قَتْل الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ حَرْبِيًّا:
12 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (3) عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنَ
(1) الأثر عن علي رضي الله عنه " إنما بذلوا الجزية لتكون. . . . " أورده الزيلعي في نصب الراية (3 / 381) واستغربه، وذكر أثرا آخر عن علي رضي الله عنه، وعزاه إلى الشافعي والدارقطني ولفظه " من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا " وفي إسناده أبو الجنوب وهو
(2)
الفتاوى الهندية 2 / 174.
(3)
البدائع 7 / 235 وما بعدها، و 252 وما بعدها، والدر المختار 5 / 378 وما بعدها، وتكملة فتح القدير 8 / 254 وما بعدها، والشرح الكبير 4 / 237، و 242 وما بعدها، والقوانين الفقهية ص 345، وبداية المجتهد 2 / 391، ومواهب الجليل 6 / 232 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 15 وما بعدها، والمهذب 2 / 173، والروضة للنووي 9 / 148، و 150، 156 والمغني 7 / 648، و 652، 657، وكشاف القناع 5 / 585، و 587، 607، ومطالب أولي النهى 6 / 280.