الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْعِقَادٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الاِنْعِقَادُ فِي اللُّغَةِ: ضِدُّ الاِنْحِلَال، وَمِنْهُ انْعِقَادُ الْحَبْل، وَمِنْ مَعَانِيهِ أَيْضًا الْوُجُوبُ، وَالاِرْتِبَاطُ، وَالتَّأَكُّدُ. (1)
وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ يَخْتَلِفُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ، فَانْعِقَادُ الْعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ، وَصَوْمٍ: ابْتِدَاؤُهَا صَحِيحَةً (2) ، وَانْعِقَادُ الْوَلَدِ حَمْل الأُْمِّ بِهِ، (3) وَانْعِقَادُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ مِنَ الْعُقُودِ: هُوَ ارْتِبَاطُ الإِْيجَابِ بِالْقَبُول عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا. (4)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الصِّحَّةُ:
2 -
يُعَبِّرُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَنِ الصِّحَّةِ بِالاِنْعِقَادِ، فَقَوْلُهُمْ: تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةِ الآْيَةِ مَعْنَاهُ: تَصِحُّ بِهَا، إِلَاّ أَنَّ النَّاظِرَ فِي اللَّفْظَيْنِ يَجِدُ أَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالاِنْعِقَادِ، فَالصِّحَّةُ لَا تَحْصُل إِلَاّ بَعْدَ تَمَامِ
(1) لسان العرب المحيط، والمصباح، وتهذيب الأسماء واللغات مادة (عقد)
(2)
القليوبي 1 / 141، 2 / 59 ط مصطفى الحلبي
(3)
القليوبي 4 / 177
(4)
الكفاية على الهداية مع شرح فتح القدير 5 / 456 نشر دار إحياء التراث العربي.
الأَْرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، أَمَّا الاِنْعِقَادُ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْصُل وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الشُّرُوطُ. (1)
مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الاِنْعِقَادُ:
3 -
انْعِقَادُ الْعُقُودِ يَكُونُ تَارَةً بِالْقَوْل، وَتَارَةً بِالْفِعْل، فَالْقَوْل كَالاِرْتِبَاطِ الْحَاصِل بِسَبَبِ صِيَغِ الْعُقُودِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا كَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِ. (2) وَالْفِعْل كَالْمُعَاطَاةِ عِنْدَ أَغْلَبِ الْفُقَهَاءِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ. وَالاِنْعِقَادُ قَدْ يَقَعُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَقَدْ يُشْتَرَطُ فِيهِ اللَّفْظُ الصَّرِيحُ.
فَالأَْوَّل نَحْوُ كُل تَصَرُّفٍ يَسْتَقِل بِهِ الشَّخْصُ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ وَالإِْبْرَاءِ، (3) فَإِنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ تَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَكَذَا مَا لَا يَسْتَقِل بِهِ الشَّخْصُ مِنَ الْعُقُودِ، وَكَانَ مِمَّا يَقْبَل التَّعْلِيقَ كَالْمُكَاتَبَةِ وَالْخُلْعِ، فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ لَا يَقْبَل التَّعْلِيقَ فَفِي انْعِقَادِهِ خِلَافٌ، وَيُفَصِّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ. (4)
(1) المستصفى 1 / 123 ط بولاق الأولى، وفواتح الرحموت بهامشه 1 / 121
(2)
ابن عابدين 4 / 5 وما بعدها ط بولاق، وجواهر الإكليل 2 / 2 ط مكة المكرمة، والمجموع 9 / 162، 163 نشر المكتبة السلفية، والمغني مع الشرح الكبير 7 / 431 ط المنار الأولى
(3)
المراجع السابقة
(4)
المجموع 9 / 166، 167، والروضة 3 / 338 ط المكتب الإسلامي، والأشباه والنظائر للسيوطي 239 ط التجارية، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 11 / 207، والمغني 9 / 33، 331 ط الرياض، وجواهر الإكليل 2 / 298
وَالْبَاطِل مِنْ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ وَغَيْرِهِمَا غَيْرُ مُنْعَقِدٍ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الْمُعَامَلَاتُ فَفِي انْعِقَادِ فَاسِدِهَا خِلَافٌ، وَأَغْلَبُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ كَذَلِكَ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ يَنْعَقِدُ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَالاِنْعِقَادُ حِينَئِذٍ بِمَشْرُوعِيَّةِ الأَْصْل دُونَ الْوَصْفِ. (1)
وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَنْعَقِدُ مَعَ الْهَزْل كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ، (2) وَمِنْهَا مَا لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. (3)
وَأَغْلَبُ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ تَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الأَْخْرَسِ، كَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. (4)
أَمَّا إِشَارَةُ الْقَادِرِ عَلَى النُّطْقِ فَلَا يَتِمُّ بِهَا الاِنْعِقَادُ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ إِذْ لَا يَعْدِل عَنِ الْعِبَارَةِ إِلَى الإِْشَارَةِ إِلَاّ لِعُذْرٍ. (5)
(1) ابن عابدين 4 / 7
(2)
حديث: " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة " أخرجه الترمذي التحفة (4 / 362 ط السلفية) وحسنه ابن حجر في التلخيص 3 / 210 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة.
(3)
المرجع السابق، والمغني مع الشرح الكبير 7 / 431 ط المنار الأولى
(4)
نتائج الأفكار تكملة فتح القدير 8 / 511 ط بولاق الأولى، وابن عابدين 4 / 9، 5 / 470، وجواهر الإكليل 1 / 348، والحطاب 4 / 258 ط ليبيا، ونهاية المحتاج 6 / 426 ط مصطفى الحلبي، والكافي لابن قدامة 2 / 802 ط المكتب الإسلامي، والمغني مع الشرح 7 / 430.
(5)
نهاية المحتاج 6 / 426، والكافي لابن قدامة 2 / 802، وابن عابدين 4 / 9، وأشباه ابن نجيم ص 343، 344 مكتبة الهند
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ إِشَارَةَ غَيْرِ الأَْخْرَسِ يُعْتَدُّ بِهَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ. (1)
وَانْعِقَادُ الإِْمَامَةِ الْكُبْرَى يَكُونُ بِاخْتِيَارِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَتَفَاوَتُونَ فِي تَحْدِيدِ أَقَل عَدَدٍ تَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعَةُ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، وَمَوْطِنُ ذَلِكَ مُصْطَلَحُ (الإِْمَامَةِ الْكُبْرَى) . (2)
أَوْ يَكُونُ بِعَهْدٍ مِنَ الإِْمَامِ لِمَنْ بَعْدَهُ مَعَ الْمُبَايَعَةِ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِحَّةِ الْعَهْدِ بِالإِْمَامَةِ لأَِمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه.
وَالثَّانِي: أَنَّ عُمَرَ عَهِدَ بِهَا إِلَى أَهْل الشُّورَى، فَقَبِلَتِ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا، وَهُمْ أَعْيَانُ الْعَصْرِ، اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ الْعَهْدِ بِهَا، فَصَارَ الْعَهْدُ بِهَا إِجْمَاعًا فِي انْعِقَادِ الإِْمَامَةِ. (3)
أَمَّا انْعِقَادُ الإِْمَامَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا اخْتِيَارٍ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، وَيَلْزَمُ أَهْل الاِخْتِيَارِ عَقْدُ الإِْمَامَةِ لَهُ، لَكِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى انْعِقَادِهَا بِالتَّغَلُّبِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (الإِْمَامَةِ الْكُبْرَى) . (4)
وَتَنْعَقِدُ الْوِلَايَاتُ مَعَ الْحُضُورِ بِاللَّفْظِ مُشَافَهَةً، وَمَعَ الْغَيْبَةِ مُكَاتَبَةً، وَمُرَاسَلَةً، وَكَيْفِيَّةُ انْعِقَادِ كُل وِلَايَةٍ تُذْكَرُ فِي مَوْطِنِهَا، وَيَتَكَلَّمُ الْفُقَهَاءُ عَنْ ذَلِكَ
(1) الحطاب 4 / 229
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 6 ط مصطفى الحلبي.
(3)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 10.
(4)
المرجع السابق ص 8، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 7 ط مصطفى الحلبي.